ربيع طالبان... عودة لافتراس أفغانستان!

 

شبكة النبأ: مازال النزاع الطويل الامد الذي يدور بين طالبان وحكومة كرزاي وأمريكا يتأرجح بين صراع الأجندات السياسية وهجمات العسكرية، فلم تفلح محادثات السلام بين جميع الإطراف، لإنهاء حالة الحرب المستمرة على مدى عشر سنوات.

فقد بدأت طالبان أفغانستان موسم جديد لحصد الأرواح ما يسمى بـ "هجوم الربيع"، تشن حركة طالبان تمردا مسلحا في كافة انحاء البلاد لا سيما في مناطق جنوب وشرق افغانستان التي تعتبر معاقلها، وقع ضحيتها عدد من جنود الجيش الأفغاني، في المقابل تم اعتقال مجموعة مسلحة من حركة طالبان استهدف ثكنات الجيش، في الوقت الذي اعترف الجيش الافغاني بأن طالبان تستخدم نظاما متقدما لاختراق القوات خاصة في الاونة الاخيرة، وتنذر الهجمات الاخيرة  بأشعال الصراع قبل رحيل القوات الأجنبية المقاتلة المقرر بحلول نهاية 2014.

إذ تشهد أفغانستان تصاعد أعمال العنف مع طالبان في ظل الانقسامات الداخلية السياسية التي أدت الى هشاشة الدولة سياسيا وامنيا واقتصاديا، فكلها أمور تتيح أرضا خصبة لطالبان للتخطيط لغارات وهجمات جديدة.

ويرى المحللون ان تصاعد العنف مجرد تحديات تسعى من خلالها طالبان الى استعادت هيمنتها مجددا، لاستعادة سيطرتها من جديد،  وتعمل طالبان على تغذية العنف في أفغانستان لتعيد الحياة لممارساتها الإرهابية، فيما يرى مراقبون بأن هذه الموجة من هجمات الإرهابية زادت من المخاوف بشأن عودة العنف الواسع النطاق، وقد أعتبرها البعض تصفية حسابات أيضاً.

فيما يستمر مسلسل الانتهاكات الإجرامية بحق المرأة الأفغانية بشكل فضيع وسلب ابسط حقوقها، وتبقى تلك الانتهاكات ممارسات طبيعية من قبل الرجال ضد النساء في ذلك البلد الذي تعد فيه النساء الضحية الأولى لانتهاكات حقوق الإنسان، وفي ظل هذه الصراعات والنزاعات السياسية والإنسانية يبقى السلام في أفغانستان رغبة أفغانية بعيدة المنال.

موجات عنف دامية

فقد قتل مسؤول في الشرطة وثلاثة من مرافقيه في انفجار عبوة ناسفة شرق افغانستان، في هجوم تبنته طالبان في اطار "هجومها الربيعي" كما افادت مصادر رسمية، وقال مساعد حاكم ولاية غزنة محمد علي احمد لوكالة فرانس برس ان نائب قائد شرطة الولاية الواقعة شرق افغانستان محمد حسن عادل قتل مع ثلاثة من مرافقيه في انجار عبوة زرعت على جانب الطريق اثنار توجهه في اطار تعزيزات الى منطقة زانا خان التي هاجمتها مجموعة من طالبان.

وتبنت حركة طالبان في بيان الهجوم في اطار هجوم الربيع الذي تشنه، واندلع اشتباك في محيط مبان رسمية في اقليم زانا خان كما قال مسؤول محلي لم يتسن له القول على الفور ما اذا كانت النيران تسبب بوقوع ضحايا، وكانت حركة طالبان اعلنت السبت عن بدء "هجوم الربيع" ضد الادارة الافغانية وقوات الاطلسي و"مراكزهما الدبلوماسية".

كما توعدت حركة طالبان في أفغانستان ببدء حملة جديدة من الهجمات الانتحارية الكبيرة على قواعد عسكرية اجنبية ومناطق دبلوماسية في اطار هجوم الربيع الجديد هذا العام، وقال المتحدث باسم طالبان ذبيح الله مجاهد عبر الهاتف من مكان غير معلوم إن طالبان ستبدأ هجوما جديدا اعتبارا من الغد 28 ابريل نيسان، وأضاف مجاهد "اعتبارا من الغد (28 ابريل) سيبدأ هجومنا الجديد بمشيئة الله في انحاء افغانستان. سنستخدم اساليب عسكرية جديدة في هذا الهجوم ضد القوات الاجنبية والقوات الاخرى في البلاد."

