أمريكا والإرهاب... إستراتجية صناعة العدو

 

شبكة النبأ: تشكل قضية مكافحة الإرهاب أهمية كبرى في القائمة الأساسية للإدارات الأمريكية، حيث تسعى إدارة الولايات المتحدة بصورة حثيثة الى إيجاد أساليب واستراتيجيات جديدة لمكافحة الإرهاب، ومن ابرز صوره القاعدة والمنظمات الإرهابية الأخرى وصراعها الدائم مع أمريكا.

إذ تتطلب تلك الاستراتيجيات مبررات قانونية تحتمي بها أمريكا قانونيا أمام العالم، فمثلا هناك أعمال مطاردات وملاحقات امريكية مستمرة لمن تقول بأنهم اعدائها ويمثلون خطرا عليها، كبعض التنظيمات الاسلامية في اندونيسيا وباكستان وافريقا وغيرها، لذا حين تقوم امريكا باستخدام الطائرات من دون طيار كغطاء قانوني "للقتل المستهدف فتلجأ الى مثل هذه الذرائع لتبرير القتل الخطأ، وهو اسلوب تعوّد عليه العالم من الولايات المتحدة.

وقد جعلت واشنطن في السنوات الاخيرة من الطائرات بدون طيار واحدة من اهم ادوات استراتيجيتها العسكرية العالمية، فتجد امريكا نفسها مرغمة على ايجاد ذرائع وتبريرات تقول هي عنها انها قانونية تسمح لها بارتكاب مثل هذه الاخطاء في اطار ما يسمى بـ (الحملة على الارهاب)، وقد أثارت مثل هذه الاعمال والتوجهات الامريكية ردود فعل ساخطة، لاسيما من منظمات حقوق الانسان وغيرها، داخل وخارج امريكا.

حيث يرى الكثير من المحللين ان هذا التصعيد الأمني المضطرد في امريكا، هو نتيجة للسياسة التخبط  المتبعة في مواجهة الارهاب خاصة اثناء الحروب، فضلا تجنيد ودعم بعض المجاميع الإرهابية بصور غير مباشرة في بعض الدول الساخنة أمنيا، إذ تظهر تلك الأحداث الأمنية انفة الذكر انقلب الإرهاب على داعمي الإرهاب.

فيما يرى بعض الخبراء إن الحرب على الإرهاب التي شنها بوش بعد هجمات القاعدة على الولايات المتحدة في 11 سبتمبر أيلول عام 2001 أدت إلى انتهاكات جسيمة وممنهجة تضمنت سجونا سرية للمشتبه بأنهم متشددون إسلاميون وعمليات نقل سرية وتعذيب.

فكما يبدو إن أحداث 11 سبتمبر 2001 غير وجه الولايات المتحدة الأمريكية سياسيا وحقوقيا، حيث تصدرت أمريكا الرقم الاكبر في عدد السجناء في العالم، خاصة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر/أيلول، إذ اعتمدت إستراتيجية السجون السرية ويعود الدور الابرز في ذلك للمخابرات الأمريكية المنتشرة في انحاء العالم.

ففي الاونة الأخيرة سقطت الولايات المتحدة الأمريكية في أتون فوضى امنية وسياسية كبرى، وذلك على خلفية تفجيرين في ولاية بوسطن الأمريكية، حيث اثارت هذه الحداثة مخاوف كبيرة لدى الامريكيين من انها عملية إرهابية تقف ورائها أهداف وأجندات خارجية تهدف الى زعزعت الأمن القومي الأمريكي، ويرى العديد من الخبراء والمراقبين ان انتهاج الولايات المتحدة الامريكية استراتجية الحرب على الإرهاب والسجون السرية هو لغرض صناعة عدو دائم كورقة هيمنة على العالم بالرغم من سيطرتها عليه في مجالات كافة.

القوائم الامريكية للارهابيين

فقد قال مسؤول أمريكي ان أعداد الاشخاص المسجلين في قاعدة بيانات امريكية مركزية سرية للغاية تستخدم لملاحقة ارهابيين مشتبه بهم قفزت الى 875 ألفا من 540 ألفا قبل خمس سنوات فقط، وكان من بين هؤلاء الاشخاص تيمورلنك تسارناييف المشتبه به في هجوم بوسطن الذي أضيف اسمه عام 2011.

