العراق... المأزق المستدام وتداعيات تحصد الارواح

 

شبكة النبأ: يشهد العراق تفجيرات وحوادث عنف دامية  بشكل يومي في أغلب المحافظات، تؤدي الى قتل عشرات من الضحايا، سواء كانوا من أفراد الشعب  او من لعناصر الأمنية، فعلى الرغم من خروج العراق من براثن حرب أهلية طائفية كادت تفضي بالبلاد إلى حالة من الدمار الشامل. إلا أن العراق لم ينجح في شق طريقه والخروج من هذا المأزق المستدام حتى الأن، و أصبحت أعمال العنف مشهدا شبه يومي يتكرر على الأرض العراقية. 

فعلى ما يبدو أن العراق بات على شفا حفرة من السقوط في نار الحرب الأهلية والاقتتال الطائفي مجددا، بسبب تزايد وتيرة موجة العنف الدامي بالتفجيرات ضد الشعب والهجمات الإرهابية ضد قوات الامن، لتحصد أرواح العديد من الابرياء، وأثارت هذه الموجة التي وصفها البعض بالانتكاسة الامنية، حيث  اخذت هذه الاحداث الامنية  منعطفا خطيرا بات يهدد بجر البلاد نحو اقتتال طائفي اكثر شراسة، إذ يهدد الصراع السياسية بإحياء المذابح الطائفية التي دفعت البلاد إلى حافة الحرب الأهلية الشاملة في الفترة من 2005 إلى 2007، إذ يرى الكثير من المحللين بأن التقصير الأمني مؤشر أساسي للضعف الأمني في البلاد، وان  الخلافات السياسية الداخلية والصراعات المستدامة بين السياسيين وضعت الكثير من العقبات أمام تحسن الأمن خاصةً في الآونة الأخيرة، إذ تشكل تلك النزاعات احد ابرز العوامل التي تغدي ديمومة هذه الأزمة.

بينما يرى المحللون آخرون ان تصاعد العنف من خلالها فلول النظام السابق وبالدعم من بعض الأطراف الإقليمي التي تسعى الى استعادت هيمنتها مجددا، وبث روح الطائفية بين أبناء الشعب العراقي لأشعل فتيل الحرب الطائفية من جديد،  وتعمل هذه المجاميع المتمردة الإرهابية على تغذية العنف في العراق باستغلال الأزمة التي تمر بها سوريا لنقل أجندتها الى العراق، ولتعيد الحياة لممارساتها الإرهابية، فيما يرى مراقبون بأن هذه الموجة من هجمات الإرهابية زادت من المخاوف بشأن عودة العنف الواسع النطاق، وقد أعتبرها البعض تصفية حسابات أيضاً من ميراث الحرب الأهلية.

وهذه المؤشرات الهامة تقدم أهم الأسباب التي تقف وراء ذلك العجز الأمني،  لذا أصبحت مخاوف الشعب التي نتجت ذلك نيران الخلافات السياسية المتجددة بين تلك جميع الاطراف السياسية، التي تشترك في تشريح جسد العراق وتجذر المخاوف في قلوب العراقيين، ومازالت مسيطرة على مستقبلهم المجهول، لذا سيتعين على العراقيين حل مشاكلهم لوحدهم ونبذ جميع الإطراف الخارجية، وعليه فإن غليان الازمات وتكاثرها، تثير قلقا شديدا في نفوس الشعب العراقي، ليصبح عدم الاستقرار هاجسا مرعبا لهم، فهو يضع مستقبل العراق خلف قضبان العنف المستدام.

حوادث امنية عنيفة

فقد قتل 16 شخصا واصيب اكثر من تسعين اخرين بجروح في انفجار خمس سيارات مفخخة في مدن ومناطق شيعية جنوب بغداد، وفقا لمصادر امنية وطبية، وقال ضابط برتبة عميد في الشرطة لوكالة فرانس برس ان "سيارتين مفخختين انفجرتا قرب سوق شعبي في العمارة (305 كلم جنوب بغداد) ما ادى الى مقتل سبعة اشخاص واصابة 45 اخرين بجروح بينهم نساء واطفال"، واكد مصدر طبي رسمي حصيلة ضحايا التفجير، واشارت حصيلة اولية سابقة الى مقتل سبعة اشخاص وجرح 34 اخرين.

