كوسوفو وصربيا... تنازلات قد تنهي حقبة من الصراع

 

شبكة النبأ: التطور الجديد بين كوسوفو وصربيا والذي اعتبره بعض المراقبين تنازل مهم وتأريخي الهدف منه إرضاء الاتحاد الأوروبي والحصول على بعض المكاسب الخاصة ربما سيسهم بتطبيع العلاقات وإنهاء حالة التوتر بين الجانبين، فبعد 14 عاما على انتهاء الحرب بين كوسوفو وصربيا، وخمسة أعوام على إعلان استقلال الإقليم الصربي السابق، أعطت صربيا على الرغم من وجود بعض المعارضين موافقتها على اتفاق جديد أبرم تحت إشراف الاتحاد الأوروبي. وقال بيان صدر عن مكتب رئيس الوزراء الصربي إيفيتسا داسيتش إن بلغراد "وافقت على الاتفاق الأول بشأن المبادئ التي تنظم تطبيع العلاقات، والذي كان نتيجة الحوار مع كوسوفو في بروكسل". وأضاف أن "الحكومة أمرت الوزارات باتخاذ الإجراءات اللازمة لتطبيق الاتفاق ومواصلة تطبيق اتفاقات قائمة أساسا مع ممثلي مؤسسات بريشتينا".

يأتي هذا الإعلان بينما يجتمع وزراء الاتحاد الأوروبي المكلفون الشؤون الأوروبية في لوكسمبورغ لبحث تقارير للمفوضية الأوروبية حول صربيا وكوسوفو مع موضوعات أخرى. وترغب صربيا في أن تحدد لها المفوضية سريعا موعدا لبدء مفاوضات انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي، والمشروطة بتوقيع اتفاق مع كوسوفو.

وقال دبلوماسيون غربيون إنه من المستبعد أن تتراجع صربيا عن الاتفاق لكنهم حذروا من أن الاختبار الحقيقي يكمن في التنفيذ. وبموجب الاتفاق سيدخل شمال كوسوفو ضمن الإطار القانوني للدولة لكنه سيحتفظ بحكم ذاتي محدود في مجالات الصحة والتعليم والشرطة والقضاء. وينص الاتفاق ذاته على ألا يعرقل أي طرف مسعى الآخر للحصول على عضوية الاتحاد الأوروبي.

وأبرم الاتفاق على تطبيع العلاقات بعد أشهر من المفاوضات الصعبة بين رئيس الوزراء الصربي إيفكا داسيتش ونظيره الكوسوفي هاشم ثاتشي في بروكسل. وكانت صربيا قد رفضت في وقت سابق اتفاقا مقترحا لأن شروطه "لم تضمن الأمن والحماية الكاملين للحقوق الإنسانية لشعب صربيا في كوسوفو". وقال ثاتشي "الاتفاق سوف يساعدنا على تضميد جراح الماضي لو توفرت لدينا الحكمة ومعرفة سبل تطبيقه".

الى جانب ذلك صادق البرلمان الصربي على اتفاق تطبيع العلاقات بين صربيا وكوسوفو الذي كان وقعه بالأحرف الأولى في 19 نيسان/ابريل ببروكسل رئيسا وزراء الدولتين. ونال الاتفاق الذي ندد به المتشددون القوميون الصرب وصرب كوسوفو، أغلبية كبيرة من الأصوات في البرلمان. وصوت 173 نائبا (من 203) مع الاتفاق مقابل معارضة 24 وامتناع 6 نواب عن التصويت. ودعي البرلمان الصربي الى تقديم دعمه للاتفاق وليس الى التصويت على محتواه.

