انتفاضة اللؤلؤة... بين بطش النظام والاحتلال السعودي

متابعة: محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ: احيى معظم البحرينيين ذكرى اجتياح القوات السعودية المحتلة لبلادهم عبر تكثيف احتجاجاتهم السلمية المستمرة منذ اكثر من عامين، املا في ان تستجيب السلطة لنداءاتهم الحقوقية والانسانية، غير مبالين بأعمال البطش والقمع الممارس من قبل الاجهزة الامنية التابعة للنظام.

اذ شهدت شوارع البحرين انطلاق حشود كبيرة من المحتجين المطالبين بخروج قوات الاحتلال السعودي من بلادهم، وايجاد تسوية حقيقية تضمن وقف الانتهاكات والسياسات العنصرية بحق الاغلبية الشيعية في تلك الدولة.

الا ان النظام الخليفي بادر الى التصدي للتظاهرات بذات السياق السابق، متخذا من العنف والتنكيل والاعتقال منهجا متبعا في التعامل مع المواطنين، دون الاكتراث لإرادة الشعب او الصيحات الدولية المنددة بسياسته.

مهد الاحتجاجات الشعبية

فقد افاد شهود عيان ان الشرطة البحرينية فرقت الاف المتظاهرين الذين حاولوا الوصول الى دوار اللؤلؤة الذي كان مهد حركة الاحتجاجات التي قادها الشيعة قبل سنتين. واوضح الشهود ان الافا من الرجال والنساء الذين حملوا اعلام البحرين، ساروا في تظاهرة حاولت الوصول الى دوار اللؤلؤة تلبية لدعوات اطلقها "ائتلاف شباب ثورة 14 فبراير" المناهض للحكومة تحت شعار "جمعة الزحف الثوري"، وذلك في الذكرى الثانية لدخول القوات الخليجية المشتركة الى البحرين واعلان حالة الطوارىء في البلاد. وردد المتظاهرون شعارات "الشعب يريد اسقاط النظام" و"يسقط حمد" في اشارة الى العاهل البحريني حمد بن عيسى آل خليفة.

واشار الشهود الى ان الشرطة اطلقت الغازات المسيلة للدموع والقنابل الصوتية لتفريق المتظاهرين الذين قام بعضهم بالقاء الحجارة وزجاجات "المولوتوف" وعمدوا لاغلاق الطرق بحاويات القمامة والاطارات.

وقالت وزارة الداخلية البحرينية على حسابها في تويتر ان "قوات حفظ النظام تصدت لمجموعة ارهابية قامت بمهاجمتها بقنابل المولوتوف وحاولت اغلاق شارع البديع بالقرب من منطقة السنابس (الشيعية)".

وفي الاثناء شارك الالاف في تظاهرة دعت لها المعارضة الشيعية بالقرب من منطقة جد حفص التي تبعد نحو كيلومترين عن المنامة، وانتهت التظاهرة بدون صدامات مع الشرطة. وحمل المتظاهرون اعلام البحرين ولافتات كتبوا عليها عبارات "عدنا"، ورددوا شعارات "ثورة ثورة حتى النصر"، "هامات شعبي عالية لن تنحي للطاغية"، "لبيك يا بحرين"، و"تنحى يا خليفة" في اشارة الى عم الملك رئيس الوزراء الامير خليفة بن سلمان آل خليفة الذي يحتفظ بمنصبه منذ استقلال البحرين في العام 1971.

وأكدت المعارضة البحرينية في بيانها في نهاية التظاهرة ان "تواصل الارهاب والعنف الرسمي واستخدام القوة المفرطة ضد التظاهرات السلمية، يؤكد أن النظام مستمر في ذات منهجية التأزيم التي لن توفر للوطن سوى تعقيدات للحل السياسي المنشود لخروج البحرين من المأزق الذي تعيش فيه".

وقد أصيب عشرات الأشخاص بينهم ضباط شرطة في اضطرابات بالبحرين في الذكرى السنوية الثانية للتدخل العسكري بقيادة السعودية في هذه الجزيرة الدولة الواقعة في منطقة الخليج.

