أفغانستان... ملف غائب حاضر

 

شبكة النبأ: مع اقتراب موعد خروج قوات حلف شمال الاطلسي الناتو من أفغانستان في عام2014، تزداد الخشية من انزلاق البلاد إلي حالة من الفوضي أو الحرب الأهلية، خصوصا مع تصاعد الهجمات العسكرية التي تقوم بها حركة طالبان ضد القوات الافغانية والقوات التابعة للناتو التي واجهت الكثير من الانتقادات بسبب كثرة الاخطاء العسكرية التي اودت بحياة الكثير من المواطنين وفقا لبعض التقارير الخاصة، يضاف الى ذلك تنامي حدة الخلاف بين امريكا والحكومة الافغانية التي غيرت بعض مواقفها السابقة مع الحلفاء بسبب الخروقات المتواصلة التي تقوم بها القوات الامريكية، والتي اسهمت بتنامي مشاعر الغضب والاستياء في افغانستان التي تعاني اساسا من الكثير من المشاكل الداخلية والخروقات الامنية، ذلك التحول اعتبره بعض المراقبين لعبة سياسية في سبيل كسب الشارع الافغاني و جذب الجماعات المتطرفة لاجل الدخول في العملية السياسية خصوصا وان هنالك تقارير خاصة تفيد بأن قطر قد تبنت مشروع تقريب وجهات النظر بين الولايات المتحدة و حركة طالبان الأفغانية التي سعت وتسعى الى تصعيد عملياتها الارهابية في سبيل الحصول على بعض التنازلات التي تخدم الحركة مستقبلا.

وفيما يخص اخر التطورات فقد قتل 3 عناصر من الشرطة الأفغانية في انفجار عبوة ناسفة إلى جانب طريق في ولاية باكتيا جنوب شرق البلاد. ونقلت وكالة أنباء "باجهوك" الأفغانية عن رئيس شرطة الولاية دولت خان زدران قوله إن "سيارة للشرطة الأفغانية اصطدمت بعبوة ناسفة مزروعة إلى جانب الطريق، ما أدى إلى مقتل 3 من عناصر الشرطة". من جهته، أعلن المتحدث باسم حركة طالبان ذبيح الله مجاهد "مسؤولية الحركة عن التفجير"، مشيراً إلى أن "5 مسلحين قبليين قتلوا فيه".

من جهة اخرى أعلنت السلطات الباكستانية أن مسلحين أحرقوا 5 شاحنات تنقل تجهيزات لقوات حلف شمال الأطلسي "الناتو" في أفغانستان في ولاية بلوشستان المضطربة. وقال المسؤول المحلي افتخار بوغتي أن "4 مقنعين أطلقوا النار على القافلة فأجبروا سائق الشاحنة في المقدمة على التوقف ثم سكبوا البنزين على الشاحنات وأضرموا فيها النار"، مؤكداً أن "الشاحنات ال5 احترقت تقريباً بالكامل وجرح أحد السائقين". وكانت القافلة آتية من بعثة قوات الحلف الأطلسي "الناتو" في أفغانستان.

من جانب اخر قال مسؤولون ان مفجرين انتحاريين من طالبان قتلوا ما لايقل عن خمسة رجال شرطة في شرق افغانستان المضطرب في هجوم استمر ثلاث ساعات. وجاء الهجوم الذي وقع على مجمع للشرطة في جلال اباد وهي اكبر مدن شرق افغانستان في الوقت الذي تستعد فيه البلاد لبدء موسم قتال الربيع في الحرب الدائرة منذ 11 عاما.

وقال قائد الشرطة بالمنطقة امين شريف ان مهاجما فجر سيارة ملغومة عند مدخل مجمع الشرطة الوطنية الافغانية في محاولة لجعل المهاجمين الاخرين يدخلون المجمع. واردف قائلا ان"ثلاثة مفجرين انتحاريين فجروا ستراتهم الناسفة وقتل خمسة بالرصاص." وقال ان خمسة رجال شرطة قتلوا واصيب اربعة. وقال امين ان المهاجمين كانوا مسلحين بقذائف صاروخية ومدافع رشاشة خفيفة مما ادى الى وقوع معركة استمرت ثلاث ساعات مع قوات الامن الافغانية. واصيب ستة مدنيين.

في السياق ذاته قال مسؤولون أفغان إن اربعة من رجال الشرطة الافغان ومدنيا قتلوا في غارة جوية لحلف شمال الاطلسي (الناتو). ووقع الهجوم الجوي فياقليم غازني شرقي البلاد، حيث تم استدعاء طائرات الناتو لتقديم الدعم. وقال متحدث باسم حاكم الاقليم إن رجال الشرطة كانوا يرتدون ملابس مدنية وقد تكون قوات الناتو اعتقدت انهم من مسلحي طالبان.

