تمدد السلفية الجهادية مابين لبنان وسوريا

جاسم محمد

استنكر الشيخ احمد الاسير خطيب في 26 أبريل 2013 تدخلات عناصر لحزب الله في الداخل السوري وقال:" منذ بداية الثورة ونحن نقول إننا ضد التدخل الميداني في سوريا ". وفي وقت سابق من شهر مارس 2013 حذر مؤسس "التيار السلفي" في لبنان، داعي الإسلام الشهال بإصدار "فتوى جهادية بحق المتطاولين على الطائفة السنية"، داعيًا المؤسسة العسكرية لتصحيح أدائها ومسارها. لقد شكلت " ألثورة " في سوريا نقطة التحول في خروج التيارات السلفية الجهادية في لبنان الى العلن، والتي بدأت على شكل مناوشات في طرابلس بين منطقة باب التبانة ذات الأغلبية السنية ومنطقة جبل محسن ذات الأغلبية العلوية.

المجموعات الجهادية في لبنان

يجمع الباحثون على ان الاطروحة السلفية انطلقت من مدينة طرابلس في شمال لبنان، وتأسست مظاهرها الاولى عام 1946 على يد الشيخ سالم الشهال والذي أطلق حركة سماها "شباب محمد" ثم تغير الاسم الى "الجماعة ـ مسلمون". وانتشرت في مناطق عكار والمنية والضنية وبعض مناطق الشمال الاخرى.

كانت نشأت حركة التوحيد على انقاض ثلاثة فصائل صغيرة هي:" المقاومة الشعبية وحركة لبنان العربي وجند الله". ومنذ نشأتها استقطبت بين عامي 1983 و1984 الشباب وحولت طرابلس إلى "امارة اسلامية". ويقول الدكتور عبد الغني عماد: أما السلفية الجهادية التي بدأت تتأسس في الثمانينات من القرن الماضي (..) أضافت اليها فكرة الجهاد من التيار القطبي/نسبة الى سيد قطب. وعملية المزج بين القطبية والوهابية تمت في افغانستان من خلال ايمن الظواهري واسامة بن لادن، فاجتمعت معادلة "الولاء والبراء" مع نظرية الحاكمية التي تنادي بتكفير المجتمعات والانظمة المعاصرة.

تأسست الحركة السلفية في لبنان على يد الشيخ سالم الشهال تحت اسم مجموعة "شباب محمد" في طرابلس، لم يلبث حتى بايعه أعضاؤها - الشيخ سعيد شعبان أمير حركة التوحيد الإسلامي، والشيخ بدر شندر، والشاعر أكرم خضر، و د.فتحي يكن، ورشيد كرامي رئيس الوزراء الأسبق- بالإمارة، فأطلق عليها "الجماعة مسلمون" وحصلت على دعم مالي كويتي وسعودي.

تم تشكيل " جيش محمد الإسلامي " أثناء الحرب الأهلية حين كانت كل الطوائف والقوى اللبنانية تملك ميليشيات، مارس العمل العسكري في طرابلس إلى أن تم حله بعد حرب عام 1985 بعد انتهاء الحرب الأهلية واتفاق الطائف. وتعد بلدتا "القرعون" و"مجدل عنجر" مركز الحركات الجهادية.

المدرسة السعودية: وهي التي استقى منها آل الشهال دعوتهم، يقول داعي الإسلام الشهال: "نتفق نحن وإياهم في الأسس العلمية والنظرية، ثم قد تختلف بعضها عن البعض في المنهج التطبيقي لهذا المنهج السلفي".

المدرسة الكويتية: وهي التي يمثلها آل الزعبي، الشيخ صفوان الزعبي/"تجمع المعاهد والمؤسسات السلفية"، ورئيس مجلس أمناء جمعية "وقف التراث الإسلامي".

مجموعة أبو عائشة: وهي أول مجموعة جهادية في تاريخ لبنان تقريبا، لجأ عناصرها إلى جبال الضنية في الشمال للتدرب على السلاح، وكان يقودهم بسام كنج الملقب بـ"أبو عائشة".

