الاستيطان الاسرائيلي... يرهق الفلسطينيين ويزعج الغرب

 

شبكة النبأ: لاتزال إسرائيل وعلى الرغم من الانتقادات الدولية المستمرة تواصل بناء المستوطنات المقامة على الأراضي الفلسطينية المحتلة، ويرى الكثير من المراقبين أن استمرار أعمال البناء غير المشروعة للمنازل والتجمعات السكنية ومصادرة الأراضي الفلسطينية بهدف تغيير البيئة الجغرافية، والطبيعة الديموغرافية للأراضي المحتلة يسهم بإطالة أمد الصراع بين الجانبين، وفي ما يخص أخر الانتهاكات الإسرائيلية فقد منحت وزارة الدفاع الإسرائيلية موافقتها النهائية على بناء 90 وحدة استيطانية في مستوطنة بيت ايل قرب رام الله في الضفة الغربية بحسب ما أعلنت حركة السلام الآن المناهضة للاستيطان.

وقالت هاغيت اوفران مسؤولة ملف الاستيطان بان "هذه الخطوة الأخيرة في عملية" الموافقة نهائيا على بناء الوحدات الاستيطانية. وأكد متحدث باسم الوزارة منح الموافقة النهائية. وقالت الاذاعة العسكرية بان البناء قد يبدأ "في الأيام القادمة" بينما أشارت الاذاعة الى ان هذا الإعلان في بيت ايل قد يكون اكثر "اشكالية" للولايات المتحدة كون الموقع يقع خارج الكتل الاستيطانية الكبرى التي تنوي اسرائيل الاحتفاظ بها حتى بعد اتفاق سلام مع الفلسطينيين. ونشرت وزارة الدفاع الاعلان القانوني في صحيفة ماكور ريشون اليمنية في خطوة ستثير التوترات قبيل زيارة مقررة للرئيس الاميركي باراك اوباما الى المنطقة.

واضافت اوفران "على الرغم من ان الحكومة الجديدة لم تتشكل بعد ولكنهم ما زالوا يسمحون بمواصلة عمليات الاستيطان بدلا من وضعها قيد الانتظار ما يشكل علامة دالة على هذه الحكومة الجديدة". واكدت وزارة الدفاع الاسرائيلية انها اعطت الضوء الاخضر لوضع التصاميم الخاصة ببناء 346 وحدة سكنية استيطانية في كل من مستوطني نيكوديم وتقوع جنوب الضفة الغربية.

وخلال العام 2012 وحده تمت المباشرة ببناء 1747 مسكنا على الاقل في مستوطنات الضفة الغربية في حين وافقت وزارة الدفاع على بناء 6676 مسكنا اخر، حسب تقرير منظمة السلام الان. ويعيش حاليا نحو 340 الف اسرائيلي في مستوطنات الضفة الغربية يضافون الى نحو 200 الف اخرين في احياء استيطانية في القدس الشرقية حيث يعيش اكثر من 270 الف فلسطيني.

من جانب اخر ازداد عدد المستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربية المحتلة بنسبة 4,7% عام 2012 بحسب ارقام مجلس استيطاني. وأصبح عدد المستوطنين 360 الفا في اوائل كانون الثاني/يناير 2013 مقارنة مع 343 الفا في كانون الثاني/يناير 2011 بحسب مجلس "يشع" الاستيطاني وهو اكبر منظمة استيطانية في الضفة الغربية. وقال المجلس بأنه منذ اخلاء غزة من المستوطنين عام 2005، وازداد عدد سكان المستوطنات 5% سنويا اي اكثر بثلاث مرات من نسبة الزيادة السكانية المسجلة في اسرائيل بشكل عام.

واشار المجلس الى ان الطفرة في النمو تعود الى ان المزيد من الناس ينتقلون للسكن في المستوطنات ونسبة المواليد العالية لدى المستوطنين المتدينين. وقال رئيس المجلس افي رويه "نحن سعيدون بهذه الأرقام ونتوقع من الحكومة الاسرائيلية ان تفهم الحاجة الى تطوير المستوطنات في يهودا والسامرة (الاسم الذي يطلقه المستوطنون على الضفة الغربية)". واكبر مستوطنتين هما موديعين عيليت غرب مدينة رام الله التي يسكن فيها 58 الف مستوطن وبيتار عيليت قرب بيت لحم مع 44 الف مستوطن. بحسب فرانس برس.

