فلسطين الدولة... مفاوضات ام مناورات؟

 

شبكة النبأ: تحركات دولية جديدة تقوم بها الولايات المتحدة الامريكية وباقي الدول الاخرى الهدف منها اعادة الحياة مرة اخرى لمبادرة السلام واستئناف المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي والتي تعتبر من اهم القضايا الأساسية للمجتمع الدولي بحسب قول بعض المراقبين، باعتبارها جوهر قضايا التي يمكن من خلالها تحقيق السلام في الشرق.

ودخلت عملية السلام بين اسرائيل والفلسطينيين حالة من الجمود منذ ان توقفت المفاوضات المباشرة رسمياً بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس، ورئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو في اكتوبر/تشرين الأول 2010، وكانت عملية السلام الفلسطينية الإسرائيلية تعثرت مرارا منذ اتفاقية اوسلو الموقعة في سبتمبر/ أيلول 1993 ويتبادل الطرفان الفلسطيني والإسرائيلي الاتهامات بعرقلة العملية.

ويرى الكثير من المراقبين ان الوصول الى حل نهائي بين الجانبين هو امر مستحيل في الوقت الحاضر خصوصا وان اسرائيل لاتزال تواصل ممارساتها التوسعية في الاراضي الفلسطينية من خلال بناء المستوطنات اليهودية على الأراضي المحتلة. ويقول الرئيس الفلسطيني محمود عباس إنه لن يعود إلى مائدة المفاوضات إلا إذا توقف البناء الاستيطاني ، وفي هذا الشأن فقد قللت اسرائيل والفلسطينيون من احتمالات استئناف مفاوضات السلام التي احياها تعديل اعلن عنه في مبادرة السلام العربية التي اطلقت في 2002 ويسمح رسميا بمبدأ تبادل اراض بين اسرائيل والفلسطينيين، وذلك برعاية اميركية.

وقال رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو ان "اصل النزاع" مع الفلسطينيين ليس على الاراضي بل على وجود اسرائيل "كدولة يهودية"، بحسب ما نقل عنه مسؤول حكومي. ونقل المسؤول عن نتانياهو قوله في اجتماع في وزارة الخارجية ان "النزاع الاسرائيلي الفلسطيني ليس على الاراضي بل على وجود دولة اسرائيل نفسها"، مشيرا الى ان "عدم رغبة الفلسطينيين بالاعتراف بإسرائيل كدولة قومية للشعب اليهودي هو اصل النزاع".

واضاف "اصل النزاع ليس الاراضي، بل انه بدأ قبل 1967. رأينا عندما خرجنا من قطاع غزة عام 2005 حيث اخلينا اخر مستوطن وعلى ماذا حصلنا؟ على صواريخ" على جنوب اسرائيل. واكد نتانياهو ايضا انه مستعد لاستئناف المفاوضات المتعثرة مع الفلسطينيين منذ ايلول/سبتمبر 2010 "دون شروط مسبقة". وقبل ذلك، اكد جلعاد اردان وهو وزير الاتصالات واحد وزراء المجلس الامني المصغر ترفض التفاوض مع الفلسطينيين على اساس حدود عام 1967 بما يعني الانسحاب الكامل من الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة.

وقال اردان المقرب من نتانياهو للإذاعة العامة "اذا وافقت اسرائيل الى القدوم الى طاولة المفاوضات بالقول مقدما بانها ستعقد على اساس حدود عام 1967 فلن يكون هنالك الكثير للتفاوض عليه. لا يمكننا البدء بالمحادثات ونحن موافقون مسبقا على التخلي عن كل شيء". واكمل "امل بان لا يعتقد ابو مازن الرئيس الفلسطيني محمود عباس بان اسرائيل يجب ان تتخلى عن مواقفها وتوافق نقل كافة الاراضي الفلسطينية التي نعتقد بان لدينا الحق في السكن فيها".

ولم يلق تعديل مبادرة السلام العربية حماسا لدى الجانب الفلسطيني الذي اعتبرها تنازلا مجانيا لإسرائيل. وقال المفاوض الفلسطيني محمد اشتية لا تعجبنا فكرة تعديل المبادرة العربية رافضا اي "سلفة تفاوضية" مع اسرائيل. اما كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات فرأى في بيان "ان هذا ليس بالأمر الجديد" وانه يعكس "الموقف الفلسطيني الرسمي". واكد عريقات بان فكرة تبادل الاراضي عرضت على القيادة الفلسطينية عام 2008، مجددا الرفض الفلسطيني المطلق للتبادل قبل حصول فلسطين على استقلالها على اساس حدود الاراضي المحتلة عام 1967، ومشددا على أن تبادل الأراضي بين الفلسطينيين والإسرائيليين غير جائز قبل تحقيق الاستقلال.

