الازهر وسموم الإخوان... حرب السيطرة على القرار الديني

 

شبكة النبأ: حوادث التسمم المتكررة التي تعرض لها طلبة جامعة الأزهر في مصر لاتزال محط اهتمام وترقب لدى الكثير من الأوساط السياسية والإعلامية والشعبية، التي اتهمت جماعة الإخوان المسلمين بمثل هكذا حوادث في سبيل مصادرة نتائج الثورة المصرية ولأجل فرض الهيمنة على جميع مؤسسات الدولة بما فيها المؤسسة الدينية ومنها مؤسسة الأزهر، حيث يرى بعض المراقبين إن حالات التسمم الأخيرة ما هى إلا محاولات تصفية حسابات بين الإخوان وشيخ الأزهر وبعض قياداته، وبخاصة بعدما رفض شيخ الأزهر الموافقة على مشروع الصكوك الإسلامية الذي طرحه الإخوان، مؤكدين في الوقت ذاته أن ما يقوم به الإخوان الآن هو محاولة للإطاحة بشيخ الأزهر لتعيين شيخ جديد ينتمي لجماعة الإخوان المسلمين، يضاف الى ذلك أن موردي الأغذية أغلبهم من الإخوان، وأن خيرت الشاطر من أهم رجال الأعمال الموردين للأغذية وبخاصة للمدن الجامعية بحسب بعض الشخصيات المصرية.

وفي ما يخص هذه الحادثة الغريبة فقد ذكرت وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية الرسمية أن عدد المصابين في ثاني حادث تسمم بنزل طلابي تابع لجامعة الأزهر في القاهرة ارتفع إلى 189 لا يزال عشرات منهم يتلقون العلاج في المستشفيات. وهو ما دعا مئات الطلاب إلى الاحتجاج وغلق طريق رئيسي أمام المدينة الجامعية في حي مدينة نصر بشرق العاصمة.

وطالب المحتجون بمعاقبة المسؤولين عن الحادث الذي تلا حادثا مماثلا مطلع ابريل نيسان أُصيب فيه المئات بالتسمم. وقالت الوكالة إن المصابين نقلوا إلى عدد من المستشفيات. وفي الحادث الأول نقل نحو 460 طالبا الى المستشفيات. وقال طلاب ان الواقعة الجديدة إشارة أخرى على إهمال مسؤولي الجامعة.

وقال مسؤول امني إن حوالي 500 طالب اقتحموا مقر جامعة الازهر للمطالبة باستقالة رئيس الجامعة بعد تسمم جماعي في مدينة طلابية تابعة لها. واقتحم حوالي 500 طالب مقر شيخ الازهر احمد الطيب للمطالبة باقالة رئيس الجامعة إسامة العبد. وأصدرت الجامعة بيانا حذرت فيه من "الاستغلال السياسي" للحادث الذي قالت إن مثيلا له وقع في جامعات أخرى بمصر التي تشهد احتجاجات بشأن سلسلة من القضايا منذ الإطاحة بالرئيس السابق حسني مبارك مطلع عام 2011. وأضافت أن التحقيقات الأولية أظهرت أن طعاما فاسدا كان وراء الإصابات. وقالت وسائل إعلام محلية إن النيابة العامة أحالت عشرة متهمين في الحادث الأول إلى المحاكمة بتهم الإصابة الخطأ الناتجة عن الإهمال. وتشهد مصر منذ الإطاحة بالرئيس السابق حسني مبارك قبل أكثر من عامين احتجاجات متكررة لاسباب سياسية أو فئوية.

اقالة رئيس الجامعة

في السياق ذاته قرر المجلس الأعلى للأزهر إقالة رئيس جامعة الأزهر وإقالة مدير ادارة المدن الجامعية، وقال التلفزيون المصري ان المجلس الاعلى للازهر قرر اقالة مسؤولي الجامعة على خلفية واقعة التسمم الغذائي بالمدينة الجامعية. واعلن بيان عقب اجتماع للمجلس الأعلى للأزهر "الدعوة فورا" لانتخاب رئيس للجامعة خلفا للدكتور إسامة العبد، و"التغيير الفوري للمدير العام للمدن الجامعية بالقاهرة" ومدير المدينة "أ" التي شهدت واقعة التسمم، ومدير عام التغذية ومدير مدينة البنات و"إحالة المتسببين في الأحداث الأخيرة للتحقيق العاجل ومتابعة تحقيقات النيابة العامة". كما قرر الأزهر تحسين الخدمات بالمدن الجامعية وتكليف شركات بتطوير مطابخ المدن الجامعية. وكلف الأزهر عمداء كلياته بفتح حوار جاد مع الطلاب للتعرف على مشاكلهم عن قرب.

