الفقر والحروق والانحباس الحراري... معادلة مركبة لا يفهمها البعض!

 

شبكة النبأ: تسعى العديد من المنظمات الدولية والكثير من دول العالم الى القضاء على الفقر والذي يعتبر من اهم واخطر المشاكل العالمية التي تهدد أمن واستقرار المجتمعات، وذلك من خلال اعتماد بعض الخطط والدراسات المستقبلية التي تحد من تفاقم هذه المشكلة خصوصا في بعض الدول الفقيرة، وفي هذا الشأن فقد دعا زعماء كل من بريطانيا واندونيسيا وليبيريا الامم المتحدة الى وضع هدف القضاء على الفقر المدقع بحلول العام 2030، ليكون على راس أهداف التنمية الجديدة. وقال الرئيس الاندونيسي سوسيلو بامبانغ يوهدويونو، ورئيسة ليبيريا ايلين جونسون سيرليف ورئيس وزراء بريطانيا ديفيد كاميرون انه يجب احداث "تحول انتقالي" في الانتاج واجراء الاعمال للقضاء على الفقر الذي يعد أسوأ المشاكل الاجتماعية.

وترأس الزعماء الثلاثة لجنة من 27 عضوا من الوزراء وقادة الاعمال اوصت بوضع 12 هدفا واسعا للقضاء على الفقر وتامين الحصول العالمي على الماء وخلق وظائف مستدامة. الا ان تقرير اللجنة يحدد اهدافا جذرية مثل انهاء المساعدات الحكومية لقطاع الزراعة، واغلاق الملاذات الضريبية وضمان ان تدفع الشركات المتعددة الجنسيات الضرائب بشكل عادل. وستحل هذه الأهداف الجديدة محل أهداف الالفية للتنمية التي ينتهي العمل بها في 2015. وسيتم ارسال تقرير الزعماء الثلاثة الان الى الجمعية العامة للامم المتحدة التي ستناقش الاهداف الجديدة التي سيتم تضمينها في القمة العالمية في 2015.

في السياق ذاته بات 16 بلدا إفريقيا في طور تخفيض الفقر المدقع بحلول العام 2015، وفقا للأهداف الإنمائية للألفية التي حددتها الامم المتحدة، على ما جاء في تقرير نشرته منظمة "وان" غير الحكومية. وهذه البلدان هي رواندا ومالاوي وإثيوبيا وبوركينا فاسو وغانا وبنين. غير أن تسعة بلدان أخرى لم تحرز أي تقدم ملحوظ على هذا الصعيد منذ العام 2010، حتى أن بلدانا أخرى تراجعت في هذا لمجال، أبرزها جمهورية الكونغو الديموقراطية وزيمبابوي. ومن البلدان الأخرى التي سجلت أداء سيئا جمهورية الكونغو وغابون.

وتبين من التقرير أن الموارد العامة لا تخصص بصورة عاما في القطاعات التي ينبغي التركيز عليها لقلب المعادلة، مثل الصحة والتعليم والزراعة. وأعطى التقرير مثل أنغولا التي تشهد طفرة نفطية "لكنها تسجل أدنى نسبة من الموارد العامة المخصصة للتعليم"، في حين يكفي مجهود مالي بسيط لمضاعفة عدد المدرسين. وجاء في التقرير ان "النمو الاقتصادي لا يترافق مع تراجع الفقر كما ينبغي"، لكن المنظمة غير الحكومية شددت على أهمية التعاون الدولي لتسريع وتيرة تخفيض الفقر.

ويذكر ختاما أن الأهداف الإنمائية للألفية التي حددتها الأمم المتحدة في العام 2000 تقصى بالخفض إلى النصف نسبة الفقر المدقع والجوع في العالم، وذلك بحلول العام 2015. وهي تقيم أيضا التقدم المحرز في مجال مكافحة الايدز ووفيات الأمهات والأطفال وتوسيع الحصول على المياه والاستفادة من التعليم؟

من جنب اخر يعيش أكثر من ثلث الأشخاص الذين يكسبون أقل من 1,25 دولار في اليوم الواحد في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، وقد ازدادت نسبة هؤلاء الأشخاص ثلاث مرات، على أدنى تقدير، في غضون 30 عاما، على ما جاء في تقرير صادر عن البنك الدولي. وفي العام 2010، كانت هذه المنطقة تضم 414 مليون شخص في حالة فقر مدقع من أصل 1,2 مليار شخص في هذه الحالة تم إحصاؤهم في العالم أجمع، أي أنها كانت تضم 34 % من هذه الفئة من الفقراء بحسب التقرير. وفي العام 1981، لم تكن هذه النسبة تتخطى 11 % وفق البنك الدولي.

