الهجرة الى أوروبا... ظاهرة مكلفة لجميع الاطراف

 

شبكة النبأ: تعرف أوربا بأنها أرض الأحلام للمهاجرين من بلدان العالم كافة، وملاذاً لأولئك الذين هربوا من الاضطهاد والفقر والحروب في الأجزاء الأخرى من العالم، لكن طريق الوصول إليها مليء بالعقبات، وخاصة للمهاجرين غير الشرعيين، إذ يعيش أغلبهم دائماً على حافة الكارثة، حيث أثارت الهجرة الغير شرعية توترا كبيرا بين البلدان الأوربية كما الحال في بريطانيا وإيطاليا وفرنسا واسبانيا واليونان. ففي الوقت الذي يتحدث فيه سياسيون أوروبيون عن تشديد القيود على عبور الحدود، يتزايد عدد طالبي اللجوء من الدول النامية والدول العربية خاصة من شمال إفريقيا الى أوربا خاصة بعد موجة التغيرات السياسية مؤخرا.

إذ إن إشكالية الهجرة تعد من بين أهم انشغالات معظم دول العالم ومن أبرزها الاتحاد الأوروبي سواء تعلق الأمر بالدول ذات التقاليد العريقة في استقبال المهاجرين، التي تبحث كلها عن الوسائل التي تمكنها من مراقبة وتدبير تدفقات المهاجرين حسب حاجيات الدول المستقبلة وكذلك الإجراءات القانونية والعملية التي تمكن من اندماج المهاجرين في مجتمعات تلك الدول.

في حين يرى معظم الخبراء عن أن هذه المعطيات الجديدة بغزو المهاجرين بإعداد هائلة لاوربا قد ترسم طريقا سيارا جديدا للمهاجرين بهيمنة مراكز هامة في مؤسسات الدول الأوروبية، وعليه فان ظاهرة الهجرة أصبحت توجهاً كبيراً في القرن 21، قد يغير موازين العالم على أكثر من صعيد في المستقبل القريب.

بريطانيا

فقد كشف رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون النقاب عن اجراءات صارمة بشأن الهجرة قائلا إنه يعتزم مطالبة المهاجرين غير الشرعيين بالمغادرة وتقييد المزايا الاجتماعية التي يعتقد أنها تجذب الأجانب للعيش عالة على الدولة البريطانية.

وفي إعلان واسع النطاق بشأن السياسات تصدى كاميرون لمخاوف المواطنين بشأن حصول مهاجرين من رومانيا وبلغاريا على حق العمل في البلاد العام القادم وهو احتمال دفع الصحف اليمينية إلى التحذير من قدوم "جحافل" من المهاجرين الجائعين للمزايا الاجتماعية.

وقال "ينبغي خفض عدد المهاجرين بشكل جذري من مئات الألوف سنويا إلى عشرات الألوف فقط"، وتعكس مبادرة كاميران تغيرا في اللهجة في مختلف أنحاء الطيف السياسي بعد سنوات كان الحديث فيها عن الهجرة من المحرمات وقاصرا على العنصريين.

وتتحدث الاحزاب الثلاثة الرئيسية ببريطانيا الان عن قضية الهجرة بعد ان أظهرت استطلاعات الرأي انها اصبحت من بواعث القلق الرئيسية لدى الناخبين قبل انتخابات عام 2015، وصعد حزب الاستقلال البريطاني في استطلاعات الرأي بعد حملة ضد سياسة هجرة "الباب المفتوح" مما وجه اهانة لحزب المحافظين الحاكم الذي يتزعمه كاميرون في تصويت بالبرلمان قبل ثلاثة اسابيع، وقال كاميرون إنه ستتم مضاعفة الغرامات على أرباب الأعمال الذين يوظغون مهاجرين غير شرعيين وقد تضاعف أيضا الغرامات على من يؤجرون مساكن لهؤلاء، وأضاف امام طلاب جامعة سافولك "فيما يتعلق بالمهاجرين غير الشرعيين سنطوي تلك السجادة الحمراء ونرافقهم إلى الباب". بحسب رويترز.

وقال إنه يريد ألا يكون الانضمام إلى نظام الرعاية الاجتماعية البريطاني امرا سهلا للمهاجرين، وفي إجراءات ستطبق على مواطني جميع دول الاتحاد الأوروبي السبع والعشرين بالاضافة إلى النرويج وايسلندا وليختنشتاين سيتعين على المهاجرين الانتظار لما يصل إلى خمس سنوات للحصول على اسكان اجتماعي وسيخضعون لمتطلبات "دفع متبادلة" عند استخدام وكالة الصحة الوطنية وهو ما يعني أنه سيتعين على بلادهم تحمل تكاليف.

