السعودية والثورة الشاملة... ساعة صفر وشيكة

 

شبكة النبأ: كما يبدو ان الأسرة الحاكمة في السعودية ستواجه انتفاضات لا يمكن تفاديها في المستقبل القريب، إذ تقف السعودية اليوم على محك التغيير، وربما تشهد عاجلا ام أجلا هذه المملكة الخليجية الثورة العربية التالية بسبب اشتداد مشاعر الغضب والاستياء من القمع الحكومي للشعب، وازدياد موجات الاضطرابات الامنية والحراك السياسي بشكل غير مسبوق خاصة في المدة الاخيرة.

وقد تتمثل بالاحتجاجات الشعبية المستمرة، التي تحول بعضها إلى مواجهات عنيفة وقتل خلالها بعض المواطنين، فضلا عن العديد من الانتهاكات الحقوقية الصارخة، من خلال الإجراءات التعسفية والإجرامية بحق الشعب، كالاعتقال والتعذيب والملاحقة، والاستهداف بشكل مباشر ومتعمد بالسلاح وبكل وسائل العنف الأخرى.

وكما يقول محتجون كثيرون أنهم يستلهمون ثورات الربيع العربي في مصر وتونس، الذين يشكون من تعرضهم لتمييز مستمر في الوظائف العامة وحرية العبادة وهي ممارسات طبيعية من لدن السلطات السعودية ضدهم.

ويعزو الكثير من المراقبين هذه الممارسات التعسفية من لدن السلطات الاستبدادية ضد الشعب، الى انها تتبع سياسية تكيل بمكيالين، فهي تناشد بالحرية وتطالب بالحقوق الإنسانية والمساواة والعدالة الاجتماعية من جهة للدول الخارجية، ومن جهة أخرى تستخدم هذه الدول كل وسائل العنف والقمع في الداخل، فهي تناقض نفسها بحيث تغض النظر عن انتهاكات صارخة في بلدانها، وتظهر نفسها دولة يسودها احترام حقوق الإنسان أمام العالم، والواقع عكس ذلك تماما.

لذا يرى الكثير من محللين انه على الرغم من التحركات الإقليمية للنظام الاستبدادي في السعودية والذي يحكم منذ عقود، في تدويل الأزمات داخل سوريا والعراق وبلدان أخرى، لكي تبعد الأزمات عنها، كونها تعيش نفس الهواجس والتحديات، على الصعيد الامني ومجالات اخرى ايضا، فضلا البذخ الفاحش لشراء ضمائر المواطنتين، الا انها لم تنجح في مساومة وإخماد نيران الثورة التي باتت على أعتاب هذه المملكة الخليجية.

وعليه يرى أغلب المراقبين في حال استمرار الجمود السياسية والتراجع الحقوقي في المملكة العربية السعودية،  فان الاسر الحاكمة امام مخاض ثوري مستمر وانتفاضة تتجلى وتتألق يوما بعد يوم.

تصاعد سريع وخطير للخروقات في حقوق الإنسان

في سياق متصل يزداد ويستمر ارتكاب السلطات السعودية للخروقات الخطيرة في حقوق الإنسان بحق المواطنين وخصوصا المواطنين الشيعة، حيث قامت باعتقال (16) مواطن شيعي بتهمة (التجسس) لصالح دول أخرى، ومن خلال التهمة الموجهة يتضح إن السلطات السعودية تريد خلط الورقة الطائفية بالسياسية لتصفية حساباتها السياسية مع تلك الدول على حساب المواطنين من أبناء الطائفة الشيعية.

وهي ليست المرة الأولى التي تقوم بها هذه السلطات بانتهاك حقوق الإنسان، بل إن اعتقالات المواطنين الشيعة وبخاصة في المناطق الشرقية من البلاد مستمرة وتقوم بها القوات الأمنية بشكل شبه يومي، والملفت للنظر في الاتهامات الموجهة للمعتقلين الستة عشر هو نوع التهمة التي لا تقتصر على هؤلاء فقط، بل تشمل جميع الشيعة هناك متهمةً إياهم بالتآمر وعدم الولاء لأوطانهم.

فبعد أن قامت السلطات السعودية بإرسال قواتها العسكرية إلى قمع الاحتجاجات الشعبية في البحرين قبل عامين وإلصاق التهم بهم بدوافع طائفية ومنها العمالة والانصياع للرغبات الخارجية، تقوم اليوم بتوجيه قواتها الأمنية للاعتقالات العشوائية في صفوف الشيعة في كافة أنحاء السعودية بحجة (التجسس) لصالح دولة إقليمية!

