عقوبة الاعدام وحق الجناة بالحياة

حيدر الجراح

 

شبكة النبأ: الحق في الحياة حق اصيل من حقوق الانسان، وهو الحجة التي تتخذها المنظمات الحقوقية ضد عقوبة الاعدام في الكثير من دول العالم التي لازالت تنفذ احكام الاعدام في المدانين بعدد من الجرائم.

والاعدام كما يرى المناهضون له، عقوبة قاسية ولا انسانية، وهي ايضا عقوبة لايمكن التراجع عنها بعد تنفيذها، وهي ايضا لاتشكل رادعا ضد الجرائم التي تستحق تلك العقوبة، وبالتالي هي لاتكون والحالة هذه عامل ردع لتلك الجرائم، وايضا اسباب اخرى يتحدث بها المناهضون لعقوبة الاعدام، وتشمل المحاكمات الجائرة او الاخطاء القضائية التي ربما تصيب البعض من الابرياء، والتمييز على اساس العرق او الدين او الجنس او المستوى الاقتصادي وغيرها من تلك الاسباب.

طبعا لا احد من المناهضين لعقوبة الاعدام يطرح على نفسه سؤالا ولو من باب الجدل في ما يتعلق بحق الحياة، والسؤال هو: لماذا لم يحترم القاتل حق الحياة الذي كان يتمتع به القتيل لحظة قتله؟

هل لان حياته قد انتهت وبالتالي هي لاقيمة لها امام من بقي حيا وهو القاتل، ويكون الاخرون حريصين على هذه الحياة من ان تهدر عقابا على جريمة ارتكبها بحق حياة انسانية اخرى؟

عقوبة الاعدام، وخاصة في طروحات شرائع ومواثيق حقوق الانسان، لازالت مثار جدل كبير، مع قضايا اخرى نتيجة لاختلافات ثقافية او سياسية او اجتماعية او دينية.

وهذا الجدل مستمر باستمرار الاسباب المنظوية تحته، رغم ارتفاع عدد الدول التي الغت عقوبة الاعدام بالنسبة لجميع الجرائم، او بالنسبة لبعض الجرائم العادية، والتي تتوزع نسبها على الشكل التالي:

* الدول التي ألغت العقوبة بالنسبة لجميع الجرائم: 95 دولة.

* الدول التي ألغت العقوبة بالنسبة للجرائم العادية: 9 دول.

* الدول التي ألغت العقوبة عمليا- لم تنفذ العقوبة خلال 10 سنوات الماضية-: 35 دولة.

* الدول التي ألغت العقوبة في القانون والممارسة: 139 دولة.

* الدول المبقية على العقوبة: 58 دولة

وربما انضمام الكثير من الدول لالغاء عقوبة الاعدام لاياتي الا نتيجة اسباب سياسية بالدرجة الاساس وليست قانونية او حقوقية تتعلق بحقوق الانسان عامة، وحق الحياة خاصة، باستثناء الدول الاوربية، التي قطعت اشواطا طويلة في احترامها لحقوق الانسان، وخاصة حقوق مواطنيها عبر التشريعات والثقافة الاجتماعية.

في العراق الجدل يتجدد بعد كل اعلان عن صدور احكام اعدام بحق مدانين بالقتل، نتيجة للاعمال الارهابية، ولا اعني به انواع القتل الاخرى لاسباب جنائية مختلفة.

الازدواجية هي الحاكمة في الموقف من الاعدام، فالضجة دائما ماتثار حول المحكومين بالاعدام نتيجة للاعمال الارهابية، ولا تجد احدا يعترض على بقية احكانم الاعدام الجنائية الاخرى، والتي عادة ماتتم بعيدا عن ضجيج الاعلام رغم الاعلان عنها، والسبب ببساطة انها لاتشكل مادة للسجال السياسي بين الكتل السياسية وبين الحكومة، ممثلة بوزارة العدل صاحبة الحق في تلك الاحكام.

على سبيل المثال لا الحصر، نتذكر قبل فترة من الزمن الضجة الكبيرة التي احدثتها واقعة اغتصاب طفلة من مدينة الموصل، ومطالبة مجلس المحافظة بايقاع اقسى عقوبة بحق المغتصب، وهي عقوبة الاعدام، ومثل اخر اقرب الى الذاكرة، وهو مقتل عدد من المتظاهرين في الفلوجة على يد قوات الجيش، وكيف طالب الاهالي والجهات السياسية الداعمة للتظاهرات بانزال العقاب بحق هؤلاء في نفس مكان الحادث.

نفس الجهات السياسية، وليس انطلاقا من دفاعها عن حق الانسان في الحياة، تستنكر وتشجب وتطالب بايقاف احكام الاعدام بحق القتلة الذين قاموا باعمال التفجيرات الارهابية.

مايمكن رؤيته في هذه الازدواجية ان هناك حياتان للانسان، حياة لاقيمة لها ويمكن التفريط بها في اي لحظة، وهي حياة القتلى والمغدورين، وحياة محترمة يجب صيانتها والحفاظ عليها وهي حياة القتلة والذين لايشعرون بالندم حتى بعد القبض عليهم، وهو ماصرح به والي بغداد بعد صدور حكم الاعدام عليه، بل يعتبر ذلك مصدر فخر له حين يتم الحكم عليه من سلطة يراها غير شرعية.

حدد الاسلام في تشريعاته الجزائية الردعية عددا من الجرائم والانتهاكات التي يستحق مرتكبها القتل او الرجم، مع اختلاف في شروط التنفيذ بين عدد من المذاهب، او اختلاف في بعض موارد العفو عن قسم منها تبعا لما يراه الحاكم. وهذه الجرائم هي:

الردة عن الدين – الزنى للمحصن- القتل عمدا - قطع الطريق – التجسس على المسلمين لصالح اعدائهم.

ويمكن الاستشهاد بالاية القرانية المباركة (ولكم في القصاص حياة) والتي هي مدار الحفاظ على الامن الاجتماعي بالنسبة لعموم المسلمين في مجتمعاتهم.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 7/نيسان/2013 - 26/جمادى الأول/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م