وأعلن كاميرون عن اجراءات جديدة تجعل من الصعوبة بمكان على رعايا المنطقة الاقتصادية الاوروبية التي تضم رومانيا وبلغاريا المطالبة بفوائد الرعاية الحكومية بعد ستة أشهر. وسيبدأ سريان هذه الاجراءات في اوائل عام 2014.

اعتقل 26 شخصا في بريطانيا في اطار عمليات ترمي الى تفكيك شبكة هجرة غير شرعية جرت ايضا في فرنسا وبلجيكا، كما اعلنت وزارة الداخلية البريطانية.

ويشتبه في ان عشرين شخصا من المعتقلين ينتمون الى شبكة تقوم بتهريب مهاجرين خلسة الى بريطانيا مخبأين في شاحنات تعبر المانش وياتون بصورة رئيسية من العراق وايران وافغانستان.

واعتقل خمسة اشخاص اخرين لمخالفتهم قانون الهجرة، وسادس لمخالفات على علاقة بوثائق ثبوتية.

واعلن كريس فوستر من الوكالة البريطانية لمراقبة الحدود بحسب ما جاء في البيان "على حد علمنا، انها احدى اكبر العمليات من هذا النوع على الاطلاق التي تجري في بريطانيا ويشارك فيها عناصر من كل البلد". واضاف "نعتقد اننا فككنا بنجاح شبكة مهمة".

اليونان

فيما حمل مئات المتظاهرين نعش مهاجر باكستاني وطافوا به في وسط العاصمة اليونانية أثينا احتجاجا على طعنه حتى الموت وبعد ان أقاموا الصلاة فتحوا النعش لإظهار وجهه في احتجاج على الهجمات العنصرية المتصاعدة في البلاد.

وقالت الشرطة إن نحو خمسة آلاف مهاجر ونشط لحقوق الإنسان تجمعوا في وقت لاحق في ساحة أومونيا بوسط العاصمة للتظاهر ضد العنصرية وحملوا لافتات كتب عليها "اخرجوا أيها النازيون الجدد" و"عاقبوا قتلة شهزاد لقمان الفاشيين".

وطعن رجلان يركبان دراجة نارية الباكستاني الذي يبلغ من العمر 27 عاما حتى الموت بينما كان يركب دراجته متجها إلى مكان عمله في ضاحية بأثينا في هجوم قالت الشرطة إن الدافع وراءه ربما يكون عنصريا.

وقال جويد اسلام رئيس الجالية الباكستانية لرويترز "ربما يأتي مقتله بأمل في أن تتوقف هذه الهجمات. نحن نحتج حتى تتخذ الحكومة إجراء لوقف الهجمات العنصرية" بينما وقف نحو 300 مهاجر باكستاني أمام مجلس البلدية ومعهم النعش.

واليونان بوابة لمهاجرين أغلبهم من آسيا وافريقيا يحاولون دخول الاتحاد الأوروبي عبر الحدود البحرية والبرية سنويا. وهم يواجهون عداء متزايدا خلال أسوأ أزمة اقتصادية تمر بها البلاد منذ 60 عاما.

وتقول مفوضية الأمم المتحدة العليا لشؤون اللاجئين إن الهجمات العنصرية ارتفعت إلى مستويات قياسية خلال الأزمة الاقتصادية التي جعلت يوناني من كل أربعة بلا عمل وتسببت في تدني مستوى المعيشة مع عدم اتخاذ السلطات خطوات حاسمة لمعالجة المشكلة.

وويلز

الى ذلك كشفت إحصاءات أجريت في 2011 عن ارتفاع عدد الأجانب المولودين في إنجلترا وويلز بنحو 3 مليون نسمة، منذ 2001، ليصل عددهم 7،5 مليون شخص، ويأتي أغلب الأجانب المقيمين في المملكة المتحدة من الهند وبولندا، وباكستان، وتشير الإحصاءات إلى تناقص عدد البريطانيين من الجنس الأبيض بنسبة 7 بالمائة، ويمثل العدد الإجمالي للمقيمين في بريطانيا، والمولودين في الخارج نسبة 13 بالمائة، وتسجل لندن أعلى نسبة من المقيمين المولودين في الخارج، وهي 37 بالمائة، وأعلى نسبة أيضا من البريطانيين من أصول أجنبية، وهي 24 بالمائة، فقد ارتفع عدد المقيمين في إنجلترا وويلز بنسبة 7 بالمائة، منذ 2001، ليصل 56،1 مليون شخص، ويعزا نصف هذا الارتفاع إلى الهجرة.

