بعد اغلاق صناديق الاقتراع

جواد العطار

امتازت الانتخابات المحلية التي جرت في العشرين من شهر نيسان الحالي عن سابقاتها ليس بانها اول انتخابات تجري بعد الانسحاب الامريكي، ولا لانها اول انتخابات تجري بخبرات واشراف عراقي دون تدخل الامم المتحدة التي كان دورها هذه المرة وباعترافها، فني فقط.. بل بالتالي:

• انخفاض نسبة المشاركة التي بلغت رسميا ووفقا للمفوضية العليا للانتخابات 51% (وغير رسمي دون هذه النسبة بكثير وفقا لمنظمات مراقبة ومجتمع مدني)، والسبب يعود في ذلك لان المواطن يشعر بالاحباط وعدم الثقة لفشل ادارة مجالس المحافظات السابقة في تنفيذ وعودها بتقديم الخدمات الاساسية، مما ادى الى انصرافه وعزوفه عن المشاركة في الانتخابات في تعبير احتجاجي على ما يجري.. رغم دعوات المرجعيات الدينية الصريحة؛ للمشاركة الفاعلة.

• بروز قوى جديدة في الساحة السياسية؛ حتى وان كانت صغيرة؛ يؤكد على وعي الناخب – المشارك.. وقدرته في الفرز والتقصي والبحث عن التغيير.. وافضليته عن الناخب غير المشارك الذي جلس متفرجا مطالبا بالتغيير وهو بعيدا متقاعسا عن ممارسة حقه الدستوري.

ان بروز هذه القوى ظاهرة صحية جدا (ان كانت مستقلة في قرارها) وليس كما يصفها بعض المحللين من انها ظاهرة غير صحية ستؤدي الى بعثرة القرار السياسي للمجالس القادمة.. يضاف الى ذلك محافظة قوى موجودة في الساحة السياسية وتقدمها في النتائج على نطاق واسع؛ عما كانت عليه في انتخابات 2009 ومنها ائتلاف المواطن؛ والذي يعود بالدرجة الاولى الى قناعة الناخب ببرامجها الانتخابية وطروحاتها في مجال تقديم الخدمة والمواطن اولا..

وان اجتمعت هذه القوى (ائتلاف المواطن مثلا) مع القوى الجديدة التي اظهرتها نتائج الانتخابات (حتى وان كانت صغيرة) مع توفر شرط الالتزام بالبرنامج الانتخابي والسعي الحثيث لتنفيذه بالنسبة للاولى واستقلالية القرار بالنسبة للثانية، فان مجالس محلية قوية تتمكن من تنفيذ المشاريع والنهوض بالخدمات.. سوف تظهر جلية في معظم المحافظات.

• غياب القوى الطائفية او تشتتها او انحسارها مع التنوع الذي حاولت اغلب القوى السياسية المحافظة عليه في معادلتها باختيار مرشحيها بحيث جعلتهم من مختلف المكونات (قد لا يكون ذلك نابعا من رغبة تلك القوى اصلا بنبذ الطائفية بل قد يكون املا بالحصول على اصوات اكبر.. وهو في كلتا الحالتين ظاهرة تنقية للديمقراطية الوطنية؛ ابعدت من خلالها شبح التخندقات الطائفية ولو بحدة اقل او على مستوى الاعلام فقط؛ في واقع متلاطم وعاصف بالتحشدات الطائفية سبق العملية الانتخابية).

لكن، بعض الكتل السياسية نجحت في هذه الانتخابات بالالتفاف على الناخب حينما نزلت بقوائم ظل محلية وباسماء مغايرة حصلت بعضها على عدد كبير من الاصوات في محاولة لجمع شتات القاسم الانتخابي الذي كانت تجمعه ذات القوى؛ الفائزة في الانتخابات الماضية؛ والذي سقط صريعا هذه المرة على مذبح ضوابط وقواعد سانت ليغو في توزيع مقاعد المجالس المحلية.. ومن هذه القوى اغلب قوائم الوفاء في المحافظات وتيار الدولة العادلة والقوائم التي تحمل تسمية.. الجديدة، وهذا الامر اصبح جليا من خلال تصريحات ممثلي تلك القوائم بعد الانتخابات وتحالفها مع قوى اخرى مباشرة وقبل اعلان النتائج النهائية – مجلس محافظة النجف مثلا تحالفت القوى الصغيرة مع دولة القانون قبل اعلان النتائج ومجلس محافظة البصرة تحالف كافة القوى في مواجهة ائتلاف دولة القانون..

في ذلك الالتفاف مؤشر سلبي له تداعيات على نسب المشاركة المستقبلية وحركة سياسية محسوبة النتائج زادت من وعي الناخب؛ وان نجحت نسبيا هذه المرة؛ فلن تنجح بالاخرى.. ولتتعظ الكتل السياسية وتعرف ان العمل الجاد والدؤوب لا غيره وتقديم افضل الخدمات هو اقصر طريق الى قلوب الناخبين وصناديق الاقتراع.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 1/آيار/2013 - 20/جمادى الآخرة/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م