وتأتي مستوطنة معاليه ادوميم شرق القدس في المركز الثالث مع 39 الف مستوطن. ولا تتضمن هذه الارقام نحو 200 الف اسرائيلي يقيمون في عشرات الاحياء الاستيطانية في القدس الشرقية المحتلة عام 1967. ويمثل المستوطنون 4,4% من كامل سكان اسرائيل الذين يصل عددهم الى 7,9 مليون شخص.

من جهة اخرى قال اوري ارييل وزير الاسكان الاسرائيلي الجديد ان الحكومة ستواصل توسيع المستوطنات اليهودية بنفس المدى الذي كانت عليه في السابق. وقال ارييل وهو مستوطن يهودي وعضو في حزب البيت اليهودي المؤيد للمستوطنين في مقابلة تلفزيونية انه في الاراضي المحتلة "سيستمر البناء وفقا لما كانت عليه سياسة الحكومة حتى الان."

وقال ارييل للقناة العاشرة في التلفزيون الاسرائيلي مستخدما الاسم الذي ورد في التوراة للاراضي التي احتلتها اسرائيل عام 1967 ان الحكومة"ستبني في يهودا والسامرة تقريبا مثلما فعلت سابقا. لا ارى سببا لتغيير ذلك." واضاف ارييل ان اسرائيل خصصت الجزء الاكبر من خططها لعمليات بناء المساكن للمناطق الاقل سكانا داخل حدودها السيادية في صحراء النقب في الجنوب ومنطقة الجليل في الشمال. وقال ان البناء في الضفة الغربية"ليس الهدف الرئيسي" بالنسبة لخططه للاسكان. بحسب رويترز.

وجمدت محادثات السلام منذ عام 2010 في خلاف حول بناء المستوطنات. وعجل نتنياهو بخطط الاستيطان من جديد بعد ان حصل الفلسطينيون على موافقة الجمعية العامة للامم المتحدة على رفع التمثيل الفلسطيني في الامم المتحدة في تحرك عارضته اسرائيل بوصفه خطوة منفردة تقوض جهود السلام. وفي ديسمبر كانون الاول ويناير كانون الثاني اعلنت اسرائيل خططا لبناء اكثر من 11 ألف مسكن جديد في الضفة الغربية والقدس الشرقية لتضاعف مرتين تقريبا عدد المساكن التي شيدت في ظل حكومة نتنياهو السابقة منذ مارس اذار 2009 والتي بلغت 6800 مسكن وذلك وفقا لاحصاءات حركة السلام الان.

قواعد كبيرة

على صعيد متصل يخطط الجيش الإسرائيلي لإخلاء أراض قيمتها 14 مليار دولار ونقل أغلب مقاره من وسط تل أبيب في مشروع يتكلف سبعة مليارات دولار ويهدف لتخفيف نقص حاد في الأماكن الملائمة لمشاريع الإسكان على مستوى البلاد. ودعا بنك اسرائيل المركزي الذي يساوره القلق من ارتفاع أسعار المساكن الحكومة التي تسيطر على نحو 93 في المئة من الأراضي في إسرائيل إلى إتاحة المزيد من الأراضي لسد الطلب.

ويقع مقر قوات الدفاع الاسرائيلية على مساحة نحو 47 فدانا في وسط تل أبيب ويضم مهبطا لطائرات الهليكوبتر يشكل أحد المعالم البارزة للمدينة. وقاعدة تل هاشومير الواسعة التي يمر من خلالها جميع المجندين من بين أكثر من 12 قاعدة أخرى قريبة تشغل مساحات ثمينة فيما أصبحت الآن أحياء سكنية وتجارية راقية.

