المجتمعات الامريكية... متلازمة السلاح والعنف

 

شبكة النبأ: اتساع دائرة العنف و انتشار الأسلحة النارية في الولايات المتحدة الأمريكية كان ولايزال من أهم واخطر المشاكل التي تهدد حياة وامن المواطن الأمريكي، خصوصا مع تكرار جرائم إطلاق النار التي أسهمت بسقوط الكثير من الضحايا ولأسباب مختلفة، وبحسب بعض التقارير يعتبر الشعب الأمريكي أكثر الشعوب تسليحا أي من حيث الأسلحة المملوكة للأفراد في العالم. حيث قدرت أعداد الأسلحة التي بحوزة المواطنين المدنيين في الولايات المتحدة عند 270 مليون قطعة سلاح، وتصيب الأعيرة النارية أكثر من 100 ألف شخص سنويا.

وفي عام 2010 توفي اكثر من 30 ألف شخص بسبب الأسلحة النارية. ومع ذلك لم تبذل الحكومة الأمريكية سوى جهود قليلة في السيطرة على السلاح. وفي عامي 2008 و2010 اللذين شهدا صدور أحكام المحكمة العليا في قضيتين تتعلقان بالأسلحة النارية، تقلصت بشكل حاد سلطة الدولة والحكومات المحلية في تقييد امتلاك الأسلحة. وقام نصف الولايات المتحدة تقريبا بتبني القوانين التي تسمح لمالكي الأسلحة بحملها علانية في معظم الأماكن العامة. واتخذت العديد من الولايات قوانين احم نفسك التي تسمح بإطلاق النار والقتل دفاعا عن النفس من دون الاضطرار إلى إثبات نفاد الخيارات الأخرى كالتراجع أو الهرب مثلا من دون استخدام العنف.

ووفقا لإحصاءات صادرة عن مكتب التحقيقات الفدرالي «اف بي آي» في سبتمبر 2012، قدّر عدد جرائم العنف التي وقعت في الولايات المتحدة بـ 1203564 جريمة في عام 2011، بمعدل يبلغ نحو 386,3 جريمة عنف لكل 100 ألف مواطن. كما شكلت الاعتداءات أعلى نسبة من جرائم العنف المبلغ عنها لدى هيئات تنفيذ القانون عند62,4 بالمائة، وبلغت نسبة جرائم السطو 29,4 بالمائة من جرائم العنف، في حين وصلت نسبة جرائم الاغتصاب إلى 6,9 بالمائة.

وفيما يخص أخر الجرائم فقد قتل المدعي العام لمقاطعة كوفمان بولاية تكساس رميا بالرصاص، وذلك في ثالث جريمة قتل يكون ضحيتها مسؤول قضائي في الولايات المتحدة. وتم العثور على المدعي العام، مايك ماكليلاند، وزوجته مقتولين في مقاطعة كوفمان، وذلك بعد مقتل مساعد النائب المدعي العام للمقاطعة، مارك هاس، في يناير/ كانون الثاني الماضي. وكان رئيس قطاع السجون في كولورادو، توم كليمنتس، قد لقي مصرعه رميا بالرصاص في وقت سابق.

ولم تلق السلطات القبض على أحد في جريمة قتل مساعد النائب العام بمقاطعة كوفمان. لكن تقارير أفادت بأن الشرطة تحقق في وجود علاقة بين مقتله ومقتل رئيس قطاع السجون في كولورادو. وفي تعليق على الحادث الأخير، قال رئيس جهاز الشرطة في كوفمان، كريس اولبو، لصحيفة (دالاس مورنينغ نيوز) "إنها صدمة. كان الأمر صدمة مع (مقتل) مارك هاس، ولك أن تتصور الصدمة المزدوجة." ومضى قائلا "حتى نعرف (حقيقة) ما حدث، لا استطيع حقا الجزم بأن هناك علاقة بين الجريمتين، لكن علينا دائما أن تفترض هذا حتى يثبت العكس."

