اوباما في الشرق الاوسط... رسالة سلام أم تحشيد لحرب؟

كمال عبيد

 

شبكة النبأ: تعد منطقة الشرق الأوسط من اسخن المناطق حول العالم على الصعيد السياسي، وذلك نتيجة لتزايد الحركة والعداوات السياسية في هذه منطقة بشكل كبير جدا خلال الآونة الأخيرة، وسط خلافات كثيرة بين القوى السياسية الإقليمية والدولية.

وهذا الامر يشير الى أن تكون هناك صفقات سياسية بين الدول الكبرى المتصارعة والمهتمة بالهيمنة على بلدان الشرق الأوسط، بهدف إعادة ترتيب الأوضاع بالمجال السياسي في بلدان تلك المنطقة.

ولعل الولايات المتحدة الأمريكية أهم القوى الدولية التي لها حضورا قويا وفعالا على المسرح السياسي في "قضايا الشرق أوسطية" ومن أبرزها برنامج إيران النووي، والصراع في سوريا، والصراع بين إسرائيل والفلسطينيين، وقد دفعت تلك القضايا أمريكا لانتهاج سياسية جديدة تتوافق مع التطورات الجديدة على الأصعدة كافة.

وذلك باعتماد إستراتيجية جديدة لضمان تحقيق مصالحها الإستراتيجية والسياسية والاقتصادية في البلدان الأخرى وأهمها الحليف الدائم إسرائيل. وقد تجسدت في أول زيارة رسمية لأوباما كرئيس للولايات المتحدة في ولايته الثانية، الذي يأمل في فتح صفحة جديدة في علاقاته المشحونة في الكثير من الأحيان مع الإسرائيليين. حيث شابت العلاقات الأمريكية الإسرائيلية موجة من الفتور، إلا أن أمريكا تداركت هذا الامر بعد ما اكدت رغبتها في تعزيز العلاقات مع اسرائيل في معظم المجالات، وأهمها العسكرية والأمنية، فضلا عن توسطها في تقارب بين إسرائيل وتركيا بعد انقطاع دبلوماسي دائم ثلاث سنوات تقريبا.

إذ يبدأ كل من أوباما ونتنياهو فترة جديدة في السلطة ويدركان أنه سيتعين عليهما العمل معا في قضايا حساسة لسنوات ويتطلع الاثنان إلى تجنب الاختلاف العلني في وجهات النظر مثلما حدث في مرات سابقة.

ويسعى الرئيس الأمريكي الديمقراطي جاهدا لخلق إستراتيجية مرنة من استخدام سياسات القوى الجديدة من خلال اعتماد مبدأ المصلحة السياسية بغطاء براغماتي. فيما تفاوتت آراء المحللين حول الأجندات والأهداف الكامن وراء هذه الزيارة الهامة، بين هدف السلام وهدف التحشيد لحرب مفترضة، فمنهم من يقول بأن هذه الزيارة هي دليل على طموح أمريكا في أعادة ضبط العلاقات وممارسة دورها القيادي في منطقة الشرق الأوسط خصوصاً بعد تدنى نفوذها بشكل غير مسبوق، نتيجة لتغيرات الربيع العربي وصعود الإسلام السياسي وانتقال صناعة القرار إلى داخل المنطقة، بعدما كانت الإدارة الأمريكية لسنوات طويلة تملي ما تريده عليها، لذا ستقف ادراة أوباما أمام تحدي المواصلة لاحتواء آثار الربيع العربي.

بينما يرى محللون آخرون ان تجير موقف الأردن من القضية السوري وأعلن حرب الله منظمة إرهابية، فضلا عن مساهمتها بأعادة العلاقات التركية الإسرائيلية، كلها عوامل تدحض المساعي السلمية بل هي مواقف لتحشيد حرب مفترضة في هذه المنطقة التي تغلي على صفيح ساخن سياسيا.