وسيجري تقليص مساحة مقر قوات الدفاع الاسرائيلية وستنقل المجمعات الأخرى إلى قواعد عملاقة جديدة أغلبها في الجنوب فيما سيكون أحد أكبر مشاريع البنية الأساسية في إسرائيل. كما سيجري نقل مطار سدي دوف الساحلي الصغير في تل أبيب والذي يستخدم في رحلات عسكرية وتجارية داخلية بحلول عام 2018 لتوفير أراض لبناء آلاف الوحدات السكنية على الساحل. ويقول اللفتنانت كولونيل بيليج زئيفي الذي يقود عمليات المناقصات لوزارة الدفاع إن هذا الانتقال يتيح للجيش مزايا أيضا ومن ذلك مجمع للمخابرات في وسط المدينة بقيمة ثلاثة مليارات دولار . وبصفة عامة سيتعين على نحو 30 ألف جندي وضابط وأفراد أسرهم الانتقال إلى بئر السبع ومناطق محيطة في صحراء النقب التي تمثل ثلثي أراضي اسرائيل.

وقال زئيفي إن الاستثمار الحكومي في الإسكان والمراكز الثقافية والبنية الأساسية في منطقة بئر السبع سيضخ نحو 1.6 مليار دولار سنويا في الاقتصاد المحلي. وأول المنشآت التي سيتم إقامتها مجمع للتدريب بتكلفة 500 مليون دولار ومركز للبيانات تكلفته 400 مليون دولار. وقال زئيفي "هذه فرصة للجيش لتحسين البنية الأساسية وإجراء تغييرات تنظيمية وتعزيز الكفاءة بوجه عام. "نحن نتحدث عن مركز للبيانات أكبر بعشرة أمثال من أي مركز آخر في اسرائيل ومراكز للإمداد لم يسبق لها مثيل هنا." والوزارة على اتصال ببعض أكبر شركات التكنولوجيا في العالم للدخول في شراكة بين القطاعين العام والخاص لتنفيذ المشاريع خلال السنوات العشر القادمة. وقال زئيفي "نحتاج إلى شريك يتمتع بالمعرفة والقدرة والخبرة."

تقرير أوروبي يندد

في السياق ذاته قال دبلوماسيون من دول الاتحاد الأوروبي ان قيام إسرائيل بالبناء في الأراضي المحتلة يمثل أخطر تهديد لإقامة دولة فلسطينية وحثوا اوروبا على عدم تمويل أي أنشطة استيطانية. وجاء في الوثيقة غير الملزمة التي أعدها دبلوماسيو الاتحاد الأوروبي في القدس الشرقية والضفة الغربية التي احتلتها إسرائيل عام 1967 انه يجب على دول الاتحاد بذل مزيد من الجهد لضمان استبعاد المستوطنات من المزايا التجارية التي تتمتع بها إسرائيل.

وجاء في التقرير الداخلي الذي ارسل الى بروكسل للدراسة في وقت سابق "لا يزال بناء المستوطنات هو أكبر تهديد لحل الدولتين. فهو ممنهج ومتعمد واستفزازي." ورفض المسؤولون الاسرائيليون مرارا دعوات دولية لوقف النشاط الاستيطاني على الأراضي التي يطالب بها الفلسطينيون لإقامة دولتهم. وندد التقرير بمعاملة اسرائيل للفلسطينيين في القدس الشرقية. كما حث دول الاتحاد الاوروبي على "الا تدعم. التعاون في مجالات البحوث والتعليم والتكنولوجيا" وان تعمل على الحد من الاستثمارات المالية في قطاع الاعمال الإسرائيلي الذي يعمل في الاراضي المحتلة.

وقال التقرير إنه يتعين على الدول الأوروبية بحث منع "من يعرفون بأنهم مستوطنون يتبنون العنف" من دخول أراضيها. ووصف ييجال بالمر المتحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية التقرير بأنه لا يساعد جهود اقرار السلام في المنطقة. وقال "مهمة الدبلوماسي هي بناء الجسور والجمع بين الناس لا تشجيع المواجهة. من الواضح ان قناصل الاتحاد الأوروبي فشلوا في مهمتهم."

