تدفق السلاح الى سوريا... امتصاص لأزمات البلدان الأخرى

علي الطالقاني

 

شبكة النبأ: تثير الأسلحة المتدفقة على سوريا تجاه دعم القوى الإرهابية مخاوف المجتمع الدولي على صعيدين، الأول خوفا من ان تستغل المجاميع الارهابية النفوذ والأسلحة وتعمل على قتل المواطنين على أساس طائفي وعرقي، اما الأمر الثاني خوفا من ان المجاميع المتشددة ان تصل الى الحكم وبالتالي ستكون هناك تداعيات أمنية كبيرة وخطيرة تعارض المشروع الديمقراطي.

وتتصارعان كل من قطر والسعودية حول موضوع توحيد المعارضة السورية لصالحهما فالرياض تزاحم الدوحة على تسليح الجيش الحر، وتقول معلومات ان 35 طنًا من الأسلحة السعودية في يد المعارضة السورية.

ويمكن قراءة الموضوع من زوايا أخرى. فهناك مخاوف من اندلاع حرب أهلية بلبنان والعراق نتيجة للصراع السوري. وتشهد بعض مناطق لبنان والعراق المحاذية لسوريا وداخل البلدين ايضا مخاطر مبنية على اساس طائفي.

فجيران سوريا في الشرق الأوسط لديهم حصة لا بأس بها في الصراع، الذي أصبح اليوم يدار بالوكالة بين أنظمة كبرى متنافسة. اضغط على الدول المظللة لتتعرف إلى دور كل منها في المشهد السوري.

ويقول محللون ومنهم يوسف الكويليت ان إدخال أي سلاح للجيش الحر، يعني عودة تنافس القوة بمن سيحسم المعركة في الداخل السوري إذا عرفنا أن كلاً منهما انتصر وانهزم في الحروب بالنيابة، لكن التواجد في سوريا قد تكون غايته أكبر، أي المواجهة ستكون مع عدة قوى، إيران والعراق وحزب الله مع روسيا في جانب نظام الأسد، وأمريكا وأوروبا مع الجيش الحر، وعملية التوازن في القوة بعدم هزيمة أي طرف للآخر، يعني إدخالهما في حوار يمليه طرف القوة وهنا لابد للروس، إما السير إلى آخر لحظة، وهي مشكلة عويصة في ديمومة مثل هذه الحرب أو الاتفاق على تنازلات ترضي كل الأطراف، لتعلن الوصاية على سوريا بخارطة طريق جديدة توضع وفق صيغة توحد سوريا، ولكن ضمن شكل مماثل للعراق، وتبقى الأدوار الأخرى لإيران والعراق قد لا ترتهن لرغبة الروس، وهنا سيكون الحل بإبعادهما، وهذا منطق المصالح الدولية الكبرى، والتي طالما كانت سيدة المعارك، وصانع نهاياتها.

ومع اقتراب عدد القتلى بسوريا نحو مائة ألف والمأساة التي يعيشها ملايين اللاجئين والنازحين بالداخل. فأن نتائج التدخل الكارثية من قبل أنظمة الخليج وبعض الدول الأوربية هي التي أطلقت العنان للقتل.

مفوضة الأمم المتحدة  نافي بيلاي لحقوق الانسان من جهتها حثت القوى العالمية على عدم إمداد سوريا بالأسلحة والضغط على طرفي الحرب الأهلية للتوصل الى حل سياسي تفاديا لمزيد من المذابح والتهديدات لأمن المنطقة.

وقالت بيلاي في مناقشة بمجلس حقوق الانسان التابع للأمم المتحدة اذا استمر الوضع الراهن او ازداد تدهورا فإن زيادة المذابح الطائفية ستكون مؤكدة ولن تكون مجرد خطر.

وأضافت امام المجلس المكون من 47 عضوا يجب أن تكون الرسالة منا جميعا واحدة: لن ندعم هذا الصراع بالأسلحة او الذخيرة او السياسة او الدين.

لكن الولايات المتحدة أعلنت في وقت سابق دعمها الكامل لقرار الاتحاد الأوروبي القاضي برفع الحظر المفروض على الأسلحة للمعارضة السورية، رغم امتناعها عن تزويدها بالأسلحة.

وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الأمريكية باتريك فنتريل نرحب بقرار الاتحاد الأوروبي وندعم قرار تخفيف حظر السلاح على المعارضة السورية لأن ذلك يشكل جزءاً من جهود المجتمع الدولي لتوفير الدعم الكامل لها.

ويرى محللون أن الخطر الأعم الذي تمثله الحرب الأهلية السورية هو قدرتها على امتصاص بلدان أخرى في دوامتها، وأن تدخل روسيا وتركيا وإيران بالإضافة إلى جماعة حزب الله وإسرائيل ساعد على تشكيل مزيج خطير للغاية، بالإضافة إلى أن الصراع يثبت أنه نقطة جذب لمجاميع ارهابية، ومنهم أكثر من مائة وصلوا من بريطانيا وسيعودون ليسببوا مشاكل في أوطانهم إذا بقوا على قيد الحياة. فأنه ليس من المبالغة القول إن الصراع السوري قد ينتشر في منطقة تمتد من مضيق هرمز إلى البحر الأبيض المتوسط، وهذا ما يؤكد واقع الحال مع وجود حرب أهلية في العراق أزهقت حياة 300 شخص خلال الأسبوعين الماضيين فقط ومع زيادة التوتر الطائفي في لبنان ومع دخول حزب الله العلني في سوريا ومع احتمال المزيد من الضربات الجوية الإسرائيلية ومع إعادة تسليح مرتفعات الجولان وتحذير النمسا بسحب قواتها من قوة المراقبة الأممية هناك

من هنا جاء الموقف الروسي عبر نائب وزير الخارجية الروسي سيرجي ريابكوف الذي قال إن روسيا لن تلغي خططا لتزويد سوريا بنظام للدفاع الجوي رغم معارضة الغرب لأن ذلك سيساعد على ردع "المتهورين" الذين يعتزمون التدخل في الصراع السوري المستمر منذ عامين.

وأعلنت روسيا عن أنها سترسل صواريخ أس 300 المتطورة إلى سوريا. ووصف مراقبون هذه الخطوة إستراتيجية من قبل روسيا.

كما اتهم ريابكوف الاتحاد الأوروبي أيضا بسكب الزيت على النار بعد قراره عدم تجديد الحظر الذي كان يفرضه على السلاح في سوريا.

وحثت اسرائيل وفرنسا روسيا على عدم ارسال انظمة الصواريخ إس-300 العالية الدقة لحكومة الرئيس السوري بشار الاسد التي تحارب مقاتلي معارضة يدعهم الغرب ودول عربية.

وصرح نائب وزير الخارجية الروسي بأن هذه الصواريخ ستردع التدخل الخارجي.

وقال ريابكوف نعتقد ان تسليم هذه الشحنة عامل مساعد على الاستقرار وان مثل هذه الخطوات ستمنع بطرق عديدة بعض المتهورين عن استكشاف سيناريوهات يمكن ان تعطي لهذا الصراع طابعا دوليا بمشاركة قوات من الخارج.

ولم يكشف مسؤولون روس عما اذا كانت الصواريخ إس-300 قد ارسلت بالفعل الى سوريا كما لم يوضح ريابكوف ذلك اليوم.

وتعتبر روسيا هي من أقوى حلفاء الاسد في الصراع المستمر منذ 26 شهرا وترفض العقوبات وعطلت هي والصين ثلاثة قرارات لمجلس الامن التابع للامم المتحدة كانت تهدف للضغط على الحكومة السورية لوقف القتال.

وتعارض موسكو بشدة التدخل العسكري او تسليح المعارضة لكنها تدافع عن تسليمها أسلحة لحكومة دمشق وان قالت انها تقدم لها اسلحة دفاعية بموجب عقودة مبرمة بالفعل.

رفع حظر السلاح

وقالت موسكو إن رفع الاتحاد الأوروبي حظر السلاح في سوريا قد يضعف فرص مؤتمر السلام الذي تحاول روسيا والولايات المتحدة تنظيمه. وفشلت الحكومات الاوروبية في تضييق الخلافات لكنها قررت السماح بأنتهاء الحظر المفروض على تسليح قوات المعارضة التي تحارب حكومة الرئيس بشار الاسد.