وقالت وزارة الداخلية البحرينية إن "إرهابيين محليين" أغلقوا الطرق وأحرقوا سيارات. وأوضحت أن ضابطي شرطة أصيبا في أعمال الشغب.

ووقع بعض من أسوأ أعمال العنف في بلدتي "سيترا" و "سنابس" على مشارف المنامة. وتم إشعال النيران في سيارات على طريق سريع رئيسي أغلقه محتجون مؤقتا. وأفاد شهود عيان بوقوع اشتباكات عنيفة حيث استخدمت الشرطة الغاز المسيل للدموع وقنابل صوت ضد مجموعات من الشباب قالت وزارة الداخلية إنهم كانوا مسلحين "بزجاجات حارقة وقضبان حديدية وعدد من القنابل محلية الصنع".

وكان التدخل العسكري يهدف إلى إعادة النظام والهدوء بعد أن احتل نشطاء مؤيدون للديمقراطية بشكل سلمي دوار اللؤلؤة الشهير في العاصمة المنامة. واتخذت القوات السعودية مواقع بالقرب من منشآت مهمة، بينما قامت الشرطة وقوات الدفاع البحرينية بإخلاء الدوار من المحتجين باستخدام القوة.

وفي أعقاب عملية إخلاء الدوار، قتل أكثر من 30 شخصا وأصيب المئات واعتقل الآلاف، وفصل عدة آلاف من وظائفهم، معظمهم من الشيعة. وبدا واضحا أن مدى استهداف الشيعة من جانب الحكومة وقواتها الأمنية بعد إخلاء دوار اللؤلؤة لعب دورا في تأجيج الشعور بالاستياء.

ودعت أطراف المعارضة بقيادة جمعية الوفاق مرارا إلى ضرورة أن تتسم الاحتجاجات بالسلمية، لكنها تقول إن الحكومة غير ملتزمة بإجراء إصلاحات حقيقية ولا تزال تتلكأ في إجراءاتها.

وتقول المعارضة إن هذا يثيرا استياء متزايدا، ويخرج شبان بحرينيون ملثمون إلى الشوارع بصورة شبه يومية في المساء، العديد منهم يحملون زجاجات حارقة. ويغلق هؤلاء الشبان الطرق بإطارات السيارات المحترقة وصناديق القمامة.

الى ذلك اعتقل الأمن البحريني، مؤخرا ستة أشخاص من مستعملي موقع التواصل الاجتماعي، تويتر، بتهمة "الإساءة بطريق العلانية وبما يتعارض مع الحق في حرية التعبير وإبداء الرأي، وأمرت بحبسهم على ذمة التحقيق تمهيداً لإحالتهم للمحاكمة"، حسب تصريحات لرئيس النيابة الكلية البحرينية، نايف يوسف، لوكالة أنباء البحرين.

وصرح يوسف بأن النيابة العامة قد باشرت بالتحقيق في ستة بلاغات وردت إليها من الإدارة العامة لمكافحة الفساد والأمن الاقتصادي والإلكتروني"، وأشار إلى أن "قيام بعض الأفراد بكتابة ونشر عبارات ماسة بملك البلاد، عبر حساباتهم على موقع التواصل الاجتماعي " تويتر "، حيث استجوبت النيابة ستة منهم، وواجهتهم بما تم نشره بمعرفتهم وما تضمنه من عبارات مسيئة".

ومن جهته أكد القائم بأعمال مدير عام الإدارة العامة لمكافحة الفساد والأمن الالكتروني والاقتصادي الذي لم يذكر أسمه، على "أهمية الحرص على حسن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي في إطار الهدف الذي أنشأت من اجله وبما لا يشكل جرائم تضع من يرتكبها تحت طائلة القانون ."

وأشار الناشط الحقوقي بمركز البحرين لحقوق الانسان، ناجي فتيل، لـ CNN  بالعربية، إلى أن "البحرين وبدلاً من الاحتفال باليوم العالمي لمكافحة الرقابة الالكترونية، بمزيد من الحريات"، اعتقلت السلطات ستة اشخاص "جميعهم من المعارضة"، وبطرق "غير قانونية وبدون مذكرة اعتقال."