ورحبت السياسية الفلسطينية البارزة حنان عشراوي بالتقرير ودعت دول الاتحاد الاوروبي للالتزام بتوصياته. وقالت عشراوي في بيان "لقد عبر هذا التقرير عن استنتاج الاتحاد الأوروبي بأن استمرار التصعيد والاستفزاز الاسرائيلي والتنكر للقرارات الدولية أصبح يشكل تهديدا حقيقياً لحل الدولتين ولفرص السلام والاستقرار في المنطقة". ودعت عشراوي الإتحاد الأوروبي إلى لعب دور مباشر ومميز في عملية السلام وفي مواجهة الانتهاكات الاسرائيلية وردعها ووقف الاستيطان داخل القدس وفي محيطها "واتخاذ التدابير اللازمة لمساءلة القوة القائمة بالاحتلال على هذه الانتهاكات وإنزال العقوبات عليها".

وقالت انه حان الان وقت فرض الارادة السياسية المطلوبة لمحاسبة اسرائيل قبل تدمير جميع فرص السلام. وقال مبعوثو الاتحاد الاوروبي ان العرب يواجهون مشاكل مستمرة في المدينة من بينها اعمال الهدم والطرد والتخطيط "المقيد" و"التمييز في الدخول" الى الاماكن المقدسة والتعليم "غير المنصف" و"صعوبة الحصول" على الرعاية الصحية.

من جهة أخرى أبدى عدد كبير من وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي استعدادهم لدعم مساعي وزيرة خارجية الاتحاد كاثرين اشتون من اجل وضع بطاقة بيانات تعريفية على المنتجات القادمة من المستوطنات الاسرائيلية، كما جاء في رسالة. وجاء في هذه الرسالة التي وجهها الى اشتون 13 وزير خارجية من بينهم البريطاني ويليام هيغ والفرنسي لوران فابيوس "نحيي بحرارة تصميمكم على وضع قواعد أوروبية بشأن وضع بطاقة بيانات تعريفية على منتجات المستوطنات" الاسرائيلية.

واضافت الرسالة "انها خطوة مهمة لضمان التطبيق السليم والمنسق لتشريع الاتحاد الاوروبي بشان حماية المستهلكين وبطاقة التعريف وهو ما يتفق مع السياسة التي يتبعها منذ وقت طويل الاتحاد الاوروبي حيال المستوطنات الاسرائيلية في الاراضي الفلسطينية المحتلة". وأكد الموقعون "نحن على استعداد لمساعدتكم لتحقيق تقدم في هذه المهمة الكبيرة". والموقعون هم اضافة الى وزيري فرنسا وبريطانيا وزراء خارجية النمسا وبلجيكا والدنمارك واسبانيا وفنلندا ولوكسمبورغ ومالطا وهولندا والبرتغال وجمهورية ايرلندا وسلوفينيا.

وفي 12 ايار/مايو 2012 ثم في العاشر من كانون الاول/ديسمبر من العام نفسه اكدت الدول الاعضاء في الاتحاد الاوروبي علنا عزمها على تطبيق "التشريع الاوروبي والاتفاقات الثنائية المتعلقة بالسلع التي تنتجها المستوطنات" الاسرائيلية. واعتبر المتحدث باسم وزارة الخارجية الاسرائيلية يغال بالمور هذه المبادرة "تمييزية" وقال ان "وضع بطاقة التعريف سيكون اجراء عادلا اذا كان عالميا ويشمل كل المناطق المختلف عليها". بحسب فرنس برس.

ونظرا لان القانون الدولي لا يعترف بشرعية المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية المحتلة والقدس الشرقية المحتلة التي ضمتها اسرائيل فان السلع والمواد المنتجة في هذه المستوطنات لا ينبغي ان تستفيد من الامتيازات الضريبية التي يمنحها الاتحاد الاوروبي. الا ان اسرائيل ترفض وضع بطاقة تعريف خاصة على منتجات مستوطناتها مكتفية بتقديم الرمز البريدي للمصدر وهي تحتج عندما يعتمد اي بلد قانونا في هذا الصدد. وفي تشرين الاول/اكتوبر الماضي اشار تقرير اصدرته 22 منظمة غير حكومية الى ان الاتحاد الاوروبي يستورد سنويا من منتجات المستوطنات الاسرائيلة ما يزيد 15 ضعفا عما يستورده من الاراضي الفلسطينية اي ما قيمته 230 مليون يورو مقابل 15 مليون يورو.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 6/آيار/2013 - 25/جمادى الآخرة/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م