وفي هجوم اخر، اعلن قائد شرطة الديوانية (160 كلم جنوب بغداد) العميد عبد الجليل الاسدي عن مقتل شخصين واصابة 25 بجروح في انفجار سيارة مفخخة في وسط المدينة، واكد الطبيب عدنان تركي معاون مدير صحة محافظة الديوانية الحصيلة ذاتها.

وفي مدينة كربلاء (110 كلم جنوب بغداد) قال المقدم احمد الحسناوي المتحدث باسم شرطة المدينة ان "انفجار سيارة مفخخة مركونة في الحي الصناعي في جنوب كربلاء ادى الى وقوع عدد من الضحايا بين قتيل وجريح"، واكد جمال مهدي المتحدث باسم دائرة صحة كربلاء مقتل ثلاثة اشخاص واصابة 12 في الانفجار. بحسب فرانس برس.

وهذه ثالث محافظة في جنوب العراق تتعرّض لهجمات بالسيارات المفخّخة اليوم، بعد محافظتي ميسان والديوانية.

كما انفجرت سيارة مفخخة وسط مدينة النجف ، ما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى، وقال مصدر أمني إن "سيارة مفخخة انفجرت، قرب مدخل مدينة النجف القديمة في ساحة ثورة العشرين، ما أسفرعن مقتل وإصابة عدد من المدنيين".

وفي المحمودية (30 كلم جنوب بغداد) قال ضابط برتبة نقيب في الشرطة ان "انفجار سيارة مفخخة مركونة عند مجمع تجاري في المحمودية ادى الى وقوع قتلى وجرحى" دون الاشارة لتفاصيل اكثر، واكد مصدر طبي في مستشفى المحمودية تلقي جثث اربعة اشخاص بينهم امرأة و18 جريحا بينهم ثلاث نساء وثلاثة اطفال جراء الانفجار، وقتل 440 شخصا على الاقل واصيب اكثر من 1170 بجروح في اعمال عنف في العراق منذ بداية نسيان/ابريل بحسب حصيلة تعدها فرانس برس استنادا الى مصادر عسكرية وامنية وطبية.

كما قتل 3 من عناصر قوات الصحوة وأصيب 2 آخران بجروح في هجوم على نقطة تفتيش أمنية، غرب الرمادي مركز محافظة الأنبار في غرب العراق.

وقال مصدر أمني محلي إن "مسلحين مجهولين هاجموا نقطة تفتيش تابعة لقوات الصحوة في قضاء هيت غرب الرمادي، ما أدى إلى مقتل 3 من عناصرها وإصابة 2 آخرين بجروح"، وكان المجمع الحكومي في مدينة الرمادي مركز المحافظة عينها، تعرض صباح اليوم لهجوم بقذائف الهاون لم يسفر عن وقوع خسائر بشرية . بحسب يونايتد برس.

اعتقل قائد تنظيم ارهابي في الفلوجة

اعتقلت قوات الامن العراقية القائد العسكري لما يسمى بـ تنظيم "الجيش الاسلامي" المتمرد في مدينة الفلوجة غرب بغداد، حسبما ذكر بيان لوزارة الدفاع، وجاء في البيان ان "قوات التدخل السريع تمكنت من القاء القبض على الارهابي جساس علاوي رماح، قائد ما يسمى بالتنظيم العسكري للجيش الاسلامي في منطقة عامرية مدينة الفلوجة (60 كلم غرب بغداد)"، واضاف البيان ان المعتقل "اعترف بقيامه بعدد من العمليات الارهابية بينها اطلاق صواريخ موجهة على بغداد اثناء انعقاد مؤتمر القمة العربية (في اذار/مارس 2012) وتنفيذ عمليات قتل وخطف للمواطنين"، كما اسفرت العملية بحسب البيان عن "تحرير ثلاثة مختطفين وتسليمهم الى ذويهم، وفقا للبيان". بحسب فرانس برس.

كما أعلن مصدر أمني عراقي في محافظة ديالى عن مقتل قيادي في تنظيم "القاعدة"، وإصابة اثنين من مساعديه في اشتباك مع قوة من الجيش شمال بعقوبة، ونقل موقع "السومرية نيوز" عن المصدر قوله إن "قوة من الجيش العراقي اشتبكت مع خلية مسلحة مرتبطة بتنظيم القاعدة الإقليمي، قرب منطقة الطبج، شمال بعقوبة، وتمكنت من قتل قيادي وإصابة 2 من مساعديه".

