أمريكا وسوريا... التسلل من النافذة الأردنية

 

شبكة النبأ: تسعى كل من الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاءها الى إيجاد أساليب واستراتيجيات جديدة لتمرير أجنداتها من خلال الأزمة السورية الحالية، خصوصا وان سوريا باتت مكانا مستهدفا قد يشكل محور الصراع بين القوى العالمية الكبرى، إذ بينت احدث المؤشرات على الساحة السياسية ان الولايات المتحدة مازالت تخطط لمختلف الاحتمالات في سوريا لكنها لا تزال تحجم عن تدخل قد يجر امريكا في حرب بالوكالة.

لكن ابرام اتفاق امريكي أردني حول استقبال الأردن 200 جندي أمريكي للتدريب والمشورة، يشكل خطوة هامة تطرح العديد من التساؤلات، مثلا هل سيكون استقدام القوات الأمريكية للأردن ذريعة لقيام حرب بالوكالة على سوريا، ام ستكون هذه الاتفاقية ضمن اطار التعزيزات الأمنية؟.

إذ يرى الكثير من المحللين ان خطوة دخول الاردن في خط التسليح وذلك من خلال استقبالها قوات أمريكية وفتح حدودها أمام حملة تقودها السعودية لنقل أسلحة إلى جنوب سورية، تعكس هذه الخطوة بالحقائق والدلائل مدى التنافس والغايات والأجندة التي تهدف اليها الدول الداعمة والمحرضة للمعارضة تحت غطاء الثورة المزعومة.

في حين رأى أغلب المحللين أن خطوة التسليح قد تأزم الأوضاع وتفاقم من حدة الازمة وتقلل من فرص التوصل إلى تسوية عبر التفاوض للنزاع المستمر منذ عاميين تقريبا، الذي اثار مخاوف من احتمال اندلاع حرب جديدة في الشرق الاوسط.

في المقابل استنكرت روسيا الحليف الاوحد لسوريا مزاعم هذه الخطوة الأمريكية، ورأت بأنها خطوة يمكن أن تفاقم الأزمة السورية ولا تحلها. كما استبعدت إيران أن تقوم الولايات المتحدة بتدخّل عسكري في سوريا، لكنها حذرت من أن مثل هذا التدخّل سيضع المنطقة على حافة الانفجا، ولن يكون في مصلحة الغربيين.

وبينما دخل النزاع عامه الثالث، تتردد الدول الغربية في تسليم مقاتلي المعارضة اسلحة خوفا من وقوعها بايدي مجموعات اكثر تطرفا مثل جبهة النصرة التي اعلنت ولاءها لتنظيم القاعدة.

لكن يرى العديد من المحللين إن ما يجري حالياً في سوريا هو سباق بين تنظيم القاعدة والمتمردين، ولن يكون من مصلحة أحد أن يفوز الأول بهذا السباق، بينما يقول بعض المراقبين إن هذه الخطوة يمكن أن تشجع روسيا وإيران حليفتا الأسد على زيادة إمداداتهما من الأسلحة لحكومته مما يشعل سباق تسلح.

فعلى الرغم من كل الجهود التي تبذلها الدول الخليجية والغربية في توحيد ودعم ما يسمى بالمعارضة السورية باتجاه وموقف واحد، يرى الكثير من المراقبين ان هناك انقسامات وتقاطعات حادة بين مكونات المعارضة، وبين الدول الداعمة لمشروع إسقاط النظام السوري من الدول الإقليمية والغريبة على حد سواء. وعليه ففي ظل التداعيات الخطيرة على الصعيد الأمني والسياسي المتمثلة بالعوامل آنفة الذكر، تبقى الأزمة السورية متأرجحة بلا حلول وافية.

الدعم الأمريكية العسكرية

في سياق متصل قال مسؤول في وزارة الخارجية الاميركية ان وزير الخارجية جون كيري سيعرض خلال الاجتماع اسطنبول زيادة المساعدات غير القاتلة التي تنوي الولايات المتحدة تقديمها للمعارضة والمقاتلين في سوريا، واضاف الدبلوماسي ان "قيمة وتفاصيل هذه المساعدة لم تحدد بعد والادارة (الرئيس باراك اوباما) ستعمل مع قادة المعارضة على تحديد احتياجاتهم".