كما رأى الكثير من المحللين بأن الولايات المتحدة أرادت ضرب عصفورين بحجر واحد من خلال تدشين علاقات بنية السلام، وتذكير العالم  بدورها القيادي في منطقة الشرق الأوسط.

في حين يرى بعض المراقبين بان أجندة واشطن أهم من إشاعة السلام في المنطقة، وعليه فإن هذه الزيارة التي احتلت مساحة واسعة من التغطية الإعلامية العالمية، وربما تشكل الزيارة وجها سياسيا جديدا لأمريكا في صناعة معادلات سياسية جديدة  في الشرق الأوسط.

في سياق متصل اعتذرت إسرائيل لتركيا عن قتل تسعة أتراك في مداهمة لقافلة بحرية كانت في طريقها لغزة عام 2010 واتفق البلدان على تطبيع العلاقات بينهما في انفراجة مفاجئة أعلنها الرئيس الأمريكي باراك أوباما.

ويمكن أن يساعد هذا التقارب التنسيق بالمنطقة لمنع امتداد الحرب في سوريا وتخفيف العزلة الدبلوماسية لإسرائيل في منطقة الشرق الأوسط حيث تواجه تحديات يفرضها البرنامج النووي الايراني.

وقال اوباما "تقدر الولايات المتحدة بقوة شراكتنا الوثيقة مع كل من تركيا وإسرائيل ونولي أهمية كبيرة لاستعادة العلاقات الإيجابية بينهما من أجل تعزيز السلام والأمن بالمنطقة."

ومنحت المحادثة أوباما نصرا دبلوماسيا في زيارة لاسرائيل والاراضي الفلسطينية لم يطرح خلالها خطة جديدة لاستئناف عملية السلام المتوقفة منذ حوالي ثلاث سنوات، وقال وزير الخارجية التركي احمد داود اوغلو ان كل المطالب الاساسية لتركيا قد تحققت بالاعتذار الاسرائيلي.

فيما أظهر الرئيس الأمريكي باراك اوباما والملك الاردني عبد الله جبهة موحدة ضد الرئيس السوري بشار الاسد في الوقت الذي يكافح فيه الأردن أزمة اللاجئين التي سببتها الحرب في سوريا.

وهيمنت القضية السورية على محادثات أوباما مع الملك عبد الله. وتخشى السلطات الاردنية ان يؤدي صعود للاسلاميين في سوريا بعد الاسد إلى تشجيع الاسلاميين الذين يمثلون المعارضة الرئيسية في المملكة.

وتعهد أوباما بأن تعمل حكومته مع الكونجرس لتقديم مساعدات اضافية بقيمة 200 مليون دولار لمساعدة الأردن على استيعاب اللاجئين السوريين الذين بلغ عددهم هناك حاليا 460 الفا وهو رقم قال الملك عبد الله انه يعادل عشرة بالمئة من سكان الأردن وقد يتضاعف بنهاية العام.

وأبدى أوباما قلقا بشأن المعارضة السورية المسلحة حتى مع تحذيره من أن سوريا يمكن أن تتحول إلى ملاذ للمتطرفين.

كما  أكد الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، على أن أمن إسرائيل مضمون ومدعوم من قبل بلاده، في الوقت الذي أشار فيه إلى السلاح النووي الإيراني وأنه سيتم الحيلولة دون حصول إيران عليه بالطرق الدبلوماسية في الوقت الذي لا تزال جميع الخيارات مطروحة.

وقال أوباما في المؤتمر الصحفي الذي جمعه مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو إن "التعاون الاستخباراتي بين أمريكا واسرائيل وصل إلى مستوى غير مسبوق حيث نقدم دعماً فنياً وتقنياً لها في مختلف المجالات." وفي الشأن الفلسطيني أشار أوباما إلى أن "السلام والحل للقضية الإسرائيلية الفلسطينية تكمن بإيجاد دولة إسرائيلية آمنة، ودولة فلسطينية ذات سيادة".

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 24/آذار/2013 - 12/جمادى الأول/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م