وأضاف المصدر إن "الأجهزة الأمنية تلاحق حالياً عناصر من القاعدة هربت إلى بعض الوديان القريبة من موقع الحادث". بحسب  يونايتد برس.

من جهة أخرى فرضت السلطات العراقية حظرا للتجوال ليلا عقب مقتل خمسة من الجنود على أيدي ميليشيات مسلحة في مدينة الرمادي بمحافظة الأنبار ذات الأغلبية السنية، وفي مدينة الموصل، أفاد مصدر أمني بأن ثلاثة مسلحين قتلوا عقب اشتباكات جرت بين قوات الجيش ومسلحين في منطقة النمرود جنوب شرق المدينة وصادر الجيش العراقي سيارتين محملتين بالأسلحة.

وكان رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي قال إن الفتنة الطائفية عادت إلى العراق قادمة من بلد آخر في المنطقة، في إشارة الى سوريا على الأرجح.

وقال المالكي في افتتاح المؤتمر الإسلامي الدولي للحوار والتقريب في بغداد إن "الطائفية شر ورياح الطائفية لا تحتاج لاجازة عبور من هذا البلد إلى آخر، وما عودتها إلى العراق إلا لانها اشتعلت في منطقة اخرى في الاقليم". بحسب البي بي سي.

وسقط أكثر من 200 قتيل، في سلسلة من أعمال العنف، منذ الثلاثاء الماضي إثر مداهمة قوات الأمن العراقية ساحة اعتصام للسنة في بلدة الحويجة مما أدى إلى اشتباكات امتدت سريعا إلى مناطق سنية أخرى في محافظات غربي وشمالي العراق.

وكانت الاحتجاجات انحسرت في الآونة الأخيرة لكن مداهمة الجيش الأسبوع الماضي لساحة الاعتصام في الحويجة أشعل من جديد الاستياء في أوساط السنة الأمر الذي قد يعطي دفعة جديدة للمسلحين المناوئين للحكومة.

مواجهات بين الجيش والعشائر في بيجي والطارمية وحديثة   

أفاد شهود عيان في العراق بأن مسلحين من ابناء العشائر سيطروا على عدد من الحواجز الأمنية في بلدة بيجي شمالي العاصمة بغداد، وقال الشهود إن ذلك أعقب اشتباكات دارت بين قوات الجيش العراقي والمسلحين، إثر حملة مداهمات واعتقالات شنها الجيش، كما لقي عشرون شخصا على الأقل حتفهم في تفجيرات قنابل في بغداد أمس بالقرب من مساجد معظمها سنية، في غضون ذلك، قالت مصادر أمنية عراقية إن اشتباكات مماثلة وقعت في منطقة الطارمية ومدينة الفلوجة، أما في مدينة حديثة، فقد هاجم مسلحون رتلا عسكريا وأضرموا النيران في اثنتين من عرباته.

وفي وقت لاحق، نقلت وكالة فرانس برس عن مصادر أمنية وطبية عراقية ثقولها إن مسلحين قتلوا السبت خمسة من عناصر الاستخبارات العسكرية غربي بغداد، وخمسة من أفراد الصحوات شمالي العاصمة.

إغلاق منفذ طريبيل بين العراق والأردن

من جهتها أعلنت وزارة الداخلية الأردنية أن السلطات العراقية أبلغت الحكومة الأردنية، من خلال سفارتها في عمان، بأنها ستغلق منفذ طريبيل الحدودي مع الأردن أمام حركتي المسافرين والشحن لأسباب تتعلق بالشأن الداخلي العراقي.

وأكدت الوزارة في بيان صحفي نشرته وكالة الأنباء الأردنية (بترا) أن عملية الإغلاق لن تشمل حركة الطيران التي ستسير كالمعتاد خلال فترة الإغلاق ودون تغيير على جميع الرحلات المقررة، وأضاف البيان أن الوزارة تعمل حاليا بالتنسيق مع السفارة العراقية في عمان لإيجاد حل مناسب يضمن استمرار تدفق الصادرات الزراعية الأردنية إلى السوق العراقية خلال فترة الإغلاق، وطلبت الوزارة في البيان من الأردنيين التقيد بمواعيد الإغلاق لاختصار الوقت والجهد عليهم. بحسب فرانس برس.