عصبة الأنصار: منظمة فلسطينية مسلحة، أسسها هشام شريدة، الذي قضى نحبه في الصراعات مع حركة فتح، ويتمركز وجودها في مخيم عين الحلوة بجنوب لبنان، تأثرت بمجموعة من الأفكار السلفية.

"جند الشام ": مجموعة مسلحة صغيرة ظهرت إلى الوجود عام 2004، تمارس العمل المسلح.

"فتح الإسلام ": تنظيم مسلح كان يتألف من مجموعة من المقاتلين الذين انتقلوا من سوريا إلى المخيمات الفلسطينية يتزعمهم شاكر العبسي.

تمدد التنظيمات الجهادية بين سوريا ولبنان

فالتيارات السلفية تتركز في طرابلس ومناطقها ومنها في عكار وساحل اكروم، وفي صيدا، عبر "حركة أحمد الأسير". وفي بيروت تسيطر القوى السلفية على مناطق كثيرة من الطريق الجديدة إلى مستديرة الكولا، إلى مناطق في بيروت وأحياء عديدة. بدأت الحركات الجهادية السلفية في سوريا تتمدد الى الداخل اللبناني وخاصة مدينة طرابلس بسبب العوامل الجغرافية كما سبقتها في العراق. وتصف القاعدة وجبهة النصرة، لبنان بانه ساحة "النصرة "وهنالك إشارات تفيد بان جبهة النصرة في سوريا تعمل في هذه المرحلة على مشروع انشاء فرع لها في لبنان. وهنا تؤكد نظرية استغلال القاعدة والتنظيمات الجهادية الجغرافية وهذا ماحدث من تمدد تنظيم القاعدة مابين جبهة النصرة و"دولة العراق الاسلامية " ودول اخرى منها الباكستان وافغانستان واليمن والصومال هذا التمدد حصل بعد " الثورة " السورية التي تحولت الى حرب مذاهب وطوائف، رغم ظهور تنظيمات جهادية قبل هذا التاريخ منها "فتح الاسلام " و" كتائب عبد الله عزام " وسرايا زياد الجراح، لكن صعود الحركات الجهادية في سوريا سخن الحركات الجهادية في لبنان.

وهنالك عدد من المجموعات الجهاديىة التي أعلنت استعدادها للعمل تحت راية "النصرة " هي:

- مجموعة " ابو ثائر " وهو لبناني ويدعى خضر حويلد، وهي متواجدة في منطقة وادي خالد ومشتى أكروم وتضم مقاتلين من جنسيات مختلفة ويقدر عددها نحو 200 مقاتل.

- مجموعة طرابلس ويترأسها اللبناني حسام عبد الله الصباغ/لقبه ابو الحسن، ومساعده كمال البستاني ويقود نحو 300 مقاتل يسيطر من خلالهم على احياء في المدينة كباب التبانة والبداوي وباب الرمل. وهذه المجموعة تقود داخل طرابلس جولات العنف المتكررة مع جبل محسن، ذات الاغلبية العلوية.

- مجموعة مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين، وابرز رموزها زياد ابو النعاج وتضم هذه المجموعة 150 مقاتلا.

- مجموعة القاع وأميرها السوري محمد خالد حجازي ويعاونه السوري خالد محمد.

وتُعتبر عصبة الأنصار اليوم من أهم القوى الاسلامية في مخيم عين الحلوة وأكثرها تنظيماً وانتشاراً لناحية العدد، وهي أول ظاهرة عسكرية تتشكل للسلفية المتشددة وصاحبة أول مدرسة سلفية في المخيم.

ويتولى قيادة عصبة الأنصار حالياً ثلاثة أشخاص، هم: وفيق عقل أبو شريف، وأبو عبيدة، وأبو طارق.

ـ جند الشام: بدأ التنظيم يتصدر المشهد السياسي اللبناني بعد حوادث أمنية مختلفة، منها الاشتباكات التي وقعت بين التنظيم والجيش اللبناني في مخيم عين الحلوة في اكتوبر 2005 وهو تنظيم ذات جذور سلفية متشددة/قاعدية.

