سوريا والأسلحة كيماوية... لعبة قلب موازين الحرب

 

شبكة النبأ: تطور جديد وخطير يشهده ملف الصراع المسلح في سوريا الذي دخل اليوم وبحسب بعض المراقبين في مرحلة حرجة خصوصا بعد ورود معلومات تفيد باستخدام الأسلحة الكيماوية من قبل المجاميع المسلحة المدعومة من بعض الإطراف الدولية والخليجية والتي أثبتت فشلها في إسقاط النظام والسيطرة على البلاد، ويرى بعض المحللين ان استخدام الأسلحة الكيماوية من قبل المجاميع المسلحة التي أصبحت في موقف صعب جراء الخسائر الكبيرة التي لحقت بها في الفترة السابقة، هو أمر غير مستبعد خصوصا وان هذه المجاميع الإجرامية تفتقد الى وجود قيادة موحدة وتعاني من التشرذم والانشقاق يضاف الى ذلك انها تحوي تنظيمات إرهابية خطيرة لها تاريخ مشين بالقتل والتخريب واللجوء الى الحرب القذرة والإبادة الجماعية مشيرين بذلك الى عناصر تنظيم القاعدة الوافدين من دول أخرى.

وهذا التصعيد الخطير انتقاله جديدة من قبل هذه المجاميع بهدف قلب موازين المعركة وإشراك أطراف دولية أخرى خصوصا وانه جاء مع زيارة الرئيس الأمريكي بارك اوباما الى منطقة الشرق الأوسط وبالتحديد الى إسرائيل المتخوفة من هذا الأمر، وهو ما قد يعطي الإدارة الأمريكية مبرر قوي لإيجاد قرار يتيح استخدام القوة العسكرية ضد القيادة السورية تحت ذريعة استخدام أسلحة محرمة، ويذكر ان الحكومة السورية وعلى الرغم من امتلاكها لمثل هذه الأسلحة فقد أكدت ولأكثر من مره انها لا يمكن أن تستخدم أسلحة محظورة دوليا لأسباب أخلاقية وإنسانية وسياسية.

وفيما يخص التطورات الأخيرة قالت روسيا إن استخدام الأسلحة الكيميائية من قبل المعارضة السورية هو" تطور مقلق جدا وخطير" و"يدفع بالمواجهة في سوريا إلى مستوى جديد" داعية " جميع الأطراف الواعية في سوريا إلى التخلي عن العنف والانتقال إلى خطوات واقعية نحو تحقيق الحل السياسي عن طريق المفاوضات".

وذكرت وزارة الخارجية الروسية في بيان لها أنه وفقا للمعلومات الآتية من دمشق فقد استخدمت المعارضة المسلحة سلاحا كيميائيا في حلب وقالت "نعتقد بأن الحادثة الجديدة هي تطور مقلق وخطير جدا في الأزمة السورية". وأضاف البيان "نحن قلقون جدا بشأن وقوع سلاح الدمار الشامل بأيدي المسلحين فمن شأن ذلك أن يزيد الوضع سوءا في سوريا ويدفع المواجهة في البلاد إلى مستوى جديد". ودعت "جميع الأطراف الواعية في سوريا إلى التخلي عن العنف والانتقال إلى خطوات واقعية نحو تحقيق الحل السياسي عن طريق المفاوضات.

وكانت وكالة الأنباء السورية (سانا) ذكرت أن "إرهابيين أطلقوا اليوم صاروخا يحتوي مواد كيماوية في منطقة خان العسل بريف حلب وأشارت المعلومات الأولية إلى استشهاد نحو 15 شخصا معظمهم من المدنيين إضافة إلى عدد من الجرحى". وحملت سوريا حكومتي تركيا وقطر المسؤولية القانونية والأخلاقية عما وصفته بالجريمة التي ارتكبها مسلحو المعارضة باستخدام أسلحة كيميائية ضد المدنيين في حلب.

وقال ممثل سوريا في الأمم المتحدة بشار الجعفري للصحفيين في نيويورك بأنه طلب من الأمين العام للأمم المتحدة ارسال "بعثة تقنية متخصصة ومستقلة وحيادية للتحقيق في استخدام الجماعات الإرهابية العاملة في سوريا أسلحة كيماوية ضد المدنيين ". ووصف الجعفري الهجوم بأنه "خطير ويدق ناقوس الخطر، وغير مقبول وغير أخلاقي". واتهم وزير الخارجية السوري وليد المعلم الدول الأوربية وجامعة الدول العربية بتشجيع المتمردين "لارتكاب جريمتهم النكراء" وشدد على أن الحكومة السورية "لن تستخدم أسلحة كيماوية، إن وجدت، ضد شعبها".

وقال الجعفري للصحفيين "الحكومة السورية طلبت من الأمين العام للأمم المتحدة تشكيل بعثة فنية متخصصة ومستقلة ومحايدة للتحقيق في استخدام جماعات ارهابية تعمل في سوريا لأسلحة كيماوية ضد مدنيين." وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة مارتن نسيركي ان المنظمة تلقت طلبا مكتوبا من الجعفري لإجراء تحقيق وإنه يجري دراسته.

