فيروس كورونا... القاتل الغامض يرعب السعودية

 

شبكة النبأ: بين حين وآخر تندلع حالة من الخوف والهلع في دولة معينة في العالم، لتنتشر بعد مدة وجيزة بين شعوب العالم أجمع، فقد ظهر مجددا نوع من الفايروسات القاتلة في السعودية، بمنطقة الاحساء تحديدا، يؤدي هذا الفايروس الى موت مؤكد، ويصيب الجهاز التنفسي فتحدث لدى المريض علامات مشابهة لما كان يحدث فايروس سارز الذي نشر موجة كبيرة من الخوف والهلع في عموم دول العالم لاسيما اوروبا في عام 2003، وقد اصاب هذا المرض اكثر من ثلاثين شخصا حتى الان في السعودية وفرنسا وبريطانيا، لكن الحصة الاكبر من الوفيات حدث في السعودية ومعظمها في مدينة الاحساء.

ويرى الكثير من الخبراء في الشأن ان كل المعلومات تشير إلى أنه فيروس غامض لايعرف عنه شيئا ولايعرف كيف يتم انتقاله ولا يوجد له تطعيم وقائي أو مضاد حيوي، مما يشكل شبحا مخيفا لكثير من الاشخاص لأنه يهدد حياتهم باستمرار وعلى نحو كبير خاصة في الآونة الأخيرة دون علاج حتى الان.

وتشير تقارير منظمة الصحة العالمية، أن هذا الفايروس تسبب حتى بـ 18 حالة وفاة، كلها تقريبا في السعودية باستثناء حالة واحدة في فرنسا، وقد اوضحت تقارير موثقة تناقلتها وسائل الاعلام المختلفة، ان المواطنين السعوديين يعيشون حالة من الخوف والتذمر في نفس الوقت بسبب بطء اجراءات العلاج، فضلا عن حالات العزل القاسية التي تصل الى حجز المريض ومنع ذويه واصدقائه من زيارته لعدة ايام، الامر الى نشر حالة من الرعب بين الجميع. وتراقب وزراة اصحة الصحة السعودية حالياً هذا الوضع عن كثب، خصوصاً مع اقتراب موسم الحج، إضافة إلى أن منظمة الصحة العالمية حثت كافة العاملين في المجال الطبي في شتى أنحاء العالم للإبلاغ عن أي مريض مُصاب بعدوى حادة في الجهاز التنفسي قد يكون قد سافر إلى السعودية أو قطر.

في الوقت الذي اعلنت جهات وشخصيات في منظمة الصحة العالمية، ان الفايروس غير قابل للانتشار بين البشر، ولكن ما حدث في السعودية وما تعرض له مواطنون سعوديون من اصابة بالفايروس بسبب الاحتكاك او التقرب من المريض يدل على ان هذا الفايروس القاتل قد ينتقل بين الناس في حالة من العدوى التي قد تقترب من الوباء، فيما لو تقاعس المعنيون من رصد الفايروس ومحاصرته قبل الانتشار الواسع.

هلع

في سياق متصل بدأ الهلع ينتشر بين سكان المنطقة الشرقية في السعودية خصوصا في محافظة الأحساء التي سجل فيه قسم كبير من الاصابات بفيروس كورونا القاتل والشبيه بالسارس، وكان وزير الصحة عبدالله الربيعة اعلن ان 24 اصابة سجلت في المملكة خلال الاسابيع الاخيرة، بينهما 15 حالة ادت الى الوفاة، وقد اعلنت وزارة الصحة السعودية في بيان تسجيل اربع حالات جديدة لمواطنين مصابين بفيروس كورونا في المنطقة الشرقية، وقالت الوزارة ان "حالة تماثلت للشفاء وخرجت من المستشفى بينما لا تزال ثلاث حالات تتلقى العلاج وتخضع حاليا للرعاية الطبية"، واشارت الى انها نسقت مع "استشاريين متخصصين في مجال مكافحة الامراض المعدية من جامعات عالمية في اميركا وكندا يعملون معها"، بالاضافة الى "اللجنة الوطنية للامراض المعدية التي تضم استشاريين من الجامعات السعودية والقطاعات الصحية والعسكرية والتخصصية"، واكدت انها "ستعلن عن اي معلومات او توصيات علمية جديدة بشان المرض".