وأضاف التقرير أن مداخيل أفقر الفقراء بقيت على حالها في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى منذ العام 1981، في حين أنها ارتفعت في أنحاء العالم أجمع. ولفتت المنظمة إلى أن هذه المنطقة هي المنطقة الوحيدة في العالم التي شهدت ارتفاعا متسارع الوتيرة ومتواصلا في عدد الفقراء منذ 30 عاما.

وتضم الهند ثاني أكبر نسبة من الفقراء في العالم، مع 400 مليون شخص يعيشون تحت خط الفقر المدقع، بحسب البنك الدولي. أما الصين، فهي سارت في اتجاه معاكس لذلك السائد في القارة الإفريقية بدفع من النمو الاقتصادي المتواصل الذي شهدته، فانخفضت فيها نسبة الفقراء من 43 % في العام 1981 إلى 13 %. بحسب فرانس برس.

وبصورة إجمالية، يعيش 21 % من الفقراء تحت خط الفقر المدقع، علما ان هذه النسبة كانت تتخطى الخمسين في المئة في العام 1981. ويسعى جيم يونغ كيم رئيس البنك الدولي إلى تخفيض هذه النسبة إلى ما دون 3 % بحلول العام 2030. و صرح في بيان "لا يزال 1,2 مليار شخص يعيشون في حالة فقر مدقع ... وينبغي ان تحث هذه النسبة المجتمع الدولي على حشد قواه ومضاعفة الجهود الرامية إلى مكافحة الفقر".

100 مليون دولار

على صعيد متصل أعلن مكتب البنك الدولي في صنعاء بدء توزيع 100 مليون دولار مساعدات نقدية على الفقراء، بالتعاون مع صندوق الرعاية الاجتماعية اليمني. وأوضح مدير المشروع في البنك ليرايه إرسادوا أن 500 ألف شخص يستفيدون من المشروع خلال 15 شهراً، ضمن ترتيبات لتخفيف حدة الفقر في بلد يفتقر نحو 10 ملايين من سكانه إلى الأمن الغذائي، ويعاني 60 في المئة من أطفاله دون الخامسة، سوء التغذية. وأشار إلى أن اليمن يمر بمرحلة انتقالية ومعدل الفقر فيه ارتفع ليطاول نحو 50 في المئة من السكان، ما تطلب تدخل البنك الدولي ليكون أحد الداعمين الرئيسيين له.

ولفت إلى توقيع مذكرة مساعدات داخلية بين الحكومة اليمنية والمجتمع الدولي نهاية العام الماضي لتنفيذ المشروع، الذي يركز على تحقيق نجاحات سريعة في مجال تقديم الخدمات، وشبكات الضمان الاجتماعي، وضمان حماية المواطنين، فضلا عن تطوير الإدارة الاقتصادية وتعزيز السياسات المالية وإدارة المالية العامة وتطوير البيئة الداعمة لنمو القطاع الخاص والتنافسية فيه.

وأوضح أن المشروع يهدف أيضاً إلى دعم الحكم الرشيد وتقديم الخدمات المحلية ودعم الحكومات في بناء القدرات وتحسين المشاركة المجتمعية. وأوضح نائب المدير التنفيذي لصندوق الرعاية الاجتماعية قاسم أحمد خليل، أن الصندوق نفذ مسحاً شاملاً على مستوى الجمهورية شمل أكثر من 1.5 مليون حالة، وجرت المفاضلة بين الحالات وقُسمت إلى ثلاث مستويات بحسب الحاجة وشملت نحو 20 محافظة.

وشدد على أن الصندوق موجود في أكثر من 180 منطقة ولديه أكثر من 22 فرعاً على مستوى المحافظات ويقدم خدماته لأكثر الحالات فقراً. وذكر منسق مشاريع البنك الدولي في الصندوق نبيل محمد القباطي، أن المشروع مبني على أساس أن تقدم الحكومة اليمنية المبالغ للمستفيدين، على أن يدفع البنك هذه الأموال للحكومة بعد الخضوع لسلسلة إجراءات شفافة. ولفت إلى أن المساعدات تصل إلى أربعة آلاف ريال شهريا (نحو 18 دولاراً)، مشيراً إلى أن نجاح المشروع سيشجع المانحين على مضاعفة هذه المبالغ.

ويمول البنك الدولي برنامج الدعم المؤسسي لصندوق الرعاية الاجتماعية بكلفة تبلغ 10 ملايين دولار منذ ثلاث سنوات، ويدرس تمديده لثلاث سنوات بهدف زيادة عدد المستفيدين من برنامج النقد المالي، وتحسين استراتيجيات الاستهداف والتخطيط لمناطق وجود المستحقين.

