انتخابات الرئاسة الايرانية... هل ستكون تحصيل حاصل؟

محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ: يبدو ان ايران باتت على مفترق طرق خطير، سيما ان الانتخابات الرئاسية القادمة ستحدد ملامح ما تبقى من فتات الثورة وابجديات الحريات السياسية التي تم وأدها خلال السنوات الماضية.

فقبضة المرشد خامنئي على مفاصل العملية السياسية في ايران بمعية الجناح المتشدد، افرغت بحسب معظم المراقبين الانتخابات الرئاسية من محتواها، حتى بات التنافس الديمقراطي محصورا ببعض الرموز المعروفة والطيعة بيد المرشد، بعد ان صادر الاخير اغلب الصلاحيات الرئاسية مسبقا، كما هو الحال مع الرئيس الحالي احمدي نجاد.

ويجمع البعض على أنه لم يعد هناك قدر يذكر من الحماس الشعبي الذي شهدته الفترة السابقة لانتخابات 2009 عندما شعر كثيرون بأن هناك إمكانية للتغيير الحقيقي في إيران. وبعد أعوام تعرضت فيها طهران لعقوبات دولية هي الأشد صرامة في تاريخها بسبب برنامجها النووي بات الكثير من الإيرانيين يهتمون بالاقتصاد أكثر من الصراع السياسي.

ومن المستبعد أن يكون للانتخابات تأثير كبير على السياسة النووية الإيرانية التي يتحكم فيها خامنئي بشكل كامل.

ويشير الكثير من المحللين الى ان وظيفة الرئيس القادم لن تكون سوى شكلية، منزوعة الصلاحيات، مهما كان وزن وحجم الشخصية القادمة، على الرغم من الحراك المتصاعد لجبهة الاصلاحيين الطامح في تعديل الموازين مجددا.

وتعكس ممهدات السباق الرئاسي القادم منافسة ساخنة بين المتشددين والاصلاحيين، في مشهد يعيد الى الاذهان الانتخابات السابقة وما شاب البلاد من حركات احتجاجية واسعة.

وسجل 400 مرشح أسماءهم حتى الآن لخوض الانتخابات لخلافة الرئيس محمود أحمدي نجاد الذي دخل في خلاف منذ فترة طويلة مع الزعيم الأعلى.

وسجل أشهر رؤساء إيران الرئيس السابق أكبر هاشمي رفسنجاني اسمه ليرشح نفسه في الانتخابات وربما تتاح له الفرصة لرسم مستقبلها.

ولم يملك كثيرون مثل هذا النفوذ في إيران بالعصر الحديث مثل رفسنجاني البالغ من العمر 78 عاما لكن منذ عام 2009 بدأ يواجه هو وأسرته العزلة السياسية بسبب تأييدهم لحركة المعارضة التي منيت بهزيمة أمام انتخابات رئاسية أعيد فيها انتخاب محمود أحمدي نجاد.

وربما يتمكن رفسنجاني بصورة كبيرة من الاستفادة من دعم الجماعات الإصلاحية التي تم تهميشها منذ عام 2009. وقال صادق زيبا كلام وهو أستاذ في جامعة طهران "الأصوليون سيواجهون صعوبة كبيرة بسبب رفسنجاني. سيمثل أيضا المعسكر الإصلاحي."

وفي وقت سابق من الأسبوع الجاري قال رفسنجاني إنه لن يخوض السباق الانتخابي دون موافقة خامنئي لقلقه من أن تؤدي تلك الخطوة إلى صراعات ونزاعات.

ويقول محللون إن اتفاقا في اللحظة الأخيرة مع الزعيم الأعلى ربما يكون هو الذي فتح المجال امام تسجيله اسمه.

غير انه هناك مؤشرات على أنه تم منحه الضوء الأخضر خلال العام الماضي. إذ قام رفسنجاني بدور محوري في استضافة قمة حركة عدم الانحياز في طهران في أغسطس آب الماضي ويرى البعض ذلك دليلا على وجود اتفاق وشيك. كما التقطت له صورة إلى جانب خامنئي والامين العام للأمم المتحدة بان جي مون. لكن البعض يقولون إن ترشيحه ربما يكون أضعف مما يبدو.

وقبل كل شيء يتذكر الإيرانيون رفسنجاني باعتباره الشخص الذي أقنع آية الله روح الله الخميني مؤسس الجمهورية الإسلامية بقبول اتفاق سلام بعد حرب مع العراق دامت ثماني سنوات وإنقاذ إيران من الانهيار الذي كان وشيكا.

وخلال عام توفي الخميني. وفي خطوة من تخطيط رفسنجاني عين مجلس الخبراء المكلف باختيار الزعيم الإيراني خامنئي ليكون الزعيم الأعلى.

لكن الخصومة بين الاثنين تعود إلى 50 عاما أي قبل قيام الثورة الإيرانية وتتسم باختلاف وجهات النظر بينهما بشكل هائل. يؤمن رفسنجانبي بأن الإصلاح هو مفتاح استمرار الدولة الإسلامية في حين أن خامنئي يخشى من أن يكون إيذانا بفنائها.

ويقول متابعون إن رفسنجاني ربما كان خارج الصورة طوال السنوات الأربع الماضية لكنه لم ييأس.

في السياق ذاته افادت وسائل الاعلام ان الرئيس السابق محمد خاتمي متردد في الترشح مجددا الى الرئاسة في انتخابات 14 حزيران/يونيو حيث يخشى ان يضعف وجوده في السباق التيار الاصلاحي.

ونشر على موقع خاتمي الخاص ونقلته صحيفة طهران تايمز الناطقة بالانكليزية اعتبر ان ترشيحه المحتمل الذي يرجح ان يرفضه النظام قد يضاعف الازمة مع السلطة ويضر بالحركة الاصلاحية التي "ستتراجع الى اكثر مما هي عليه الان".