من جهتها، اصدرت النيابة العامة قرارا باستدعاء رئيس جامعة الأزهر ومدير عام المدن الجامعية لجامعة الأزهر، ومدير عام التغذية بالمدن الجامعية، وذلك للتحقيق بشأن واقعة التسمم الغذائي. ويشكو الطلاب المصريون باستمرار من تدني الخدمات المقدمة لهم في المدن الجامعية عبر البلاد خاصة الوجبات الغذائية. وقال طلاب في جامعة الأزهر ان "حالتي تسمم محدودتين وقعتا قبل اسابيع لكن ايا من المسؤولين لم يهتم لشكاوى الطلاب". بحسب فرنس برس.

وقال عبد الله عبد المطلب، المتحدث باسم اتحاد طلاب جامعة الازهر، "نحن الطلاب راضون عن قرارت الأزهر بخصوص مسؤولي الجامعة والمدينة لكننا نلومهم على التأخير". واوضح عبد المطلب ان المطالب الاساسية للطلاب كانت اقالة مسؤولي الجامعة والمدينة وليس شيخ الازهر احمد الطيب.

أخونة الأزهر

على صعيد متصل تظاهر المئات تأييدا لشيخ الأزهر الشيخ احمد الطيب وضد محاولة "أخونة الأزهر"، وخرج المتظاهرون في مسيرة من ميدان التحرير صوب مشيخة الازهر في القاهرة. وتجمع مئات المتظاهرين امام مشيخة الازهر في وسط العاصمة القاهرة لدعم شيخ الازهر الشيخ احمد الطيب. ورفع المتظاهرون لافتات تقول "الازهر خط احمر" و "لا لاخونة الازهر". وهتف المتظاهرون "يا بديع شيخ الازهر مش للبيع"، و"الازهر خط احمر" و"الشعب يريد اسقاط النظام".

وشارك ازهريون من رابطة الصحو الإسلامية (رابطة تضم شيوخ منتمون للازهر الشريف) في التظاهرة بملابسهم الأزهرية المميزة. وقاد الأزهريون المسيرات من التحرير لمقر المشيخة.

وقال احدهم ويدعى عبد العزيز محمد "جئنا لتاييد شيخ الازهر ضد محاولات الهجوم عليه لعزله"، وأضاف محمد الذي ارتدى حلته الأزهرية كاملة "شيخ الأزهر يتعرض لهجوم بسبب رفضه مشروع الصكوك الإسلامية التي يقدمها الإخوان". وقالت ربة المنزل مديحة عبد العزيز (50 عاما) "الهجوم على الازهر جزء من مشروع أخونة الدولة". ورفعت عبد العزيز لافتة تقول "يا شعب ساند ازهرك".

وبثت فضائية "اون تي في" لقطات فيديو لتظاهرات مماثلة في مدينتي الأقصر وقنا (جنوب البلاد) دعما لشيخ الازهر. وتاتي التظاهرات اثر تعرض الطيب لانتقادات كبيرة بعد تسمم المئات في مدينة جامعية تابعة لمؤسسة الازهر في القاهرة. ويقول مؤيدو شيخ الازهر ان تلك الانتقادات تهدف لاقالة الطيب ومن ثم اخونة الازهر وتمرير التشريعات التي تحتاج لموافقة الازهر دون اعتراضات منه.