وافادت منظمة الصحة العالمية في حصيلتها الاخيرة عن تسجيل 34 حالة في العالم بينها 18 حالة وفاة، ولجأ العديد من سكان الاحساء الى أقسام الطوارئ في المستشفيات بعد تسجيلهم ارتفاعا ولو محدود في درجة الحرارة، وقال احد سكان الاحساء لفرانس برس عبر الهاتف "لقد اصبت بحرارة ولجأت على الفور الى المستشفى للتأكد من عدم اصابتي بفيروس كورونا. لقد تم وضعي في العزل"، واضاف "هذا أمر يرعبني ويرعب جميع من معي ونطالب الجهات المسؤولة بإيجاد حل لهذه المشكلة". بحسب فرانس برس.

واصابت حالات الهلع خصوصا اهالي اطفال المدارس، فيما خصصت المستشفيات في الأحساء غرف عزل مجهزة في أقسام الطوارئ ليتم التعامل مع الحالات المشتبه بها، وقالت احدى الامهات "قررت بالا ارسل ابني البالغ من العمر ثماني سنوات الى المدرسة"، وابدى مشتبه آخر باصابته بالمرض تذمره من "تأخر نتائج التحاليل التي تحتاج لأيام"، وذكر ان ذلك يؤدي الى "ازدحام غرف العزل بمستشفى الملك فهد وهو أمر يشكل الرعب لي خاصة مع الحجز لفترة طويلة ومنع زيارة الأهل"، وما زالت منظمة الصحة العالمية لا تملك معلومات كافية عن طرق انتقال المرض بين البشر، كما اوصت بتوخي الحذر ازاء هذا الفيروس الذي يصيب الجهاز التنفسي وهو قريب من مرض السارس الذي اثار الرعب قبل عشر سنوات عندما انتشر في شرق اسيا وادى الى وفاة 800 شخص، وسجلت اصابات في قطر والامارات والاردن وفرنسا وبريطانيا.

وقال احد المشتبه بإصابتهم بفيروس كورونا فضل عدم ذكر اسمه انه يشعر بالاستياء من "تواجد أكثر من حالة مشتبه بها في غرفة واحدة بمستشفى الملك فهد بالأحساء مما يهدد بانتقال العدوى".وقد أكد والد الشاب المتوفي مختار أمير علي الغانم بأن الحرارة داهمت ابنه مساء الأحد في الخامس من ايار/مايو و"تم نقله إلى أحد المستوصفات الخاصة وهو في حالة غيبوبة ثم نقل إلى مستشفى قبل أن يفارق الحياة، وفيروسات كورونا مجموعة واسعة النطاق من الجراثيم قادرة على التسبب بعدد من الامراض لدى البشر من الانفلونزا العادية الى السارس.

عائلة سعودية

على الصعيد نفسه بعد ثلاثة أيام من وفاة والده جراء عدوى في الجهاز التنفسي بدأ حسين الشيخ يشعر بارتفاع في درجة الحرارة.. وبعد فترة قصيرة يقول السعودي حسين البالغ من العمر 27 عاما "كدت أن أموت"، ونقل حسين -الذي كان كثيرا ما يزور والده في أيامه الأخيرة- إلى الرعاية المركزة في مستشفى في الظهران بالمنطقة الشرقية التي تتمركز بها الثروة النفطية بالمملكة العربية السعودية، وبعد ذلك مرض شقيقه عبد الله ثم شقيقته حنان ويحصلان على علاج في مستشفيين بالاحساء القريبة.

وتبين أن والدهم محمد كان مصابا على الأرجح بما يعتقد أطباء انه الفيروس التاجي الجديد الشبيه بفيروس سارز والذي ظهر لأول مرة في الخليج العام الماضي وأودى بحياة 18 شخصا بينهم تسعة في السعودية.