وقتل المشتبه به الرئيسي في جريمة قتل رئيس قطاع السجون في كولورادو في تبادل لإطلاق النار مع الشرطة في منطقة تبعد نحو 135 كيلومترا عن مقاطعة كوفمان. وكان المشتبه به سجينا سابقا في كولورادو، وعلى صلة بجماعة عنصرية داخل السجن تؤمن بسيادة بتفوق البيض. ومكتب المدعي العام في مقاطعة كوفمان أحد عدة هيئات اشتركت في التحقيق في وقت سابق من العام مع عضوين بجماعة أخرى تؤمن بتفوق البيض في اتهامات بالابتزاز.

طفل يقتل شقيقته

في السياق ذاته قتل طفل اميركي في الخامسة كان يلعب ببندقية قدمت له هدية، شقيقته البالغة السنتين في منزل العائلة في كنتاكي (الوسط الشرقي للولايات المتحدة) على ما افادت الشرطة. وقال الطبيب الشرعي غاري وايت في منطقة كامبرلاند الريفية ان ما حصل حادث. وقد اصيبت الطفلة التي قال الطبيب الشرعي ان اسمها كارولين ستاركس ونقلت الى المستشفى حيث أعلنت وفاتها على ما قالت شرطة الولاية.

وقال الطبيب ان والدة الطفلين التي كانت تقوم بتنظيفات خرجت لبعض الوقت امام مدخل المنزل. واوضح غاري وايت "قالت انه لم تنقض اكثر من ثلاث دقائق عندما سمعت الطلقة النارية. واسرعت الى الداخل ووجدت ابنتها". والبندقية وهي من نوع ".22 لونغ رايفل" مصممة خصيصا للأطفال قدمت هدية الى الطفل السنة الماضية. وكانت موضوعة في زاوية احدى الغرف ولم يكن الاهل على دراية انها لا تزال محشوة.

وتابع الطبيب يقول "انها بندقية صغيرة للأطفال من ماركة كريكيت. وقد قتل في الولايات المتحدة 851 شخصا في العام 2011 برصاصات طائشة اطلقت عرضا. وكان الكونغرس الاميركي رفض نصوص قانون لتشديد الضوابط على حيازة الاسلحة النارية بعد المجزرة التي وقعت في مدرسة في نيوتاون (شمال شرق) واسفرت عن سقوط 26 قتيلا نهاية 2012.

من جانب أخر تنازل الرئيس الاميركي باراك اوباما عن كلمته الإذاعية الأسبوعية لوالدة احدى ضحايا مجزرة مدرسة نيوتاون فيما يتصاعد النقاش حول مشروع قانون لضبط الأسلحة. وفي خطوة نادرة كثفت الضغط على المشرعين الاميركيين عشية نقاشات في الكونغرس حول اصلاح قانون الاسلحة، حضت فرانسين ويلر التي كان ابنها احد الاطفال العشرين الذين قضوا في مجزرة نيوتاون النواب على التحرك.

وقالت ويلر ان الالم الذي تشعر به الاسر لا يزال كبيرا بعد قيام ادم لانزا باطلاق النار في مدرسة ساندي هوك الابتدائية في نيوتاون بولاية كونيتيكت والذي ادى الى مقتل 26 من التلامذة والموظفين. وقالت ويلر "سمعت أشخاصا يقولون ان موجة الحزن العارم التي اجتاحت بلادنا في 14 كانون الاول/ديسمبر قد انحسرت.

لكن ليس بالنسبة الينا". وأضافت "بالنسبة إلينا، الشعور لا يزال كما لو ان الامر حصل امس. وفي الأشهر التي أعقبت خسارتنا أحباءنا، قضى آلاف الأميركيين بسبب سلاح". وتابعت "علينا ان نقنع مجلس الشيوخ بالاتفاق وإقرار إصلاحات منطقية تتعلق بتحمل مسؤولية الأسلحة في شكل يجعل مجتمعاتنا اكثر امنا ويمنع وقوع مزيد من المآسي كتلك التي اعتقدنا انها لن تحصل لنا". بحسب فرانس برس.

وقالت ويلر انها رغم ارتياحها لقرار مجلس الشيوخ المضي قدما، الا ان عملا كثيرا لا يزال يتعين القيام به. واضافت "ليست هذه سوى البداية. لم يقروا بعد اي قوانين من شانها ابعاد الاسلحة عن متناول الاشخاص الخطيرين، وكثير من الناس يجهدون لضمان عدم وصولها اليهم".