وكان مجلس المديرين التنفيذيين في البنك الدولي وافق على تقديم منحة قيمتها 25 مليون دولار لدعم جهود الحكومة لخلق فرص عمل للشباب العاطلين من العمل وتحسين سُبل الحصول على الخدمات الاجتماعية الأساس في المجتمعات المحلية الفقيرة، في ظل ارتفاع معدلات البطالة بين الشباب إلى نحو 40 في المئة.

وستمول هذه المنحة توسيع برنامج الأشغال التي تتطلب يداً عاملة كثيفة والذي ينفذه الصندوق الاجتماعي للتنمية، والذي يعمل بدعم من البنك الدولي منذ العام 2008 على توفير فرص عمل موقتة للأسر الفقيرة، حتى خلال الأزمات الغذائية والاقتصادية والسياسية. ووافقت المؤسسة الدولية للتنمية وفي إطار المشروع الثاني لتطوير التعليم الأساس في اليمن، على تقديم منحة قيمتها 66 مليون دولار بهدف تعيين 700 معلمة إضافية في المناطق الريفية وتدريبهن، ومواصلة برنامج التحويلات النقدية المشروطة لتعليم الفتيات، وتوسيع نطاق الخدمة لتشمل 25 ألف طالبة إضافية، فضلاً عن 39 ألف طالبة في مراحل سابقة.

الى جانب ذلك اعلنت منظمة التعاون والتنمية الاوروبية ان المساعدات الى الدول الفقيرة شهدت في 2012 اكبر تراجع لها منذ 1997 نتيجة الازمة العالمية والتقشف المطبق في الدول الثرية، وتوقعت 'تحسنا طفيفا' هذا العام. واشارت حصيلة مؤقتة للعام الفائت نشرتها المنظمة الى ان المساعدات العامة للتنمية تراجعت بحوالى 4' في 2012 بعد ان انخفضت 2' عام 2011 مقارنة بمستوى 2010 القياسي.

واضافت المنظمة 'اذا استثنينا 2007 الذي يصادف انتهاء العمليات الاستثنائية لتخفيف الدين يبدو التراجع الملحوظ في 2012 الاكبر مذاك'. وتابعت 'انها كذلك المرة الاولى منذ 1996-1997 التي تتراجع فيها المساعدات عامين متواليين'. وارتفعت المساعدات الحكومية العالمية الى 125.6 مليار دولار اي 0.29' من الثروة الوطنية المجموعة لمختلف المانحين اي بتراجع مقارنة بنسبة 0.31' عام 2011. بحسب فرانس برس.

ولفتت المنظمة 'الى اعادة توزيع ملحوظة للمساعدات من الدول الاكثر فقرا الى دول متوسطة المردود'. وسجلت نسب الانخفاض الاكبر لدى المانحين الذين طالتهم الازمة اكثر من غيرهم على غرار اليونان (-17.0') واسبانيا (-49.7') وايطاليا (-34.7'). وتراجعت مساعدات الولايات المتحدة كبرى الدول المانحة بنسبة 2.8' والمانيا بنسبة 0.7' وبريطانيا 2.2' وفرنسا 1.6'

تحت خط الفقر

من جهة اخرى كشفت الإحصائيات الرسمية في مصر أن نسبة من يعيشون تحت خط الفقر تزايدت إلى حد كبير، في ظل الاضطرابات المتواصلة بعد ثورة 25 كانون الثاني/ يناير 2011، لتتجاوز 25 في المئة، أي أكثر من ربع المصريين. ورغم أن الثورة رفعت شعار "العيش، والحرية، والعدالة الاجتماعية"، إلا أن الاقتصاد شهد انكماشاً جذرياً، فالمظاهرات التي شهدتها الشوارع المصرية، ومازالت، إضافة إلى تدهور الوضع الأمني، أبعد المستثمرين الأجانب والسياح، وهما المصدران اللذان يعتمد عليهما الاقتصاد المصري بشكل أساسي.

ويشير المحللون إلى "إغلاق أكثر من 4 آلاف مصنع منذ عام 2011، ما ترك مئات الآلاف من العاطلين عن العمل". وبحسب إحصائيات حكومية فإن "أكثر من 25 في المئة من المصريين يعيشون في خط الفقر أو تحته، وهي نسبة تزيد بـ4 في المئة عما كانت عليه عام 2009، وهذا يعني أن واحداً من كل 4 مصريين ينفق دولارين أو أقل شهرياً". بحسب سي أن أن.