وتعقد مجموعة "اصدقاء الشعب السوري" وعلى رأسها الولايات المتحدة اجتماعا في اسطنبول اليوم للتعبير عن دعمها لائتلاف المعارضة الهش الذي يكرر دعواته الملحة للحصول على مساعدة عسكرية مباشرة.

ويقول الخبراء ان مجموعة الدول الرئيسية ال11 الغربية والعربية التي تدعم المعارضة السورية لن تقوم بهذه الخطوة خلال اجتماع اليوم في تركيا، وقد وعد وزير الخارجية الاميركي جون كيري الذي توجه الى المدينة الواقعة على البوسفور بان يبذل كل ما بوسعه لتقريب وجهات النظر حول المسألة لكنه يلتزم حذرا كبيرا، وقال كيري امام الكونغرس "نحاول التقدم بحذر للتأكد من اننا لا نسبب مزيدا من الفوضى".

واضاف ان "المتطرفين الذين يحصلون على الاموال ويشاركون في المعركة يشكلون بالتأكيد خطرا وعلينا ان نحاول استبعادهم اذا كان ذلك ممكنا"، وحتى الآن، لم تعزز الولايات المتحدة بعد تجربتها في افغانستان، دعمها للمعارضة السورية الا بخطوات صغيرة.

وخلال الاجتماع الاخير لاصدقاء سوريا في روما في شباط/فبراير الماضي، اعلنت للمرة الاولى عن مساعدة مباشرة تبلغ 60 مليون دولار لكنها استبعدت تزويد المعارضة باي تجهيزات "قاتلة"، وذكرت الصحف الاميركية ان كيري قد ينتهز فرصة اجتماع اسطنبول للانتقال الى مرحلة جديدة والاعلان عن تسليم معدات عسكرية دفاعية مثل سترات واقية من الرصاص وآليات ونظارات للرؤية الليلية. لكن ليس اسلحة.

وكانت فرنسا وبريطانيا دعتا من قبل الى رفع الحظر على الاسلحة الذي فرضه الاتحاد الاوروبي واكدتا انه الاجراء الوحيد الكفيل بترجيح كفة الميزان العسكرية لمصلحة المعارضة، لكن باريس تراجعت معتبرة ان الشروط على الارض "لم تجتمع" لتسليم اسلحة.

وكان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف حمل على مجموعة اصدقاء سوريا معتبرا انها تلعب دورا "سلبيا" في النزاع السوري، وقال لافروف امام الصحافيين في ختام لقاء مع نظيره التركي احمد داود اوغلو، "في الوقت الحاضر نعتبر ان هذه العملية تسهم بطريقة سلبية في اتفاقات جنيف" حول مبادىء مرحلة انتقالية في سوريا.

وصول جنود أمريكيين إلى الأردن يفاقم الأزمة السورية

في وقت نفسه قالت وزارة الخارجية الروسية، إن استقبال الأردن 200 جندي أمريكي، يمكن أن يفاقم الأزمة في سوريا، ونقلت قناة (روسيا اليوم) عن المتحدث باسم الوزارة الكسندر لوكاشيفيتش، قوله إن "عملاً كهذا ليس من الأعمال المطلوب القيام بها لإخراج سوريا من أزمتها، فهو لا يؤدي إلا إلى تفاقم الأزمة السورية التي تنذر بوقوع كارثة إقليمية"، وأضاف أن "مثل هذه الأعمال تتنافى مع الالتزامات السياسية والمواقف التي اتفقت عليها الأطراف الخارجية الرئيسية المعنية بحل الأزمة السورية في العام الماضي في جنيف". بحسب يوناتيد برس.

وأكد أن روسيا تواصل دعمها لحل الأزمة السورية بالطرق السلمية عبر الحوار بين السوريين من دون تدخّل أجنبي، وقد أعلن الأردن، أنه سيستقبل 200 جندي أمريكي على أراضيه لتعزيز قواته المسلّحة على ضوء استمرار تدهور الأوضاع في سوريا.  

