أين هم الرجبيون؟!

عبدالعزيز حسن آل زايد

تمر علينا عقاربُ السنة جميعاً، فيتطور فريق ويتوقف آخر ويسير نحو الوراء ثالث، لكل شهر بصمته على الأذكياء، فالعقل المنجز يربح (30) يوماً من العطاء وقائمة التقييم مليئة بعلامة (√)، نحن ندرك المحسوسات كـ (حصالة النقود)، أما المعنويات فلا ندرك الأثر السلبي لها كنوم (ساعة الغفلة) ولا ندرك تماماً الأثر الإيجابي لقيام (ساعة السحر).

ولو فطنا إلى الأثر لكان الاهتمام بها أكبر، الذنوب لها آثار وكذا للعمل الصالح أثره، ولاشك أن لإحياء (أيام الله) الأثر البالغ فـفي (رمضان) يضاعف الأجر، وفي (رجب) يرصد الملائكة أهله وهم (الرجبيون) كما تعبر الروايات، فلقد أورد الصدوق عن الصادق (عليه السلام) أنه قال: (إذا كان يوم القيامة نادى مناد من بطنان العرش أين الرجبيون فيقوم أناس يضئ وجوههم لأهل الجمع على رؤوسهم تيجان الملك مكللة بالدر والياقوت).

الرجبيون في هذا الشهر يقضون ربيع استجمامهم، فهم ينتظرون إطلالة هذا الشهر الفضيل بفارغ الصبر لإحيائه بطريقتهم الخاصة، اللهفة تحدوهم والتوق يساورهم ليرتلون أدعيته: (خابَ الوافِدُونَ عَلى غَيْرِكَ، وَخَسِرَ المُتَعَرِّضُونَ إِلاّ لَكَ، وَضاعَ المُلِّمُونَ إِلاّ بِكَ، وَاَجْدَبَ الْمُنْتَجِعُونَ إِلاّ مَنِ انْتَجَعَ فَضْلَكَ)، نفوسهم متألقة لاغتنام هذه البركات، (قد براهم الخوف بري القداح)، هم نحلٌ يتلذذون الصوم رحيقاً وعسلاً، وهل بعد مأدبة الرحمن من مأدبة؟!

فإذا كانت التجارة فيه الصيام فأي الصيام سنختار؟! قال أمير المؤمنين (عليه السلام): (صوم القلب خير من صيام اللسان، وصوم اللسان خير من صيام البطن)، أي الصالحات سنزاول فيه؟! إن طنطنة القرآن لا تزيدنا إلا وبالاً ولعنة، والصوم الأجوف لا نصيب لنا فيه إلا الجوع والعطش، والعمرة الخالية من المضامين لا نجني منها إلا الزحام والتعب، فالعبادة الفارغة فزاعة تذروها الرياح، إن التلون بطلاء العبادات لا يكفي، فكم من فراء يلبسه الذئاب والثعالب؟!، وليس كل من صام قُبل صومه أليس الصوم لله وهو يجزي به؟!

يستهوي البعض ألم العبادة على ألم طلب العلم وشتان بين العلم والعبادة، فمتى سنوقف (آلهة الأهواء) عما تشتهي؟!: (إن فضل العالم على العابد كفضل القمر على النجوم ليلة البدر)، (يا أبا ذر لأن تغدو فتعلم آية من كتاب الله خير لك من أن تصلي مئة ركعة) فأي الفريقين نكون؟!، وإذا أردنا اقتحام صوامع العلم سيوقفنا: (ليس العلم بكثرة التعلم) لنهتم بـ (الكيفية)، أوليست (الخشية ميراث العلم)؟!

إننا نتساءل رغم طوفان المشاغل وسكرات ملذات الدنيا: (أين هم الرجبيون؟!)، أين هم الرجبيون الذين انطبعت بركات هذا الشهر في أعماقهم منذ الصغر، فقاموا في الليل متنسكين وفي النهار صائمين لنقول لهم: هذا شهر رجب قد أقبل عليكم بالخيرات وهو (شهر تصب فيه الرحمة) فهل سنتلقاها أم أن سحابة الصيف من نصيبنا؟! الفرصة تمر واحدة ومن يضع هذه المواسم سيرتطم بـ (ليلة القدر) دون إعداد أو استعداد، فطوبى للعاملين وحظاً وافراً لمن أضاعها وهنيئاً للدب القطبي نومه المعتق !!

 

 

 

 

 

 

 

 

 

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 12/آيار/2013 - 1/رجب/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م