النظام البحريني... رقص على انغام التعذيب

 

شبكة النبأ: التنكيل والانتقام ومصادرة الحريات أصبحت سمة أساسية من سمات السلطات البحرينية التي لاتزال تمارس حملتها الإجرامية الخبيثة ضد المتظاهرين المطالبين بإجراء بعض الإصلاحات القانونية الخاصة التي تضمن حقوقهم، ويرى الكثير من المراقبين ان السلطات البحرينية قد خالفت كل التعهدات والمواثيق الدولية، وتنصلت عن وعودها السابقة معتمده على فبركة الوقائع وإخفاء الكثير من الحقائق عن بعض اللجان والمنظمات الدولية والإنسانية التي منعت من دخول البحرين جل التحقق ممارسة دورها المشروع يضاف الى ذلك صدور تقارير جديدة تؤكد وجود انتهاكات خطيرة لملف حقوق الإنسان في البحرين، وهو ما أثار غضب تلك السلطات التي اعتمدت صيغ الكذب والتضليل، وفي ما يخص أخر التطورات فقد أرجأت الحكومة البحرينية إلى أجل غير مسمى زيارة خوان منديز مقرر الأمم المتحدة الخاص بالتعذيب إلى البلاد.

ويأتي هذا بعد أيام من صدور تقرير وزارة الخارجية الأمريكية حول حقوق الإنسان والذي تحدث عن انتهاكات "خطيرة" لحقوق الإنسان في البحرين بينها التعذيب بحق معتقلين. وتوصلت لجنة تحقيق مستقلة شكلت بقرار من العاهل البحريني الشيخ حمد بن عيسى الخليفة عام 2011 إلى أنه تم ارتكاب العديد من الانتهاكات. وقبل الملك نتائج التقرير ووعد بالمحاسبة والإصلاح. لكن منظمات حقوق الإنسان في البحرين وخارجها قالت إن الإصلاحات تجري بوتيرة بطيئة للغاية أو لا توجد إصلاحات على الإطلاق، وتؤكد أن انتهاكات حقوق الإنسان لاتزال مستمرة.

ويقول تقرير حقول الإنسان في البحرين لعام 2012 الصادر عن وزارة الخارجية الأمريكية إن هناك "مشاكل خطيرة لحقوق الإنسان" من بينها "عدم قدرة المواطنين على تغيير حكومتهم بطريقة سلمية، وإلقاء القبض على متظاهرين واعتقالهم بتهم غامضة، تؤدي في بعض الحالات إلى تعذيبهم في المعتقل، وغياب الإجراءات القانونية الواجبة في محاكمات النشطاء السياسيين ونشطاء حقوق الإنسان".

وكان منديز يعتزم زيارة البحرين عام 2012، لكن هذه الزيارة ألغيت أيضا. ووصف بريان دولي من منظمة "هيومان رايتس فيرست" القرار الأخير بإرجاء زيارة مقرر الأمم المتحدة بأنه يمثل "ضربة كبيرة لمصداقية عملية الإصلاح في البحرين". وأضاف "يبدو أن النظام البحريني قلق مما قد يكشفه المزيد من الرقابة الدولية. لقد منعوا للمرة الثانية زيارة منديز" إلى البلاد.

ووصف متحدث باسم وزارة الخارجية البريطانية القرار بأنه "مخيب للآمال" و أشار إلى أن وكيل وزارة الخارجية للشؤون البرلمانية اليستير بيرت قد أثار القضية مع الحكومة البحرينية "مؤكدا على الأهمية التي نوليها والمجتمع الدولي لهذه الزيارة". وأضاف "نأمل بأن يتم قريبا التوصل لموعد جديد لهذه الزيارة".

من جهتها انتقدت حكومة البحرين ما ورد في تقرير الخارجية الأمريكية حول وضع حقوق الإنسان في المملكة، معتبرة أنه "بعيد عن الحقيقية"، و"يعزز دور الإرهاب". وقالت وزيرة الدولة لشؤون الإعلام، والمتحدثة الرسمية باسم الحكومة، سميرة رجب، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الرسمية إن "حكومة مملكة البحرين اطلعت بكل استياء على تقرير الخارجية الأمريكية بشأن حقوق الإنسان في البحرين، لما يحتويه من نصوص بعيدة كل البعد عن الحقيقة، ولما اتبعه من صيغة تعزز دور الإرهاب والإرهابيين الذين يستهدفون الأمن القومي البحريني".

