اعمال ابداعية تستحضر الارث الانساني الجميل

 

شبكة النبأ: الرسوم العالمية التي انجزها كبار الفنانين المبدعين أصبحت اليوم ثروة وكنز كبير ومهم للكثير من الدول والحكومات، التي تسعى الى ابراز ارثها الثقافي والانساني من خلال عرض تلك الاعمال الخالدة ذات الاهمية التاريخية في متاحف وطنية خاصة من أجل خدمة المجتمع وتطويره، وفي هذا الشأن فقد اعلن متحف اللوفر ابوظبي ان لوحة لبابلو بيكاسو لم تعرض قط من قبل وتمثل رسما بتقنية الصور الملصقة (كولاج) لحفيدة القصير الروسي اسكندر الثاني، قد انضمت الى المجموعة الدائمة للمتحف العتيد. وذكر المتحف في بيان ان لوحة صورة امرأة لم يسبق عرضها امام الجمهور من قبل" وهي من "الاعمال الفريدة التي لم يرد ذكرها الا في كتاب حياة بيكاسو سنوات النصر 1917 - 1932 للمؤرخ البريطاني جون ريتشاردسون عام 2007.

وستعرض اللوحة في معرض نشأة متحف الذي يضم 130 عملا جديدا استحوذت من قبل ابوظبي لتصبح ضمن المجموعة الدائمة لمتحف اللوفر ابوظبي الذي سيفتتح ابوابه في 2015 على جزيرة السعديات. واستخدم بيكاسو في هذه اللوحة التي تعود للعام 1928 فن "الكولاج" او "الصور الملصقة". وبحسب المؤرخ البريطاني ريتشاردسون، فان هذه اللوحة الفريدة التي لا يوجد تقدير دقيق لثمنها، تجسد نتالي بالي حفيدة قيصر روسيا اسكندر الثاني وزوجة مصمم الازياء لوسين ليلونغ. وكانت بالي احدى عارضات الازياء الشهيرات في زمنها.

ويعتقد ان بيكاسو استخدم صورا فوتوغرافية لتنفيذ هذا العمل الفني لتجسيد وجهها البيضوي وملامحها الدقيقة وهيئتها النحيلة. وتسعى ابوظبي التي تملك 8 % من النفط العالمي، لتكريس نفسها عاصمة ثقافية للمنطقة لاسيما عبر مشاريع متاحف جزيرة السعديات الثلاث اللوفر وغوغنهايم ومتحف زايد الوطني.

وسيشكل متحف اللوفر ابوظبي الذي صممه الفرنسي جان نوفيل، جزيرة بحد ذاتها ضمن جزيرة السعديات المتاخمة لشواطئ ابوظبي، وتعلوه قبة عملاقة قطرها 180 مترا فيها فتحات متشابكة مستوحاة من سعف النخيل وتسمح لاشعة الشمس بالدخول الى اروقة المتحف. ويقوم المتحف بتشكيل مجموعته الفنية الخاصة كما سيقوم باستعارة مجموعات فنية بموجب اتفاق مع متحف اللوفر الفرنسي، ووكالة المتاحف الفرنسية.

الى جانب ذلك عادت عشرات من لوحات الرسام الهولندي الشهير فنسنت فان غوخ من بينها واحدة من سلسلة "دوار الشمس" و"غرفة النوم" الى المتحف الذي يحمل اسم الفنان استعدادا لإعادة فتحه بعد اشغال استمرت اشهرا على ما اعلن المتحف. وقال المتحف في بيان " عادت الى متحف فان غوخ لوحات دوار الشمس وغرفة النوم. هذه التحف واخرى ايضا ستعرض في اطار معرض فان غوخ ، وكان متحف فان غوخ اغلق ابوابه في ايلول/سبتمبر لاجراء تحديثات. وقد نقلت في هذا الاطار حوالى 75 لوحة الى متحف ارميتاج في امستردام في اطار معرض استقطب 665 الف زائر. وعادت هذه اللوحات الى متحف فان غوخ. بحسب فرنس برس.

ولوحة "دوار الشمس" يبلغ ارتفاعها 95 سنتمترا وعرضها 73 وهي من بين مئتي لوحة يتضمنها معرض "فان غوخ في عمله". وستعلق اللوحة العائدة الى العام 1889 الى جانب احدى اللوحات السبع في سلسلة "دوار الشمس" لفان غوخ (1853-1890) التي اعارها متحف ناشونال غاليري في لندن ويشكل متحف فان غوخ المتحف الرئيسي الثالث الذي يعيد فتح ابوابه بعد ورشة اشغال.