وكافأت المفوضية الاوروبية ابرام هذا الاتفاق من خلال توصية لفتح مفاوضات مع صربيا للانضمام للاتحاد الاوروبي. وقال رئيس الوزراء الصربي ايفيكا داجيتش مخاطبا النواب ان صربيا "لا تملك كوسوفو منذ زمن بعيد"، مضيفا انه "لا بد ان يعمل احد ما على انجاز هذه المهمة" المتمثلة في ابرام اتفاق مع سلطات كوسوفو ذي الغالبية الألبانية "لوضع حد للماضي والبؤس والهزائم". واضاف "يمكننا ان نجعل من صربيا بلدا مزدهرا فقط اذا كانت لدينا الشجاعة ولدينا رؤية". بيد انه اكد ان الاتفاق لا يعني "باي حال الاعتراف باستقلال كوسوفو". واضاف متسائلا "نعم كان بإمكاننا رفض الاتفاق لنصبح كوريا شمالية اوروبا. لكن ماذا كان سيكون مصير صربيا حينها؟".

وتعارض صربيا بشدة استقلال كوسوفو الذي اعلن في شباط/فبراير 2008 واعترفت به حتى الان 96 دولة من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة (193) بينها الولايات المتحدة و22 من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي ال27. واشار نواب الحزب الديموقراطي لصربيا (قومي مناهض للاتحاد الاوروبي) الذي يملك 21 نائبا، الى مطالب صرب شمال كوسوفو. ويطالب هؤلاء بان تنظم صربيا استفتاء حول اتفاق بروكسل الذي يتضمن ضمن بنوده درجة الحكم الذاتي لصرب كوسوفو البالغ عددهم 40 الفا. وصرب شمال كوسوفو يشكلون اغلبية في هذه المنطقة المحاذية لصربيا وهم عمليا خارج سيطرة سلطات بريشتينا ويريدون ان يبقوا ضمن صربيا.

وقال رئيس الوزراء ان حكومته لا تعارض مثل هذا الاستفتاء شرط ان يقبل صرب شمال كوسوفو نتائجه وان يشاركوا في تطبيق الاتفاق مع سلطات كوسوفو اذا نال دعم اغلبية مواطني صربيا. وبحسب استطلاع انجزه معهد محلي فان 57 بالمئة من الصرب يؤيدون الاتفاق مع سلطات كوسوفو اذا ما اجري استفتاء حاليا مقابل 29 بالمئة يعارضونه.

واعتبر المفوض الاوروبي لشؤون التوسيع ستيفن فولي انه يعود لسلطات صربيا ان "تختار الطريق الذي يجب إتباعه" لضمان ان يكون تطبيق الاتفاق "مستمرا". وتجمع نحو 200 متظاهر من القوميين المتشددين امام البرلمان للاحتجاج على ابرام اتفاق بروكسل. ورفع هؤلاء المحتجون الذين انتشر حولهم عدد كبير من عناصر الشرطة، صور رئيس صربيا ورئيس الوزراء ونائبه وقد كتبوا عليها عبارة "خائن" وهتفوا "لقد خنتم كوسوفو".

وتحت ضغط بروكسل كان رئيس وزراء صربيا ونظيره الكوسوفي هاشم تاجي وقعا بالأحرف الاولى اتفاقا مبدئيا بهدف تطبيع علاقاتهما. وهذا الاختراق فتح الباب امام تقارب مع الاتحاد الاوروبي بعد اشهر من المفاوضات الصعبة بقيادة وزيرة خارجية الاتحاد كاثرين اشتون. الى جانب ذلك قالت الخارجية الفرنسية في بيان ان الاتفاق الذي تم التوصل إليه تحت رعاية رئيس السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي كاثرين اشتون "نقطة تحول وخطوة غير مسبوقة لتحسين العلاقات بين البلدين بصفة دائمة" مشيدة بقادة كلا البلدين. وأضافت "نريد أن نؤكد لهم أنهم قد أقدموا على خيار شجاع" مشيرة إلى أن الاتفاق من شأنه أن يسمح باستقرار الوضع في البلقان وسيتيح لصربيا وكوسوفو الفرصة للتفكير في "وجهة النظر الأوروبية" خاصة وأن الاتحاد الأوروبي وضع تطبيع العلاقات بين البلدين شرطا لأي انضمام إليه.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 30/نيسان/2013 - 19/جمادى الآخرة/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م