وهناك قلق دولي لأنه فيروس من نفس العائلة التي أدت إلى انتشار التهاب الجهاز التنفسي الحاد (سارز) الذي اجتاح العالم بعد أن بدأ في آسيا عام 2003 وأسفر عن وفاة 775 شخصا، وظهرت حالات إصابة بالفيروس الجديد في بريطانيا وفرنسا لأناس كانوا في زيارات في الآونة الأخيرة للشرق الأوسط. وتأكدت حتى الآن إصابة اجمالي 34 حالة في شتى أنحاء العالم بالفيروس الجديد بعد اجراء تحليل دم، وقال حسين الذي يعد رسالة الدكتوراة في كندا "كانت درجة حرارتي مرتفعة بحق ومستويات الاكسجين في الدم منخفضة للغاية. كنت مرهقا للغاية ولم أتمكن من السير لأيام وأي نشاط كان يجعلني أسعل." ولكي يتفادى نشر العدوى كان يرتدي قناعا أخضر اللون.

وزار خبراء من منظمة الصحة العالمية الاحساء هذا الأسبوع التي يقطنها مليون شخص للعمل مع السلطات السعودية فيما يتعلق بأحدث تفش للفيروس، وتركز الاهتمام على مستشفى الموسى العام في الهفوف البلدة الرئيسية بالاحساء حيث تلقى الكثيرون من المصابين بالفيروس وبينهم محمد الشيخ العلاج في وحدة الرعاية المركزة، وقال مسؤول كبير من منظمة الصحة العالمية أمس الأحد إنه يبدو على الأرجح أن الفيروس يمكن أن ينتقل بين البشر إذا كان بينهم اتصال شخصي قريب، ولكن كيجي فوكودا مساعد المدير العام لمنظمة الصحة العالمية قال إنه ليس هناك دليل حتى الآن على أن الفيروس قادر على "الانتقال العام بين البشر" وهو سيناريو سيثير مخاوف من ظهور وباء. بحسب رويترز.

وقال خبير من خبراء الصحة العامة طلب عدم الكشف عن اسمه بسبب حساسية الأمر إن "المخالطة عن قرب" تعني في هذا السياق الوجود في نفس الكان المغلق الضيق مع شخص مصاب لفترة طويلة من الوقت، ومحمد الشيخ المريض بداء السكري والذي نقل إلى المستشفى بعد اصابته بحمى وانخفاض مستوى السكر في الدم لم يعرف أبدا ما أصابه. وفقد الوعي قبل يومين من وفاته، وقال حسين "قال الأطباء إنهم لا يعرفون ما حدث له... خلال أول يومين له في الرعاية المركزة كان بامكانه الحديث والأكل بمفرده والذهاب إلى دورة المياه. ولكن بعد ذلك زادت الأمور سوءا. وضعوه على اعلى مستوى للاكسجين واضطروا إلى تخديره. توفي دون أن يتمكن من توديعنا"، وبعد أن انتشرت شائعات عن الفيروس في الاحساء الأسبوع الماضي قالت بعض الأسر التي نقلت إلى المستشفى إن السلطات طلبت منها عدم الحديث مع وسائل الاعلام.

وتشتهر الاحساء -التي تفصلها عن مدينتي الرياض والدمام مساحات صحراوية شائعة- بمزارع التمور، ولم تكن هناك مؤشرات تذكر في قاعة الاستقبال بمستشفى الموسى العام بأن المستشفى مركزا لقلق صحي عالمي.

الزوار والأطباء والممرضات يسيرون في الأروقة بينما تقف محجبتان تحملان رضيعيهما أمام باب "غرفة التطعيم"، وقال حسين الشيخ إنه يعتقد أن والده أصيب بالفيروس التاجي الجديد في وحدة الرعاية المركزة بالمستشفى وإنه أصيب هو أيضا بالفيروس خلال ساعات الزيارة التي كان يقضيها مع والده في الأيام السابقة لوفاته في 15 ابريل نيسان، ولكن مالك الموسى مدير عام المستشفى نفى ذلك وقال إنه يعتقد أن المريضين اصيبا للفيروس من نفس المصدر خارج مستشفى الموسى العام، وقال فوكودا إنه لم يتضح بعد كيف ينتقل الفيروس، ومن بين الأفراد الأربعة المصابين من عائلة الشيخ جاءت نتيجة فحوص أحدهم فقط وهو عبد الله الشيخ (33 عاما) ايجابية بالاصابة بالفيروس التاجي، وما زالت العينات التي أخذت من محمد وحسين وحنان تفحص ولكن الموسى قال إنه من المرجح أن يكونوا مصابين بالفيروس هم أيضان وتزين صورة كبيرة لمحمد الشيخ (56 عاما) الموظف السابق بشركة ارامكو السعودية للنفط غرفة الاستقبال في منزل الشيخ حيث يجلس ثلاثة من أبنائه العشرة وهم يتحدثون عن "الكارثة" التي ألمت بعائلتهم، وقال حسين "كان حلم والدنا أن نعيش كلنا في منزل واحد بحديقة كبيرة. لقد بدأ في البناء وانتهى من نحو 50 بالمئة منه. ما حدث يقتلنا."

