شبكة النبأ: تمر علينا هذه الايام
ذكرى استشهاد الامام موسى ابن جعفر عليه السلام كاظم الغيض وهي محملة
بالكثير من المعاني وان فحوى استحضار تلك المناسبة مع ما بها من تجليات
الحزن والالم لهي اسهامه مهمة في دراسة سفر التاريخ واستخلاص العبرة
والحكمة الى جانب ذلك هو تقليد حضاري بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى
خاصة وان فصول تلك المناسبة لا يقتصر على احياء تلك الذكرى بل ان ابناء
الطائفية الشيعية يجدون فيها معاني انسانية لا تقهر مهما طال بها الزمن
لاسيما الانتصاف للحق ونبذ الباطل بكل اشكاله والوانه وللوقوف على
أبعاد هذه الذكرى العظيمة استطلعت (شبكة النبأ المعلوماتية) اراء
الشيوخ الاجلاء والمثقفين.
الاستاذ (عباس التميمي) أستاذ الاقتصاد في جامعة كربلاء، حيث قال،
لا يمكن بأي حال من الاحوال ونحن نحيي ذكرى استشهاد الامام موسى
الكاظم(ع)، من دون ان نستذكر مضامين تلك النهضة العظيمة، وان نستلهم
شيئا من أبداع هذه الفاجعة التي تستحق الثناء والتبجيل، مدرسة أمامنا
تحمل أرثا تاريخيا عظيما لكل العالم، وهي منهل عذب ينحو نحوه الظامئون
من كل الاديان والاجناس ليغترفوا من عذب ماءه حتى الوصول الى الكمال
الانساني الذي مثله عبر عذاباته المستمرة.
السيد (عقيل الجابري) يصف واقعة الجسر المعروفة في بغداد بانها ليست
حدثا تاريخيا فحسب او صراع بين طرفين، بل هي تمثل ذروة الصراع الازلي
بين قوى الشر وقوى الخير، حيث كانت عبارة عن حراك بين القيم العليا بكل
أنواعها ضد اعداء الحياة، فهم لم يستهدفوا الامام(ع) لشخصه، الا انهم
استهدفوا فكر ومعنى وابعاد تلك الوقفة السامية التي جاهد من أجلها
الامام الكاظم عليه السلام للقضاء على كل فكر منحرف يحاول تقويض حالة
التعبير عن الراي ومهما تكون وسائل ذلك التعبير.
الشيخ (كاظم الاسدي) طالب علوم اسلامية وهو يرى في سيرة وشخصية
الامام موسى الكاظم(ع) بعدا اخر، فيقول، واهم جدا من يجسد معركة الامام
مع هارون الرشيد بالحسابات التقليدية العسكرية فحسب، بل يجب ان يدرك ما
ذهبت اليه المدرسة الكاظمية من خلال ما تحمل من معطيات او تداعيات تشير
الى حالة الرفض وعدم الخنوع والى حرية التعبير عن الراي، وقف راهب بني
هاشم(ع) ليعبر عن هموم هذه الامة، التي طالما تعودت على الرضوخ، لذا
ذهب لمقارعة الطغاة والظلمة عبر اصراره وصبره ليعطي درسا ما بعده درس
في التفاني من اجل اعلاء كلمة الله (سبحانه وتعالى).
الشيخ (على الخزاعي) باحث اسلامي قال: ان الامام موسى ابن جعفر(ع)
تصدى للامامة الالهية في أمور الدين والدنيا بعد والده الامام جعفر ابن
محمد الباقر(ع)، حيث كانت الحوزات العلمية والمدارس الدينية مزدهره اي
ازدهار في ظل ايام الامام الصادق(ع) فكان الامام الامام موسى ابن جعفر
(ع) الامتداد المباشر لهذا الازدهار لكن في زمن الامام موسى الكاظم
يختلف من حيث معاصرته للطغاة الظلمة، حيث يطلقون على تلك الفترة بالعصر
الذهبي من باب النفاق، هذا مما جعل دور الامام صعب جدا فتارة يحمل لواء
التصدي لهؤلاء الظالمين، وتارة اخرى يتوجب عليه ديمومة استمرارية أحياء
العلم الجعفري والمدارس الحوزوية المحمدية، وثالثا يقع على عاتقه
متابعة امور الامة الاسلامية والعالم اجمع، وقد مارس هذا الدور بكل
شجاعة حيدرية.
الشيخ (نزار التميمي) داعية اسلامي وقد اشار الى الدور الذي اضطلع
به الامام كمصلح وموجه ومربي وان اثار تلك التجربة الجهادية قد لا
تتوقف عند حدود تلك الفترة التي عاشها الامام بل على العكس ان خصائص
تلك الثورة مدرسة الهمت الاحرار في كل الدنيا، فمنذ قرون ومدرسة الامام
الكاظم(ع) لا زالت الى الان تخرّج الاحرار على مختلف صنوفهم والوانهم،
فعشاق الحرية لا ينتمون الى عرق معين بل هم دوما كالكواكب يلتفون حول
رائد النهضة العلوية. وقد اختص الإمام بالقاب عدة منها ذو الثفنات
ومنها راهب بني هاشم وسمي بكاظم الغيظ وسمي بباب الحوائج.
ان من اهم سمات تلك المناسبة ان نستحضر الماضي بكل تجلياته والغاية
هي الاستعبار واستلهام الدروس وتحصين الذات من الانغماس في الملذات
وبطبيعة الحال هذا المعنى لا يتعارض مع حالة الاستحضار الروحي والجسدي
وعلى هذا الاساس نجد الجموع المؤمنة بالله وبرسوله تفد الى مدينة
الكاظمية المقدسة حيث مرقد الامام الكاظم عليه السلام في جانب الكرخ.
يضيف: وعند ذاك تكون هناك حالة من التواصل بين الماضي البعيد
والحاضر والشىء الاهم ان الوقائع التاريخية خالدة مهما تغافل الناس عن
رويتها وذلك لان الواقع الراهن هو نتاج تلك الاحداث ولاجل ذلك ولضمان
الاستفادة من معطيات التوثيق الانساني والالهي تفد تلك الملايين المحبة
لاهل بيت النبوة لتسجل موقفها الراسخ في رفض الظلم والظالمين.
ومن خلال تلك البديهيات الانسانية تتجدد تظاهرات التأييد والنصرة
لخلف النبي الهادي المهدي صلوات الله عليه وعلى اله وسلم في كل عام وهي
محملة بعبق تلك الذكرى ذكرى واقعة الجسر وما جرى على الامام الكاظم
عليه السلام حيث قضى شطرا طويلا من عمره الشريف في الزنازين المظلمة
وهو مكبل بالحديد غير ان ذلك لم يغير وجه التاريخ بل كان سفرا خالدا
تحف به القلوب قبل الحناجر فسلام عليه يوم ولد ويوم استشهاد ويوم يبعث
حيا. |