النفط العراقي وطموح الصدارة... استراتيجيات ومشاريع

 

شبكة النبأ: على الرغم من الخلافات والمشاكل السياسية التي يشهدها العراق والتي اسهمت بتأخير الكثير من الخطط والبرامج الاقتصادية المهمة لاتزال الحكومة العراقية تواصل مساعيها الجادة لتطوير القطاع النفطي الذي يعتبر الشريان الاساسي للاقتصاد الوطني حيث تشكل عائداته مايقارب94% من عائدات البلاد، ويرى الكثير من المراقبين ان العراق يطمح إلى تعزيز طاقة الإنتاج ليكون أكبر مصدر في العالم لإمدادات النفط على مدى السنوات القليلة القادمة، وفي هذا الشأن أكد الخبير النفطي الحكومي العراقي حمزة الجواهري أن العراق يملك خمسة حقول عملاقة جداً، وبعد اكتشاف 100 حقل أخيراً، يتوقع تحديد خمسة حقول عملاقة ، مشيراً إلى أن الجولة الخامسة من تلزيم عقود الطاقة ستركز على الغاز فقط، ووفق المعلومات المتوافرة، فالعقود المقبلة ستتضمن بنداً مهماً جداً وهو أن العراق في حال اكتشاف حقول نفط، غير ملزم بتطويرها عبر الشركات الأجنبية، بعكس حقول الغاز التي على الشركات التي تكتشفها أن تطورها.

وقال الجواهري إن العراق يمتلك 520 تركيباً جيولوجياً نفطياً وغازياً، والمكتشف منها 114 فقط، أما المطوَّر من هذه الحقول فيبلغ 23، وأمامنا كثير، فنحن لم نستغل حتى الآن سوى جزء بسيط منها. ولفت إلى أن التركيز على الغاز يهدف إلى سد احتياجات العراق ومحطات توليد الكهرباء الكثيرة التي استحدثت أخيراً، وإلى تصدير الغاز إلى العالم وتحديداً أوروبا، وهناك مساعٍ حقيقية لربط شبكة أنابيب غاز تمر عبر تركيا إلى أوروبا وعبر مصر إلى أوروبا.

إلى ذلك، أعلنت شركة روسنفت النفطية الروسية رغبتها في المساهمة في نشاطات التنقيب والتطوير في حقول النفط العراقية. وأكد الرئيس التنفيذي للشركة إيغور سيتشين في بيان أن العراق يملك إمكانات عالية لإنتاج النفط، لكن الاستفادة منها تتطلب مناخاً مستقراً في البلاد، ونحن على ثقة بأن المشاريع الثنائية الكبيرة هي فقط ستتيح تنمية فاعلة لاقتصاد العراق.

واجتمع كل من سيتشين ورئيس شركة روستيك الروسية للتكنولوجيا سيرجي شيميزوف مع رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي وأبديا استعدادهما لإجراء مراجعة فنية لمنشآت النفط ودعم نشاطات التنقيب وتطوير الحقول النفطية. وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين دعا العام الماضي إلى تعزيز وجود بلاده في العراق بعدما تراجع إنتاج شركة لوك أويل الروسية من النفط خلال السنوات الثلاث الماضية من حقولها القديمة في سيبيريا.

 تطوير حقل الرميلة

في السياق ذاته قال رئيس لجنة الإدارة المشتركة لحقل الرميلة النفطي العراقي إن شركة بي.بي البريطانية خصصت 2.85 مليار دولار لتطوير الحقل في 2013 ارتفاعا من 2.2 مليار دولار العام الماضي. ويعد تعزيز الإنتاج من الرميلة أكثر الحقول العراقية إنتاجا أمرا مهما للبلاد حتى تتمكن من تحقيق هدفها الطموح في زيادة صادراتها إلى ستة ملايين برميل يوميا بحلول 2017.

وقال صلاح محمد رئيس اللجنة المشتركة إن الإنتاج من حقل الرميلة سيرتفع إلى 1.450 مليون برميل يوميا بنهاية 2013 من نحو 1.4 مليون برميل يوميا حاليا. وأضاف "ستكون الميزانية المخصصة لخطة تطوير الرميلة 2.85 مليار دولار في 2013." وتابع ان الميزانية المخصصة للتطوير بلغت 2.2 مليار دولار في 2012 أنفق منها نحو 1.9 مليار دولار. وبمقتضى خطة تطوير الرميلة لعام 2013 تخطط بي.بي لطرح ثلاث مناقصات لحفر 150 بئرا نفطية جديدة في النصف الثاني من هذا العام على أن تغطي كل مناقصة 50 بئرا. وقال محمد "نخطط لحفر 300 بئر نفطية جديدة في الرميلة على مدى السنوات الخمس القادمة.