جرائم أخرى

من جانب اخر تسبب رجل في حالة من الذعر بمبنى للركاب بمطار مزدحم في هيوستون عندما اشهر مسدسا واطلق النار باتجاه السقف ثم أطلق النار على نفسه او قتله ضابط تصدى له. وقال كاشه سميث المتحدث باسم شرطة هيوستون إن الرجل الذي مات عمره 30 عاما لكنه لم يحدد هويته. وقال إنه لم يصب أو يقتل اخرون في الحادث.

وقال سميث إن الرجل أطلق عيارا واحدا على الأقل باتجاه السقف ثم تصدى له ضابط من الأمن الداخلي كان قريبا حيث اطلق النار على مسدس الرجل. وقالت شرطة هيوستون في بيان "أطلق ضابط الأمن الداخلي والمشتبه به النار في آن واحد. أصيب المشتبه به وعالجه مسعفون الذين أعلنوا وفاته داخل سيارة إسعاف."

وقال راكب يدعى بات برايس كان يتناول طعام الغداء في مطعم بالمبنى عند وقوع إطلاق النار انه كان على بعد 50 مترا من موقع الحادث. وتابع قائلا "سمعنا ما اتضح انها طلقات رصاص وكان دويها عاليا. اختبأنا في ركن أنا ونحو عشرة أشخاص بعضنا فوق بعض. كانت هناك حالة ذعر كبيرة." وقال برايس ان الناس متوترون بالفعل بعد تفجيري ماراثون بوسطن وركض المسافرون في كل مكان طلبا للحماية. وأضاف "كنا ببساطة نبحث عن مكان للاختباء". بحسب رويترز.

ووقع الحادث في مطار جورج بوش الدولي في هيوستون مما دفع المسافرين المذعورين للبحث عن سبل للاحتماء وتسبب في إغلاق المكان لدوافع أمنية وتعليق بعض الرحلات الجوية. ودفع الحادث ادارة الطيران الاتحادية الى إغلاق مبنى الركاب (ب) بمطار جورج بوش الدولي وتعليق الرحلات الجوية من المبنى وإليه. واعيد فتح مبنى الركاب بعد ذلك للرحلات المغادرة.

الى جانب ذلك ذكرت صحيفة محلية ان سائقا اقتحم بسيارته متجرا تابعا لسلسلة متاجر وول مارت في كاليفورنيا ثم أصاب أربعة أشخاص بآلة حادة. وأصيب شخص واحد عندما اقتحمت سيارة صالون من طراز أولدزموبيل متجر وول مارت في سان خوسيه بكاليفورنيا على بعد نحو 50 ميلا الى الشمال من سان فرانسيسكو حسبما ذكرت صحيفة سان خوسيه ميركوري نيوز. وأضافت الصحيفة ان السائق خرج من السيارة بعد ذلك وهاجم ثلاثة اشخاص. وقالت الصحيفة ان الشرطة ألقت القبض على السائق في مكان الحادث. واضافت ان الدافع وراء الهجوم لم يتضح بعد.

العثور على ثلاث نساء

في السياق ذاته عثر على ثلاث نساء اختفين قبل حوالى عشر سنوات وكانت اثنتان منهما في سن المراهقة، على قيد الحياة في منزل في كليفلاند (وسط الولايات المتحدة الشرقي) وقد اوقف ثلاثة رجال في اطار القضية على ما أعلنت الشرطة. التفاصيل حول ظروف احتجاز النساء الثلاث لم تعرف بعد لكن يبدو ان احداهن انجبت خلال هذه الفترة.

ووضع اكتشاف النساء الثلاث على بعد كيلومترات قليلة من المكان الذي خطفن فيه في ولاية اوهايو، حدا لسنوات من الانتظار من قبل اهاليهن فيما اصيب سكان الحي السكني الهانئ عادة في كليفلاند، بالذهول. واعلنت الشرطة بعيد اكتشاف النساء الشابات الثلاث، توقيف ثلاثة مشتبه فيهم من اصول اميركية لاتينية. وتهتم وحدة للعناية الطارئة بالنساء الثلاث. وقال الطبيب انهن في صحة جيدة وسيخضعن لسلسلة من الفحوصات. وقد رأى احد الجيران الاثنين إحدى النساء وتدعى اماندا بيري عندما كانت تصرخ وتحاول الخروج من منزل واقع في حي سكني في كليفلاند.