وقالت طالبان ايضا إنه تم التنسيق لهجوم الربيع ليبدأ في 28 ابريل تزامنا مع عطلة وطنية بمناسبة الاطاحة بحكومة محمد نجيب الله التي كانت مدعومة من الاتحاد السوفيتي السابق عام 1992، وصرح مجاهد قائلاً "سنركز على كابول وسنستخدم هجمات انتحارية ضد قواعد العدو. سيتضمن هذا الهجوم اساليب جديدة وسيستند ايضا إلى خبرتنا الماضية في العمليات. نأمل ان يكون لهذه العملية نتيجة ايجابية مثلما حدث في السابق". بحسب رويترز.

وقال المتحدث باسم القوات الدولية في افغانستان البريجادير جنرال جونتر كاتز ان القوات الافغانية جاهزة لمحاربة طالبان، وأضاف "يجب على الشعب الأفغاني ألا يخشى من تهديد طالبان. استغلت قوات الامن الوطني الافغانسة اشهر الشتاء بحكمة للاعداد لتسليم قيادة الامن في افغانستان بحلول منتصف 2013 وهم مستعدون ويجب الا ننسى ان قوات الامن الافغانية والقوات الدولية ستكون مع الشعب الافغاني لحمايته وستواصل الضغط على المسلحين"، وبدء "موسم القتال" التقليدي مهم على نحو خاص هذا العام مع زيادة قوة المساعدة الامنية الدولية (ايساف) وتيرة المعدل الذي ستسلم بمقتضاه المسؤولية الامنية للقوات الافغانية قبل انسحاب معظم القوات الاجنبية بحلول نهاية 2014، وقال المتحدث باسم وزارة الداخلية الافغانية صديق صديقي ان القوات الافغانسة ستتصدى لطالبان، وأضاف "يجب ان يدركوا انهم لا يستطيعون الاستمرار في قتال قوات الامن الافغانية. يجب ان يدركوا انهم سيتعرضون للقتل اذا واصلوا ذلك وهذا هو السبب في ان دعوتهم وحملتهم وهجومهم ضد ...ضد البلاد تتعارض تماما مع...أو ضد دعوتنا للسلام. انها تعني انهم ما زالوا لا يقبلون بدعوتنا للسلام وهذا امر يدعو للاسف. ولكن في نفس الوقت يجب على قوات الامن الافغانية ان تواصل المقاومة وتمنع طالبان من التقدم صوب مناطقنا ذات الكثافة السكانية العالية وسنعمل جاهدين على ضمان منع اي هجوم لطالبان لانقاذ الافغان وهذا تعهدنا."

وبعد الاعلان عن هجوم الربيع العام الماضي شنت طالبان هجوما كبيرا في كابول تضمن هجمات انتحارية وهجوما لمدة 18 ساعة استهدف سفارات غربية ومقر قوة المساعدة الامنية الدولية والبرلمان الافغاني، وجاء في بيان طالبان ان هجوم هذا العام والذي يحمل اسم خالد بن الوليد سيشمل "اساليب عسكرية جديدة" مماثلة لتلك التي نفذت في السابق.

وفي عمليات مشتركة نفذتها القوات الأمنية الأفغانية وقوات المساعدة الدولية في أفغانستان "إيساف"، خلال الساعات الأربع والعشرين الأخيرة في مناطق مختلفة من البلاد، وقالت وزارة الداخلية الأفغانية في بيان، إن قواتها "نفّذت مع قوات إيساف عدة عمليات مشتركة بمناطق مختلفة من البلاد، وقتلت 5 مسلحين من حركة طالبان، وجرحت 2 آخرين"، وأضاف البيان إن "هذه العمليات نُفّذت في ولايات لاغمان، وباداخستان، وزابول، وأوروزغان، وغزني"، مشيراً إلى أنها ضبطت خلال العمليات كمية من اٍلأسلحة".

الى ذلك يحتجز عناصر طالبان تسعة اشخاص بينهم اتراك كانوا على متن مروحية مدنية قامت بهبوط اضطراري في شرق افغانستان كما اعلن مسؤولون محليون، وقال مساعد قائد الشرطة المحلية خان صادق ان المروحية التابعة لمنظمة تركية قامت بهبوط اضطراري مساء الاحد في ولاية لوغار شرق البلاد وجنوب العاصمة كابول، واضاف المسؤول الافغاني لوكالة فرانس برس ان “قوات الامن عثرت على المروحية لكن ليس على الاشخاص التسعة الذين كانوا على متنها. لقد احتجزهم عناصر طالبان، وكلهم اتراك". بحسب فرانس برس.