وقال عريقات للاذاعة الفلسطينية الرسمية، ان فكرة تبادل الأراضي عرضت علينا عام 2008 وكان ردنا أنه حال قبول إسرائيل بمبدأ الدولتين على حدود عام 1967 ووصول فلسطين إلى السيادة الكاملة يمكن البحث في هذا الأمر. وتابع عريقات، أن تبادل الأراضي يحدث بين الدول صاحبة السيادة كما حدث بين الأردن والسعودية، وكذلك العراق والأردن، وأيضا كندا وأمريكا، وبالتالي أن يطرح المبدأ قبل الاستقلال فهو غير جائز على الإطلاق.

وحول الموقف العربي بشأن امكانية تبادل الاراضي بين الفلسطينيين والاسرائيليين الذي أعلنه رئيس وزراء قطر وزير خارجيتها حمد بن جاسم آل ثاني بعد اجتماعه ووفد وزاري عربي مع وزير الخارجية الأمريكي جون كيري في واشنطن، قال عريقات ليس جديدا فقد تم طرح الموقف لوضع الكرة في ملعب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ليقول انه موافق على دولة فلسطينية بحدود عام 1967 ولكنه لن يقولها.

وحول اذا ما يعتبر إعلان وزير الخارجية القطري بمثابة تعديل على مبادرة السلام العربية، قال عريقات، ‘إنها المبادرة العربية للسلام أقرت في عام 2002 في قمة عربية ببيروت وبالتالي أي تعديل عليها يتطلب قمة عربية ولا يستطيع أي وزير خارجية أن يعدل عليها.

وكان وزير خارجية قطر قال بعد اجتماع الوفد العربي مع كيري، إن اتفاق السلام مع إسرائيل ينبغي أن يستند إلى حل الدولتين على أساس خط الرابع من يونيو 1967 مع إمكانية تبادل طفيف متفق عليه، مساو ومتبادل للأراضي. وجاء اجتماع الوفد العربي مع كيري ضمن جهود يبذلها الوزير الأمريكي أسابيع للدفع تجاه استئناف مفاوضات السلام بين الفلسطينيين وإسرائيل 2010.

وعلى صعيد امكانية استئناف المفاوضات وفق مبادرة امريكية اكد عريقات بان الادارة الامريكية لم تقدم حتى اللحظة اية مبادرة او خطة لأحياء عملية السلام، مشيرا الى ان القيادة الفلسطينية ستتعاون مع الامريكيين لانجاح مبادرتهم لاستئناف المفاوضات على اساس انهاء الاحتلال الاسرائيلي واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.

من جهتها، رفضت حركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة المبادرة العربية لتبادل الاراضي مع اسرائيل على اساس رفضها المبدئي لأي تبادل للأراضي للتوصل الى حل سلمي. وقال صلاح البردويل القيادي في حماس في تصريح صحافي "موقفنا واضح تجاه هذا الموضوع فالحركة رفضت المبادرة ورفضت مبدأ قبول تبادل الأراضي. الحركة طالبت الوفد العربي بالعمل على وضع حد للاستيطان وتمسكت بالثوابت الفلسطينية".

واشار الى ان "هذا شرعنه للاستيطان والتهام أراضي الضفة الغربية والقدس المحتلة، وهذا سيعطي فرصة للاحتلال لاستغلال هذه الفترة لتكثيف وتوسيع الاستيطان وبسط سيطرته على أفضل المناطق، في وقت لم نسمع فيه عن مطالبة عربية قوية بوقفه ومواجهته ضمن هذا الموقف". وسيتيح هذا التعديل لإسرائيل الاحتفاظ بالكتل الاستيطانية الكبرى في الضفة الغربية حيث تقيم غالبية المستوطنين بينما سيحصل الفلسطينيون على اراض تحت السيادة الاسرائيلية حاليا كتعويض. بحسب فرنس برس.

ورحب وزير الخارجية الاميركي جون كيري بالتغيير الذي ادخلته الجامعة العربية على مبادرتها للسلام في الشرق الاوسط، مشيدا في لقاء مع الصحافيين بهذه "الخطوة الكبيرة جدا الى الامام". واوضح الوزير الاميركي انه "بخلاف المقترح الاصلي الذي لم يشر الا الى خطوط 1967 فقط، قالت الدول العربية انها مستعدة للقبول بحدود 1967 مع تعديلات تترجم في اتفاق بين الطرفين على تبادل اراض".