مزادات واسعار

في السياق ذاته بيعت لوحة "تشاينيز غيرل" للفنان الجنوب افريقي فلاديمير تريتشيكوف التي قدمت على انها العمل الفن الاكثر نسخا في العالم، بسعر مليون جنيه استرليني تقريبا في مزاد علني نظمته دار بونامز في لندن. واشترى اللوحة رئيس "غراف دايمندز انترناشنال" مصمم المجوهرات البريطاني لورانس غراف بسعر 982 الف جنيه استرليني (1,1 مليون يورو) اي اكثر من ضعف سعرها المقدر على ما اوضحت دار المزادات.

وقال جوليان روب مسؤول التسويق في دار بونامز "هذا سعر قياسي جديد لاحد اعمال تريتشيكوف" وهو مهاجر روسي انتقل الى جنوب افريقيا (1913-2006). واللوحة التي رسمت في الخمسينات ستعرض في "ديلير غراف إستايت" في ستيلينبخ قرب الكاب في جنوب افريقيا وهي دارة لورانس غراف في اطار مجموعته من الاعمال الفنية الجنوب افريقية.

واوضح جوليان روب ان اللوحة تعود الى الكاب حيث رسمها تريتشيكوف انه لامر رائع. وعمل "تشاينيز غيرل" مرسوم بالفحم على لوحة سمراء ويمثل امرأة يميل لون وجهها الى الاخضر مع شفتين حمراوين ترتدي قيمصا ذهبي اللون. وقالت بونامز انها اللوحة الاكثر نسخا في العالم وكان تريتشيكوف قد قال قبل وفاته انه باع نصف مليون نسخة كبيرة الحجم عن هذا العمل.

الى جانب ذلك بيعت لوحة لشارل لوبران (1619-1690) اكتشفت في احد اجنحة فندق ريتز في باريس بسعر 1,44 مليون يورو وهو سعر قياسي لعمل لهذا الفنان في مزاد على ما افادت دار كريستيز فرنسا. واللوحة انجزها الفنان الفرنسي في شبابه وهو اصبح لاحقا رسام لويس الرابع عشر . وكانت اللوحة وهي بعنوان "تضحية بوليكسين" تزين من دون ان يعرف احد انها عائدة للفنان الكبير، صالون الجناح الانيق الذي اقامت فيه لفترة كوكو شانيل مصممة الازياء الفرنسية الكبيرة التي توفيت العام 1971.

وكان سعر هذه اللوحة الزيتية الكبيرة مقدرا بين 300 و500 الف يورو. وقد تنبه لها جوزف فريدمان المستشار الفني في فندق الريتز وزميلته واندا تيموفسكا خلال قيامهما بجردة للاعمال الفنية والاثاث في هذا الفندق العريق الذي يملكه الملياردير المصري محمد الفايد. وقد اغلق الفندق الفخم الذي يحتل مبنى عائدا للعام 1705 في ساحة فاندوم، ليخضع لاعمال ترميم كبيرة. وسيذهب ريع المزاد لمؤسسة دودي الفايد نجل الملياردير المصري الذي توفي في 31 آب/اغسطس 2007 مع الاميرة ديانا في حادث سير في باريس.

من جهة اخرى قالت صحيفة نيويورك بوست إن الملياردير الامريكي ستيفن كوهين اشترى لوحة شهيرة للرسام الاسباني بابلو بيكاسو من قطب اندية القمار ستيفن وين بسعر قياسي. ونقلت الصحيفة عن مصدر لم تفصح عنه أن كوهين الذي يدير صندوق التحوط ساك كابيتال ادفيسورز برأسمال 15 مليار دولار اشترى لوحة لاريف (الحلم) مقابل 155 مليون دولار. ورسم بيكاسو اللوحة في 1932. وقالت الصحيفة إن هذا هو اعلى سعر على الاطلاق يدفعه هاو امريكي لشراء عمل فني. ورفض متحدث باسم كوهين الادلاء بتعقيب في حين لم يرد متحدث باسم وين على طلب للتعليق. بحسب فرنس برس.

على صعيد متصل اشترى جامع تحف صيني لوحة صينية على حرير تعود الى القرن السابع عشر بسعر 3,36 ملايين يورو في بوردو (جنوب غرب فرنسا) خلال مزاد علني. واللوحة المنجزة على الحرير طرحت للبيع بسعر مئة الف يورو وهي جزء من لفافة تمتد على امتار عدة تصف رحلة تفقدية في جنوب البلاد للامبراطور كانغتشي رسمت في نهاية القرن السابع عشر وتتمتع بدقة استثنائية.