ويجري الناتو تحقيقا في الهجوم. ويعد مقتل المدنيين في غارات جوية قضية حساسة للغاية في افغانستان. ووقع الحادث الاخير اثر هجوم لطالبان على مقر للشرطة المحلية قبيل الفجر. واستدعيت قوات الناتو لمساعدة الشرطة المحلية، وتقاتل قوات التحالف الناتو طالبان في افغانستان منذ 11 عاما. ومن المقرر ان ينسحب نحو مئة الف جندي اجنبي من افغانستان العام القادم.

من جانب اخر قتل 19 مسلحاً من طالبان، في عمليات مشتركة نفذتها القوات الأمنية الأفغانية وقوات المساعدة الدولية في أفغانستان (إيساف) في مناطق مختلفة من البلاد. وصرّحت وزارة الداخلية الأفغانية في بيان أن "قواتها نفّذت مع إيساف عمليات مشتركة عدة في مناطق مختلفة من البلاد، وقتلت 19 مسلحاً من حركة طالبان، وجرحت 5 واعتقلت 3 آخرين". وذكر البيان أن "هذه العمليات نُفّذت في ولايات كابول ونانغارهار، ودايكوندي، وقندهار، وأوروزغان، وميدان وارداك، ولوغار، وباكتيا، وفرح، وهلمند. وضبط في العمليات كميات من الأسلحة.

الى جانب ذلك انتقد الرئيس الأفغاني حامد كرزاي بشدة المهمة العسكرية التي يقودها حلف شمال الأطلسي (الناتو) في بلاده. وقال كرزاي في تصريحات لصحيفة (زود دويتشه تسايتونغ) الألمانية إن مهمة مكافحة الإرهاب تفتقر إلى استراتيجية مفهومة، وأضاف: "الغرب لم يتصد لمعاقل الإرهابيين أو معسكرات تدريبهم". وذكر كرزاي أن المشكلة الحقيقية تكمن في الدولة المجاورة باكستان، مضيفا أنه لم يتم التصدي إليها، متسائلا عن كيفية حل المشكلة بطريقة منطقية تؤول إلى نتائج مرجوة.

وفي الوقت نفسه، انتقد كرزاي تعامل الغرب مع حكومته بطريقة "تفتقر للاحترام"، وقال: "إننا نريد إدارة العلاقات بشكل أفضل"، مطالبا الغرب بالتعامل مع حكومته كحليف. ومن ناحية أخرى، دعا كرزاي طالبان إلى التخلي عن السلاح والمشاركة في العملية السياسية، مضيفا أن قائد طالبان، الملا عمر، من الممكن أن يصبح مرشحا لرئاسة أفغانستان عام 2014، "ويعطي للأفغان فرصة للتصويت لصالحه أو ضده".

في السياق ذاته اجرى امير قطر حمد بن خليفة آل ثاني مباحثات مع الرئيس الافغاني حميد كرزاي الذي زار الدوحة لبحث فتح مكتب تمثيل لطالبان في قطر في اطار مفاوضات السلام. وقالت وكالة الانباء القطرية الرسمية ان كرزاي و حمد بحثا العلاقات الثنائية "كما تم استعراض عدد من الموضوعات ذات الاهتمام المشترك". وقال المتحدث باسم الرئاسة الافغانية "سنتحدث بالطبع عن عملية السلام وفتح مكتب طالبان في قطر".

وفي وقت سابق رفض رئيس الجمهورية الافغانية فكرة فتح مكتب لطالبان في قطر خشية استبعاد حكومته من المباحثات بين الولايات المتحدة والمتمردين، لكنه غير موقفه لاحقا. وكرر المتحدث باسم الرئاسة الافغانية ان مكتب طالبان "لا يمكن ان يكون الا عنوانا تجلس فيه المعارضة المسلحة وتتحدث مع الحكومة. يجب الا يستخدم لامر آخر". ورفضت حركة طالبان باستمرار الحوار مع كرزاي معتبرة انه "دمية" اميركية.

وقال ذبيح الله مجاهد المتحدث باسم طالبان ان "فتح مكتب تمثيل لطالبان في قطر لا علاقة له بكرزاي. انها مسالة تهم (فقط) طالبان والحكومة القطرية". واضاف "ممثلونا الموجودون اصلا في قطر لن يلتقوا به ولن يتحدثوا اليه". وقال المتحدث باسم الخارجية الافغانية جنان موسى زاي في الاونة الاخيرة ان المفاوضات لن تبدأ الا اذا انهى طالبان "كل علاقاتهم مع القاعدة وتخلوا عن الارهاب".