ويشار إلى أن منفذ طريبيل الذي يبعد عن عمان حوالي 370 كيلومترا وعن بغداد حوالي 570 كيلومترا هو المنفذ الوحيد بين البلدين، ويشهد على الدوام حركة نقل للمسافرين والبضائع، بالإضافة إلى نقل النفط الخام العراقي إلى الأردن من خلال الصهاريج.

رئيس صحوة العراق يهدد مسلحي الانبار

كما هدد رئيس صحوة العراق وسام الحردان المسلحين في محافظة الانبار الغربية التي تسكنها غالبية سنية السبت بالعودة الى ايام معارك العام 2006 اذا لم يسلم المسؤولون عن قتل خمسة عناصر من الجيش، وقال الحردان في خبر عاجل نقله تلفزيون "العراقية" الحكومي "اذا لم يسلم قتلة الجيش العراقي ستقوم الصحوة بالاجراءات المطلوبة وتفعل ما فعلته عام 2006"، مضيفا "نمهل المعتصمين 24 ساعة لتسليم قتلة الجيش العراقي والا لن نقف مكتوفي الايدي".

وقتل اليوم خمسة عناصر من استخبارات الجيش على ايدي مسلحين قرب موقع الاعتصام المناهض لرئيس الوزراء نوري المالكي الشعي في الرمادي (100 كلم غرب بغداد)، وفقا للمقدم في شرطة المدينة علي غني اسماعيل. بحسب فرانس برس.

واوضح المصدر ان الاشتباكات بين الجانبين وقعت بعدما اوقف مسلحون عناصر الاستخبارات الذين كانوا يستقلون سيارتين ويجولون قرب مكان الاعتصام، قبل ان يوقفهم المسلحون ويطلبون تفتيشهم، غير ان قائد القوة البرية الفريق الاول الركن علي غيدان مجيد قال في في تصريحات نقلها تلفزيون "العراقية" ايضا ان هؤلاء العناصر "جنود عزل"، معتيرا ان "قتل الجنود العزل فعل جبان لا يمت للعرف العشائري بصلة".

وظهرت قوات الصحوة للمرة الاولى في ايلول/سبتمبر 2006 في محافظة الانبار حيث استطاعت خلال اشهر قليلة طرد تنظيم القاعدة والجماعات المتطرفة التي تدور في فلكه الامر الذي شجع الجيش الاميركي على تعميم هذه التجربة على محافظات اخرى، وقد انتقلت مسؤوليات اكثر من مئة الف مقاتل في مجالس الصحوة الى الحكومة في خريف العام 2008.

تحركات البشمركة الكردية يمثل تطوراً خطيراً

من جانبه اكد مسؤول عسكري عراقي رفيع المستوى ان التحركات العسكرية لقوات البشمركة الكردية قرب مدينة كركوك المتنازع عليها تمثل "تطوراً خطيراً"، وقال قائد القوات البرية في الجيش الفريق الاول الركن علي مجيد غيدان ان "الذي حصل في كركوك اليوم يمثل خرقا" لاتفاقية عسكرية مشتركة، معتبرا ان هذه التحركات "تهدف الى بلوغ ابار وحقول النفط (...) وهو تطور خطير".

مستقبل العراق يتجه الى المجهول

الى ذلك اعتبر ممثل الامين العام للامم المتحدة في العراق مارتن كوبلر ان "البلاد تقف عند مفترق طرق وتتجه نحو المجهول ما لم تتخذ اجراءات "حاسمة وفورية" لوقف انتشار العنف"، وقال كوبلر في بيان ان "البلاد تقف عند مفترق الطرق وتتجه نحو المجهول ما لم تتخذ اجراءات حاسمة وفورية وفعالة لوقف دوامة العنف من الانتشار بشكل اوسع". بحسب فرانس برس.

واضاف "ادعو جميع الزعماء الدينيين والسياسيين للاحتكام الى ضمائرهم واستخدام الحكمة فلا يدعوا الغضب ينتصر على السلام"، معتبراً ان "قادة البلاد يتحملون مسؤولية تاريخية في تولي زمام الامور والقيام بمبادرات شجاعة كالجلوس معاً".

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 2/آيار/2013 - 21/جمادى الآخرة/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م