والعمل البالغ طوله 2,50 مترا وعرضه 68 سنتمترا مأخوذ من اللفافة السادسة من اصل 12 لفافة رسمها الفنان وانغ هوي (1632-1717) في 1690 لوصف رحلة هذا الامبراطور الذي يعتبر حكمه (1662-1722) الاطول في تاريخ الصين. وتجزئة هذه اللفافات التي يمكن ان يصل طولها احيانا الى عشرات الامتار حصل في الثلاثينات والاربعينات. وحضر الكثير من الاسيويين المزاد الذي شكلت القطع الصينية جزءا منه فقط. وقد بيعت اللوحة هذه بعد مزايدات محتدمة اقتصرت في النهاية على مزايدين صينيين اثنين.

توقيع لرامبرانت

من جهة اخرى اعلنت المؤسسة البريطانية "ذي ناشونال تراست" ان بورتريه ذاتي للرسام الهولندي رامبرانت هو فعلا بريشته بعدما اعتبر حتى الان انه من توقيع احد تلامذة الفنان الكبير وقد قدر سعر اللوحة بعشرين مليون جنيه استرليني (23,3 مليون يورو). وحصلت هذه المؤسسة البريطانية التي تعنى بالمحافظة على الاماكن والاعمال ذات المصلحة العامة في بريطانيا هذه اللوحة العام 2010 في اطار تركة زوجة جامع اعمال فنية بريطاني.

وقد اكد الخبير الهولندي ارنست فان دي فيتيرينغ الاخصائي المعروف عالميا باعمال رامبرانت ان هذا البورتريه الذاتي رسمه الفنان ووقعه عدنما كان في سن التاسعة والعشرين ويعود للعام 1635 على ما اوضحت المؤسسة. وفي العام 1968 قال هورست غيرسون وهو خبير ايضا باعمال الفنان ان اللوحة قد تكون من توقيع احد تلاميذ الفنان الكبير. وفي السنة ذاتها درس مشروع البحث حول رامبرانت (ذي رامبرانت ريسيرتش بروجيكت) اللوحة ايضا وتوصل الى الاستنتاج نفسه.

وقال ارنست فان دي فيتيرينغ الرئيس الحالي لمشروع البحث حول رامبرانت "خلال السنوات الخمس والاربعين الاخيرة اصبح لدينا معلومات اكثر بكثير حول لوحات رامبرانت الذاتية والفروقات في اسلوبه". وقال ديفيد تايلور امين اللوحات والمنحوتات في "ناشونال تراست" ان "رامبرانت كان احد كبار فناني العصر الذهي الهولندي. لقد انجز عددا كبيرا جدا من البورتريهات الذاتية طوال مسيرته الفنية. وهذا البورتريه بات يشكل الان احد اهم الاعمال الفنية التي لدينا ويشكل العمل الوحيد لرامبرانت في مجموعة ناشونال تراست التي تضم 13500 لوحة". بحسب فرنس برس.

واوضحت المؤسسة ان سعر اللوحة يقدر بعشرين مليون جنيه استرليني الا انها لن تعرض ابدا للبيع. واللوحة التي امتلكها عدة امراء من ليشتنشتاين معروضة منذ العام 2010 في دير باكلاند في منطقة ديفون في جنوب غرب انكلترا المنزل السابق للمستكشف فرنسيس برايك. وستبقى هناك لثمانية اشهر اضافية قبل ان تنظف وتحلل بطريقة معمقة اكثر. وستشمل هذه الدراسة صورا بالاشعة وتحليلا للصباغ المستخدم وفحوصات بالاشعة دون الحمراء.

ايقاظ الضمائر

من جهة اخرى تعرض في مدينة نابولي جنوب ايطاليا إحدى اجمل رسوم الفنان ميكيلانجلو (1475-1564) بهدف "ايقاظ الضمائر في مناطق تنهشها المافيا"، بحسب ما يقول منظمو المشروع. يرفع رسم "لا ليدا" في مدرسة في كازافاتوري بهدف "استحضار الثقافة والابداع والجمال خصوصا"، وفق ما قال مسؤولون محليون ومنظمات أهلية وثقافية.

وقالت وزيرة الداخلية انا ماريا كانسلييري التي تساند اجهزتها هذا المشروع "ان عمل الشرطة لا بد منه لمكافحة الجريمة المنظمة، لكن حتى نكسب هذه المعركة لا بد ايضا من ايقاظ الضمائر". ويصور هذا الرسم رأس شخص غير معروف، وهي تعد من اهم اعمال ميكيلانجلو. وقالت بينا راجيونييري مديرة منظمة بيت بيوناروتي التي اعارت الرسم للمدرسة "ان هذا الرسم ليس جميلا فحسب، فقد رسمه ميكيلانجلو فيما كان يدافع عن قيم الحرية والعدالة". بحسب فرنس برس.