ويرى حقوقيون في مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات ان هذه الخطوة مدانة بكل المقاييس الإنسانية والحقوقية والاستمرار بها يؤكد ما يلي:

أولاً: الاعتقالات تمت بدوافع طائفية وليست بناء على معطيات وحقائق ثبتت لدى السلطات السعودية بإدانة من جرى اعتقالهم.

ثانياً: كلما حاول الشيعة المطالبة بحقوقهم الدينية والمدنية في السعودية واجهتهم السلطات بتهم التآمر والعمالة للخارج وهذه التهمة ليست الأولى ولا الأخيرة إذ لم تحترم السلطات السعودية مطلقا الحريات والحقوق المنصوص عليها دولياً.

ثالثاً: لم تراع السلطات السعودية المعايير الدولية بالتعامل مع حقوق الشيعة ومطالباتهم بالعدالة الاجتماعية والمساواة في التعامل.

رابعاً: اللجوء إلى التعذيب الجسدي والنفسي لإجبار المعتقلين على الإدلاء باعترافات لا وجود لها.

خامسا: استمرار السلطات السعودية بالحلول القمعية والبوليسية في التعامل مع مطالب المواطنين الشيعة دون ان تخطو خطوة واحدة نحو الحوار بالجلوس معهم والسماع إلى طلباتهم.

سادساً: إن الناشطين في مجال حقوق الإنسان والداعمين لهم باتوا هدفاً لإجراءات الأجهزة الأمنية القسرية، بهدف خنق "الأصوات المطالبة بالإصلاح في مهدها" بحجج واهية ومن بينها (التجسس).

ان ما يجري من انتهاك لحقوق الإنسان ضد المواطنين في السعودية بوجه عام والشيعة بوجه خاص، وما يجري على الأرض من اعتقالات وتضييق على الحريات بشكل مستمر يشكل انتهاكاً صارخاً لجميع المواثيق والعهود الدولية، ينظر اليه بعين القلق، حيث تشكل تلك التصرفات القمعية ضد المواطنين الشيعة استفزازا لهم من اجل دفعهم نحو العنف كي تتم ملاحقتهم وتصفيتهم، كما إن ذريعة "مكافحة الإرهاب" هي الأخرى باتت إحدى الوسائل التي تستخدمها السلطات السعودية للتضييق على المواطنين الشيعة وممارسة الإجراءات الأمنية التعسفية ضدهم.

من هنا طالب حقوقيون من مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات بما يلي:

1- الإفراج الفوري عن المعتقلين الستة عشر وعن جميع المعتقلين السياسيين وسجناء الرأي وضمان سلامتهم وسلامة عوائلهم.

2- إيقاف جميع الإجراءات التي تنتهك حقوق الإنسان، ومنها الإجراءات التعسفية المتخذة بحق المواطنين الشيعة بمنعهم من السفر إلى الخارج.

3- كما طالب أعضاء المركز المنظمات الدولية وفي مقدمتها الأمم المتحدة بتشكيل لجان تحقيق أممية تتولى معرفة حقيقة ما تقوم به السلطات السعودية ضد المواطنين وخصوصا الشيعة.

4- التأكيد على اتخاذ الجهات المعنية –السعودية والأممية- الأمر بجدية تامة وبأسرع وقت ممكن لمنع جميع الانتهاكات وإزالة الضرر المادي والمعنوي الذي لحق بالمعتقلين وعوائلهم جراء الاعتقال والتشهير بسمعتهم.

اعتقالات واسعة

على الصعيد نفسه قال زعماء للشيعة في السعودية إن التوتر بين السلطات والشيعة قد يتصاعد الى مستويات غير مسبوقة، فقد قال نشطاء شيعة إن العديد من أبناء الطائفة الشيعية اعتقلوا خلال الاونة الاخيرة من أنحاء مختلفة بالمملكة ولم تتمكن عائلاتهم من الاتصال بهم، وقال نشطاء آخرون إن من المعتقلين رجلي دين ومصرفيا وأستاذا جامعيا. وجرت الاعتقالات في الرياض ومكة وجدة والمنطقة الشرقية.

فيما قال جعفر الشايب وهو من زعماء الشيعة "لا يعرف عن هؤلاء أنهم نشطاء سياسيون على الاطلاق. إنهم نشطون في الشعائر الدينية المعتادة فقط. لهذا فهذه الاتهامات غريبة بالفعل. القصة برمتها تضر بالعلاقات" مع أبناء الطائفة.

