اصدارات جديدة: الكتابات السياسية للإمام محمد عبده

 

الكتاب: الكتابات السياسية لمفتي الديار المصرية

الكاتب: محمد عمارة

الناشر: مجلة الدوحة

عدد الصفحات: 223 صفحة متوسطة القطع

عرض: جورج جحا

 

شبكة النبأ: في نطاق "كتاب الدوحة" الذي يوزع مع مجلة الدوحة صدرت مجموعة الكتابات السياسية لمفتي الديار الصرية الامام محمد عبده مع مقدمة مهمة بقلم الدكتور محمد عمارة.

وقد ورد الكتاب في 223 صفحة متوسطة القطع مع لوحة خطوطية للغلاف للفنان العراقي صباح الاربيلي تقول "اعظم الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر". بحسب رويترز.

وأدرجت كتابات الامام محمد عبده السياسية تحت اربعة عناوين انطوت المقالات تحتها. والعناوين هي (ما قبل الثورة العرابية) و(في الثورة العرابية) و(مفكرة الاحداث العرابية) و(في السجن).

وكتب الدكتور محمد عمارة مقدمته للكتاب وجعل عنوانها (هكذا تحدث الامام). واستبق المقدمة الطويلة بكلام للامام يلخص كثيرا من الاهداف التي سعى الى تحقيقها.

وقال الامام "لقد ارتفع صوتي بالدعوة الى امرين عظيمين: الاول تحرير الفكر من التقليد والثاني اصلاح اساليب اللغة العربية في التحرير. وهناك امر اخر كنت من دعاته والناس جميعا في عمى عنه وهو التمييز بين ما للحكومة من حق الطاعة على الشعب وما للشعب من حق العدالة على الحكومة.

"نعم كنت ممن دعا الامة المصرية الى معرفة حقها على الحاكم.. فالحاكم وإن وجبت طاعته هو من البشر الذين يخطئون وتغلبهم شهواتهم ولا يرده ويوقفه الا نصح الامة له بالقول والفعل."

استهل عمارة مقدمته بالقول "كانت الحملة الفرنسية على مصر (1213 ه 1798 م) بمثابة الزلزال الذي احدث صدمة حضارية لدى المصريين. لقد شابهت صدمة اللص الذي نبه صاحب الدار على الخلل البنيوي القائم في المنزل الذي يعيش فيه."

اضاف "صحيح ان هذه الغزوة لم تكن جديدة في ممارسة العنف المفرط الذي مارسته سابقتها الصليبية... لكن الحملة الفرنسية البونابرتية التي مثلت الامتداد للعنف الصليبي تميزت عن سابقتها تلك بأنها قد جاءت على بلادنا بفكر النهضة الاوروبية الحديثة وإنجازات وتقنيات الثورة الصناعية وفلسفة العدالة الغربية. جاءت مع المدفع بالمطبعة والصحيفة والبعثة العلمية."

وقال "لكن اوروبا الاستعمارية قد اجتمعت -على رغم تناقضات دولها وامبراطورياتها- على ضرب المشروع النهضوي الذي بناه محمد علي والذي بنى فيه "دولة" كبرى سعت الى تجديد شباب الشرق وإنقاذه من التخلف العثماني الذي فتح الابواب امام الغرب الاستعماري كي يلتهم ولايات دولة الرجل المريض.

"وعندما حاصرت اوروبا -مستعينة بالسلطان العثماني- "دولة" محمد علي بمعاهدتي لندن سنة 1840 وسنة 1841 انتقلت جذوة التنوير والتجديد من "الدولة" الى "الامة" فتبلور تيار التنوير الشعبي الذي قاده جمال الدين الافغاني (1254-1314 ه 1838-1897 م) والذي هندس بناءه الفكري الاستاذ الامام الشيخ محمد عبده(1266-1323 ه 1849-1905 م) والذي رابط على ثغور مناهج الفكر وإحياء ملكات الاجتهاد والتجديد وإصلاح المؤسسات التي تصنع عقل النخبة والصفوة: الازهر والمعارف والمساجد والاوقاف والقضاء لتأخذ الامة طريقها بالتدريج الى افراز الدولة الرشيدة التي تحكم الشورى وترعى العدل بين الناس."

ومضى يقول "كان العقل الاسلامي في مصر يتناوعه تياران: اولهما ينكفىء على الموروث الذي كتب اغلبه في عصور التراجع الحضاري والذي خلا من الابداعات المتوهجة لعصر الازدهار والاجتهاد... وثاني هذه التيارات تيار الوافد الغربي الذي رفض اصحابه هذا الموروث وخافوا منازلة شيوخ الازهر على ارض التجديد وآثروا استعارة النموذج الغربي في جملته بديلا وسبيلا للتقدم والنهوض.

"هنا.. امام هذا الاستقطاب الحاد بين اهل الموروث واهل الوافد.. جاء الدور الرائد والمميز للامام محمد عبده في حركة الاصلاح. جاء دور التيار الوسطي ينتقد الموروث ويختار منه الثوابت والمناهج التي تجعل لهذا الموروث فعالية في اصلاح الواقع واستشراف المستقبل والذي يميز ايضا في الوافد بين النافع الملائم الذي هو "حكمة" تمثل ضالة المؤمن ان وجدها فهو احق الناس بها وبين الخصوصيات الغربية التي افرزتها معالم طريق التطور التي عرفت الكهانة الكنسية والدولة الثيوقراطية وما احدثته من فلسفات وضعية ومادية وقطيعة معرفية مع الدين."

واستشهد هنا بقول الامام "لقد خالفت في الدعوة الى الاصلاح رأي الفئتين العظيمتين اللتين يتركب منهما جسم الامة: طلاب علوم الدين ومن على شاكلتهم وطلاب فنون هذا العصر ومن هو في ناحيتهم."

وقال انه "في سبيل تحديد موقع الوسطية الجامعة بين النافع من الموروث والنافع من الوافد سعى الامام محمد عبده الى تحرير مصطلح "السلف" من اسر تيار الجمود والتقليد. فالسلف الصالح هو المنابع الجوهرية والنقية - البلاغ القرآني والبيان النبوي لهذا البلاغ القرآني ومناهج النظر في هذه المنابع قبل ظهور الخلاف الذي اتسم في احيان كثيرة بشغب الفرق وتعصب المتكلمين.. لذلك وجب التمييز بين السلفية في الدين وثوابته وبين المستقبلية في فقه الواقع والمستجدات.

"في هذا المنهاج المتميز قال الاستاذ الامام "يجب تحرير الفكر من قيد التقليد وفهم الدين على طريقة سلف هذه الامة قبل ظهور الخلاف والرجوع في كسب معارفه الى ينابيعها الاولى والنظر الى العمل باعتباره قوة من افضل القوى الانسانية بل هي افضلها على الحقيقة"."

اضاف "وفي نظرة الاستاذ الامام الى النهضة الاوروبية الحديثة والانجازات العبقرية التي احدثتها هذه النهضة في حياة الانسان الاوروبي انصف الاستاذ الامام هذه الحضارة التي كشفت الكثير الذي ارتقى بحياة الناس وخفف آلامهم ووفر لهم سبل التقدم والرفاه.. لكنه عاب سيادة الطابع المادي في هذه النهضة الاوروبية وغلبة الطابع الدنيوي وغيبة الدين الذي مثل ويمثل الفطرة الانسانية السوية."

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 21/نيسان/2013 - 10/جمادى الآخرة/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م