وتقول المادة الرابعة من الدستور المصري الذي تم تبنيه في استفتاء شعبي ان "يؤخذ رأي هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف فى الشئون المتعلقة بالشريعة الإسلامية". وتناقش هيئة كبار العلماء بالازهر الشريف مشروع قانون الصكوك الاسلامية الذي احاله له الرئيس المصري الاسلامي محمد مرسي في وقت سابق، بحسب وكالة انباء الشرق الاوسط الرسمية في مصر. وتعد مؤسسة الازهر مرجعا للمسلمين السنة في العالم ويتبعها جامعة يدرس بها عشرات الالاف من الطلاب الفقه والشريعة بالاضافة للعلوم المدنية في كليات منها الهندسة والطب والصيدلة والقانون.

الى جانب ذلك ندد مفتي السعودية عبد العزيز آل الشيخ أمام شيخ الجامع الأزهر احمد الطيب في الرياض بمن "يتظاهرن بالإسلام" ويدعون الإصلاح داعيا الى الحذر منهم. في إشارة الى جماعة الإخوان المسلمين على ما يبدو. وأضاف "يجب ان نحذر من أناس سعوا لإقصاء الأمة عن دينها، وإبعادها عن تعاليمها مهما ادعوا أنهم ينصحون، او يريدون التقارب مع الآخرين اذا نظرت في أفكارهم البعيدة وجدت انهم يريدون ان يفرضوا على الأمة واقعا مريرا ليجعلوه امرا واقعيا".

وكان سلمان العودة، وهو رجل دين سعودي بارز من تيار الصحوة القريب من فكر الإخوان المسلمين، ندد ب"مصادرة الحقوق" مطالبا بالإصلاح وحذر من الاحتقان في المملكة التي تتبع النهج السلفي المحافظ سياسيا ودينيا. من جهته، دعا الطيب الى "مقاومة دعاوي الفرقة ونوازع التشدد والإقصاء، وفتاوى التكفير والتضليل للمخالفين التي تؤدي لا محالة الى الفرقة والاختلاف ومزيد من الضعف والهوان". بحسب فرنس برس.

ويواجه امام الازهر محاولات جماعة الإخوان المسلمين السيطرة على مفاصل القرار في الأزهر، اعرق مؤسسات السنة في العالم الإسلامي. وندد ب"أحوال العالم العربي والإسلامي وما تعانيه من ضعف وتراجع من بعض أبنائه ومن خصومه على السواء، وما ادى اليه كذلك من تفكك واختلاف".

من جانب أخر ردت جماعة الإخوان المسلمين في مصر، وجناحها السياسي، حزب "الحرية والعدالة" بعنف على تقارير إعلامية اتهمتها بالوقوف خلف حادثة التسمم بالأزهر بهدف إحراج شيخ الأزهر ودفعه للاستقالة، وندد القيادي في "الحرية والعدالة" محمد البلتاجي، بما اعتبره "أخونة للكوارث" قائلا إن الأخونة باتت "السيخ المحمي" الذي يخرجونه بوجه من يريد التقدم.

وقال البلتاجي، في تعليقات كتبها على صفحته الرسمية بموقع "فيسبوك" إن "المسؤولين عن تسمم الطلاب ينددون بأخونة الكارثة ويتهمون اتحاد الطلاب الاخواني (المنتخب) بافتعال الأزمة !!!" مستعرضا عدة عناوين صحفية تربط بين الجماعة وما جرى لمئات من طلاب الأزهر. وأضاف البلتاجي "الأخونة هي السيخ المحمي الذي يخرجونه لك كلما هممت بالتقدم للأمام ليجبروك على التراجع خطوات للوراء.. يريد الشعب من الرئيس أن يوقف الفساد و الظلم وأن يحقق العدل والرفاه بينما هؤلاء يشترطون على الرئيس ألا يغير أي من القيادات التي اختارها حسني مبارك وصفوت الشريف وكلما هم بالتغيير ارتفعت الأصوات (الاخونة...الأخونة)." من جانبه، قال مراد علي، المستشار الإعلامي لحزب الحرية والعدالة، في حديث لـ"بوابة الأهرام" الرسمية، إن اتهام البعض للإخوان بتدبير حادث تسميم طلاب الأزهر للإطاحة بالشيخ أحمد الطيب، شيخ الأزهر، "كلام فارغ ولا يستحق الرد عليه."

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 13/آيار/2013 - 2/رجب/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م