التنين الصيني.. بين إستراتجية التجديد ومخاوف التغيرات العكسية

 

شبكة النبأ: التغيرات السياسية الجديدة التي تشهدها الصين وبحسب بعض المراقبين ربما ستسهم بمعالجة الكثير من القضايا والمشاكل المهمة التي عانت منها هذه الدولة، سواء على المستوى الداخلي الذي شهد بروز الكثير من الفضائح والصراعات السياسية او الخارجي المشحون بالمشاكل والصراعات، مؤكدين في الوقت ذاته بأن الحكومة الصينية الجديدة وعلى الرغم من التحديات الكبيرة التي تواجهها ستسعى الى تعزيز سلطتها من خلال تغير الواقع الحالي واعتماد خطط جديدة لأجل الإصلاح وستعمل على معالجة النمو الاقتصادي المتباطئ والغضب المتصاعد بسبب انتشار الفساد والفقر.

وفي هذا الشأن تعهد الرئيس الصيني شي جينبينغ في اول خطاب له امام البرلمان بصفته رئيسا للبلاد، بالعمل على تحقيق "نهضة عظيمة" للصين، مشددا على ضرورة تطوير قدرة الجيش على "الانتصار في معارك". وشدد الرئيس الصيني على وجوب ان يعمل الجيش الصيني على "تعزيز قدراته على انجاز المهمات والدفاع بحزم عن السيادة والامن الوطنيين اضافة الى الدفاع عن المصالح التي تخدم تنمية البلد".

واكد الرئيس الصيني انه "من اجل تحقيق الحلم الصيني يجب نشر الروح الصينية المرتكزة الى الوطنية والاصلاح والابتكار". واضاف شي ان "على جنود وضباط الجيش الشعبي والشرطة العسكرية الصينية ان يكونوا قادرين على الانتصار في معارك". وركز في خطابه على التنمية الإقتصادية في الصين والحاجة الى العمل للقضاء على الفساد في البلاد".

الى جانب ذلك عينت الصين رسميا أكبر مسؤولين في الخارجية ووزيرا للدفاع في اطار الحكومة الجديدة للرئيس الصيني الجديد شي جين بينغ ورئيس وزرائه لي كه تشيانغ. وفي اطار التغييرات الجارية في القياة الجديدة في بكين رقي وزير الخارجية الصيني يانغ جيه تشي الذي عمل سفيرا لبكين في واشنطن في الفترة من عام 2001 الى 2005 ويتحدث الانجليزية بطلاقة الى منصب مستشار الدولة للشؤون الخارجية.

ويوجد في الصين خمسة مستشارين للدولة فقط والمنصب أرفع من منصب وزير الخارجية. وحل محل يانغ 62 عاما في منصب وزير الخارجية وانغ يي سفير الصين لدى اليابان في الفترة من 2004 الى 2007 والذي تولى لفترة ملف كوريا الشمالية.

كما اختير تشانغ وان تشوان الذي أشرف على برنامج الفضاء الصيني الطموح وزيرا للدفاع. وبعد ان جاء من خلفية متواضعة دعا تشانغ الى تحديث جيش الصين وهو ما أثار اعصاب دول المنطقة. وعلى الرغم انه عضو في اللجنة المركزية العسكرية القوية التي يرأسها الرئيس شي الا انه لا يشغل منصب اي من نواب رئيس اللجنة . ووزير الدفاع في الصين هو عادة واجهة للمؤسسة العسكرية للعالم الخارجي. ويضع سياسة الدفاع والسياسة الخارجية المكتب السياسي للجنة الدائمة للحزب الشيوعي الصيني المكون من سبعة اعضاء لا وزيرا الدفاع والخارجية.

الى جانب ذلك أعلنت الصين سلسلة إجراءات هيكلية وصفتها بالإصلاحية تستهدف زيادة كفاءة الحكومة وحسب الخطة غير المسبوقة منذ 15 عاما، ألغيت وزارة السكة الحديد وألحق هذا المرفق بوزارة النقل. وتوصف وزارة السكة الحديد بأنها إحدى أقوى الوزارات في الصين، وكثيرا ما تعرضت لانتقادات بسبب تقارير بشأن احتيال مالي وهدر الأموال. وقالت الحكومة الصينية في بيان رسمي صدر في أثناء الاجتماع السنوى للمجلس الوطني لنواب الشعب الصيني البرلمان إنها ستدمج أيضا لجنة تنظيم الأسرة في وزارة الصحة، وتعزز سلطات هيئات الرقابة على المواد الغذائية والأدوية. وتشرف لجنة تنظيم الأسرة على تطبيق سياسة طفل واحد لكل أسرة المثيرة للخلاف.

على صعيد متصل قال وزير الخارجية الصيني الجديد وانغ يي، إن بلاده تتحمل مسئوليتها وتبذل جهودا كبيرة من أجل بناء عالم متناغم ينعم بالسلام والرخاء المشترك. وأضاف يي في أول تصريح رسمي له عقب تعيينه في الجلسة الأولى للمجلس الوطني ال12 لنواب الشعب الصيني مساء أن الصين ستعمل على مواصلة السعي لاستراتيجية الانفتاح متبادل المنفعة مع العالم الخارجي ودفع التعاون الودي مع كل الدول الأخرى على أساس المبادىء الخمسة للتعايش السلمي

وحول علاقات الصين الخارجية، أوضح الوزير أن "الصين ستحمى بقوة مصالح سيادة وأمن وتنمية البلاد وهي تحمل عاليا راية السلام والتنمية والتعاون والمنفعة المتبادلة"، مشيرا إلى أن الصين مستعدة لأن تصبح صديقة جيدة وشريكة لكل دول العالم، داعيا كافة المواطنين من جنسيات العالم للتواصل مع منتديات التواصل للخارجية الصينية والتعرف على مستقبل الصين المشرق. ونوه يي بأن الصين عضو هام في المجتمع الدولي، ونحتاج إلى معرفة المزيد عن العالم بينما يحتاج العالم لمعرفة المزيد عن الصين.