وقال تشارلز رامسي "سمعت صراخا ومن ثم رأيت هذه الشابة المضطربة جدا وهي تحاول الخروج من المنزل. وقد توجهت الى مدخل المنزل فسمعتها تقول ساعدني على الخروج انا هنا منذ فترة طويلة. وحاول الجار إخراجها من الباب لكنه لم ينجح في ذلك فاقتحم اسفل الباب برجله "فخرجت منه الشابة زاحفة مع طفلة صغيرة". وقالت في اتصال مع الشرطة بعد ذلك "انا اماندا بيري لقد خطفت وكنت مفقودة منذ عشر سنوات. وانا حرة الان".

وقد وصلت الشرطة بعد دقائق على ذلك واكتشفت امرأتين اخريين. وقالت شرطة كليفلاند "تبدو النساء الثلاث اماندا بيري وجينا ديخيسوس وميشال نايت في صحة جيدة" مشرة الى انها اوقفت ثلاثة رجال من اصول اميركية لاتينية في الخمسين من العمر تقريبا رافضة الادلاء بمزيد من التفاصيل.

وقالت اماندا بيري ان الرجل الذي احتجزها يدعى ارييل كاسترو. وذكرت وسائل الاعلام ان الموقوفين هم ارييل كاسترو وشقيقان له. لكن الشرطة رفضت تأكيد الاسم موضحة "في الوقت الراهن لن ننشر اي معلومات او اسماء او صور عن التحقيق بشأن النساء المخطوفات". وقال جيران مذهولون ان ارييل كاسترو سائق حافلة لطيف ويعزف الموسيقى وان ابنته كانت تأتي لزيارته من وقت الى اخر مع اولادها.

وقال رامسي منقذ اماندا بيري انه لا يزال مصدوما، موضحا للصحافيين انه شارك الخاطف الطعام واستمع معه الى موسيقى السالسا. وقالت تاشينا ميتشل (26 عاما) انها لم تصدق عندما اتصل بها شقيقها ليعلمها بالعثور على اماندا على قيد الحياة وانها سارعت الى المستشفى لتتأكد من النبأ. وقالت لصحيفة "بلاين ديلر" في كليفلاند "كانت صديقتي المفضلة" فقاطعتها صديقة لها مصححة "لم تكن صديقتك المفضلة بل هي صديقتك المفضلة لانها لا تزال على قيد الحياة".

وشوهدت اماندا بيري للمرة الاخيرة في 21 نيسان/ابريل 2003 عصرا عندما غادرت عملها في مطعم للوجبات السريعة على بعد مئات امتار قليلة من منزلها. وكانت في السادسة عشرة عندما اختفت. وقد توفيت والدتها لوانا ميللر "حزنا" عليها في اذار/مارس 2006 على ما قال احد اقاربها. بحسب فرانس برس.

وكانت جينا ديخيسوس في الرابعة عشرة عند اختفائها عند خروجها من المدرسة في الثاني من نيسان/ابريل 2004 على ما قال مكتب التحقيقات الفدرالي. وشوهدت ميشال نايت للمرة الاخيرة قرب منزل قريب لها في 23 آب/اغسطس 2002 عندما كانت في سن الحادية والعشرين على ما ذكرت صحيفة "ذي بلاين ديلر". وانضمت كايلا رودجيرز (23 عاما) التي كانت مع جينا ديخيسوس في المدرسة الى الجموع امام المنزل الذي احتجزت فيه صديقتها "انا لا اقوى على الكلام انه جنون عادة لا يتم العثور على الاشخاص الذين يختفون". واعرب تشارلي شورب عن ذهوله لكون الشابات الثلاث امضين هذه الفترة الطويلة في هذا المنزل من دون ان يتنبه احدهم اليهن موضحا "كانت النساء محتجزات في حديقتنا الخلفية تقريبا".

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 27/آيار/2013 - 16/رجب/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م