ومن الاسباب التي أدت الى ذلك استخدام أجهزة الامن لهذا النظام بشكل متزايد في اعقاب الهجوم الفاشل على طائرة ركاب عام 2009 الذي حاول تنفيذه عمر الفاروق عبد المطلب بمواد ناسفة مخبأة في ملابسه الداخلية في ديترويت.

وأقر مسؤولو مخابرات وأجهزة انفاذ القانون امام الكونجرس الامريكي انه فات عليهم بعض المؤشرات عن هذا الهجوم رغم وجود اسم عبد المطلب في قاعدة البيانات الرئيسية المعروفة باسم (تايد)، ويحتفظ المركز الوطني لمكافحة الارهاب بقاعدة البيانات السرية للغاية لا كقائمة تخضع الاسماء الواردة فيها "للمراقبة" بل كخزان للمعلومات عن اناس ترى السلطات الامريكية انهم ارهابيون محتملون معروفون او مشتبه بهم من شتى انحاء العالم.

وسلطت الاضواء على تضخم حجم قوائم هويات الارهابيين في أعقاب الهجوم الذي حدث عند خط النهاية في ماراثون بوسطن اواخر الشهر الماضي ويقر المسؤولون الامريكيون ان وكالة المخابرات المركزية الامريكية (سي.اي.ايه) أدخلت اسم تيمورلنك تسارناييف في هذه القوائم في خريف عام 2011 بعد ان تلقت الوكالة طلبا من السلطات الروسية باجراء تحقيقات بشأنه للاشتباه في قيامه بأنشطة اسلامية متشددة، كما أدخلت الوكالة اسم أمه زبيدة تسارناييف في القائمة. وقتل تيمورلنك تسارناييف في تبادل لاطلاق النار مع الشرطة الامريكية التي كانت تلاحقه بعد أيام من هجوم بوسطن وأعتقلت شقيقه جوهر تسارناييف الذي نفذ معه الهجوم.

الامن القومي الامريكي

فيما نفت وكالة الامن القومي الامريكي انها تعتزم استخدام مركز البيانات الذي تقوم ببنائه بتكلفة 1.2 مليار دولار في صحراء يوتا في التنصت بشكل غير شرعي على المواطنين الامريكيين ومراقبة بريدهم الالكتروني، وقالت الوكالة التي تخدم الجيش ومجتمع المخابرات في الولايات المتحدة انها تعتزم الاستفادة من عمل هذه المنشأة في تعزيز الامن الالكتروني الامريكي بما يتفق مع القوانين الامريكية التي تقيد التجسس على المواطنين الامريكيين.

وقالت وكالة الامن القومي في بيان "انتشر العديد من المزاعم التي لا أساس لها بشأن الانشطة المزمعة لمركز بيانات يوتا. واحدة من أكبر المفاهيم الخاطئة عن وكالة الامن القومي هو اننا نتنصت بطريقة غير شرعية على مواطنين أمريكيين او نقرأ بريدهم الالكتروني. وببساطة ليس هذا هو الحال"، وبثت قناة فوكس نيوز التلفزيونية تقريرا عن المنشأة الواقعة على مساحة 92903 أمتار مربعة أثار خلاله عاملون سابقون في الوكالة مخاوف من استخدام المنشأة لمراقبة البريد الالكتروني للمواطنين الامريكيين.

وأكدت وكالة الامن القومي في بيانها احترامها "الراسخ" للقوانين الامريكية وللحريات المدنية للمواطنين الامريكيين وأشارت الى انها تخضع لمراقبة حكومية كاملة، ويتطلب تنصت وكالة الامن القومي على اي مواطن أمريكي أمرا من محكمة شكلت من ثلاثة قضاة بموجب قانون المراقبة المخابراتية الاجنبية عام 1978، وأصدر الرئيس الامريكي الاسبق جورج بوش أمرا تنفيذيا بعد وقت قصير من الهجمات التي تعرضت لها الولايات المتحدة في سبتمبر ايلول عام 2001 يسمح لوكالة الامن القومي بالتنصت على المكالمات الهاتفية لبعض الاشخاص دون الحصول على أمر قضائي، وفي يناير كانون الثاني عام 2011 أصدرت وكالة الامن القومي نشرة عن مركز بيانات يوتا ووصفته بانه أكبر مشروع في البلاد لبناء منشأة تابعة لوزارة الدفاع الامريكية (البنتاجون)، وقالت فاني فاينز المتحدثة باسم الوكالة ان بناء المركز سينتهي في سبتمبر ايلول.