وقال فتيل إن "عاهل البحرين الذي يترأس السلطات الثلاث، عمله موضع نقد موضوعي حسب الأعراف والقوانين وحقوق الانسان الدولية"، مضيفاً إلى أن هذا الاعتقال "سيساهم في تراجع مستوى البحرين في الحريات."

هيومان رايتس ووتش

من جهتها دعت منظمة هيومان رايتس ووتش، المعنية بحقوق الإنسان، البحرين إلى الإفراج عن "السجناء السياسيين" بغية المساعدة في وقف تصاعد أعمال العنف. وقالت المنظمة إن استمرار اعتقال النشطاء "يفضي إلى أن تبقى البلاد أسيرة الصراع".

وقالت سارة ليا ويتسون، مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في المنظمة الدولية ، لبي بي سي " يمثل الإفراج عن الناشطين علامة على جدية استجابة الحكومة إلى الاصلاح، وايمانها بعملية الحوار". وأضافت "بدون هذا الإيمان ستستمر أعمال العنف".

ومن بين الناشطين المعتقلين الحقوقي نبيل رجب، المسجون لمدة ثلاث سنوات، والحقوقية زينب الخواجة التي تقضي عقوبة السجن لمدة ثلاثة أشهر، في حين حكم على والدها المعارض عبد الهادي الخواجة بالسجن مدى الحياة على خلفية اتهامه بالتآمر لإسقاط الدولة. وثمة اعتقاد كبير بأن ادانتهم جرت تحت وطأة عمليات تعذيب.

وكان مجلس حقوق الانسان للأمم المتحدة قد أصدر بيانا في يناير / كانون الثاني أدان فيه "استمرار مضايقة وسجن أشخاص يمارسون حقوقا تتعلق بحرية الرأي والتعبير في البحرين".

وأشار البيان إلى "عدم مراعاة الإجراءات القانونية" أثناء محاكمة 13 ناشطا سياسيا، من بينهم عبد الهادي الخواجة.

وقالت مريم الخواجة، الابنة الصغرى للخواجة ، لبي بي سي إن والدها وشقيقتها بدأ إضرابا عن الطعام الاثنين احتجاجا على ما وصفته باستمرار انتهاك حقوق الانسان في البلاد وسوء معاملة الناشطين السجناء. وأضافت أن الناشطين الحقوقيين "لابد من الافراج عنهم. إنهم لا يساندون أعمال عنف، وسوف يدفع اعتراض سبيل الاحتجاجات السلمية إلى حتمية اندلاع أعمال عنف".

ورفضت مريم الخواجة الحوار الجاري بدعوة من الحكومة البحرينية ووصفته بأنه "عديم الجدوى" موضحة أن حلفاء البحرين من دول الغرب يريدون فرض المزيد من الضغوط على البلاد.

وكانت وزارة الداخلية قد نفت في وقت سابق ما تضمنه بيان صادر من ممثلي منظمة هيومان رايتس ووتش في 28 فبراير/ شباط الماضي في ختام زيارتهم الى البحرين وذلك بحسب ، وكالة الانباء البحرينية.

والتقى وفد المنظمة انذاك برئاسة سارة ليا ويتسون بوزير الداخلية الشيخ راشد بن عبد الله آل خليفة بعد أن قامت الوزارة بترتيب عدد من المقابلات مع المعتقلين على انفراد.

ووصفت الوزارة البيان الصادر من ممثلي المنظمة بالمناقض لنفسه، مؤكدة أنه احتوي على عدد من الأخطاء تتعلق بحقائق أهمها النقل غير الصحيح لتصريحات المسؤولين بالوزارة، وتجاهل الإصلاحات الهامة التي قامت بها الوزارة الداخلية منذ صدور تقرير لجنة تقصي الحقائق.

وقالت الوزارة إنها "تشعر بخيبة أمل من التصريحات بالاتهامات غير الحقيقية التي توحي بأن ممثلي المنظمة قد اتخذوا موقفهم وبنوا قراراتهم قبل المجيء إلى البحرين، وهذا ما يتنافى مع ضرورة توافر الحيادية لمثل تلك المنظمة".

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 24/آذار/2013 - 12/جمادى الأول/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م