 - " فتح الإسلام ": ظهر التنظيم للعلن في 24/10/2006 إثر اشتباك في مخيم البداوي وهذه الحركة بدأت كانشقاق داخل حركة فتح، رئيسها أبو خالد العمله.

حزب الله وفتاوى " الاسير"

اعتبر "الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة" السورية الاثنين في 22 ابريل 2013 أن "مشاركة حزب الله اللبناني" في المعارك المتواصلة منذ أيام في ريف محافظة حمص، يمثل "إعلان حرب" على الشعب السوري، جاء ذلك في وقت أعلن فيه الشيخ " ألاسير" في لبنان عن الجهاد في منطقة " القصير" ضد حزب الله، مع المتغيرات الميدانية في منطقة الحدود اللبنانية - السورية الشمالية الشرقية، تمكن النظام السوري في 25 أبريل 2013 من استعادة القرى مابين العاصي شرقا والحدود السورية غربا. أما الفتاوى الجهادية فقد تغيرت ايضا وخاصة في السعودية وتونس واعتبرت:" القتال في سورية منافياً للجهاد وان من يموت في المواجهة يكون قتيلاً ولا يكون شهيدا"...(...).

الحركات السلفية الدعوية المعتدلة مازالت تعمل في لبنان ومنها الشيخ السلفي داعي الاسلام الشهال الذي لم يحرض بعد على " الجهاد " في سوريا رغم قتال حزب الله هناك وتحالفه مع نظام الاسد. وبقيت تأخذ الاسلوب السلفي النمطي الدعوي من خلال الجمعيات ومراكز الدعوى والمعاهد التعليمية.

" الثورة ألسورية " قد أشعلت الحركات السلفية الجهادية، بعد ان وجدت في سوريا جغرافية وبيئة للتمدد مع تنظيمات جهادية أخرى في العراق ولبنان حتى الجولان مستغلة الجغرافية السكانية والعامل الديموغرافي.

القاعدة تحولت إلى تنظيمات محلية

بعد تجربة تنظيم القاعدة في افغانستان وتخلي طالبان عنها بالتفاوض مع الولايات المتحدة، ولجوء الخط الاول من التنظيم المركزي الى ايران، هذه الخطوة أضعفت القاعد والتنظيم المركزي ليتحول الى تنظيمات محلية، ولتغطي اخبار ونشاطات التنظيمات القاعدية المحلية على نشاطات التنظيم المركزي ليكتفي التنظيم برسائل ألظواهري ومنح راياتها السوداء. أن ظهور هذه التنظيمات الجهادية على شكل تنظيمات محلية منها النصرة والفاروق وكتائب عبد الله عزام والجبهة الاسلامية السورية جنب القاعدة الكثير منها ألقدرات العسكرية والاستخبارية والتمويل ليصبح دور التنظيم المركزي رمزيا، فالتنظيم المركزي اكتفى ان يكون رمزيا، ودعم هذه التنظيمات من خلال تقديم المشورة والتعليمات التي تقوم على " البراء والسمع والطاعة" و"الجهاد" الاعلامي على الانترنيت من خلال المواقع الاعلامية المعتمدة من قبل القاعدة ابرزها مؤسسة " الفجر " للانتاج الاعلامي والسحاب والفرقان والمنارة. وما تنشره من تقارير وصور وعمليات مرئية نجحت في كسب اعداد من الشباب للتوجه الى سوريا والالتحاق بالتنظيمات الجهادية. وقد أجمعت الدراسات المعنية بمعلومات الارهاب والدراسات السيكولوجية ان ما يشاهده الشباب من صور ومواقف وما يسمعه من خطب كانت وراء تطوع العديد منهم الى التنظيمات الجهادية رغم عدم انتمائهم الى تنظيم القاعدة، ولتتحول القاعدة من تنظيم مركزي الى شبكة عمل تنظم آلية العمل الجهادي على الارض والى " أيدلوجية " متشظية يصعب حصرها او السيطرة عليها ضمن عالم تتحكم فيه العولمة.