ودعت بي.بي أيضا شركات أعمال هندسية لبناء منشأة لمعالجة إنتاج يبلغ 300 ألف برميل يوميا وتتنافس أكثر من 20 شركة للفوز بالمشروع. ومن المتوقع اتخاذ قرار في هذا الشأن في أوائل 2014. وتقدر احتياطيات حقل الرميلة الذي تديره بي.بي مع سي.إن.بي.سي الصينية بنحو 17 مليار برميل وينتج جزءا كبيرا من إجمالي إنتاج العراق الذي يزيد على ثلاثة ملايين برميل يوميا.

الى جانب ذلك وقعت شركة بي.بي النفطية البريطانية إتفاقا مع العراق لبناء مرفأ نفطي جديد في ميناء خور الزبير بجنوب العراق في اطار سعي البلد العضو بمنظمة اوبك لتأمين مساعدة من شركات النفط الدولية لتطوير بنيته التحتية المتهالكة. وأبلغ متحدث باسم الشركة العامة للموانيء العراقية أن الشركة وقعت عقدا مدته خمس سنوات مع بي.بي لبناء مرفأ جديد يحل محل مرفأ متهالك.

وقال المتحدث انمار الصافي إن بي.بي ستساعد العراق في بناء مرفأ متطور لاستقبال شحنات المنتجات النفطية المكررة وايضا تصدير المنتجات في المستقبل. واضاف أن بي.بي ستدفع حوالي 7 دولارات عن كل متر مكعب من المنتجات المكررة التي سيجري استيرادها وتصديرها عبر هذا المرفأ. ويعتمد العراق على الواردات في تلبية الطلب على المنتجات النفطية مثل البنزين مع مواجهة مصافيه النفطية مشاكل. بحسب رويترز.

وكان العقد احد سلسلة عقود منحها العراق لشركات اجنبية قد تؤدي يوما ما الي زيادة طاقة انتاج النفط في العراق الي اكثر من اربعة اضعاف لتصل الي 12 مليون برميل يوميا وهو ما سيجعله ينافس العملاق النفطي السعودية. وقال متحدث باسم بي.بي ان المرحلة الاولى لبناء المرفأ الجديد في خور الزبير ستتضمن استخدام منشاة استيراد قائمة وتحسين الكفاءة لجلب كميات اكبر من المنتجات النفطية.

واضاف ان المرفأ سيجري انشاؤه على مراحل وتوقع ان تبدأ الواردات في غضون 12 إلي 18 شهرا.

من جانب اخر يخوض العراق محادثات مع عدة شركات نفطية اجنبية بهدف خفض معدلات الانتاج البعيدة المدى المقررة منذ سنوات، بحسب ما افاد نائب رئيس الوزراء العراقي لشؤون الطاقة. قال حسين الشهرستاني "لقد قمنا بمراجعة خطط الانتاج لكافة الحقول". واضاف ان "بعضها تم الاتفاق عليها وانتهى العمل بها، وبعضها الاخر لا يزال رهن المحادثات"، مشيرا الى ان علمية المراجعة تشمل كل العقود التي تم منحها في العام 2009.

ويسعى العراق من خلال خطوة خفض معدلات الانتاج الى ضخ النفط على مدى فترة زمنية اطول من تلك التي تتيحها له معدلات الانتاج المقررة سابقا، بحسب الشهرستاني. ومع ان العراق سيمتلك وفقا لهذا السيناريو القدرة على انتاج نحو تسعة ملايين برميل في اليوم، قال الشهرستاني ان انتاجا يوميا يتراوح بين خمسة وستة ملايين برميل "سيوفر الايرادات الكافية التي تلبي احتياجاتنا".

وامل وزير النفط السابق بان يبقى سعر برميل النفط، الذي يبلغ حاليا نحو 92 دولارا، عند مستوى ال90 دولارا، مشيرا الى انه في حال انخفضت الاسعار الى ما دون ذلك "فسيكون علينا ان نعيد النظر بموازنتنا، لكننا لا نتوقع انخفاضا مماثلا". وينتج العراق الذي يملك احتياطات نفطية مؤكدة تقدر بنحو 143 مليار برميل، وهي ثالث اكبر الاحتياطات في العالم، اكثر من 3,4 مليون برميل في اليوم الواحد، ويصدر منها نحو 2,6 مليون برميل.

وتخطط بغداد لزيادة كبيرة في معدلات التصدير في المستقبل القريب، فيما تشير الوكالة الدولية للطاقة الى ان عائدات النفط في العراق قد تبلغ نحو خمسة تريليونات دولار بحلول العام 2035، وان البلاد ستصبح اكبر ممول للنفط في العالم خلال سنوات. وكان وزير النفط العراقي عبد الكريم لعيبي اعلن ان بلاده تخطط لاستثمار حوالى 175 مليار دولار في القطاع النفطي خلال الخمس سنوات القادمة حتى يبلغ انتاجه تسعة ملايين برميل يوميا.

وتوقع الشهرستاني معدلات طلب على النفط اقل من تلك التي كانت متوقعة، موضحا "لا يبدو انه سيكون هناك طلبا كبيرا خلال السنوات المقبلة". وتابع انه في هذا السياق "راينا في العراق انه لا مصلحة خلال هذه المرحلة لاستثمار كميات كبيرة لتطوير الحقول سعيا وراء قدرة انتاجية اعلى، اذا لم نكن لنستخدم تلك القدرة، وننتج نفطا لا يمكننا ان نسوقه حيث ان الطلب حوله لن يكون كافيا". بحسب فرانس برس.