دليل جديد لمكافحة الارهاب

في حين ذكرت صحيفة واشنطن بوست ان ادارة الرئيس الاميركي باراك اوباما تعد حاليا دليلا لعمليات مكافحة الارهاب يتضمن القواعد الدقيقة لعمليات التصفية المحددة الاهداف، وقالت الصحيفة نقلا عن مسؤولين اميركيين لم تكشف هوياتهم ان هذا الكتيب يتضمن استثناء مهما من هذه القواعد بشأن استخدام الطائرات بدون طيار من قبل وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي ايه) في باكستان.

واضافت ان ذلك سيسمح للسي آي ايه بمواصلة توجيه ضربات لاعضاء تنظيم القاعدة وحركة طالبان لمدة عام او اكثر قبل ان تلزم وكالة الاستخبارات بالامتثال لقواعد اكثر صرامة محددة في هذا الدليل، وتابعت واشنطن بوست ان الدليل سيقدم الى الرئيس باراك اوباما للموافقة عليه بشكل نهائي في الاسابيع المقبلة.

ويقول مكتب الصحافة الاستقصائية الذي يتخذ من لندن مقرا له ان ما بين 2627 و3457 شخصا حسب المصادر، قتلوا منذ 2004 في غارات لطائرات بدون طيار في باكستان، ومن هؤلاء القتلى بين 475 و900 مدني.

وقد تكثفت الهجمات بهذه الطائرات في عمليات للسي آي ايه في عهد اوباما ضد طالبان والجماعات المرتبطة بتنظيم القاعدة في شمال غرب باكستان، وتنتقد اسلام اباد علنا هذه الضربات معتبرة انها مساس بسيادتها، لكنها توافق ضمنا عليها كما يرى محللون.

ولا تكشف اسماء سوى قلة من القتلى في هذه الضربات، وقالت الصحيفة ان تبني دليل رسمي لعمليات التصفية المحددة الاهداف يشكل منعطفا مهما يتمثل في "منح اطار مؤسساتي" لممارسة كانت محرمة على كثيرين قبل اعتداءات 11 ايلول/سبتمبر 2011.

ويشمل الدليل عدة مواضيع من بينها اضافة اسماء على لوائح القتل والمبادىء القانونية المعتمدة عندما يتم استهداف اميركيين في دول اخرى او شن ضربات بهذه الطائرات خارج مناطق الحرب، كما ذكرت الصحيفة، واوضحت واشنطن بوست ان جهود وضع هذا الكتيب كادت تخفق العام الماضي بسبب خلافات بين وزارتي الخارجية والدفاع والسي آي ايه حول الضربات القاتلة، وانتهى الخلاف باعفاء السي آي ايه موقتا من تطبيق القواعد في باكستان ليتاح للمسؤولين عن وضع الدليل التقدم في جوانب اخرى منه.

انتشار التطرف العنيف

واستنادًا إلى رئيس قسم مكافحة الإرهاب المنتهية ولايته في وزارة الخارجية، دانيال بنجامين، تقدم الحكومة الأميركية التدريب إلى وكالات الشرطة، والمدعين العامين، ومسؤولي السجون، في عشرات البلدان للحد من جاذبية التطرف العنيف.

واستشرافًا لما سيتم عمله في العام 2013 لكبح التطرف العنيف، قال بنجامين إن الممارسات العنيفة لقوات الأمن تُعدّ من بين أقوى العوامل التي تساهم في الجنوح نحو التطرف. وأعلن في خطاب بمعهد بروكينغز في واشنطن "إن الهدف من مساعداتنا في مكافحة الإرهاب هو، ويجب أن يكون، مساعدة البلدان للابتعاد عن الممارسات القمعية والاتجاه نحو وضع أطر عمل حقيقية قوامها سيادة القانون." بحسب أسوشييتد برس.