لقد عانى لبنان من الاحتلال السوري ولعقود من الزمن بالاضافة الى ما يعانيه من تقاطعات مع حزب الله، مما جعل ابناء هذا البلد ان يعيشوا وسط حالة نذير حرب طائفية وشؤم. وربما معاناة هذا البلد من النظام السوري وايران دفعت الكثير من أبنائه الى الانضمام الى التنظيمات وسيلة لمقاتلة نظام بشار رغم عدم ولائه للقاعدة والتنظيمات الجهادية.

فرغم ان لبنان لا يمثل لتنظيم القاعدة ارض ستراتيجية للتوسع او التواجد بسبب المساحة والجغرافية والتنوع والتداخل المذهبي والعرقي لكنها ممكن ان تعتبر لبنان ملاذا ومقرا خلفيا، إسناد الى الحركات الجهادية في سورية مستفيدة من العامل الجغرافي والسكاني مابين سوريا ولبنان وخاصة مدينة طرابلس بحكم موقعها الجغرافي القريب من سوريا، لتعيش هذه المدينة، طرابلس على وقع ردود افعال التشابك الجهادي في سوريا والتقاطع مع حزب الله. فمازال هذا البلد يدفع ثمن الحروب الطائفية التي مازالت في الذاكرة. لبنان ذلك البلد الذي عاش على تقاطع اجندات إقليمية على أرضه رغم محاولات هذا البلد ان يعيش بسلام، مستندا على مايملكه من أرث ثقافي وحضاري فاق الكثير من دول المنطقة.

.................................

المصادر

1ـ خارطة تنظيم القاعدة في لبنان/ناصر شرارة

2ـ تقرير /مد سلفي في لبنان بأموال خليجية ودعم مخابراتي أمريكي في 8 ابريل 2013

3 ـ السلفية الجهادية/الجذور والولادة مقابلة مع شحادة جوهر

4ـ دراسة للكاتب علي عبد العال المتخصص في الحركات الاسلامية

5ـ غسان ريفي/حركة التوحيد الإسلامي في5مارس 2012

6 ـ بي بي سي عربي 3 ابريل/ نيسان 2013/ الانتفاضة في سوريا نقطة التحول للتيارات السلفية

7 ـ إرهاصات السلفية الجهادية/شبكة انا مسلم

8ـ طرابلس لبنان.. سلفية بغطاء خيري وأهداف سياسية/ دبي - MBC.NET

9ـ دراسة/سلفية لبنان.. النشأة والتطور/ علي عبدالعال/ موقع الإسلاميون.نت

10 ـ برنامج عمل القاعدة في لبنان

11 ـ بدايات «الجهادية السلفية» اللبنانية/ 6 مارس 2013/سعود المولى – الجمهورية

12 ـ "ألجيش الحر" يرفض دعوات سلفية لبنانية لـ"الجهاد" بسوريا/ يس ان ان 24 أبريل 2013

13 ـ دراسة موسعة الحركة السلفية في لبنان من العمل الخيري الدعوي إلى توازن رعب مع حزب اللهhttp://mtv.com.lb/News/79182

14 ـ مفكرة الاسلام/ مؤسس "التيار السلفي" في لبنان يلوح بإصدار "فتوى جهادية 20 أبريل 2013

2013-03-02 --- 20/4/1434

15 دعوات في لبنان لـ "الجهاد" في القصير/دي برس - وكالات في 22 أبريل 2013

16 ـ الحركات السلفية.. من أفكار سيد قطب الجهادية إلى عرقنة لبنان/سناء الجاك /لشرق ألاوسط 28 مايو 2007

17 ـ تقرير هل يلهب "جهاد السلفيين" لبنان ؟ 25 أبريل 2013 امين حطيط - "البناء

18 ـ الاهرام العربي/عبد أللطيف نصار تمول السلفية اللبنانية/ 15 سبتمبر 2012

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 30/نيسان/2013 - 19/جمادى الآخرة/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م