من جهته اكد حميد الله حميد حاكم اقليم عزرا حيث هبطت المروحية ان الاشخاص التسعة الذين كانوا على متنها محتجزون لدى طالبان. واوضح ان المروحية اقلعت من خوست المدينة الواقعة شرق افغانستان قرب الحدود الباكستانية وحيث تقوم المنظمة التركية بمشاريع، متجهة الى العاصمة كابول، واعلن ناطق باسم قوة حلف شمال الاطلسي في افغانستان (ايساف) ان هذه المروحية المدنية ليست ضمن اسطول التحالف الدولي.

هجمات طالبان تسجل زيادة مطلع العام 2013

كما افادت دراسة نشرها مركز دراسات مستقل ان عدد الهجمات التي تقوم بها حركة طالبان ومنظمات اخرى في افغانستان سجلت زيادة كبيرة خلال الفصل الاول من العام 2013، وجاء في دراسة مركز "افغانستان سيفتي اوفيس" ان هذا التصاعد في العنف يطال بشكل خاص الجيش والشرطة الافغانيين لان القوات الاجنبية تنسحب تدريجيا من المواقع الاكثر عرضة للهجمات بانتظار انسحابها المقرر العام المقبل من البلاد، ومن كانون الثاني/يناير الى اذار/مارس احصى هذا المركز 2331 هجوما للمتمردين اي بزيادة بلغت 47% عن الفصل الاول من العام 2012.

وتابعت الدراسة "نعتقد ان هذا الاتجاه نحو الزيادة سيتواصل خلال ما تبقى من العام الحالي الذي سيكون العام الاكثر عنفا بعد العام 2011"، وكان العام 2011 الاكثر عنفا في افغانستان منذ تدخل القوات الاجنبية في هذا البلد عام 2001، واكدت الدراسة ان 73% من الهجمات التي قام بها المتمردون خلال الفصل الاول استهدفت الجيش والشرطة الافغانيين، و10% استهدفت مدنيين اعتبروا مرتبطين بالنظام، و4% استهدفت القوات الدولية، وقال مدير المركز توماس ميوزيك ان الدراسة تعكس "المأزق المتواصل" في افغانستان منذ بدء المواجهات بين المتمردين الافغان والقوات الدولية. بحسب فرانس برس.

ويجري مركز "افغانستان سيفتي اوفيس" الدراسات حول الامن لحساب منظمات غير حكومية تعمل في افغانستان بدعم من الاتحاد الاوروبي والوكالة السويسرية للتنمية ووزارة الخارجية النروجية، واكدت وزارة الدفاع الافغانية تزايد هجمات طالبان الا انها شككت بالارقام التي قدمها هذا المركز.

لا سلام قريبة مع أمريكا

في حين قالت مصادر من حركة طالبان الإسلامية إن زعماء الحركة الذين يقيمون في قطر لم يجروا محادثات بشأن السلام في افغانستان مع مسؤولين امريكيين في الدولة الخليجية منذ أكثر من عام ولا يتوقعون أي محادثات قريبا، وتوجه فريق من مبعوثي طالبان إلى قطر في أوائل عام 2012 لبدء محادثات مع الحكومة الأمريكية مما أولى أهمية أكبر لإجراء مفاوضات قبل تسليم مسؤولية الأمن للقوات الأفغانية في عام 2014.

ومن بين الأعضاء البارزين في الوفد الموجود في الدوحة طيب أغا المدير السابق لمكتب الملا محمد عمر زعيم الحركة، وقالت مصادر مطلعة من طالبان لرويترز إنه بعد مضي أكثر من عام على المفاوضات التي جرت في مارس آذار عام 2012 لم تعقد أي اجتماعات أخرى، وكثير من زعماء طالبان المقيمين في قطر يقضون أوقاتهم فيما يبدو في متابعة انشطتهم العائلية الخاصة، وشوهد الكثيرون منهم في مراكز تجارية في قطر يدفعون عربات البضائع التي يشترونها ويجرون عربات أطفالهم، وقال مصدر من طالبان طلب عدم نشر اسمه "لم يحدث اتصال بيننا وبين الولايات المتحدة على الإطلاق طوال هذا العام"، واضاف انه لم يحدد موعد لاستئناف المحادثات ورفض الادلاء بمزيد من المعلومات.