وقال السفير الروسي فيتالي تشوركين بعد اجتماع مغلق لمجلس الأمن إن المجلس ناقش المسألة. وشكا من أن بريطانيا وفرنسا تريدان أن يتركز التحقيق على الهجومين المزعومين بأسلحة كيماوية لا على الهجوم الذي وقع في حلب وقال إن ذلك تكتيك هدفه التعطيل ولا داعي له. وقال تشوركين ان فرنسا والولايات المتحدة وبريطانيا تريد أيضا تحميل طلبهم إجراء تحقيق للأمم المتحدة في الهجمات بأسلحة كيماوية بموضوعات أخرى مثل توصيل المساعدات الإنسانية في سوريا. وقال "في نظري هذا كان حقا وسيلة لتأخير الحاجة إلى تحقيق فوري عاجل في المزاعم المتصلة بالتاسع عشر من مارس عن طريق إثارة كل أنواع القضايا." وقال تشوركين وهو رئيس مجلس الامن لشهر مارس "بدلا من اطلاق بالونان الدعاية هذه أعتقد أنه من الأفضل كثيرا التركيز على موقفنا. وعلى حد علمي كان هناك فحسب زعم واحد باستخدام اسلحة كيماوية . ولم تكن هناك مزاعم أخرى."

وقال الأمين العام للأمم المتحدة بان جي مون والمدير العام لمنظمة حظر الأسلحة الكيماوية انهما يشعران بقلق بالغ من مزاعم استخدام اسلحة كيماوية في سوريا. وقال مكتب بان في بيان بعد أن تحدث هاتفيا مع أحمد أوزومجو المدير العام لمنظمة حظر الأسلحة الكيماوية "ما زال الأمين العام مقتنعا بان استخدام اي طرف للأسلحة الكيماوية في أي ظروف إذ حدث فسيشكل جريمة شنيعة." ومنظمة حظر الاسلحة الكيماوية هيئة مستقلة مقرها لاهاي وتشرف على تنفيذ معاهدة الأسلحة الكيماوية.

في السياق ذاته قالت منظمة الصحة العالمية إنها سترسل إمدادات طبية إلى مدينة حلب السورية لكنها لا تستطيع التحقق من أنه تم استخدام أسلحة كيماوية أو بعض السموم الأخرى هناك. وقال طارق جاسرفيتش المتحدث باسم منظمة الصحة العالمية في جنيف "في هذه المرحلة لا يمكننا تأكيد استخدام اسلحة كيماوية." وأضاف قوله إن عددا من المرضى يطلبون الرعاية الطبية في المستشفى العام في حلب ولكن لا يمكن التحقق من الأرقام الكلية للجرحى والقتلى.

وقال جريجوري هارتل المتحدث باسم منظمة الصحة العالمية أن خبراء يعملون لحساب المنظمة يزورون المنشآت الصحية لتحديد الاحتياجات الصحية الفورية وان المنظمة التابعة للأمم المتحدة تقدم "مساندة فنية في العلاج من السموم الكيماوية." وقال هارتل "انها ليست استجابة لطلب لكنها مبادرة اتخذناها." وقال جاسرفيتش "سترسل المنظمة إمدادات طبية (لعلاج حالات الصدمة) إلى حلب من مخزوناتها في طرطوس." على ساحل سوريا الغربي على البحر المتوسط.

الى جانب ذلك رجح مسؤول أمريكي رفيع المستوى استخدام أسلحة كيماوية في الحرب الأهلية الدموية الدائرة في سوريا، وسط تلويح واشنطن بأن تأكيد استخدامه سيغير قواعد اللعبة. وقال مايك روجرز، رئيس لجنة الاستخبارات بمجلس النواب، "هناك احتمال كبير يدعوني للاعتقاد بأن أسلحة كيماوية استخدمت لكننا بحاجة للتحقق من ذلك على نحو قاطع." وتابع روجزر "بالنظر إلى المعطيات التي بحوزتنا منذ عام ونصف العام، استنتجت بأن الأسلحة الكيماوية إما قد تم تحضيرها استعدادا للاستخدام أو استخدمت بالفعل."

وقبل إجراء اي تحقيق رفض البيت الأبيض ووزارة الخارجية الأمريكية الاتهامات التي وجهتها الحكومة السورية لما يسمى المعرضة السورية وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية فيكتوريا نولاند "لا يوجد سبب يدفعنا إلى الاعتقاد بأن هذه المزاعم تمثل أكثر من محاولة مستمرة من جانب النظام لتشويه المعارضة الشرعية وصرف النظر عن ممارسته الوحشية المستمرة ضد الشعب السوري." لكن وزارة الخارجية الروسية قالت إن المعارضة المسلحة في سوريا قامت بتفجير قذيفة تحتوي على مادة كيماوية غير محددة من دون الإدلاء بالمزيد من التفاصيل.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 23/آذار/2013 - 11/جمادى الأول/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م