من جهتها عبرت الحركة الاسلامية في الاردن عن رفضها "القاطع" لوجود اية قوات اجنبية في المملكة، فيما يتوجه افراد من القوات الاميركية الى عمان لاحتمال التدخل لتامين مخزون الاسلحة الكيميائية في سوريا، وقال حزب جبهة العمل الاسلامي، الذراع السياسية للاخوان المسلمين في الاردن، في بيان ان "الحزب انطلاقا من حرصه على السيادة الوطنية وخبرته بدوافع السياسة الامريكية يعبر عن رفضه القاطع لوجود اية قوات اجنبية على الارض الأردنية".

واشار الى ان "جيش الاردن الباسل ومن ورائه الشعب الاردني الأبي قادران على الدفاع عن الوطن ومصالحه العليا اما القوات الأمريكية فدوافعها للتحرك العسكري تنطلق من مصالحها الخاصة، ومن مصالح حليفها الاستراتيجي الكيان الصهيوني (اسرائيل)".

بدورها قالت الحكومة الاردنية ان الاتصالات جارية بشأن ارسال هؤلاء الجنود ضمن التعاون والتنسيق المعتاد، مؤكدة ان موقف الاردن مما يجري في سوريا "ثابت ضد اي تدخل عسكري ويدعو لحل سياسي شامل يوقف دوامة العنف والدم هناك"، واكد مصدر مسؤول في القيادة العامة للقوات المسلحة الاردنية في بيان ان ارسال هؤلاء الجنود "لا علاقة له بالوضع القائم في سوريا" موضحا انهم "المجموعة الاولى من مجموعات اخرى ستشارك في تمرين الاسد المتأهب الذي يقام في الاردن سنويا".

في سياق ذاته قال وزير الدفاع الأمريكي تشاك هاجل إن الولايات المتحدة سترسل مخططين عسكريين إلى الأردن مع احتدام الصراع في سوريا المجاورة لكنه أشار إلى شكوك عميقة في إمكان قيام الولايات المتحدة بتدخل عسكري مباشر في الحرب الأهلية في سوريا.

وقال هاجل في جلسة لمجلس الشيوخ إن الولايات المتحدة عليها التزام بدراسة عواقب أي تحرك عسكري أمريكي في سوريا وأن تكون صادقة في الالتزامات المحتملة على الأجل الطويل، وكانت تصريحاته احدث مؤشر على ان حكومة الرئيس باراك أوباما مازالت تخطط لمختلف الاحتمالات في سوريا لكنها لاتزال تحجم عن تدخل قد يجر امريكا في حرب بالوكالة.

وقال هاجل "ينبغي أن تكون على يقين تام أن تكون على يقين قدر استطاعتك قبل أن تدخل في شيء. لأنك إذا ما دخلت في شيء لن يكون هناك مجال للتراجع سواء أكان منطقة طيران محظور أم منطقة آمنة ... أيا كانت"، واضاف قوله "ما أن تتدخل لن يمكنك التراجع ولا يمكنك أن تقول حسنا الأمور لا تسير كما كنت أحسب ولذا فإنني سأخرج."

وقال هاجل إن البنتاجون سيرسل وحدة من مقر قيادة الجيش الأمريكي إلى الأردن لتعزيز الجهود التي بدأت العام الماضي للتخطيط لحالات الطوارئ المتصلة بالأسلحة الكيماوية في سوريا ولمنع امتداد العنف عبر الحدود إلى الأردن. بحسب رويترز.

وقال جون مكين السناتور عن أريزونا وأحد المدافعين عن تدخل أمريكي في سوريا "سيدي الوزير هناك اجماع إقليمي ستلمسه في اعتقادي خلال رحلتك على أنهم يريدون دورا أمريكيا رائدا"، وأضاف قوله "واعتقد أنك إذا زرت أحد مخيمات اللاجئين أو التقيت بالمعارضة -وهو ما أرجو أن تفعله- فإنك ستجد انهم غاضبون يشعرون بالمرارة لأننا لم نساعدهم."