ولم تحرز المحادثات بين الولايات المتحدة وباكستان وطالبان بشأن تسوية محتملة للوضع في أفغانستان تقدما يذكر في السنوات القليلة الماضية، وعلقت طالبان المحادثات في مارس 2012 قائلة إن واشنطن أعطت إشارات متضاربة إزاء عملية المصالحة الوليدة في أفغانستان، وقال محمد همت المستشار بالسفارة الأفغانية في الدوحة لرويترز "طالبان طلبت تبادل أسرى والاعتراف بالجماعة لكن على حد علمي لم تجر محادثات أخرى."

وذكر ان المحادثات في الدوحة بين طالبان والولايات المتحدة عام 2012 جرت في منشأة عسكرية أمريكية، ولم يعقد المسؤولون الأفغان محادثات رسمية مع المتشددين الذين أطاح غزو قادته القوات الامريكية عام 2001 بحكومتهم في أعقاب هجمات 11 سبتمبر ايلول على الولايات المتحدة وان أثبتوا صمودهم بعد حرب دامت أكثر من عشر سنوات.

وسافر الرئيس الافغاني حامد كرزاي الى الدوحة الشهر الماضي وأجرى محادثات مع الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني امير قطر في مسعى لتسريع فتح مكتب لممثلي طالبان في قطر حيث يمكن ان تجرى محادثات جديدة. بحسب رويترز.

وكان كرزاي يعارض في باديء الأمر خططا غربية بشأن فتح مكتب لطالبان في قطر خوفا من أن يعطي ذلك شرعية سياسية للحركة ويحد من سيطرته على توجيه اي محادثات مستقبلية. لكنه وافق على الاقتراح في اواخر 2011 تحت ضغط حلفائه، وقال همت ان من الدول الأخرى التي عرضت استضافة المكتب تركيا والسعودية، لكن مسؤولا حكوميا أفغانيا على دراية بمحادثات السلام قال إن السعودية لم تكن الخيار الأمثل إذ يعتقد ان تربطها علاقات قوية مع باكستان، ويتهم المسؤولون الأفغان باكستان بمساندة طالبان أو السماح بوجود قادتها على الأراضي الباكستانية على أمل استغلال ذلك في التأثير على الاحداث في افغانستان.

لجنة برلمانية بريطانية تدعو للسلام مع طالبان

من جهتها دعت لجنة برلمانية بريطانية في تقرير اصدرته إلى إبرام اتفاق سلام مع حركة طالبان، بسبب ما اعتبرته أهميته لتأمين مستقبل أفغانستان بعد انسحاب القوات البريطانية والأجنبية من هناك في نهاية العام المقبل.

وحذّرت لجنة الدفاع في مجلس العموم (البرلمان) البريطاني، في تقريرها من أن الفشل في اتخاذ هذه الخطوة "قد يؤدي إلى اندلاع حرب أهلية في أفغانستان"، ونسبت هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) إلى التقرير، قوله "إن المملكة المتحدة لديها مسؤولية لاستخدام نفوذها من أجل تأمين افغانستان بعد سحب قواتها من هناك بنهاية العام 2014".

وأوصى التقرير باجراء "انتخابات حرة ومفتوحة في افغانستان، وتدريب وتجهيز قواتها الأمنية بصورة جيدة وتوفير الدعم المالي المستمر لها، واقامة نظام قضائي يحمي حقوق الإنسان، واستمرار المعونة الإنمائية، واتخاذ اجراءات فعالة للتصدي للفساد وتجارة المخدرات"، وقال رئيس لجنة الدفاع في البرلمان البريطاني، النائب جيمس أربثنوت "تلقينا توقعات صارخة للأوضاع في افغانستان بعد انسحاب القوات الأجنبية عام 2014، والحقيقة هي أن المملكة المتحدة لديها تأثير محدود هناك.. ويتعين عليها أن تُظهر للشعب الأفغاني بأنها ستتمسك بالتزاماتها إلى جانب شركائها الدوليين بمواصلة تقديم الدعم له في جهوده الرامية لإقامة دولة مستقلة لأنه هو من يحدد مستقبله"، وتنشر بريطانيا حالياً في افغانستان نحو 9000 جندي معظمهم في ولاية هلمند، قُتل منهم 441 جندياً منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2001.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 30/نيسان/2013 - 19/جمادى الآخرة/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م