وأشار إلى أن الموظفين الأميركيين من وزارات العدل والدفاع والأمن الوطني يُرسلون إلى الخارج لتدريب البلدان المضيفة على كيفية التعامل مع المجرمين وتأمين السلامة لحدودها وفق طرق لا تسبب ردات فعل عنيفة أو تشجع على الجنوح نحو التطرف.

واعتبر بنجامين أن برنامج المساعدة في مكافحة الإرهاب هو برنامج الحكومة الأول لمساعدة وكالات العدالة الجنائية على رفع مستوى قدراتها في مكافحة الإرهاب.  

الحماية من القاعدة

من جهته اعلن وزير الدفاع الاميركي ليون بانيتا ردا على سؤال حول ازمة الرهائن في الجزائر ان الولايات المتحدة "ستتخذ كل التدابير لضرورية" لحماية رعاياها من تهديد المجموعات المرتبطة بتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي، واشار وزير الدفاع الاميركي الى ان الولايات المتحدة "قلقة من تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي، هذه المجموعة المرتبطة بتنظيم القاعدة المتواجد في هذا القسم من افريقيا"، وقال "نعمل مع دول اخرى في محاولة لتحديد الطريقة الافضل لمواجهة هذا التهديد. سنواصل العمل مع هذه الدول في المنطقة"، واشاد بانيتا بالعمل الذي تقوم به في مالي فرنسا التي "اتخذت المبادرة في محاولة لوقف تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي". بحسب فرانس برس.

واكدت الولايات المتحدة مقتل احد رعاياها بين الرهائن الذين كانت تجتجزهم مجموعة اسلامية في مجمع ان امناس للغاز جنوب شرق العاصمة الجزائرية، والمجموعة الاسلامية التي قامت بعملية الخطف هذه، تؤكد انها لا تزال تحتجز سبعة رهائن اجانب بعد هجوم للجيش الجزائري على المجمع.

سجناء الارهاب

من جهة أخرى قضت محكمة اتحادية أمريكية على رجلين من نيوجيرزي بالسجن 22 عاما و20 عاما لادانتهما بتهمة التآمر للانضمام إلى حركة الشباب ذات الصلة بالقاعدة لشن حرب على غير المسلمين، واعتقل محمد العيسى (23 عاما) وكارلوس المونتي (27 عاما) في يونيو حزيران عام 2010 في مطار جون إف. كنيدي الدولي في نيويورك وهما يحاولان السفر الى مصر، وقال الادعاء إن المتهمين سافرا إلى الاردن عام 2007 لاستكشاف امكانية الانضمام إلى الحركة وادخرا الاف الدولارات وقاما بمناورات تدريبية تكتيكية باستخدام بنادق طلاء وحصلا على معدات للرؤية الليلية وسكاكين، وذكر الادعاء انهما اشتريا تذكرتين للسفر جوا الى مصر بقصد التوجه من هناك الى الصومال للانضمام الى حركة الشباب.

في السياق ذاته قال أحد ضباط مكتب التحقيقات الاتحادي إن شابا صومالي المولد متهما بمحاولة تنفيذ تفجير خلال احتفال بعيد الميلاد في أوريجون كان يرغب في "الاستشهاد" لكن ضابطين من مكتب التحقيقات الاتحادي متخفين في هيئة عضوين بتنظيم القاعدة أقنعاه بتفجير عبوة بجهاز تحكم عن بعد، وفي اليوم الثاني من سماع أقوال الشهود في محاكمة محمد عثمان محمود روى أحد الضابطين اللذين أقنعاه بأنهما من القاعدة كيف أنه أتاح له عدة فرص ليتراجع عن المؤامرة.

لكن الضابط الذي نودي عليه في المحكمة باسم يوسف وهو اسمه المزيف خلال العملية الأمنية التي قام بها مكتب التحقيقات الاتحادي قال إن محمود أصر على المضي قدما في خطة تنفيذ تفجير خلال احتفال بعيد الميلاد يوم 26 نوفمبر تشرين الثاني 2010 في بورتلاند بولاية أوريجون.

