اوروبا على حافة الهاوية!

علي حسين عبيد

 

شبكة النبأ: ثمة مؤشرات لا يمكن تجاهلها، تنبئ بانهيار المجتمع الاوربي، بعد أن كان حتى عقود قريبة، يتقدم العالم صناعيا وثقافيا وحضاريا، بيد أن آفة العنصرية وامراض اخرى، بدأت تقرّب اوروبا من حافة الانهيار. ولعل أخطر الاسباب واكثرها وضوحا ذلك التعامل العنصري الاوربي مع الآخرين، وهناك اسباب أخرى ساندة سنأتي على ذكرها وبحثها تباعا.

العنصرية داء قاتل يجهل حامله مدى الاضرار التي تنتج عنه، ليس ضد الهدف المستهدَف، بل حامل هذا الداء والمتمسك به هو المتعرضين لخطره، في اوروبا تستشري على نحو مضطر مظاهر وحالات العنصرية في التعامل مع الاخر، ففي فرنسا مثلا هناك موجة عنصرية متفاقمة ضد المهاجرين الذي وصلوا الى فرنسا منذ عشرات السنين، ولكنهم حتى الان لم يتمكنوا من الاندماج في المجتمع الفرنسي، فضلا عن الروح الثأرية المتصاعدة لدى الفرنسيين ضد المهاجرين ومنهم المسلمين، حيث بدأت الجهات الحكومية ايضا تسن قوانين مرفوضة ضد المسلمين كونها تنطلق من حس عنصري واضح، وكذلك ضد غير المسلمين، اذ تصاعدت الموجات العنصرية الرافضة للمهجرين على نحو خطير يهدد مزايا الحاضرة الاوربية التي طالما تبجحت بأنها حاضنة الحرية وحامية حقوق الانسان، لكن ما يجري على الارض بخصوص القرارات والتعاملات العنصرية تؤكد زيف الادعاء الاوربي التحرري.

وثمة ظاهرة اخرى تقرب الاوربيين من حافة الهاوية، حيث التفسخ والانحلال يستشري على نحو خطير في اوساط هذا المجتمع، لدرجة ان الامر بلغ غاية من الخطورة والتعقيد والغرابة والاستهجان، فقد سن عدد من الدول الاوربية على سبيل المثال قانون (الزواج المثلي) حيث يتمكن الرجل ان يتزوج من رجل والمراة تتزوج من مرأة اخرى بعقد رسمي توافق عليه السلطة الحكومية والتشريعية، وهذا قمة ما بلغ به الانسان من تهور مضاد لكل الاعراف والاخلاق ولكل ما جاءت به جميع الاديان السماوية.

ويرى محللون ان الواقع الاوربي ينحو الى التطرف العنصري والانحلال الاخلاقي، ويعزوا كثيرون الاسباب التي قادت اوروبا الى هذا الواقع الخطير لاسباب تركة المرحلة الاستعمارية التي سيطرت خلالها اوروبا على مقدرات الشعوب الفقيرة مئات السنوات ونهبت خيراتها وتركتها تقبع في حضيض الجهل والفقر والمرض، فيما كانت شعوب اوروبا تنعم بثروات الشعوب الفقيرة، الامر الذي جعلها محط نقمة وسخط وكره هذه الشعوب التي ذاقت الامرين من ظلم وقهر المستعمرين الاوربيين.

وعندما تستعيد ذاكرة الشعوب الفقيرة ما قامت به اوروبا من حروب استعمارية دموية من اجل السيطرة عليها، يجعلها في حالة كره دائم لاوروبا، وهو عامل يساعد على نبذ التاريخ والحاضر الاوربي، الذي لا يزال حتى اللحظة يتعامل مع آخرين بحالة من الترفع والغرور الفارغ، حيث تسير الامبراطورية العجوز او المريضة نحو الهاوية، وهي تدفع نفسها بنفسها في هذا الاتجاه.

ولم ينجُ الدين المسيحي ولا الكنيسة من الامراض التي تفتك بالنسيج الاجتماعي الاوربي، حيث تعرضت الكنيسة الى هزات اخلاقية عنيفة على مدى السنوات والعقود القريبة، فقد انتشرت فضائح كثيرة في الكنيسة تتعلق بحالات التحرش الجنسي بالاطفال فضلا عن حالات الاغتصاب والتحرش التي يقوم بها كبار قادة الكنيسة في اوروبا، واذا كان النموذج الديني يعج بمثل هذه الفضائح التي تزكم الانوف، فما بالك بالنسبة للشرائح الاخرى من المجتمع الاوربي ككل؟.

إن ثمة دلائل كثير تؤكد قرب انهيار اوروبا اخلاقيا واقتصاديا وحضاريا، ولعل المراقب يمكنه ان يكتشف من دون عناء كبير ادلة ساندة واكيدة على قرب هذه النهاية المفجعة، فيما لو تغاضى المعنيون عن العنصرية والتفسخ والانحلال الاخلاقي الذي ما برح يدفع بالمجتمع الاوربي الى حافة السقوط.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 1/حزيران/2013 - 21/رجب/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م