حكومات محلية مستنسَخة!

علي حسين عبيد

 

شبكة النبأ: يخوض العراقيون صباح هذا اليوم السبت 20 نيسان، دورة انتخابية جديدة لمجالس المحافظات، ويتم فيها اختيار اعضاء المجالس والحكومات المحلية في المحافظات لأربع سنوات قادمة، ولعل الجميع يتفقون على أن تجديد الدورات الانتخابية فرصة لازاحة العناصر القيادية التي لم تنجح في اداء عملها، ولم تقم بما عليها من التزامات و وعود قطعتها للناخبين قبل وصولها للكرسي او المنصب.

أما اذا لم تتم عملية التجديد كما يجب، ويفشل الناخبون في طرد العناصر الفاشلة، فإن العملية ستكون أشبه بحالة استنساخ للحكومات السابقة، وسوف تعود الوجوه نفسها، وتبقى حالة الفشل نفسها، وبهذا سوف يخسر الشعب فرصة كبيرة سنحت له في جميع المحافظات، لاختيار شخصيات كفوءة ومتخصصة وعارفة بالعمل السياسي، فضلا عن امتلاكها لمقومات النزاهة وتفضيل مصلحة المواطن على مصلحة الذات.

إن عملية استنساخ الحكومات الفاشلة يتحمل مسؤوليتها المواطن والنخب التي تتصدر قيادة المجتمع، والكتل والاحزاب السياسية التي تصر على الابقاء على وجوه وعناصر اثبتت فشلها في الدورات السابقة، ولا نعرف لماذا هذا الاصرار على الفاشلين وترك الكفاءات والمتخصصين عرضة للاهمال والهجرة وفقدان قدراتهم التي يمكن أن تصب في خدمة المجتمع والدولة، إذ نلاحظ ان بعض الكتل والاحزاب وقادتها يفضلون الاشخاص الفاشلين على الكفاءات بحجة الولاء أولا، بمعنى أن الكتلة او الحزب لا يهمه الكفاءة، بقدر ما يهمه ضمان ولاء هذا الشخص الفاشل في القيادة والادارة، فضلا عن دناءة النفس وسرقة المال العام التي يقوم بها بعضهم.

ولكن هذا السلوك الشائن لبعض الكتل والاحزاب، لا يعني أنهم السبب الوحيد في استنساخ بعض الحكومات المحلية الفاشلة، بل هناك مسؤولية كبيرة تتحملها النخب المجتمعية وقادتهم أولا، فضلا عن المسؤولية الكبيرة التي تقع على عاتق المواطن، كونه يحمل الصوت الانتخابي الذي بإمكانه الاطاحة بالعناصر الفاشلة في ادارة المحافظة والدولة، أما اذا لم يشعر المواطن والناخب بهذه المسؤولية ويمنح صوته لمن لا يستحقه، مقابل منفعة سريعة زائلة على حساب المنفعة الستراتيجية التي تتعلق ببناء الدولة ككل، فإنه في هذه الحالة يتحمل مسؤولية تسلق العناصر الفاسدة الى سدة الحكم، نعم قد تحدث حالات تزوير، وربما يصعد أناس غير كفوئين، ولكن ستكون هذه الحالة شاذة او نادرة او مكشوفة، أما الخطر الاكبر فيتمثل بعدم وعي الناخب بأهمية صوته، ومنحه الصوت لمن سيسرقه منه لاحقا، أو لمن لا يهتم إلا بمصلحته الذاتية والعائلية على حساب مصلحة المواطن والمحافظة والدولة ككل.

حتى أولئك الساسة الذين يفضلون العناصر الفاشلة بحجة الولاء، اذا لاحظوا وعي الناخب وتشبثه بصوته واعتزازه به، وإعطاء الصوت لمن يستحقه حصرا، فإنهم سوف يضطرون الى التخلي عن العناصر القاصرة، وابدالهم بمن هو اكثر كفاءة، لأن الامر لا يتعلق بكتلة او حزب معين، بل يتعلق بمصير شعب ودولة ينبغي أن يحرص الجميع على بنائها، وفق اسس وضوابط الدولة المدنية القوية، ولاشك أن الحكومات المحلية في المحافظات، إذا لم تكن صورة مستنسخة عن الحكومات الفاشلة، فإنها ستكون عناصر قوة ومؤازرة لبناء الدولة المدنية التي تحمي الحقوق والحريات بمختلف اشكالها، لاسيما حرية الاعلام والرأي.

وبهذا نتطلع جميعا الى حكومات محلية جديدة، غير مستنسخة عن الحكومات السابقة، ولابد أن تتمتع بقدرات جيدة لادارة المحافظة على النحو الافضل، بعيدا عن المصالح الفئوية والحزبية والذاتية الضيقة، وسوف يتحقق هذا الهدف اذا كان اعضاء المجالس القادمة، يحرصون على بناء المحافظة قبل بناء مصالحهم، ويعملون وفق مبدأ إيثار الآخرين على النفس، وهو الحل الذي سيسهم بتحقيق تطلعات الناخب والشعب العراقي بأكمله.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 20/نيسان/2013 - 9/جمادى الآخرة/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م