من جانب اخر اعلن مسؤول صيني كبير ان الصين ستشكل قيادة واحدة لمختلف اداراتها المكلفة فرض احترام القانون في المناطق البحرية بينما يتفاقم نزاع مع اليابان حول سيادة على جزر. وقال ما كاي الامين العام لمجلس شؤون الدولة ان هذا الاجراء يهدف الى "حماية الحقوق والمصالح البحرية للبلاد"، كما ورد في خطاب سيلقيه خلال الدورة السنوية للجمعية الوطنية الشعبي.

ولممارسة سلطتها في المناطق البحرية التي تعتبرها تابعة لها، ترسل الصين حاليا سفن دورية عائدة لوزارات عدة مثل خفر السواحل المرتبطين بوزارة الامن العام الشرطة او مكاتب مراقبة صيد السمك التي تشرف عليها وزارة الزراعة. واعترف ما كاي بان هذه الاجراءات ليست فعالة.

لذلك اتخذ قرار بان يعهد الى ادارة الدولة للمحيطات بالقيادة الموحدة لوسائل مراقبة البحار بما في ذلك الجمارك، لكن بدون سلاح البحرية الصيني التابع للجيش الشعبي للتحرير.

وقالت وكالة انباء الصين الجديدة ان ادارة الدولة للمحيطات تخضع لسلطة وزارة الاراضي والموارد الطبيعية لكن ادارة عملياتها لحفظ النظام ستكون من مهام وزارة الامن العام. وتشهد العلاقات بين الصين واليابان توترا شديدا بسبب نزاع للسيادة على ارخبيل صغير في بحر الصين الشرقي. وترسل الصين باستمرار سفنا وفي بعض الاحيان طائرات الى المنطقة على الرغم من دوريات القوات المسلحة وخفر السواحل.

في السياق ذاته قال مسؤولون في وزارة الدفاع الصينية إن موقعين عسكريين صينيين، بما في ذلك موقع وزارة الدفاع، قد تعرضا لهجمات متكررة على أيدي قراصنة أمريكيين. وأفاد المسؤولون بوقوع 144 ألف هجوم كل شهر في العام الماضي، جاء ثلثها من الولايات المتحدة. يذكر أن مسألة قراصنة الإنترنت قد تسببت في تعكير صفو العلاقات بين الصين والولايات المتحدة في الفترة الماضية. ففي مطلع الشهر الماضي، قالت شركة أمن إنترنت أمريكية إن وحدة عسكرية سرية صينية كانت وراء "أعمال قرصنة منتشرة" في الولايات المتحدة الأمريكية.

ويقول موقع مانديانت للمعلومات إن الوحدة رقم 61398 "سرقت بشكل منظم كميات هائلة من المعلومات" من 141 منظمة حول العالم. كما يقول البيت الأبيض إنه بحث ما يهم الولايات المتحدة في موضوع سرقة الأنترنت مع الحكومة الصينية وعلى أعلى المستويات. لكن الصين تنفي هذه الاتهامات وتقول إنها أيضا وقعت ضحية لأعمال القرصنة. وقال الناطق باسم وزارة الدفاع الصينية، جينغ ياشنغ، إن موقع وزارة الدفاع وموقع عسكري صيني آخر قد واجها أخطارا جدية من هجمات القراصنة منذ تأسيسهما.

وأضاف جينغ إن عدد الهجمات على هذين الموقعين قد ازداد باستمرار خلال السنين الماضية.

واستنادا إلى جينغ فإن تحليلا لعناوين الإنترنت آي بي المعنية قد أظهر بشكل مؤكد أن نسبة الهجمات المنطلقة من الولايات المتحدة على هذين الموقعين في عام 2012 قد بلغت 62.9%.

وقال جينغ إنه من غير المرجح أن تحظى خطط الولايات المتحدة لتوسيع قدراتها "الحربية" على الانترنت بتعاون دولي. وأضاف "نأمل أن تقوم الولايات المتحدة بتوضيح هذه القضية".

ويعتقد أنها المرة الأولى التي يقدم في المسؤولون الصينيون مثل هذه التفاصيل حول هذه القرصنة المزعومة المنطلقة من الولايات المتحدة على الأنظمة الصينية. غير أن بكين نفسها متهمة من قبل عدة حكومات وشركات أجنبية ومنظمات بالقيام بأعمال قرصنة تخريبية منذ سنوات، في محاولة منها لجمع المعلومات المتعلقة الصين في الخارج، مراقبتها. ففي أواخر يناير/كانون الثاني قالت جريدة نيويورك تايمز إن قراصنة من الصين قد اخترقوا موقع الجريدة خلال الأشهر الأربعة السابقة قائلة إن الهجمات قد تزامنت مع نشر تقاريرها بشأن ثروة عائلة رئيس الوزراء الصيني وين جياباو. لكن الحكومة الصينية نفت في حينها هذه الاتهامات قائلة إنها "عارية عن الصحة".

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 20/آذار/2013 - 8/جمادى الأول/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م