هل سيذهب صوت الناخب العراقي سدى؟

علي حسين عبيد

 

شبكة النبأ: بعد أقل من شهر من الآن، سيخوض العراقيون دورة انتخابية جديدة لانتخاب اعضاء مجالس المحافظات، وقد بدأت قبل ايام حملة انتخابية كبيرة في عموم محافظات العراق واقضيته ونواحيه المشمولة بالانتخاب، وتفنّن الناخبون في الترويج لانفسهم، بالصور وتصاميم البوسترات والشعارات وما شابه من طرق ترويج متنوعة للمرشح، حتى يجلب انتباه الناخب ويكسب وده وصوته، لكي يحصل على كرسي في مجلس المحافظة المرتقب.

من جانب آخر يعرف الناخب العراقي قيمة صوته الانتخابي، لهذا غالبا ما يشكو الناس من غياب اهتمام النواب والمسؤولين بما يحتاجه الشعب من تشريعات وقرارات وخدمات اساسية طوال وجودهم في كراسيهم، ويظهر الاهتمام فجأة وبصورة لافتة عندما يقترب موعد الانتخابات، فالكل يتقرب من المواطن ويتحرك ويبدي الاهتمام ويزور المناطق الفقيرة، وبعضهم من يقوم بتقديم خدمات سريعة مثل ردم الحفر وتبليط المطبات (الطسات)، وغيرها من حركات تملق المرشح للناخب من اجل كسب صوته.

لكن في حقيقة الامر يعرف المواطن الذي سيشترك في الانتخاب، حقيقة هذه الافعال والخدمات السريعة، وغالبا ما يصرح في وسائل الاعلام او في الحوارات مع الاخرين، بأن المسؤول العراقي والمرشحين عموما لا يعرفون المواطن واحتياجاته، إلا عندما تقترب الانتخبات، وبعد ان تنتهي بوصول مجموعة منهم الى الكراسي، ينسون المواطن وحاجاته الاساسية وسواها.

ومع هذا الوعي الذي يتحلى به الناخب، إلا أن هناك ظاهرة واضحة يمكن أن نسميها ظاهرة (هدر الصوت الانتخابي)، بمعنى اوضح، أن الناخب العراقي على الرغم من معرفته أن صوته سيضيع بلا طائل ولا فائدة عندما يمنحه للمرشح او الحزب الفلاني، فإنه مع ذلك يمنح صوته في صندوق الاقتراع لمن لا يستحقه، وذلك من اجل فائدة وقتيه غير ذات قيمة جوهرية، فهذا الناخب الذي يعي اهمية صوته، قد يكون مستعدا لمنح صوته الى مرشح او حزب معين مقابل منفعة وقتية سرعان ما تنتهي فوائدها، مقابل فقدان الفوائد الاستراتيجية الكبرى التي تتمثل في بناء الدولة المؤسساتية الراسخة، في حالة صعود اصحاب الكفاءات بدلا من اصحاب الفوائد المؤقتة والسريعة التي يقدمونها بشكل ما، الى المواطن مقابل منحهم صوته الانتخابي.

إن الصوت الانتخابي مهم وقيمته كبيرة لدرجة ان مستقبل الشعب والدولة برمتها، يتعلق بهذا الصوت ومساره الصحيح او الخاطئ، فإذا مُنح بصورة خاطئة ومتعجلة فإن النتائج ستكون وخيمة على الناخب نفسه، لهذا ينبغي أن يدقق الناخب كثيرا في الاسم او الشخصية او الحزب الذي سيمنحه صوته، وهذا الامر واضح ولا يقبل الخطأ، لاسيما اذا وضع الناخب نصب عينيه مستقبل البلد والشعب، والحاجة الى بناء دولة راسخة ومشاريع استراتيجية في مجالات الاقتصاد وعموم مجالات الحياة.

ومن الواضح ان المرشحين لديهم سبل كثيرة يروجون بها لانفسهم اثناء الحملات الانتخابية، منها ما يلجأ الى الخداع، وهو امر يتعلق بالمظاهر وليس الجوهر، لذا لا يصح ان ينخدع الناخب بكل ما يقوله المرشح، أو بعض الخطوات السريعة ذات المنافع المادية المؤقتة مقبل فقدان بناء الدولة القوية المزدهرة، نعم ان انتخاب الكفاءات ربما لا يعطي فوائد سريعة، كما يفعل ويروج بعض المرشحين الانتهازيين لكسب اصوات الناخبين، ولكن بالنتيجة ان الصوت الذي يذهب للمرشح الكفؤ، سوف يُسهم بطريقة او اخرى في بناء دولة قادرة على ان تحقق تطلعات الشعب، وتحمي حقوقه وتصون حرياته، وتعدل في توزيع الثروات وتحرص على كرامة الانسان من مخاطر الفقر والحرمان.

إن تجربة السنوات العشر التي مضت مع الانتخابات، أثبتت أن الناخب العراقي يتحمل مسؤولية كبيرة عن حالات الاخفاق التي تمثلت بضعف الجانب الخدمي، وانتشار ظاهرة الفساد، والتطاول على المال العام بشتى الطرق، بحيث ان مئات المليارات من الدولارات عجزت عن بناء العراق كما يجب، ومنها قطاع الكهرباء مثالا، لهذا ينبغي استثمار فرصة الانتخابات المقبلة لمجالس المحافظات، من اجل بناء الدولة المدنية القوية، بأصوات الناخبين التي تذهب في محلها الصحيح.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 31/آذار/2013 - 19/جمادى الأول/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م