وتحدث خاتمي البالغ 69 عاما عن "مئات المعتقلين عوضا عن العشرات وعشرات الاشخاص قيد الاقامة الجبرية عوضا عن ثلاثة" في اشارة الى الاجراء المفروض على مرشحين اصلاحيين في 2009 هما مهدي كروبي ومير حسين موسوي اللذين نددا بعمليات تزوير واسعة النطاق اضافة الى زوجة موسوي. واعتبر الرئيس السابق ان "الية الانتخابات مشكلة".

واكد "في مواجهتنا هناك اشخاص يفضلون طريقة اخرى. واذا انتقد احدهم هذه الطريقة واقترح غيرها فلا يسمح له بالترشح".

غير ان خاتمي اعرب عن امله في ترشح رفسنجاني (78 عاما) مؤكدا انه "اذا ترشح فسنتجاوز باذن الله هذه المرحلة الصعبة".

من جهته استبق وزير الاستخبارات الايراني حيدر مصلحي الرئيسين السابقين اكبر هاشمي رفسنجاني ومحمد خاتمي بالتحذير من دون تسميتهما على خلفية دورهما المفترض في حركة الاحتجاجات التي تلت انتخابات 2009.

ونقلت وكالتا مهر وفارس عن مصلحي "نقول للذي اكد انه توقع مؤامرة 2009 انه لم يتوقع شيئا لاننا نملك معلومات دقيقة جدا حول دوره في هذه المؤامرة".

وقال مصلحي في كلمة في قم (شمال) ان "احد قادة المؤامرة الذي لم يوضع في الاقامة الجبرية مثل الاثنين الاخرين لعدد من الاسباب، عليه الا يخطئ ويعتقد ان السلطات الثورية نسيت الدور الذي لعبه في هذه المؤامرة".

الى ذلك قالت وكالة الطلبة الإيرانية للانباء إن حليفا للرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد قدم أوراق ترشحه لخوض الانتخابات الرئاسية المقررة في 14 يونيو حزيران وسط انقسامات في القيادة الايرانية.

ويعتقد الآن أن خامنئي يريد إحباط أي محاولة من قبل الرئيس المنتهية ولايته للحفاظ على نفوذه بدعم خليفة مقرب منه وقد يكون مدير مكتبه السابق اسفنديار رحيم مشائي.

ويعارض المحافظون مشائي بشدة ويتهمونه بدعم "تيار منحرف" في الإسلام يقوض من دور رجال الدين. وفي حال ترشح مشائي للرئاسة سينظر إليه على أنه يمثل تحديا مباشرا لسلطة خامنئي.

ولا يزال يتعين موافقة مجلس صيانة الدستور - وهو مجلس محافظ يضم عددا من رجال الدين وفقهاء القانون - على ترشيح مشائي لخوض الانتخابات. ويتوقع أن يصدر المجلس قائمة نهائية بالمرشحين الذين نالوا الموافقة في غضون عشرة أيام.

وايضا سجل سعيد جليلي كبير المفاوضين الايرانيين في الملف النووي الايراني وممثل المرشد الاعلى للجمهورية الاسلامية آية الله علي خامنئي السبت اسمه على لائحة المرشحين للانتخابات الرئاسية في 14 حزيران/يونيو.

وجليلي (47 عاما) لم يعلن سابقا انه سيكون مرشحا لخلافة محمود احمدي نجاد فيما تخوض ايران مفاوضات صعبة مع القوى الكبرى التي تحاول الحصول على رقابة دولية اكبر للبرنامج النووي الايراني المثير للجدل.

ووصل جليلي بعد الظهر الى وزارة الداخلية لتوقيع بطاقة التسجيل في الانتخابات قبل ان يخرج من المبنى من دون الادلاء باي تصريح للصحافيين.

وجليلي هو الممثل المباشر للمرشد الاعلى للجمهورية في المجلس الاعلى للامن القومي المكلف المفاوضات النووية مع مجموعة 5+1 (الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الامن الدولي -- الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وروسيا والصين -- اضافة الى المانيا).

وجليلي المعروف لموقفه الحازم في المباحثات مع الدول العظمى والذي شارك في الحرب ضد العراق (1980-1988) وفقد ساقه اليمنى في النزاع، كان نائبا لوزير الخارجية المكلف خصوصا العلاقات مع اوروبا والولايات المتحدة (2005-2007).

فيما انضم مستشار للزعيم الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي إلى السباق الرئاسي في الوقت الذي تحرص فيه السلطات على سلمية الانتخابات المقررة في يونيو حزيران لتفادي الاضطرابات التي صاحبت انتخابات عام 2009 المتنازع عليها.

وذكرت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية أن رئيس البرلمان السابق غلام علي حداد عادل قدم أوراق ترشحه لخوض انتخابات الرئاسة ليصبح أول من يسجل اسمه من بين ثلاثة موالين لخامنئي يتوقع ترشحهم.

ويتحالف حداد عادل مع وزير الخارجية الأسبق علي أكبر ولايتي ورئيس بلدية طهران محمد باقر قاليباف وتقول وسائل إعلام إيرانية إن اثنين من الثلاثة سيتركان سباق انتخابات الرئاسة في وقت لاحق لمصلحة من تبدو فرصه أكبر في الفوز.

ومن بين المرشحين الآخرين الذين سجلوا أسماءهم يوم الجمعة السياسي المخضرم محمد رضائي الذي خسر أمام أحمدي نجاد في 2009 والإصلاحي محمد رضا عارف الذي تولى منصب نائب الرئيس في ظل حكم الرئيس المعتدل السابق.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 13/آيار/2013 - 2/رجب/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م