ويواجه محمود الذي حصل على الجنسية الأمريكية وكان طالبا في جامعة أوريجون حكم السجن مدى الحياة في حالة إدانته بمحاولة استخدام سلاح دمار شامل في مؤامرة التفجير. وكان عمره 19 عاما حينئذ، وتقول مذكرة أعدها مكتب التحقيقات الاتحادي للقضية إن محمود احتجز بعد أن حاول استخدام هاتف محمول لتفجير عبوة كان يظن أنها ناسفة لكنها في واقع الأمر كانت لا ضرر منها وضعها يوسف وزميله الآخر.

وقال يوسف إنه قدم نفسه باعتباره الشخص المسؤول عن تجنيد الأفراد في تنظيم القاعدة في حين تظاهر زميله الآخر بأنه خبير في صنع القنابل بالتنظيم وعرف نفسه باسم حسين، ووضعت القنبلة الزائفة في حافلة صغيرة قرب ساحة بوسط المدينة بها متاجر ومصالح وتكتظ بآلاف الأشخاص الذين كانوا يحتفلون بعيد الميلاد. بحسب فرانس برس.

لكن محامي الدفاع ستيفن سادي قال إن موكله وقع ضحية لفخ نصبته الحكومة وإنه لم يكن ليحاول قط أن ينفذ التفجير من تلقاء نفسه وإن مكتب التحقيقات الاتحادي "أوجد جريمة ما كانت ستحدث دون تدخله قط"، وقال ضابط مكتب التحقيقات الاتحادي إنه وزميله شعرا بالقلق لأنهما اعتبرا أن محمود لديه "ميول انتحارية".

وقال زميله ميلتياديس تروساس الذي أدلى بشهادته إن والد محمود نبه أيضا مكتب التحقيقات الاتحادي لمخاوف من أن ميول ابنه تزيد تشددا وبدأ محققون في صيف 2010 تقييم نوايا محمود عبر تحريات أجراها الضابطان المتخفيان.

الى ذلك حكم في بوسطن (ماساتشوستس، شمال شرق) على اميركي خطط لمهاجمة البنتاغون والكونغرس في واشنطن بواسطة نماذج مصغرة من طائرات مفخخة يتم التحكم فيها من بعد بالسجن 17 عاما، وحكم ايضا بخضوعه للمراقبة لعشرة اعوام بعد الافراج عنه، وكان رضوان فردوس (27 عاما) الذي اوقف في ايلول/سبتمبر 2011 اقر بذنبه في "محاولة تدمير مبنى فدرالي بواسطة متفجرات ومحاولة دعم ارهابيين".

ويحمل فردوس دبلوما في الفيزياء من جامعة نورث ايسترن، واورد القرار الاتهامي انه كان يعد لاعتداءته منذ كانون الثاني/يناير 2010، وقال فردوس في احاديث سجلها مكتب التحقيقات الفدرالي "اف بي آي" انه كان يريد "مهاجمة جيوش الكافرين وقتل اكبر عدد ممكن من الناس"، وكان اسر لعميل من الشرطة الفدرالية ادعى انه ينتمي الى تنظيم القاعدة بانه يريد مهاجمة البنتاغون بواسطة طائرات صغيرة يتم التحكم فيها من بعد "تشبه طائرة صغيرة بدون طيار"، يتم حشوها بالمتفجرات، واختار فردوس طرازين هما "اف-4 فانتوم" و"اف-86 سيبر" اللذان يراوح طولهما بين 1,5 متر ومترين وعرضهما بين 1,2 و1,6 متر.

وفي نيسان/ابريل، وسع فردوس خطته لتشمل الكونغرس موضحا انه يريد تحطيم الطائرة التي يتحكم فيها على قبة مبنى الكابيول "ليفجرها الى اجزاء صغيرة"، وفي الشهر التالي، قام برصد الامكنة التي ينوي مهاجمتها وتصوير اهدافه. وكان ينوي استخدام ثلاثة نماذج لطائرات صغيرة والاستعانة بستة اشخاص مزودين اسلحة رشاشة هو احدهم.