وقد تناقص عدد الذين قالوا إن ديانتهم هي المسيحية في عام 2011، بنسبة 13 بالمائة لتصل نسبتهم 59 بالمائة، أي 33،2 مليون شخص، من أصل نسبة 72 بالمائة، أي 37،3 بالمائة مليون شخص، في 2001.

بينما ارتفع عدد الذين قالوا إنهم لا يتبعون أي ديانة بنسبة 10 بالمائة، من 15 بالمائة، أي 7،7 مليون شخص في 2001، إلى 25 بالمائة، أي 14،1 مليون شخص في 2011، وقد تناقص هذا العدد بنسبة 4 بالمائة منذ 2001، بينما ارتفع عدد الاشخاص الذين يملكون منازلهم ملكية نهائية بنسبة 2 بالمائة من 29 بالمائة، أي 6،4 مليون شخص، إلى 31 بالمائة، أي 7،2 مليون شخص، وارتفع أيضا عدد المؤجرين من أصحاب الأملاك أو الوكالات العقارية بنسبة 6 بالمائة من 9 بالمائة، أي 1،9 مليون شخص في 2001، إلى 15 بالمائة، أي 3،6 مليون شخص في 2011.

إيطاليا

من جانب آخر أدانت منظمة العفو الدولية ما وصفته بالاستغلال "المتفشي والمتغلغل" للعمال المهاجرين في إيطاليا وحثت الحكومة على تعديل سياساتها المتعلقة بالهجرة.

وأجرت المنظمة استقصاء خلص إلى أن العمالة المهاجرة في قطاعي الزراعة والبناء بمناطق معينة في جنوب إيطاليا تتقاضى أجورا تقل 40 في المئة عن متوسط ما يتقاضاه الإيطاليون العاملون في نفس المجالات وإلى أنهم عادة ما يحصلون على أجور أقل من الحد الأدنى المسموح به قانونا.

وفي بعض الحالات لا يحصل العامل على أجره أساسا أو يحجب عنه بشكل تعسفي، وتصل إلى إيطاليا أعداد كبيرة من المهاجرين غير الشرعيين القادمين إلى جنوب أوروبا عبر البحر وهي أعداد زادت مع الإضطرابات في شمال افريقيا والشرق الأوسط.

وجاء في تقرير منظمة العفو أن قوانين الهجرة الإيطالية الصارمة التي تجرم دخول البلاد بصورة غير مشروعة تجعل العمال المهاجرين فريسة للاستغلال لأنه لا يمكنهم التقدم بشكاوى خوفا من الاعتقال.

وقالت فرانسيسكا بيتسوتيللي الباحثة في منظمة العفو في بيان "النتيجة بالنسبة للعمال المهاجرين هي عادة: تقاضي أجور أقل كثيرا من الحد الأدني الذي يتقاضاه أهل البلد وتخفيض تعسفي للأجور وتأخير في منحهم إياها أو عدم حصولهم عليها من الأساس والعمل لساعات طويلة."

وأضافت "رغم أن من حق السلطات في أي بلد أن تعمل على السيطرة على الهجرة الوافدة فإن ذلك يجب ألا يكون على حساب حقوق الإنسان لكل من هو على أرضها بما في ذلك العمال المهاجرون."

وأشار التقرير إلى أن التمييز العنصري ضد المهاجرين يمثل مشكلة وركز على الاستغلال "القاسي" للعمال القادمين من جنوب الصحراء الكبرى وشمال افريقيا وآسيا في القطاع الزراعي في منطقتي لاتينا وكازيرتا بجنوب إيطاليا، وأوصت المنظمة السلطات الإيطالية بأن تتوصل لوسيلة تتيح للعمال المهاجرين أن يتقدموا بشكاوى ضد أصحاب العمل دون أن يخشوا عقابا.

فرنسا

كما اعلنت وزارتا الداخلية والخارجية في فرنسا ان فرنسا تنوي تبسيط اجراءات منح تاشيراتها لمدد تتراوح من ستة اشهر الى خمس سنوات لتنقل اصحاب الكفاءات الاجانب.

وجاء في بيان مشترك ان الوزارتين "اصدرتا تعليمات للسلك الدبلوماسي والقنصليات كي تحسن في كل مكان حيث ذلك ممكنا تسليم تاشيرات الزيارات القصيرة التي يطلق عليها اسم تاشيرات +تنقل+ ومدة صلاحياتها".

وتسمح تاشيرات التنقل لمن يحصل عليها ان يقيم في فرنسا وفضاء شنغن مدة تسعين يوما خلال فترة ستة اشهر دون طلب تاشيرة جديدة كل مرة.

