القاعدة في سوريا... بؤرة جديدة للإرهاب العالمي

 

شبكة النبأ: ملف الصراع المسلح في سوريا وتنامي خطر الجماعات المتطرّفة المرتبطة بتنظيم القاعدة في هذا البلد، أسهمت بزيادة القلق الدولي خصوصا بعد ان أثبتت الحقائق الملموسة تمكن هذا التنظيم الإجرامي من الاستفادة من التدهور الأمني الخطير والحصول على موطئ قدم في الأراضي السورية، التي أصبحت وبحسب بعض المحللين مركز مهم لاستقطاب أنصار هذا التنظيم ومن مخلف الجنسيات في سبيل القتال في صفوف الجماعات المتمردة التي تعول على إعادة تنظيم صفوفها وتعويض خسائرها السابقة، خصوصا مع وجود دعم معلن من قبل بعض الدول الخليجية والإقليمية التي سعت وتسعى الى فبركة الواقع وتشويه الحقائق. ويبدو أن الخطر الذي باتت تشكله مجموعات تنظيم القاعدة والذي لم يعد خافياً على أحد قد دفع الكثير من الدول الى إعادة حساباتها بخصوص هذا الملف الخطير الذي دخل في مراحل حرجة قد يصعب السيطرة عليها فيما بعد.

وفي هذا الشأن قال تقرير أصدرته وزارة الداخلية البريطانية، إن مئات الجهاديين الأوروبيين ذهبوا للمشاركة بالقتال في سوريا، وأشار إلى أن الأخيرة شهدت وقوع 60 هجوماً انتحارياً منذ تصاعد النزاع. وقال التقرير إن الحكومة البريطانية تعاملت بقلق متزايد مع تحول الجماعات الإسلامية إلى اختطاف الرهائن للحصول على فدية، والتي قامت باحتجاز 150 مواطناً أجنبياً منذ عام 2009، كان بينهم 13 مواطناً بريطانياً.

وأضاف أن الشرطة البريطانية اعتقلت 245 شخصاً في المملكة المتحدة للاشتباه بممارسة نشاطات على علاقة بالإرهاب، ووجهت بحق 45 شخصاً منهم تهماً إرهابية خلال السنة المنتهية في 30 أيلول/سبتمبر 2012، وجرت لاحقاً إدانة 18 واحداً منهم حتى الفترة المنتهية في 18 كانون الثاني/يناير الماضي، في حين ينتظر 25 آخرون المحاكمة.

وأشار التقرير إلى أن المحاكم البريطانية أصدرت أحكام سجن بحق 124 شخصاً بتهم ارتكاب جرائم تتعلق بالإرهاب والتطرف خلال السنة المنتهية في 30 أيلول/سبتمبر 2012، محذراً من أن تنظيم القاعدة 'لا يزال يعمل في باكستان وعلى طول الحدود مع أفغانستان ويطمح لتنفيذ هجمات إرهابية في المملكة المتحدة، رغم تآكل قدراته'.

وذكر أن التهديدات الإرهابية التي تواجهها المملكة المتحدة الآن 'تأتي من منطقة جغرافية أوسع حجماً، وغالباً من دول لا تتمتع بحكومات فعّالة، كما أن التحرك ضدهم في هذه الأماكن صعب وخطر ويتطلب موارد كبيرة، ويمكن أن يصبح مستحيلاً في بعض الأحيان مع جراء انهيار الحكم وسلطة القانون والنظام، مما يجعل استراتيجيتنا لمكافحة الإرهاب تحتاج إلى التكيف لمواجهة التهديدات'. وقالت وزيرة الداخلية البريطانية، تريزا ماي، إن تقرير وزارتها 'يوضح أن تهديد الإرهاب يتغيّر لكنه لا يزال كبيراً ويجعلنا بحاجة للاستمرار في تعقبه وإحباطه وتطوير استراتيجية المنع للرد على تحدي التطرّف والإرهاب المحليَّين'.

من جهة أخرى قالت النيابة العامة في تونس التي يقود حكومتها حزب اسلامي انها فتحت تحقيقا قضائيا بشأن شبكات يعتقد انها تجند إسلاميين للقتال في سوريا. وتقول وسائل اعلام محلية ان اعداد التونسيين الذين يقاتلون في سوريا هي بالآلاف بينما تقول جهات رسمية ان مئات التونسيين يقاتلون هناك. وقال الرئيس التونسي المنصف المرزوقي انه يخشى ان يعرض المقاتلون التونسيون في سوريا وهم متشددون اسلاميون امن البلاد للخطر عند عودتهم من سوريا مثلما حدث في الجزائر قبل عقود حين عاد المقاتلون الجزائريون من الحرب في افغانستان واصبحوا اكثر تشددا.

وقالت وزراة العدل "المحكمة الابتدائية بتونس فتحت تحقيقا بعد ما تم تناوله عبر وسائل الاعلام والمتعلق بوجود شبكات تعمل على مساعدة التونسيين الراغبين في السفر للجمهورية العربية السورية قصد الانضمام الى صفوف المسلحين ضد النظام السوري واضافت ان النيابة العامة "دعت كل شخص له معلومات تتعلق بالموضوع الى التقدم للإبلاغ عنها" لدى السلطات.