وقاطعت حركة طالبان المباحثات التمهيدية بين الولايات المتحدة وقطر في آذار/مارس 2012 بسبب عدم قدرة اي طرف على تلبية مطالب الطرف الاخر. لكن قبل انسحاب معظم قوات الحلف الاطلسي التي تستند اليها الحكومة الافغانية، اصبح ابرام اتفاق سلام امرا واجبا لمنع تاجج النزاع مجددا في افغانستان التي امضت اكثر من ثلاثة عقود في الحروب والفوضى.

وقال جنان موسى زاي ان المجلس الاعلى للسلام الافغاني المنبثق من الحكومة الافغانية، سيدافع عن موقف كابول. ويعتقد ان البحث عن تسوية بين طالبان والحكومة الافغانية هو السبيل الوحيد لتفادي دورة جديدة دامية شبيهة بالحرب الاهلية الدموية جدا التي شهدتها البلاد بين 1992 و1996.

من جانب اخر تسلمت افغانستان المسسؤولية الكاملة عن سجن باغرام من الولايات المتحدة. وكان الرئيس حميد كرزاي قد جعل من مسألة مركز الاعتقال هذا شمال كابول، جزءا من حملته لاستعادة السيادة على مسائل رئيسية من الاميركيين، وطالما ابدت الولايات المتحدة قلقا من ان يؤدي التسليم الكامل لباغرام للقوات الافغانية الضعيفة والعرضة للفساد، لخروج لعناصر مشتبه بهم معتقلين من طالبان والقاعدة الى ارض المعركة مجددا.

غير ان وزير الدفاع الاميركي توصل لاتفاق مع كرزاي، بحسب البنتاغون، وجرت مراسم التسليم. وقال الجنرال جوزف دانفورد قائد قوة التحالف الدولي في افغانستان في بيان "هذه المراسم تشير الى افغانستان واثقة بشكل متزايد ومتمكنة وتتمتع بالسيادة". ووقع دانفورد ووزير الدفاع بسم الله محمدي على اتفاق يضمن "المعاملة القانونية والانسانية للمعتقلين و(يضمن) نيتهم حماية الشعب الافغاني وقوات التحالف".

وفي ايلول/سبتمبر الماضي سلمت الولايات المتحدة السلطات الافغانية مسؤولية ما يزيد عن 3 الاف معتقل في باغرام الذي كان يعرف باسم "غوانتانامو الافغاني" لان عددا من السجناء معتقلين دون محاكمة او توجيه تهم. غير ان الاميركيين ظلوا يتولون حراسة 50 اجنبيا لم يشملهم الاتفاق، اضافة الى المئات من الافغان الذين اعتقلوا منذ التوقيع على اتفاقية نقل المسؤولية في آذار/مارس 2012.

واثار ذلك غضب كرزاي وتحذيرا من قبل اكبر هيئة اسلامية في افغانستان بان الجيش الاميركي بدأ ينظر اليه كانه قوة "احتلال" في معركته ضد تمرد طالبان. وقالت كيت كلارك من شبكة محللي افغانستان "يبدو ذلك وكأنه نصر لكرزاي اذ حصل على ما يريده. باغرام كان عقبة كبرى امام لائحة طويلة من المسائل الاخرى المطلوب معالجتها والوقت مسألة جوهرية".

الى جانب ذلك قالت قوات التحالف في أفغانستان إن الرئيس الأفغاني حامد كرزاي توصل إلى اتفاق مع القوات بقيادة حلف شمال الأطلسي على انسحاب القوات الاجنبية من إقليم مهم من الناحية الاستراتيجية قرب العاصمة كابول لكن لم يتضح ما إذا كانت القوات الامريكية الخاصة ستنسحب.

وقال متحدث باسم وزارة الدفاع الافغانية إن القوة الأمريكية الخاصة ستترك إقليم وردك رغم مخاوف أمريكية سابقة من أن يخلف الانسحاب فراغا أمنيا. وأفاد بيان لقوة المعاونة الامنية الدولية في أفغانستان (ايساف) في بيان بأن قوات الامن الافغانية ستتسلم مسؤولية الامن من قوات التحالف في وردك لكنه لم يذكر بالتحديد انسحاب القوات الامريكية الخاصة.

وأثار طرد القوات الامريكية الخاصة مخاوف من أن تستغل حركة طالبان ومتشددو الحزب الاسلامي الاقليم الذي يقع على مسافة قريبة من كابول كقاعدة لشن الهجمات على العاصمة الافغانية. وكان كرزاي قد أمر بخروج القوات الامريكية بعد ان اتهمها قرويون بتعذيب مدنيين وقتلهم وهو زعم نفته القوات الامريكية الخاصة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 16/نيسان/2013 - 5/جمادى الآخرة/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م