واضاف البيان ان الاجراءات الجديدة مخصصة لرجال الاعمال والجامعيين والعلماء والفنانين والسياح الذين يترددون على فرنسا كقبلتهم المفضلة. بحسب فران برس.

وقد وعد الرئيس فرنسوا هولاند خلال حملته الانتخابية بتسهيل الاجراءات بالنسبة للذين "يريدون انشاء وظائف وتطوير المبادلات والمساهمة في الابحاث والابداع الفني"، واضاف البيان ان "الوزيرين، المقتنعين بضرورة انتهاج سياسة تاشيرات متوازنة تتماشى من جهة مع التحديات الاضافية لناحية السيطرة على تدفق المهاجرين والتحديات الامنية، ومن جهة ثانية مع عنصر الجذب الذي تملكه بلادنا، سيقترحان قريبا اجراءات جديدة تهدف الى تحسين استقبال طالبي التاشيرات وكذلك تبسيط وعقلنة نظام منح الاقامة لاصحاب الكفاءات المطلوبة".

وقد سلمت فرنسا 1947251 تاشيرة لزيارات قصيرة خلال 2011 منها 1879386 عادية و67865 رسمية حسب اخر الارقام الرسمية، وحصل على تلك التاشيرات خصوصا مواطنو روسيا (302047) والصين (217070) والمغرب (157750) والجزائر (137051) وتركيا (109463)، وكانت حكومة اليمين السابقة في المقابل تريد تشديد اجراءات منح تاشيرات الزيارات القصيرة وتعتبرها "جواز سفر نحو الهجرة غير الشرعية".

إسبانيا

فيما أصيب 25 مهاجرا غير نظامي ينحدرون من دول جنوب الصحراء، بعد تدخل "عنيف" لقوات الامن المغربية لمنعهم من اقتحام سياج مدينة مليلية الإسبانية شرق المغرب، على ما أفاد مصدر حقوقي لفرانس برس.

وقال حسن عماري عضو لجنة الهجرة في الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بوجدة شرق المغرب لفرانس برس "كانت هناك محاولة من طرف مهاجرين غير نظاميين لاقتحام سياج مدينة مليلة الإسبانية"، وأضاف ان "قوات الأمن المغربية تدخلت بشكل عنيف لمنعهم من اقتحام السياج الحدودي، ما أسفر عن إصابة 25 منهم بجروج متفاوتة، ويوجد ثلاثة من المصابين في مستشفى مدينة الناظور لتلقي العلاجات.

ويختبئ أغلب المهاجرين الراغبين في العبور الى مدينة مليلة الإسبانية، الواقعة داخل أراضي المغرب، في غابة غوروغو المحاذية لهذه المدينة في انتظار أول فرصة لاقتحام السياج، وأكد عماري لفرانس برس ان هذه المحاولة لاقتحام سياج مدينة مليلة تعتبر "السابعة من نوعها خلال سنة 2013 لوحدها، أسفرت إحداها عن موت أحد المهاجرين، وإصابة الكثير منهم بشكل خطير في بعض الحالات"، وأضاف ان "هناك اعتقالات في صفوف هؤلاء المهاجرين حيث لم يتسن لنا بعد معرفة عددهم وجنسياتهم، ومن المنتظر في غالب الأحيان ان يتم ترحيلهم الى الحدود الجزائرية شرقا، كما تفعل السلطات في العادة".

من جانبه تحدث محافظ مدينة مليلية في بيان عن "مجموعة مكونة من 150 مهاجرا غير شرعي هاجمت سياج المدينة بطريقة عنيفة، ما خلف 10 مصابين في صفوفهم، اضافة الى إصابة شرطيين إسبانيين"، وتعتبر مدينتا مليلة وسبتة الإسبانيتان، الأراضي الوحيدة للاتحاد الأوروبي على القارة الإفريقية، حيث يراها المهاجرون بمثابة المنفذ نحو بلدان أوروبا.

وحسب تقرير للجمعية المغربية لحقوق الإنسان خاص بالمهاجرين خلال شهر شباط/فبراير، فقد تم ترحيل ما يقارب 400 مهاجر في أقل من شهر من أكثر من عشر دول جنوب الصحراء، بينهم 27 قاصرا و15 من طالبي اللجوء، و33 جريحا بينهم 17 إصابتهم كانت بليغة، وواجه المهاجرون غير النظاميين أسوأ معاملة في المغرب نهاية 2005 عندما حاولوا عبور الحواجز الحدودية لمدينة مليلية الاسبانية على الاراضي المغربية. واسفر تدخل قوات الامن الإسبانية والمغربية التي اطلقت الرصاص عن قتل 11 مهاجرا وجرح عشرات.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 3/نيسان/2013 - 22/جمادى الأول/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م