وتأمل الحكومة التي تقودها حركة النهضة الإسلامية ان تجري انتخابات بنهاية هذا العام على اقصى تقدير لانقاذ الانتقال الديمقراطي المتعثر. وتكافح تونس منذ الاطاحة بالنظام السابق قبل عامين لاستعادة الاستقرار الامني والسياسي. وانتقدت المعارضة العلمانية في تونس بشدة ما قالت انه تراخي الحكومة في التصدي لظاهرة ارسال مقاتلين الى سوريا لكن رئيس الوزراء التونسي علي العريض قال ان تونس لا يمكنها ان تمنع اي شخص من السفر طالما انه ليس محل متابعة قضائية.

ولجأت عائلات تونسية كثيرة الى وسائل الإعلام في الآونة الأخيرة طلبا للمساعدة واطلقت نداءات استغاثة قائلين ان أبناءهم غادروا بشكل فجائي ومتهمين شبكات بتجنيد ابنائهم للقتال في سوريا. وقالت وسائل اعلام محلية ان شبكات تونسية واقليمية تقوم بتجنيد اسلاميين للقتال في سوريا.

من جانب اخر وجه الادعاء العسكري في لبنان اتهامات إلى 10 أشخاص بالانتماء إلى "جبهة النصرة"، التي تشارك في القتال في سوريا، وذكرت الوكالة الوطنية للإعلام أن مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية، القاضي صقر صقر، ادعى على 10 أشخاص، بينهم شادي المولوي، وموقوف في جرم "الانتماء إلى تنظيم مسلح وجبهة النصرة"، بقصد "القيام بأعمال إرهابية، ونقل أسلحة ومتفجرات بين لبنان وسوريا"، وقرر إحالة المتهمين إلى قاضي التحقيق العسكري الأول.

وبعد قليل من الكشف عن قرار الادعاء العسكري، وصف المولوي، الذي سبق اعتقاله على خلفية اتهامات بـ"الإرهاب"، الاتهامات الموجهة إليه، بأنها "باطلة ومردودة"، وسبق لأجهزة الأمن أن اعتقلت المولوي ، بتهمة "الانتماء لتنظيم القاعدة"، إلا أن العشرات من الإسلاميين نظموا اعتصاماً في مدينة طرابلس، شمالي لبنان، للمطالبة بإطلاق سراحه، إلى أن تم الإفراج عنه بعد نحو أسبوع.

الى جانب ذلك قال الرئيس الاميركي باراك اوباما انه "قلق جدا" من احتمال ان تصبح سوريا التي تشهد نزاعا مسلحا منذ اكثر من عامين ملجأ للتطرف. وقال "انا قلق جدا من ان تصبح سوريا ملجأ للتطرف، لان المتطرفين يستغلون الفوضى، ويزدهرون في الدول الفاشلة وبوجود فراغ في السلطة". وقد دفعت المخاوف من احتمال اكتساب المتطرفين المزيد من السلطة في سوريا الولايات المتحدة الى الحذر اكثر بشأن الصراع المتصاعد في سوريا.

وتعتبر واشنطن ان احدى اقوى الميليشيات المسلحة قي سوريا، جبهة النصرة، هي منظمة إرهابية لا تختلف عن مجموعة القاعدة في العراق. وادى النزاع المسلح الدائر في سوريا منذ اكثر من عامين بين الجيش النظامي السوري والمجاميع المسلحة الى مقتل ما يزيد عن 70 الف شخص، فيما فر اكثر من مليون سوري هربا من العنف في بلدهم. ورفض اوباما تقديم مساعدة عسكرية للجماعات المسلحة في سوريا لكنه منحها دعما لوجستيا ومساعدة انسانية بمئات الملايين من الدولارات.

في السياق ذاته ذكرت صحيفة لوس انجليس تايمز ان وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي ايه) تجمع معلومات حول الإسلاميين المتطرفين في سوريا لامكانية توجيه ضربات اليهم بطائرات بدون طيار في مرحلة لاحقة. ونقلت الصحيفة عن مسؤولين اميركيين حاليين وسابقين ان الرئيس الاميركي باراك اوباما لم يسمح بتوجيه اي ضربات في سوريا والامر ليس مطروحا.

لكن السي آي ايه التي تدير برامج الطائرات بدون طيار التي تستهدف الناشطين في باكستان واليمن، قامت بتغييرات في صفوف الضباط المسؤولين عن توجيه الضربات، لتحسين جمع المعلومات حول الناشطين في سوريا. وشكل هؤلاء الضباط وحدات مع زملاء لهم كانوا يطاردون ناشطو القاعدة في العراق.

وقالت الصحيفة ان الناشطين القدامى في العراق انتقلوا على الارجح الى سوريا والتحقوا بالميليشيات التي تقاتل الحكومة في هذا البلد. ويتمركز الضباط المكلفين التركيز على سوريا في مقر وكالة الاستخبارات المركزية في لانغلي في ولاية فرجينيا، كما قالت الصحيفة. وتابعت "لوس انجليس تايمز" ان الوكالة تعمل بشكل وثيق مع الاستخبارات السعودية والاردنية وغيرها من اجهزة استخبارات المنطقة الناشطة في سوريا. واوضحت الصحيفة ان هذه الاستعدادات تأتي مع تزايد انتصارات المقاتلين الاسلاميين المتطرفين في سوريا. واكدت ان وزارة الخارجية الاميركية تعتقد ان واحدة من اقوى ميليشيات المعارضة السورية وهي جبهة النصرة، هي منظمة ارهابية لا يمكن تمييزها عن تنظيم القاعدة في العراق.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 3/نيسان/2013 - 22/جمادى الأول/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م