وكان فردوس بدأ الحصول على ما يحتاج اليه من معدات، وبينها طائرة "اف-86 سيبر" واحد عشر كيلوغراما من متفجرات "سي 4" وست بنادق هجومية من طراز "ايه كاي 47" وقنابل يدوية عدة. وقد تسلم كل هذه الاسلحة من عناصر في الشرطة الفدرالية كانوا يتابعون هذا الملف، وفي حزيران/يونيو 2011 قام باستئجار قاعة لتخزين اسلحته بهوية مزورة. وحول ايضا اجهزة هاتف نقال الى صواعق بغرض استخدامها من جانب تنظيم القاعدة ضد جنود اميركيين في الخارج، واوضح بيان لوزارة العدل انه تم اعتقال فردوس بعدما تلقى المتفجرات والاسلحة لكن "الجمهور لم يكن ابدا في خطر لانه تم الحرص على رصد المتفجرات من قرب".

ومقابل اقرار المتهم بالذنب، وافق الادعاء على اسقاط اربع تهم اخرى كانت موجهة الى فردوس، وقال جاك بيروزولو مساعد المدعية العامة في البيان ان "فردوس كان يشكل تهديدا كبيرا للشعب الاميركي كما اظهرت وقائع القضية"، وتابع ان "افعاله كانت متعمدة وخطيرة واتت بمبادرة منه .. كان يعتزم القيام باعمال عنف مريعة ضد اميركيين هنا وفي الخارج".

ومضى يقول تعليقا على صدور الحكم ان "اقراره بالذنب والحكم عليه بالسجن 17 عاما سيوجهان رسالة قوية مفادها ان اولويتنا هي التحقيق بشكل حازم وملاحقة اي شخص يحاول القيام باعمال ارهابية هنا او في الخارج". بحسب فرانس برس.

من جهته، علق ريتشارد ديلورييه العميل الخاص للشرطة الفدرالية في بوسطن ان "العقوبة بحق فردوس تظهر انه قام بالتخطيط بمفرده وانه مسؤول عن سلوكه غير القانوني وقد تصرف في شكل متعمد"، واضاف ان هدف الشرطتين المحلية والفدرالية وكذلك مكتب المدعي كان "وضع حد لتحركات المتطرفين العنيفين على الاراضي الاميركية، على غرار فردوس، الذين يحاولون اللجوء الى العنف وليس الى الوسائل الديموقراطية لتحقيق اهدافهم السياسية والاجتماعية".

كما اعلنت الشرطة الفدرالية الاميركية انها اضافت على قائمتها لاكثر 25 "ارهابيا مطلوبا"، اسم الاميركية جوان تشيسيمارد المتهمة بانها قتلت شرطيا قبل 40 عاما ويشتبه في انها لجأت الى كوبا، وكانت جوان تشيسيمارد المعروفة باسم اساتا شاكور تنتمي الى جيش تحرير السود، احدى منظمات اليسار المتطرف الاميركي التي انخرطت في سبعينيات القرن الماضي في كفاح مسلح دفاعا عن حقوق السود.

وهذه المرأة متهمة بقتل شرطي في نيوجيرسي (شمال شرق) خلال اطلاق نار في الثاني من ايار/مايو 1973 بالاشتراك مع شخصين اخرين. وبعد فرارها، تم اعتقال جوان تشيسيمارد واتهامها في العام 1977 بالقتل. وبعد الحكم عليها بالسجن المؤبد، نجحت في الفرار مجددا من السجن بعد عامين.

وتم رصد هذه الناشطة في العام 1984 في كوبا ويعتقد انها لا تزال هناك، بحسب مكتب التحقيقات الفدرالي (اف بي اي)، واشارت الشرطة الفدرالية الاميركية الى ان جوان تشيسيمارد "هي ثاني مواطن اميركي يدرج اسمه على هذه القائمة" لاكثر 25 شخصا مطلوبا من ال"اف بي اي"، كما حددت مكافأة قدرها مليون دولار لاي شخص يقدم معلومات تؤدي الى اعتقالها. كما وعدت ولاية نيوجيرسي من جانبها بمكافأة مليون دولار للغاية نفسها، ولجأ عدد غير محدد من الاميركيين المطلوبين من السلطات الاميركية الى جزيرة كوبا وفق ال"اف بي اي".