واعتبرت رجب أن التقرير السنوي لعام 2012، الذي يرصد وضع حقوق الإنسان في كل دولة، اتسم فيما يخص البحرين بـ"عدم الموضوعية والانحياز الكامل للفوضى التي يهدف لها الإرهابيون في المنطقة". وكانت الخارجية الأمريكية قد اعتبرت في تقريريها أن المشكلة الكبرى في البحرين "هي عدم قدرة المواطنين على تغيير الحكومة بشكل سلمي، وتوقيف واعتقال المحتجين، على أساس تهم غير واضحة، مما يؤدي في بعض الأحيان إلى تعذيب خلال الاعتقال". وأشار تقرير الخارجية إلى "أن التمييز على أساس الجنس، والدين، والجنسية، والطائفة، استمر، خصوصا تجاه الشيعة"، الذين يشكلون غالبية السكان.

الى جانب ذلك اتخذت حكومة البحرين "اجراءات دبلوماسية" لوقف تدخلات السفير الاميركي في الشؤون الداخلية كما ذكرت وكالة انباء البحرين. ونقلت الوكالة عن المتحدثة الرسمية باسم الحكومة سميرة بن رجب ان "مجلس الوزراء وافق على الاقتراح المقدم من مجلس النواب بشان قيام الحكومة بوقف تدخلات السفير الاميركي توماس كراجيسكي في الشان المحلي البحريني". واشارت الى ان هذه الاجراءات تهدف ايضا الى "وقف لقاءاته المتكررة مع مثيري الفتنة في البحرين"، في اشارة الى حركة الاحتجاج التي يقودها الشيعة والتي تواجهها قوات الأمن بالقوة.

وتشهد البحرين وخصوصا القرى الشيعية القريبة من العاصمة منذ اكثر من سنتين، حركة احتجاجات يقودها الشيعة ضد حكم ال خليفة وبحسب الاتحاد الدولي لحقوق الانسان، فان ما لا يقل عن 80 شخصا قتلوا منذ بداية الاحتجاجات. ودعا وزير الخارجية الاميركي جون كيري في نهاية نيسان/ابريل سلطات البحرين الى القيام بالمزيد في مجال حقوق الانسان..

الى جانب ذلك اعلن مصدر قضائي ان المحكمة الجنائية البحرينية الكبرى حكمت بالسجن 15 عاما على 31 بحرينيا، وجهت لهم تهمة مهاجمة دورية شرطة في جزيرة سترة ذات الأغلبية الشيعية. وذكر المصدر ان 14 متهما ما زالوا فارين. واوضح المصدر ان "النيابة العامة البحرينية وجهت للمتهمين تهما تتمثل في الشروع في القتل مع سبق الإصرار والترصد، والحرق الجنائي لدورية شرطة، والتجمهر والشغب، وحيازة زجاجات المولوتوف".

وقال محامون ان "المتهمين سبقوا وان انكروا التهم الموجهة لهم، وان الاعترافات انتزعت منهم بالتعذيب".

واعلنت وزارة الداخلية البحرينية في آذار/مارس 2012 القبض على مجموعة استهدفت رجال الأمن من خلال إلقاء عدد كبير من الزجاجات الحارقة (المولوتوف) على دورية شرطة في جزيرة سترة، ما أدى إلى احتراقها بالكامل واصابة اربعة من أفراد الشرطة بحروق بليغة.

في السياق ذاته فرقت الشرطة بعنف متظاهرين في قرى شيعية في البحرين كانوا يتظاهرون تأييدا لأشخاص طردوا من وظائفهم لأسباب سياسية، كما أفاد شهود. ونزل المتظاهرون بالعشرات الى شوارع قرى شيعية في محيط المنامة وهم يرددون شعارات منها "نطالب بإرجاع المفصولين" في اشارة للموظفين الذي فصلوا على خلفية مشاركتهم في الاحتجاجات التي شهدتها المملكة الخليجية في شباط/فبراير 2011. واستخدمت الشرطة الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين الذين تجمعوا تلبية لدعوة وجهها "ائتلاف شباب 14 فبراير" الذي ينظم عبر شبكات التواصل الاجتماعي حركة الاحتجاج ضد حكم عائلة ال خليفة السنية التي تحكم البحرين منذ 250 سنة.

