كوريا الشمالية... معارك كلامية بنكهة نووية

 

شبكة النبأ: يبدو أن مؤشرات الحرب بين طرفي الصراع الكوري الشمالي والكوري الجنوبي وحليفها أمريكا حقيقية، إذ أن تصاعد التوترات ولهجة الحروب الكلامية بينهم في أتون الحرب الوشيكة بشدة مفرطة خلال الاونة الأخيرة، خصوصا بعد ما عززت الولايات المتحدة وجودها العسكري الى حد كبير في المنطقة، حيث اعتبرها كوريا الشمالية انها بمثابة محاكاة لاجتياحها.

والتي بدورها أطلقت تهديدا بشن هجوم نووي على الولايات المتحدة وهو أمر يقع خارج نطاق قدراتها العسكرية الحالية مع ان القواعد الأمريكية في المحيط الهادي تقع في مرمى صواريخها المتوسطة المدى.

وعليه فان المعطيات آنفة الذكر آثار العديد من التساؤلات صعبة حول الكيفية التي قد يبدو عليها مثل هذا الهجوم، ومن الذي سيشارك فيه، وما هي العواقب المترتبة عليه؟.

حيث انها ليست هذه المرة الأولى التي تقوم بها الولايات المتحدة بطلعات تدريبية لقاذفتاها فوق كوريا الجنوبية، الا ان واشنطن قامت بدعاية كبيرة لتوجيه "رسالة قوية جدا" للتشديد على مدى التزامها الى جانب حليفتها سيول.

ويرى الكثير من المراقبين ان التوترات الاخيرة اشتعلت بعد قيام كوريا الشمالية باطلاق صاروخ العام الماضي اعتبرته سيول وحلفاءها تجربة لاطلاق صاروخ بالستي، تلته تجربة نووية ثالثة المثيرة للجدل، مما حمل مجلس الامن الدولي على فرض عقوبات جديدة على نظام الشمال.

لتلوح بعد ذلك كوريا الشمالية بشن حرب نووية وبانها ستقوم ب ضربة نووية وقائية.

والى جانب الحرب الكلامية ومناورات السياسية والعسكرية، دخلت حروب الانترنت معترك هذه الصراع من خلال الهجامان الالكترونية المتبادلة بين طرفي النزاع، وتتركز التكهنات الأولية على هجوم الكتروني محتمل من جانب كوريا الشمالية التي شنت هجمات الكترونية على مؤسسات في كوريا الجنوبية من قبل، ويعتقد ان كوريا الشمالية تقف وراء هجومين معلوماتيين كبيرين في 2009 و2011 استهدفا وكالة حكومية كورية جنوبية ومؤسسات مالية اديا الى التعطل المفاجئ لشبكاتها.

في حين قدمت الصين الحليف التقليدي لكوريا الشمالية نفسها كوسيط دبلوماسي للمساعدة في التوصل الى مصالحة بين الكوريتين.

وتُعد الكوريتان نظريا في حالة حرب لأن المعارك التي دارت بينهما بين أعوام 1950 و 1953 انتهت بهدنة دون معاهدة سلام، وقد تأججت هذه الحرب مجددا بفعل تمسك القادة السياسيين كلٌ برأيه وموقفه الذي يستند الى مصالح وأجنداته الخاصة، ففي ظل انشغال القادة السياسيين بالخلافات السياسية واستمرار مسلسل المناورات  والاتهامات والإستراتيجيات وألأجندات السياسية تحت غطاء كامن لغايات مجهولة والاهداف غير معروفة المقاصد، كلها امور تقرع طبول الحرب بينها وبين الجنوب مجددا.

إذ تعمل كوريا الشمالية على توجيه رسائل تحذير لخصومها بعدما اظهرت هذه الدولة من خلال تجربتها النووية مؤخرا، انها تشكل تهديدا قويا متزايدا، الا ان البعض يشككون في امكانية قوة نظام العسكري بيونغ يانغ الذي يتحدى العالم.

إذ يرى الكثير من المحللين والخبراء السياسيين على ان الهدف الاساسي لبيونغ يانغ ليس اشعال حرب، ولكن ضمان بقائها والحصول على تنازلات من اجل رفع العقوبات الأمريكية عليها.

حيث تفصح حرب التصريحات ورسائل التحذير بين الكوريتين، التي تعوم في دوامة الأعمال الاستفزازية المتواصلة، عن الأجندة متعدد الأوجه تسعى من خلالها البلدان المتخاصمة الى ترسيخ وابراز خطر الحرب المفترضة، مما يصفح عن مدى الضعف الداخلي والحقيقي الموجود لدى البلدين، وذلك لغرض استفزار اطراف معينة من قادة كوريا الشمالية وكوريا الجنوبية والولايات المتحدة وجرهم الى دوامة الحرب المفترضة.

خطط أمريكية لمواجهة كوريا الشمالية

من جهته  أعلن وزير الدفاع الأمريكي، تشاك هاغل، عن حزمة من الإجراءات والخطط الدفاعية الجديدة لمواجهة التهديدات النووية لكوريا الشمالية على بلاده.

وكشف هاغل عن خطط جديدة لتعزيز دفاعات الولايات المتحدة الأمريكية بوجه هجوم نووي لكوريا الشمالية على البلاد من خلال تعزيز القدرات الرادارية للكشف المبكر عن إطلاق صاروخ من كوريا الشمالية.

ويأتي هذا الإعلان على خلفية رد كوريا الشمالية على حزمة العقوبات الجديدة التي فرضها عليها مجلس الأمن الدولي مؤخراً، حيث رفعت من حدة تهديداتها إلى جارتها كوريا الجنوبية، إضافة إلى الولايات المتحدة، التي تعتبر الحليف الاستراتيجي للشطر الجنوبي، كما هددت بيونغ يانغ بشن "حرب نووية" على كلتا الدولتين، في حالة إذا ما أقدمت إحداهما على تهديد أمن الشطر الشمالي.

