نووي إيران في الماتي(2)... حلول لا تزال مستبعدة

 

شبكة النبأ: لايزال الملف النووي الإيراني موضع تشكيك لدى بعض الأطراف والقوى الغربية المتخوفة من نشاطات إيران النووية والتي تؤكد ان برنامجها هو برنامج سلمي ولا يمكن ان يستخدم في تصنيع أسلحة نووية، وتلك التشكيكات والتهديدات المتواصلة بين أطراف النزاع قد أسهمت وبحسب بعض المراقبين الى فشل الكثير من المساعي الرامية الى إنهاء فصول هذا الملف الخطير الذي يجب ان يحل بطرق دبلوماسية من خلال تقريب وجهات النظر وتقديم بعض التنازلات من جميع الأطراف، وفي هذا الشأن فقد اعربت ايران عن املها في استمرار "التقدم" في المحادثات مع القوى الكبرى حول برنامجها النووي المثير للجدل، وذلك بعد "النتائج الايجابية" التي حققها الاجتماع السابق في أواخر شباط/فبراير.

وقال وزير الخارجية الايراني علي اكبر صالحي ان اجتماع "الماتي 1 (في 26 و27 شباط/فبراير) اسفر عن نتائج ايجابية ونأمل في استمرار التقدم في الماتي 2". لكنه اضاف ان "المشكلة لن تحل في يوم واحد". وفي الماتي، قدمت مجموعة 5+1 "عرضا معدلا" مطالبة ب"تعليق" انشطة تخصيب اليورانيوم بنسبة 20% في ايران بدلا من وقفها. وفي المقابل، سيتم تخفيف بعض العقوبات على تجارة الذهب والقطاع البتروكيميائي.

ورحبت ايران ب "منعطف" في المفاوضات لكنها تطالب برفع مزيد من العقوبات وتشدد على الاعتراف ب "حقها" في تخصيب اليورانيوم من قبل المجموعة الدولية. ووافق المرشد الاعلى علي خامنئي ايضا للمرة الاولى على اجراء محادثات مباشرة حول الملف النووي مع الولايات المتحدة، لكنه قال انه ليس "متفائلا" بنتيجة هذا الحوار. وخففت روسيا ايضا من تفاؤلها حيال الملف النووي، بعد اجتماع للخبراء في منتصف اذار/مارس لاعداد لقاء الماتي. وقال نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف "ثمة بعض التقدم، لكن هذا التقدم غير كاف للتحدث عن اختراق مهم".

من جانب اخر قال الرئيس الأمريكي باراك أوباما إن "الوقت قد حان" لكي تتخذ إيران خطوات جادة لحل النزاع النووي بينها وبين الغرب. واستغل أوباما مناسبة الاحتفال ببدء العام الفارسي الجديد مثلما فعل في سنوات سابقة لزيادة الضغط على طهران. غير أنه ركز هذه المرة على برنامجها النووي الذي من المتوقع ان يكون في صدارة جدول أعماله حينما يزور إسرائيل.

وفي رسالة بالفيديو قرن أوباما دعوته إيران للوفاء بمطالب المجتمع الدولي لتقييد طموحاتها النووية بتحذير إن لم تفعل ذلك فإنها ستواجه المزيد من العزلة وهي إشارة إلى انها قد تتعرض لعقوبات أشد. وفي بيانه للشعب الإيراني لم يصل الى حد التهديد بعمل عسكري إذا فشلت المساعي الدبلوماسية والعقوبات.

وكان قد اوضح في مقابلة مع التلفزيون الإسرائيلي أن استخدام القوة العسكرية ما زال خيارا محتملا للسياسة الأمريكية كملجأ أخير. وقال في بيانه "يقول زعماء إيران إن برنامجهم النووي مخصص للبحوث الطبية وتوليد الكهرباء. غير أنهم عجزوا حتى الآن عن اقناع المجتمع الدولي بأن أنشطتهم النووية أغراضها سلمية فحسب. "لقد دفع الشعب الإيراني ثمنا غاليا لا لزوم له بسبب عدم استعداد قادتكم لمعالجة هذه القضية."

وأضاف قوله "على حكومة إيران أن تتخذ الآن خطوات فورية وجادة لخفض التوتر والعمل للتوصل إلى تسوية دائمة وطويلة الأجل للمشكلة النووية." وقال الرئيس الأمريكي إن الولايات المتحدة تفضل حلا سلميا دبلوماسيا للنزاع يتيح لطهران الحصول على الطاقة النووية السلمية وأن تتبوأ "مكانها الذي تستحقه بين الأمم." واضاف قوله "إذا استمرت الحكومة الإيرانية في طريقها الحالي فلن يؤدي ذلك إلا لمزيد من العزلة لإيران. هذا هو الخيار المتاح الآن أمام قادة إيران."