وقالت جمعية الوفاق اكبر فصيل شيعي معارض في البحرين ان "الشرطة البحرينية استخدمت العنف والقوة ضد تظاهرات عمت أرجاء البحرين في يوم العمال العالمي". وكان تم تسريح او تعليق وظائف مئات الشيعة لمشاركتهم في حركة الاحتجاج التي شهدتها البحرين في شباط/فبراير-اذار/مارس 2011 والتي قمعتها السلطات بالقوة. وبحسب مصادر نقابية فان معظم المفصولين من وظائفهم تمكنوا من استعادة عملهم باستثناء حوالى 450 شخصا.

على صعيد متصل اعلنت السلطات البحرينية اعتقال 22 شخصا بتهمة مهاجمة قوات الامن وقطع الطرقات خلال احتجاجات قادها شيعة في المملكة وحصلت الاعتقالات في عدة قرى شيعية. واكد مدير عام الادارة العامة للمباحث والادلة الجنائية في البيان “احباط مخططات ارهابية كانت تستهدف التاثير على سير الحياة وتعطيلها والاخلال بالمصالح العليا للوطن وارتكاب أعمال ارهابية”. واشار المسؤول الأمني إلى ان الاشخاص ال22 هم “من مرتكبي الجرائم الإرهابية” وقد قبض عليهم بعد “تحديد هوياتهم من خلال عمل مكثف من البحث والتحري بالتنسيق مع بقية الأجهزة المعنية”.

من جهة اخرى منعت إدارة سجن جو في البحرين أهالي قيادات المعارضة المعتقلة من الزيارة، وذلك استمرارا لعملية منع الزيارة المفروضة عليهم. وافاد المحامي محمد التاجر "إن سبب منع الزيارة يعود إلى رفض الشخصيات القيادية المسجونة في سجن جو ارتداء الزي الخاص بالسجناء، والأمر لا يقتصر على منع الزيارة عنهم، بل إنهم يعانون من سوء المعاملة في السجن، واشار التاجر الى القيادات المعتقلة يمنعون من الذهاب إلى البرادة الموجودة في السجن، كما تمنعهم إدارة السجن من الاتصال بأهاليهم أو تلقي أية أغراض منهم، علاوة على منع العلاج عنهم. وعبر عن قلقه على صحة الشخصيات القيادية، بسبب انقطاع أخبارهم، وقال: "لا نعلم عن تفاصيل صحة الناشط السياسي حسن مشيمع، وخصوصا بعد الأنباء التي تواردت عن عودة السرطان إليه". وأوضح التاجر أن المحامين تحركوا منذ منع الزيارة عن الأهالي، عبر عدة قنوات، إذ تمت مخاطبة قاضي تنفيذ العقاب بخصوص الناشط السياسي عبدالجليل السنكيس الذي يشكو من عدم انتظام دقات قلبه، حيث أغمي عليه في إحدى المرات بالسجن من دون أن ينقل لتلقي العلاج.

 من جانب اخر منعت السلطات البحرينية ناشط حقوق الإنسان المسجون لديها، نبيل رجب، من تلقي العلاج الطبي بعد إصابته في الظهر، حسب زوجته سمية رجب. وأضافت الزوجة أن مسؤولي السجن رفضوا مرارا طلبات بشأن إرساله إلى المستشفى ليتمكن من زيارة استشاري رغم أنه اشتكى لها من أنه "يعاني آلاما في الظهر بحيث إنه أحيانا لا يستطيع الحركة." وتتابع الزوجة قائلة إن آلام الظهر تعود إلى ضرب كان تعرض له على يد رجال الشرطة عام 2005، مضيفة أنه كان أمضى آنذاك أسبوعا في المستشفى ليتعافى من آثار الضرب.

ومضت الزوجة للقول إنهم "يطلبون منه القيام ببعض التمارين الرياضية ويعطونه حبة لتخفيف الألم. هذا كل ما يقومون به". ويوجد أكثر من 200 ألف متابع لحساب رجب في نظام التواصل الاجتماعي تويتر علما بأنه كان يرأس مركز حقوق الإنسان في البحرين.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 11/آيار/2013 - 30/جمادى الآخرة/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م