خطر مقلق

على صعيد ذو صلة قال مسؤولو صحة في فرنسا إن ممرضة بمستشفى توجد به حالة الإصابة الوحيدة المؤكدة بأحد الفيروسات التاجية الشبيهة بسارز نقلت الى مستشفى في شمال البلاد للاشتباه في إصابتها بالفيروس الذي قتل 18 شخصا.

وزادت منظمة الصحة العالمية عدد الحالات المؤكدة على مستوى العالم الى 33 بعد أن قالت السعودية إن التحاليل المعملية أظهرت إصابة شخصين هناك نقلا الى المستشفى في ابريل نيسان/ ولا توجد أدلة حتى الآن على انتقال الفيروس بين البشر. لكن خبراء صحة قلقون بشأن وجود حالات إصابة محتملة جديدة بالفيروس في مجموعات. وبدأ الفيروس في منطقة الخليج وانتقل الى فرنسا وبريطانيا والمانيا/ نقل الى المستشفى شخصان خالطا الحالة الفرنسية المؤكدة وهو رجل في الخامسة والستين من عمره ظهرت عليه اعراض المرض لدى عودته من دبي.

وأحدهما مريض شاركه الغرفة حين كان بالمستشفى في بلدة فالينسيين بشمال فرنسا اواخر ابريل والآخر طبيب عالجه هناكم وتم نقل المريض البالغ من العمر 65 عاما وحالته مستقرة لكنها خطيرة الى جناح معزول للرعاية المركزة في دواي قرب ليل حيث ظهرت الحالة الثالثة. وتم نقله الى ليل الخميس ليلا.

وقالت ساندرين كويني نائب مدير وكالة الصحة الاقليمية "تأكدنا منها خلال الليل. تتفق وتحقيقاتنا التي نجريها منذ تأكدت لدينا حالة الإصابة بالفيروس التاجي."

وعملت الممرضة في وحدة الأمراض المعدية بالمستشفى لكن لم يتضح ما اذا كانت خالطت المريض مباشرة/ وينتمي الفيروس التاجي الى نفس عائلة الفيروسات التي أدت الى التهاب الجهاز التنفسي الحاد (سارز) والذي اجتاح العالم انطلاقا من اسيا في اواخر عام 2003 وقتل 775 شخصا. بحسب رويترز.

وقال وكيل وزارة الصحة السعودية للطب الوقائي زياد مميش في رسالة بالبريد الالكتروني لنظام بروميد المخصص لمراقبة المرض على الانترنت إن دراسة للحالات التي تم الإبلاغ عنها في وقت سابق وتكرار التحاليل لحالات مشتبه بها أدت الى التعرف على حالتين إضافيتين في الثامن من مايو ايار، وقالت منظمة الصحة العالمية إن المريض الاول في الثامنة والاربعين من عمره ويعاني من عدة مشاكل صحية وظهرت عليه الاعراض في 29 ابريل. وحالته مستقرة.

اما المريض الثاني ففي الثامنة والخمسين من عمره ويعاني من مشاكل صحية ومرض في السادس من ابريل. وأتم شفاءه وخرج من المستشفى في الثالث من مايو ايار، وأضاف مميش في الرسالة أن الاجراءات التي اتخذتها السلطات السعودية منذ الاول من مايو حالت دون ظهور حالات جديدة، وقالت منظمة الصحة إنه منذ بداية مايو تم تسجيل 15 حالة في السعودية توفي منها سبع. ومن بين 15 مريضا كان هناك 12 رجلا وثلاث نساء. وتتراوح أعمار المرضى بين 24 و94 عاما، ونصحت السلطات الفرنسية كل من سافر الى منطقة الخليج مؤخرا باستشارة طبيب في حالة الإصابة بالحمى.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 18/آيار/2013 - 7/رجب/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م