وشهدت مدينة كازافاتوري (شمال) في السنوات الاخيرة عددا من جرائم القتل والنشاطات الاجرامية نفذتها الكامورا اي مافيا منطقة نابولي. وقال مسؤول في جمعية ليبيرا المتخصصة في شؤون مكافحة المافيا منذ العام 1995 "سيشعر السكان في كازافاتوري اخيرا انهم مسؤولون عن التراث الايطالي" مضيفا "الجمال يغذي القيم الضرورية لمواجهة المافيا".

الفن والمكفوفين

عيناها لا تبصران شيئا لكن عندما تمرر بربارا ابيل اصابعها على وجه منحوتة لبيكاسو في متحف الفن الحديث في نيويورك تتنهد مستمتعة. وغالبية زوار المتاحف يتوجهون اليه لمشاهدة معارض تقام فيه، لكن النسبة لمتحف الفن الحديث في نيويورك حب الفن يمكن ان يكون اعمى بكل ما للكلمة من معنى.

ففي كل شهر ترافق مجموعة تعاني من مستويات مخلتفة من فقدان البصر، دليلا متخصصا الى هذا المتحف الشهير في مانهاتن. وتعتبر ابيل البالغة 62 عاما التي فقدت بصرها فجأة قبل عقد من الزمن ان برنامج "آرت إنسايت" هو رابط ضروري لجزء حيوي من عالمها الذي كانت تخشى انه اختفى نهائيا. وتقول مصممة الجواهر هذه متحدثة عن اهمية المتاحف في عملها "مع هذا البرنامج اشعر فعلا باني على تواصل، انا على تواصل مع شيء لطالما احببته، شيء لطالما شكل حافزا لي".

وغالبية الاعمال المعروضة عبارة عن لوحات او رسومات هشة او رسومات فكان اللمس ممنوعا. وكان ينبغي على افراد هذه المجموعة تاليا ان يعتمدوا على الدليل ..ومخيلتهم لتصور اعمال فاسيلي كاندينسكي وازيمير ماليفيتس واخرين من بدايات القرن العشرين، المحطمة للقواعد والتي يصعب وصفها. وامام كل عمل توقفت المجموعة ليس فقط للاستماع الى وصف الدليل الدقيق بل ايضا لاجراء نقاش حول معنى العمل الفني.

وقد امضت المجموعة وقتا طويلا امام منحوتة تعود للعام 1918 للفنان مارسيل دوشان ذات عنوان ملتبس عمدا "لننظر (من الجانب الاخر من الكوب) بعين واحدة، عن قرب، على مدى ساعة تقريبا". كاري ماغي التي تشرف على برامج المتحف الموجهة الى المعوقين تقول ان المكفوفين كانوا اول من دعي لزيارة معارض المنحوتات في السبعينات. بعدها اتخذ قرار بالسماح لهؤلاء الزوار برؤية اللوحات واعمال فنية اخرى لا يمكن لمسها. وتقول "غالبا ما كان علينا ان نبذل جهودا اضافية لاشراك حواس مختلفة في هذه التجربة".

فعلى سبيل المثال عندما اتى زوار مكفوفون لرؤية احدى نسخ لوحة "الصرخة" لادفارد مونش اعيرت الى المتحف، تمت دعوتهم الى تمثيلها مع الفم المفتوح واليدين على الوجه. احدى المرشدين وجميعهم خبراء في الفن من خارج المتحف، قالت ان العمل مع اشخاص يعانون مشاكل في النظر، فتح عينيها. وتوضح ديبورا غولدبرغ "هذا الامر يساعدني على رؤية الفن بشكل افضل لان علي ان اصفه بطريقة مختلفة لامكنهم من ادراكه. فهم سيكتشفون اشياء نتجاهلها في كثير من الاحيان". الا ان التواصل المباشر الذي يوفره لمس منحوتة ما، لا مثيل له. بحسب فرنس برس.

وبعد الجولة الاعتيادية وافق عاملون في المتحف على اقتياد ابيل الى معرض بيكاسو الذي يتضمن احدى اولى الخطوات في تطوير المدرسة التكعيبية وهو عبارة عن رأس برونزية تمثل عشيقة الفنان فيرناند اوليفييه. وبدت على وجه ايبل علامات التركيز الشديد والاستمتاع فيما يدها اليسرى ابحرت مستكشفة تضاريس العمل. وقد لمست الانف والوجنتين وقالت "اني المس وجهها هنا" فيما زوجها يقول لها "هل تشعرين بحدة انفها". وتؤكد ابيل "المس ما يتم وصفه فيتحول واقعا بالكامل. لا زلت ارى ولا زلت استمتع بالفنون كما كنت افعل من قبل. فهناك نظر رائع في ذهن الانسان".

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 5/آيار/2013 - 24/جمادى الآخرة/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م