وأوضحت بريطانيا وفرنسا اللتان عارضتا تجديد الحظر أنهما لن ترسلا اسلحة في هذه المرحلة لكن مسؤولين بالاتحاد الاوروبي قالوا ان هذا الالتزام ينتهي فعليا في أول اغسطس اب.

وقرر وزراء الخارجية الاوروبيون في بروكسل رفع الحظر المفروض على الاسلحة للمقاتلين السوريين المعارضين، مع استمرار تطبيق بقية العقوبات التي فرضت منذ عامين على النظام السوري.

وينسجم هذا القرار مع رغبة بريطانيا وفرنسا، البلدين الوحيدين في الاتحاد الاوروبي اللذين يطالبان منذ اشهر عدة بامكان تسليح المعارضين السوريين المعتدلين.

لكن منظمة اوكسفام الانسانية دعت الاتحاد الاوروبي الى تجديد الحظر على الاسلحة الى سوريا معتبرة ان اي رفع له وكما تطالب لندن وباريس قد يكون له نتائج مدمرة على المدنيين.

واعتبرت اوكسفام في بيان ان عدم التوصل الى تجديد الحظر الذي فرضه الاتحاد الاوروبي على الاسلحة نهاية الشهر سيكون عمل غير مسؤول وقد يجهض الامل الهش الذي ستقدمه القمة الاميركية الروسية حول السلام والمقررة في 12 حزيران/يونيو.

وقالت آنا ماكدونالد الاخصائية في اوكسفام حول مراقبة الاسلحة ان رفع الحظر قد يكون له نتائج مدمرة.

واضافت لا توجد حلول سهلة من اجل محاولة وضع حد للمجزرة في كسوريا ولكن المزيد من الاسلحة والذخائر لن يؤمن ذلك مضيفة ان الجهود الدولية يجب ان تتركز على وضع حد لنقل الاسلحة الى الاطراف (الضالعة في النزاع) وايجاد حل سياسي للازمة.

واستمر الانقسام في صفوف الاتحاد الأوروبي بشأن كيفية زيادة المساعدات للمعارضة السورية بعد أن فشلت محادثات أجريت في وقت سابق بين وزراء الخارجية في تجاوز الخلافات حول مسألة استثناء مقاتلي المعارضة من حظر على الأسلحة يفرضه الاتحاد الأوروبي.

ويحتاج تعديل الحظر على الأسلحة الذي يجب تجديده أو تعديله على تأييد جميع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي وعددها 27 دولة. وقالت بريطانيا وفرنسا إنهما قد يتحركان منفردين إذا لم يتحقق لهما ما يريدان.

وحذر خبراء بريطانيا وفرنسا من الخروج على بقية أعضاء الاتحاد الأوروبي - إن الانقسامات الدولية قد تطيل أمد الحرب السورية كما فعلت في حرب البوسنة بين عامي 1992 و1995. وكان بيلت وسيطا دوليا في الحروب في يوغوسلافيا السابقة في التسعينات.

وكثفت فرنسا وبريطانيا جهودهما لدفع الاتحاد الأوروبي إلى رفع حظر السلاح الذي يفرضه على سوريا من أجل مساعدة المعارضين السوريين ولكنهما لاقتا معارضة قوية من دول أخرى أعضاء في الاتحاد قالت إن إرسال المزيد من الأسلحة يمكن أن يؤدي إلى تفاقم الأزمة.

ودعا المعارضون الذين يقاتلون قوات الرئيس السوري بشار الأسد القوى الغربية إلى بذل المزيد من الجهد لمساعدتهم في كسب الحرب الأهلية التي دخلت عامها الثالث وأودت بحياة 70 ألف شخص.

غير أن ألمانيا والنمسا والسويد وبعض الدول الأخرى تخشى من أن يؤدي انتشار السلاح إلى تأجيج الصراع في المنطقة وتسليح الإسلاميين المتشددين.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 3/حزيران/2013 - 23/رجب/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م