وتكمن المشكلة الآن في أن ميزانية مصر تشارف على الانتهاء، إذ تلجأ الحكومة إلى الأخذ من المخزون الاحتياطي المخصص للمواد الأساسية، والذي تراجع إلى 13 مليار دولار، من 36 مليار دولار على مدى العامين السابقين. وأدى نقص في الاحتياطي النقدي، بالتبعية إلى انخفاض الميزانية، فضلاً عن النقص الحاد في مستلزمات الوقود، والزيادة المطردة في طوابير الانتظار في محطات تعبئته.

اكثر صرامة

في السياق ذاته قال علماء إنه يجب على الحكومات فرض قيود جذرية على اي شيء بداية من استخدام المياه إلى الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري اذا كانت تريد اقتناص اي فرصة للقضاء على الفقر في العالم. وقال العلماء إنه ينبغي للدول أن تعمل على تشديد قوانين الهواء النظيف وتقليص كمية المياه المسحوبة من الأنهار إلى النصف على الأقل والبدء في الحد من التلوث المدمر للبيئة بحلول عام 2030.

وكتب فريق العلماء في دراسة نشرت في دورية (نيتشرNature) "الأداء المستقر لأنظمة الأرض ومنها الغلاف الجوي والمحيطات والغابات والممرات المائية والتنوع البيولوجي والدورات البيوجيوكيميائية شرط مسبق لمجتمع عالمي مزدهر." وتهدف دراسة العلماء إلى تعزيز مناقشات تجري هذا الأسبوع في الأمم المتحدة بشأن وضع اهداف جديدة بدلا عن اهداف التنمية للألفية التي حددتها المنظمة الدولية وستنتهي في 2015. بحسب رويترز.

واقترحت الدراسة وضع هدف جديد هو القضاء على الفقر بحلول 2030. لكنها قالت إن ذلك سيكون ممكنا إذا بذلت الدول مزيدا من الجهود للحفاظ على كوكب الأرض مع سعيها لتحقيق النمو الاقتصادي. وقال العلماء إن الخطوط الإرشادية الحالية للأمم المتحدة لتحقيق التنمية المستدامة أو النمو الاقتصادي بما لا يضر بالبيئة يجب أن تلقى مزيدا من التأكيد على حماية البيئة بسبب الأضرار، وقال العلماء "حماية النظام الداعم للحياة على الأرض والحد من الفقر يجب ان يكونا أولويتين مزدوجتين." ودعا العلماء إلى خفض جميع الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري بنسب تتراوح ما بين 3 و5 بالمئة سنويا حتى 2030.

الفقراء والحروق

من جانب اخر وجد باحثون بريطانيون في جامعة "نوتينغهام"، بأن عمر الأم وجنس الطفل، بالإضافة إلى السكن في الأماكن الفقيرة، لها علاقة بحدوث الحروق بالماء الساخن عند الأطفال دون السنتين من العمر. وقام القائمون على هذه الدراسة، التي نشرت في دورية "الحروق"، بجمع سجلات لمواطنين بريطانيين اشتملت على 180 ألف طفل مع أمهاتهم، وتم مسبقا تحديد العديد من العوامل التي يمكن أن يكون لها تأثير في زيادة خطر التعرض للحروق، ومن هذه العوامل عمر الطفل وجنسه ووجود أخوة له وعمر الأم وما إن كانت تعاني من اكتئاب أثناء الحمل أو بعد الولادة بستة أشهر وعدد الأشخاص الذين يعيشون في المنزل ومكان السكن إن كان في منطقة فقيرة أم لا.

ووجدت الدراسة "أن الذكور أكثر عرضة لحروق الماء الساخن من الإناث، وكذلك الخطر أكبر لدى الأطفال الذين تبلغ أعمارهم بين السنة والسنتين، بسبب حركتهم الكبيرة وحب الاستكشاف لديهم، كما زاد وجود أكثر من أخ أو أخت من الخطر أيضا". وكان لعمر الأم أثر أيضا، إذ إنه كلما كانت الأم أصغر سنا زاد خطر الحروق، حيث تعرض أولاد الأمهات البالغات من العمر أقل من 20 عاما للحروق أكثر من غيرهن بمقدار 70%.

يذكر" أن حروق الماء الساخن من أكثر الحروق حدوثا، حيث تشكل نصف أسباب الحروق لدى الأطفال بعمر أقل من 4 سنوات. كما أن معظم حالات الحروق بالماء الساخن يمكن الوقاية منها عن طريق اتباع وسائل السلامة من تركيب منظم للحرارة على خلاطات الماء في الحمام، بالإضافة لضرورة عدم ترك الطفل لوحده في الحمام".

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 8/حزيران/2013 - 28/رجب/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م