كشف الانتهاكات المرتكبة في عهد بوش

الى ذلك دعا محقق تابع للأمم المتحدة واشنطن إلى نشر نتائجها بشأن برنامج وكالة المخابرات المركزية في عهد الرئيس السابق جورج دبليو بوش والخاص بنقل المشتبه بهم في قضايا الإرهاب واحتجازهم في سجون سرية.

وعبر بن إيمرسون المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بتعزيز وحماية حقوق الإنسان اثناء مكافحة الإرهاب عن قلقه من عدم وجود ملاحقات قضائية رغم رفض إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما ممارسات وكالة المخابرات المركزية التي ارتكبت في عهد سلفه بوش، وقال إيمرسون في تقرير لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة والذي سيتحدث امامه "رغم هذا الرفض الواضح للممارسات المحظورة التي قامت بها وكالة المخابرات المركزية في عهد بوش لا يزال كثير من الحقائق في طي السرية ولم يقدم مسؤول حكومي إلى العدالة في الولايات المتحدة حتى الآن."

وإيمرسون محام دولي من بريطانيا ويعمل منذ أغسطس آب 2011 في المنصب المستقل الذي انشأه مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في عام 2005 للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبت خلال عمليات مكافحة الإرهاب في جميع أنحاء العالم، وفي عهد أوباما قال وزير العدل الأمريكي إيريك هولدر إن وزارته لن تقاضي أي مسؤول عمل بنية حسنة وفي إطار التوجيهات القانونية التي أصدرها مكتب الاستشارات القانونية التابع للوزارة في عهد بوش بشأن الاستجواب.

غير أن إيمرسون قال إن استخدام "الدفاع المتذرع بحجة تنفيذ الأوامر العليا" والاستعانة بالسرية لأسباب تتعلق بالأمن القومي "يساهم في استمرار إفلات المسؤولين الحكوميين المتورطين في هذه الجرائم من العقاب"، وقامت لجنة تابعة لمجلس الشيوخ الأمريكي معنية بشئون المخابرات - برئاسة السناتور الديمقراطية عن ولاية كاليفورنيا ديان فاينشتاين -بالتحقيق في برنامج وكالة المخابرات المركزية الأمريكية للاستجواب والنقل السري بما في ذلك استخدام ما يعرف باسم أسلوب "محاكاة الغرق".

وقال بوش الذي سمح بسجون سرية للمخابرات المركزية في الخارج في مذكراته انه امر باستخدام "محاكاة الغرق" الذي يعتبره خبراء الحقوق شكلا من اشكال التعذيب يحظره القانون الدولي، وحث إيمرسون الحكومة الأمريكية على نشر تقرير مجلس الشيوخ "دون تأجيل وإلى أكبر مدى ممكن" باستثناء أي معلومات يستلزم الاحتفاظ بسريتها لحماية مصالح الأمن القومي المشروعة أو سلامة الأشخاص الوارد ذكرهم فيها.

وقال إيمرسون "يوجد الآن دليل موثوق به يظهر أن المواقع السوداء التابعة لوكالة المخابرات المركزية كانت مقامة في أراضي ليتوانيا والمغرب وبولندا ورومانيا وتايلاند وأن مسؤولي ما لا يقل عن 49 دولة أخرى سمحوا باستخدام مجالاتها الجوية أو مطاراتها في تسيير رحلات النقل" في إشارة إلى المواقع السرية التي كان المشتبه بهم ينقلون إليها للاحتجاز دون اتخاذ أي إجراءات للتسليم أو توجيه أي اتهامات رسمية أو السماح لهم بالاستعانة بمحامين، وحث إيمرسون تلك الدول الخمس على إجراء "تحقيقات قضائية أو شبه قضائية مستقلة فعالة" في هذه المزاعم، وأضاف أن أي مسؤول حكومي سمح أو ساعد في إقامة هذه المنشآت يجب محاسبته، وتقرير إيمرسون غير ملزم وله ثقل معنوي فقط ولكنه سيزيد من الضغط على إدارة أوباما لعدم السماح بتأمين ما وصفه بأنه "غطاء رسمي للإفلات من العقاب".

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 7/آيار/2013 - 26/جمادى الآخرة/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م