وبعد يوم من إطلاق بيونغ يانغ تهديدات صريحة بتوجيه "ضربة استباقية نووية" إلى الولايات المتحدة، وهو الأمر الذي يعتقد كثير من المحللين أن كوريا الشمالية لا يمكنها القيام بذلك، على الأقل في الوقت الراهن، قامت حكومة الدولة الشيوعية بإلغاء اتفاقية الهدنة مع الشطر الجنوبي، كما قطعت خط الاتصال المباشر بين الكوريتين في قرية "بانمونجوم" الحدودية.

تهديدات متبادلة

فقد هددت كوريا الشمالية بضرب القواعد العسكرية الاميركية في اليابان وفي غوام للرد على الطلعات التدريبية التي تقوم بها القاذفات الاميركية بي-52 فوق كوريا الجنوبية والتي اكدت ان الهجمات الالكترونية التي تعرضت لها كان مصدرها الصين.

وتقوم واشنطن وسيول حاليا بمناورات سنوية مشتركة وكشفت الولايات المتحدة ان المناورات تشمل طلعات تدريبية لقاذفات بي-52، وقال متحدث باسم القائد الاعلى للجيش الكوري الشمالي في بيان نشرته وكالة الانباء الكورية الشمالية "لا يمكننا السكوت عن قيام الولايات المتحدة بتدريبات على شن ضربات نووية تستهدفنا، وان تروج لها على انها تحذير جدي".

وتعبئ مناورات "كي ريزولف" وهي فرضية في القسم الاكبر منها الاف الجنود (عشرة الاف جندي كوري جنوبي و3500 اميركي).

واضاف المتحدث باسم الجيش الكوري الشمالي "يجب الا تنسى الولايات المتحدة ان قاعدة اندرسون الجوية في غوام التي تقلع منها القاذفات بي-52 وكذلك القواعد البحرية في الجزيرة الرئيسية باليابان وفي اوكيناوا كلها في مرمى" ضرباتنا.

وتابع المتحدث الكوري الشمالي "اذا كان العدو يهددنا بالاسلحة النووية فسنرد بهجمات نووية اكثر قوة"، ووضعت بيونغ يانغ الجيش والسكان في حالة تاهب، بحسب وزارة التوحيد الكورية الجنوبية. وتم اعلان الانذار عبر الاذاعة، كما اوضح متحدث باسم الوزارة المكلفة العلاقات بين الكوريتين لوكالة فرانس برس.

من جهتها، نددت اليابان بشدة ب"الاستفزازات" مؤكدة في الوقت نفسه التزامها بالاستراتيجية التي تم تحديدها مع الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية "بغض النظر عن التعليقات الاخيرة الصادرة عن كوريا الشمالية".

من جهة اخرى، اعلنت كوريا الجنوبية انها رصدت جهاز كومبيوتر في الصين هو مصدر الهجمات التي استهدفت الشبكات المعلوماتية لعدة شبكات تلفزيون ومصارف في كوريا الجنوبية.

وقال شوي يون سيونغ خبير الشؤون الامنية في معهد الابحاث العامة حول تقنيات المعلوماتية ان "كوريا الشمالية ولاسباب جيو سياسية من العملي ان تستخدم عنوان بروتوكول انترنت (آي بي) في الصين لشن مثل هذه الهجمات".

ورداً على إعلان الولايات المتحدة تعزيز دفاعها المضاد للصواريخ بنشر صواريخ اعتراضية إضافية، نددت كوريا الشمالية بـ"السياسة العدائية" الأمريكية، وأكدت تمسكها ببرنامجها النووي بالتشديد على أنه غير قابل للمساومة.

وقال الناطق باسم وزارة الخارجية في كوريا الشمالية: "سلاحنا النووي هو سيف قوي لحماية سيادة وآمن البلاد ولذلك لا خلاف حوله طالما استمر التهديد النووي العدائي الأمريكي،" طبقاً لما نقلته وكالة الأنباء الرسمية.

من جانب آخر صرح رئيس الصين الجديد شي جينبينغ لنظيرته الكورية الجنوبية بارك غون هيه ان بلاده مستعدة للمساعدة في التوصل الى مصالحة بين الكوريتين، حسبما افادت وزارة الخارجية الصينية.

حرب الانترنت

على صعيد ذو صلة تحقق شرطة كوريا الجنوبية في انقطاع خدمة الانترنت عن محطات تلفزيون رئيسية وبنك كبير وتقول شركة كبرى لتقديم خدمة الانترنت إن نظامها تعرض لتسلل، وقالت الشرطة والحكومة إن الخوادم في شبكات التلفزيون واي.تي.ان وأم.بي.سي وكيه.بي.اس تضررت فضلا عن بنك شينهان ونونجهيوب وبنكين آخرين. ولم يعلقا على الاسباب المحتملة للانقطاع.

اتهمت كوريا الشمالية الولايات المتحدة بشن هجمات الكترونية على نظم الحاسب الآلي الخاص بالاتصال بالانترنت وسط تصعيد في حدة التوتر في شبه الجزيرة الكورية.

وقالت وكالة الانباء الكورية الشمالية الرسمية إن الهجمات، التي وصفتها "بالمركزة والمتلاحقة" توافقت مع المناورات العسكرية المشتركة التي تجريها القوات الكورية الجنوبية والأمريكية.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 23/آذار/2013 - 11/جمادى الأول/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م