لكن شيعة اتصلت بهم رويترز قالوا إنهم يخشون أن يكون الهدف من الاعتقالات هو توحيد السعوديين السنة بعد مظاهر محدودة للمعارضة بينها احتجاجات وانتقاد علني نادر من رجل دين محافظ بارز.

وقال توفيق السيف وهو زعيم شيعي بارز إن معظم الناس في مناطق الشيعة يفسرون الاعتقالات باعتبارها محاولة لتقديم كبش فداء وإن الحكومة تريد صرف الانتباه عن المطالب بالاصلاح، وأشار السيف إلى أنه على الرغم من اتهامات الحكومة للمشاركين في الاحتجاجات بالعمل لصالح قوة أجنبية إلا أن هذا الإدعاء لم يذكر أثناء محاكمتهم، ويقول الشيعة أيضا إن المسؤولين ورجال الدين السنة يصورونهم عن غير حق على أنهم موالون لايران.

في الوقت نفسه اصدرت شخصيات شيعية سعودية من بينها 36 من رجال الدين بيانا يؤكد "الرفض بشدة هذا الاتهام المسيء بحقهم (...) فالمعتقلين هم من المواطنين الخيرين الذين لهم كفاءة علمية ومكانة اجتماعية محترمة".

وطالب الموقعون على البيان ب"الاسراع في اطلاق سراح المحتجزين الستة عشر" منددين ب"اقحام الورقة الطائفية في تصفية الخلافات السياسية الخارجية، او اشغال الرأي العام عن المطالبات الاصلاحية والحقوقية الداخلية"، والبيان هو الثاني حول رفض اتهام المعتقلين بالتجسس، وكان مثقفون ورجال دين في منطقة القطيف الشيعية اعتبروا الاتهام بانه "ادعاء مرفوض ومريب".

ويتهم ابناء الطائفة الشيعية السلطات السعودية بممارسة التهميش بحقهم في الوظائف الادارية والعسكرية وخصوصا في المراتب العليا للدولة، وتقول منظمات حقوقية ان قوات الامن اعتقلت اكثر من 600 شخص في القطيف منذ ربيع العام 2011 لكنها اطلقت سراح غالبيتهم.

الى ذلك ذكرت مصادر متطابقة ان رجل الدين السعودي الشيعي نمر النمر مثل في الرياض، للمرة الاولى منذ اعتقاله الصيف الماضي، امام المحكمة الجزائية المخصصة للنظر في قضايا الارهاب، وشهدت القطيف مسيرات احتجاجية كبيرة رفعت شعارات تأييد للانتفاضة في البحرين ثم تحولت للمطالبة باطلاق سراح معتقلين واجراء اصلاحات سياسية في المملكة.

اعتقال كوادر شيعية في السعودية

الى صعيد ذو صلة اعلن ناشطون ومصادر حقوقية سعودية ان السلطات الامنية اعتقلت عددا من الكوادر الشيعية في الرياض وجدة بينهم اطباءمؤخرا، وافادت المصادر ان بين المعتقلين في "الرياض الطبيب عباس العباد العامل في المستشفى التخصصي والاستاذ في جامعة الملك سعود علي الحاجي والاداري في مصرف سامبا احمد الناصر وجميعهم من الاحساء" في المنطقة الشرقية، واضافت ان "القوى الامنية اعتقلت ابراهيم الحميدي في الرياض وشقيقه حسين في وقت متزامن في مدينة سيهات في القطيف"ـ وتابعت ان السلطات اعتقلت في مدينة جدة رجل الدين محمد العطية الذي يعمل مدربا في الكلية التقنية" هناك.

كما اشار ناشطون الى اعتقال "الشيخ بدر آل طالب في مكة" وهو من سيهات كذلك وعبد الله في الاحساء، احدى محافظات المنطة الشرقية.

وتعد المنطقة الشرقية الغنية بالنفط المركز الرئيسي للشيعة الذين يشكلون نحو 10 بالمئة من السعوديين البالغ عددهم نحو عشرين مليون نسمة، وفي تموز/يوليو الماضي تصاعدت حدة المواجهات بين المتظاهرين وقوات الامن قبل ان تتراجع في آب/اغسطس اثر دعوة العاهل السعودي الملك عبدالله الى اقامة مركز حوار بين السنة والشيعية الامر الذي رحب به سبعة من ابرز قادة الشيعة في القطيف.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 3/نيسان/2013 - 22/جمادى الأول/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م