موقف روسيا

الى ذلك اعتبر المندوب الروسي الدائم لدى الإتحاد الأوروبي، فلاديمير تشيجوف، أن تكرار السيناريو الليبي في سورية سيكون خطأً استراتيجياً كبيراً، بعد إعلان جنرال أمريكي، عن استعداد حلف شمال الأطلسي (الناتو) لاتباع خطوات في سورية كتلك التي نفذها في ليبيا.

ونقلت وسائل إعلام روسية عن تشيجوف، قوله في تصريحات صحافية بموسكو، "إذا كانت (تصريحات القائد الأعلى للقوات الأمريكية في أوروبا، الأدميرال، جيمس ستافريديس) جزءاً من الضغط السياسي، فهذا لن يكون مفيداً'، في إشارة منه إلى استعداد الناتو إلى تكرار السناريو الليبي في سورية.

غير أن تشيجوف أضاف أنه 'في حال كانت التصريحات جدية، فالأمر أسوأ بكثير'، مشدداً على أن تكرار السيناريو الليبي في سوريا 'سيكون خطأ استراتيجيًا كبيراً'.

واعتبر أن تطبيق مبادرة فرنسا وبريطانيا بشأن رفع الحظر الأوروبي المفروض على توريد السلاح إلى سورية، بهدف تسليح المعارضة السورية، سيكون خطأ أيضاً.

وكان القائد الأعلى للقوات الأمريكية في أوروبا، الأدميرال، جيمس ستافريديس، قال في كلمة أمام مجلس الشيوخ الأمريكي، إن 'الناتو جاهز لاتباع الخطوات التي خطاها في ليبيا' حيال سورية، وأكّد أن تدخل الناتو يجب أن يسبقه قرار من مجلس الأمن الدولي، واتفاق إقليمي، وتوافق بين الدول الأعضاء الـ28 في الحلف.

الى ذلك نفت وزارة الدفاع الروسية صحة أنباء عن أن السفن الروسية ستتزود بالمؤن والوقود في بيروت بدلاً من طرطوس، ونقلت وكالة الأنباء الروسية (نوفوستي) عن بيان للوزارة إنه لا صحة لخبر صحافي ذكر أن بوارج حربية روسية ستتزود بالمؤن والوقود في بيروت بدلاً من ميناء طرطوس السوري.

وكانت وكالة أنباء 'إنترفاكس' نقلت عن مصدر عسكري روسي قوله إن سفن سلاح البحرية الروسي ستدخل من الآن فصاعداً إلى ميناء بيروت للتموين بدلاً من ميناء طرطوس السوري، وذلك نظراً لتصاعد النزاع المسلح في سورية، وقالت وزارة الدفاع في بيان إن "هذا الخبر مختلق ولا أساس له من الصحة".

إيران تستبعد تدخلاً عسكرياً غربياً ضد سوريا

على الصعيد نفسه استبعد وزير الدفاع الإيراني العميد أحمد وحيدي، أن تقوم الولايات المتحدة بتدخّل عسكري في سوريا، لكنه حذر من أن مثل هذا التدخّل سيضع المنطقة على حافة الانفجار، ولن يكون في مصلحة الغربيين. بحسب يونايتد برس.

ونقلت وكالة (مهر) للأنباء، عن العميد وحيدي قوله على هامش مشاركته باحتفال "يوم الجيش الإيراني"، وردّاً على سؤال حول احتمال قيام أمريكا بعمل عسكري ضد سوريا، إن "الدول الغربية وبمقدمتها أميركا أعقل بكثير من أن تقدم على مثل هذا الفعل، وأن تبادر الى إرسال قواتها العسكرية الى سوريا"، وأضاف "إذا ما أقدم الغرب على التدخّل العسكري في سوريا، سيجعل منطقة الشرق الأوسط على أعتاب الانفجار"، مؤكداً أن "النصر لن يكون حليف الغربيين قطعاً".

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 23/نيسان/2013 - 12/جمادى الآخرة/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م