الى جانب ذلك نقلت صحيفة (معاريف)، عن المسؤولين الأمنيين الإسرائيليين قولهم، إن إيران ستتمكن من امتلاك قنبلة نووية خلال الفترة الواقعة ما بين شهري تموز/ يوليو وأيلول/ سبتمبر المقبلين، وذلك "في حال عدم التصدي" لها. وفي الوقت نفسه انتقد المسؤولون الأمنيون التفاهمات التي توصّل إليها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الأمريكي باراك أوباما، خلال زيارة الأخير لإسرائيل، بشأن إيران وعدم شن إسرائيل هجوم عسكري ضدها من دون التنسيق مع الولايات المتحدة.

وقال المسؤولون الأمنيون إن "أوباما ومستشاريه كسبوا ود نتنياهو، لكنهم تهرّبوا من أي التزام بشن هجوم عسكري أمريكي على إيران إذا اقتضت الضرورة". وأضافوا أن "العقوبات الدولية المفروضة على طهران لا تحقق أهدافها"، وأن "إيران لا تتأخر عن كوريا الشمالية التي يُعتقد بأنها أصبحت تملك القدرات النووية الفعلية". وكان أوباما قد صرّح في إسرائيل أنه ينبغي منح فرصة للخطوات الدبلوماسية حيال إيران حول برنامجها النووي، معتبراً أن إيران لن تمتلك سلاحاً نووياً قبل حلول العام المقبل، هذا في حال قررت صنع سلاح نووي.

من جهة أخرى وفي أول تصريح له بعد اختياره لشغل حقيبة الدفاع في الحكومة الإسرائيلية الجديدة، تعهد موشيه يعالون بـ"التحلي بالمسؤولية والتروي" في التعامل مع التحديات المختلفة التي تواجهها الدولة العبرية، وفي مقدمتها التهديد النووي الإيراني. وقال يعالون، إن "دولة إسرائيل والأجهزة الأمنية ستواجه خلال السنوات القريبة، تحديات كبيرة، بما في ذلك التهديد النووي الايراني، وحالة عدم الاستقرار في العالم العربي، والتهديدات على الحدود الشمالية والجنوبية، وذلك بالإضافة الى القضية الفلسطينية، والاوضاع الاقتصادية في البلاد."

في السياق ذاته شكك خبراء دوليون في واشنطن في امكان ان تحقق المفاوضات المقررة في الماتي بكازاخستان بين ايران ومجموعة 5+1 حول الملف النووي الايراني اي اختراق يذكر. وخلال مؤتمر في واشنطن ابدى هؤلاء الخبراء، وبينهم مسؤول السياسة الخارجية السابق في الاتحاد الاوروبي خافيير سولانا، شكوكا في امكان تحقيق اي اختراق على صعيد المفاوضات حول الملف النووي الايراني قبل الانتخابات الرئاسية المقررة في ايران في حزيران/يونيو وفي ظل الحرب الدائرة في سوريا.

ولكن سولانا الذي تولى منذ 2003 وحتى 2009 قيادة المفاوضات مع ايران باسم مجموعة الست، اكد ان المسؤولين الايرانيين منشغلون في الانتخابات الرئاسية المقررة بعد شهرين و"سيكون من الصعوبة بمكان الحصول على اي شيء قبل" انتهاء الانتخابات. واكد سولانا في المؤتمر الذي نظمه معهد بروكينغز ان كبير المفاوضين الايرانيين سعيد جليلي "ليست له القدرة على التفاوض". واوضح ان جليلي "ليس الا رسولا"، مشددا على ان الملف النووي الايراني يمسك به فعليا المرشد الاعلى للجمهورية علي خامنئي. وشدد سولانا من جهته على انه لا يمكن حل معضلة البرنامج النووي الايراني "من دون حل (النزاع الدائر) في سوريا".

بدوره اعتبر غاري سامور، الذي غادر لتوه منصبه في البيت الابيض حيث كان يشغل منصب منسق برنامج مراقبة اسلحة الدمار الشامل، ان "من غير الواقعي تصور ان هذه المحادثات يمكن ان تحقق اي اختراق". واضاف "بكل بساطة هناك خلاف جوهري بين الطرفين في ما يتعلق باهداف هذه المفاوضات".

وتشتبه الدول الغربية واسرائيل في سعي ايران الى صنع قنبلة نووية تحت ستار برنامج نووي مدني، لكن ايران تنفي ذلك قطعيا. ولارغامها على وقف تطوير برنامجها النووي فرضت الامم المتحدة على الجمهورية الاسلامية مجموعة من العقوبات الدولية عززها الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة بحظر مصرفي ونفطي.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 4/نيسان/2013 - 23/جمادى الأول/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م