استفتاء عام

 في السياق ذاته قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو انه سيعرض أي اتفاق سلام مع الفلسطينيين للاستفتاء العام. وقال نتنياهو لدى لقائه مع وزير الخارجية السويسري ديديه بورخالتر "اذا توصلنا إلى اتفاق سلام مع الفلسطينيين فأنا اود طرحه في استفتاء وأود الحديث إليكم بشأن خبراتكم مع هذا الامر." وتجري سويسرا بانتظام استفتاءات بخصوص امور عديدة ومتنوعة بينما لم يسبق ان اجرت اسرائيل استفتاء خلال تاريخها منذ انشائها قبل 65 عاما. وكان اتفاقا السلام اللذان عقدتهما اسرائيل مع مصر والأردن قد اقرا بموافقة البرلمان.

ويقود نتنياهو ائتلافا من يمين الوسط يضم أنصارا لحركة الاستيطان يعارض كثير منهم بشدة فكرة السماح للفلسطينيين بإقامة دولة مستقلة على الأرض التي احتلتها اسرائيل في حرب عام 1967. وبالتعهد بعرض أي اتفاق سلام في استفتاء عام ربما يرغب نتنياهو في تفادي أي رد فعل عنيف على الفور من اليمين المتطرف على قرار اجراء محادثات الأرض مقابل السلام مع الفلسطينيين بعدما وعد بأن تكون الكلمة الأخيرة للشعب الإسرائيلي.

وقال مسؤول اسرائيلي رفيع طلب عدم الكشف عن اسمه "هناك جهود مكثفة جارية من أجل استئناف المحادثات. هناك من يبذلون الكثير من الوقت والجهد من أجل ذلك. الأمر ممكن وقابل للتنفيذ." وزار الرئيس الامريكي باراك اوباما القدس في مارس آذار وزار وزير خارجيته المنطقة ثلاث مرات على مدار نحو ستة أسابيع.

وفي علامة على استمرار الجهود الدبلوماسية التقي كيري مع وزيرة العدل الاسرائيلية تسيبي ليفني في واشنطن والأمين العام للأمم المتحدة بان جي مون في نيويورك. واختار نتنياهو ليفني لتكون كبيرة المفاوضين من الجانب الاسرائيلي. وسافرت ليفني إلى الولايات المتحدة مع واحد من كبار مسؤولي نتنياهو والمقربين منه وهو اسحق مولخو. ولم تفصح وزارة الخارجية عن تفاصيل محادثات كيري مع ليفني ووصفتها بأنها جزء من "محادثات متواصلة لاستكشاف السبل الممكنة للمضي قدما لحل هذا الصراع." بحسب رويترز.

ويقول الرئيس الفلسطيني محمود عباس إنه لن يعود إلى مائدة المفاوضات إلا إذا توقف البناء الاستيطاني. وتقول إسرائيل إنها ترفض أي شروط مسبقة. وعزز تسليط الضوء على فكرة الاستفتاء الآمال في تجاوز هذه العقبة قريبا. لكن لا توجد علامة تذكر على أن القضايا الاساسية بين الجانبين قد اقتربت من الحل بما في ذلك وضع القدس . وقال المسؤول الإسرائيلي "لا يعتقد أحد أننا نقترب من اتفاق تاريخي. لكن أي اتفاق تاريخي سيحتاج إلى شرعية وطنية."

قابلة للتفاوض. وهذه رسالة جيدة.

غوغل تقوض السلام

في السياق ذاته قال نائب رئيس الوزراء الإسرائيلي زئيف إلكين إن اعتماد غوغل كلمة فلسطين للإشارة إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة في صفحة محرك البحث يقوض محادثات السلام بين إسرائيل والفلسطينيين. وقال إلكين في خطاب أرسله إلى لاري بيج رئيس مجلس إدارة غوغل إن من شأن هذه الخطوة من جانب عملاق محركات البحث أن يشجع الفلسطينيين على اتخاذ إجراءات أحادية، وحث غوغل عن العودة عن قرارها "الاعتراف" بفلسطين.

وكانت شركة غوغل قد أدخلت تغييرا بسيط على صفحتها الرئيسية لمحرك البحث Google.ps الخاص بفلسطين، إذ استبدلت بكلمة "الأراضي الفلسطينية" كلمة "فلسطين"، ما اعتبر اعترافاً رسمياً من الشركة بدولة فلسطين. وبالرغم من صغر حجم التغيير، إلا أنه نال اهتماماً كبيراً من المواقع الإلكترونية التقنية والسياسية على السواء، إذ قامت بعض المواقع المتخصصة باستعراض مواقف سابقة مماثلة لـ"غوغل" وكان المتحدث باسم غوغل ناثان تايلر قال، إن الشركة قررت تغيير الاسم من الأراضي الفلسطينية إلى فلسطين في كافة منتجاتها، مشيراً إلى أن غوغل استشارت عدداً من المصادر والهيئات عندما أقرت ذلك وهي تتبع بذلك منظمات دولية عدة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 8/آيار/2013 - 27/جمادى الآخرة/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م