وتطرق نائب رئيس الوزراء العراقي الى تأثيرات تحول الولايات المتحدة الى مصدر للنفط خلال عقد، كما توقعت الوكالة الدولية للطاقة، قائلا "لا اعتقد شخصيا ان الولايات المتحدة ستصبح اكبر مصدر للنفط". وتابع "بالطبع عندما تخفض الولايات المتحدة وارداتها، فان هذا الامر سيؤثر على الطلب العالمي. وهذه المسالة تخضع لمراقبة دقيقة من قبل كل المنتجين والمستهلكين".

الهند وتركيا

على صعيد متصل تخطط شركة "مانجالور" الهندية للتكرير والبتروكيماويات المملوكة للدولة للبدء في تكرير نفط من العراق وأميركا اللاتينية اعتبارا من العام المقبل لتعوض جزئياً نقص إمدادات النفط من إيران بسبب العقوبات الغربية على طهران. ولفت العضو المنتدب لمانجالور بي.بي أبادهيا إلى أن الشركة تخطط لبدء تشغيل وحدة تكسير بالحفز للبتروكيماويات بطاقة 2.2 مليون طن سنوياً بحلول آب/أغسطس، ووحدة أخرى لتحويل الرواسب الثقيلة إلى منتجات بطاقة ثلاثة ملايين طن سنويا بعد ذلك بشهر.

وأوضح أنه "بمجرد استقرار الوحدة الأخيرة فإن الشركة تعتزم تكرير نفط عراقي ونفط من أميركا اللاتينية"، لافتاً إلى أن "الشركة بدأت محادثات لاستيراد النفط من أميركا اللاتينية في 2011 وخططت لشراء 11 ألف برميل يومياً من العراق في 2012-2013 لكنها لم تستورد تلك الكميات نظرا لأن الوحدة الجديدة لم تكن جاهزة بعد".

وأضاف أبادهيا إن الشركة تسعى أيضا لاستيراد خام عالي الكبريت بسعر البيع الرسمي، مشيراً إلى أنه "إذا كان هناك من يبيع النفط العماني أو أي خام آخر عالي الكبريت بعقد مدته عام أو ما شابه بسعر البيع الرسمي فربما ندرس ذلك. وأوقفت مانجالور، التي كانت أكبر مشتر هندي للنفط الإيراني حتى أوائل العام الماضي، استيراد الخام من طهران في نيسان/ أبريل بعدما قالت شركات تأمين محلية إنها لن تستطيع توفير غطاء تأميني للمصافي التي تستخدم النفط الإيراني نظراً لأن العقوبات المفروضة على إيران بسبب برنامجها النووي جعلت شركات إعادة التأمين العالمية تحجم عن تحمل هذه المخاطرة. وهبطت واردات الهند من النفط الخام الإيراني بنسبة 26.5 في المئة في السنة المالية المنتهية في 31 مارس آذار 2013.

من جهة اخرى أعلن وزير الطاقة التركي تانر يلدز أن بلاده تتطلع إلى توقيع عقود تجارية هذا العام مع شركات روسية وأميركية تعمل في شمال العراق من أجل التنقيب المشترك عن النفط والغاز. ولفت يلدز، وأضاف إنه من المرجح أن نعمل مع شركات روسية وأميركية في شمال العراق ضمن مشاريع متنوعة مثل التنقيب عن النفط والغاز. وفي العام الحالي قد توقع شركات مملوكة للدولة وشركات خاصة عقودا تجارية مع شمال العراق"، رافضاً الكشف عن أسماء الشركات.

وأشار يلدز إلى أن الشركات العراقية العاملة في الإقليم الشمالي يمكنها أن تشارك في مثل هذه الشراكات التي ستشمل ثلاثة أو أربعة شركاء. وكان أردوغان بحث في وقت سابق المخاوف الأميركية بشأن علاقات تركيا القوية مع كردستان العراق خلال اجتماعات في واشنطن مع أوباما. وأعلن اردوغان قبل دقائق من توجهه إلى واشنطن أن شركة تركية أبرمت عقدا بالفعل مع اكسون موبيل الأميركية للطاقة لكنه رفض الافصاح عن مزيد من التفاصيل قبل زيارته. بحسب رويترز.

كانت أكسون أول شركة توقع صفقات تنقيب مع حكومة إقليم كردستان العراق تلتها شيفرون وتوتال وجازبروم نفت. وشدد يلدز على أن تركيا تحرص على مساعدة العراق على إقامة خطوط أنابيب مع زيادة إنتاج الدولة العضو في أوبك لكن خط الأنابيب القائم الذي ينقل النفط من حقول كركوك العراقية إلى ميناء جيهان التركي على البحر المتوسط يجب أن يستخدم بكامل طاقته.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 13/حزيران/2013 - 3/شعبان/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م