التسليح والتسليح المضاد في سوريا

 

شبكة النبأ: شهدت القضية السورية في الاونة الأخيرة، كثيرا من الجدل حول ما اذا كان من المحتمل ان تقوم الولايات المتحدة او بريطانيا وفرنسا، بتسليح الجماعات المسلحة في سوريا، في وقت يتقلب ميزان القوة بالبلاد ليصب في مصلحة هذه الجماعات تارة وفي مصلحة القوات الحكومية تارة اخرى.

وعلى الرغم من رفض القوى الكبرى من المجتمع الدولي وخاصة الاتحاد الاوربي لهذه الخطوة، الا ان فرنسا وبريطانيا قد لمحتا إلى أنهما قد يتصرفان وحدهما ما لم يتوصل الاتحاد الأوروبي إلى اتفاق. غير أن حكومات دول أخرى في الاتحاد الأوروبي وبينها ألمانيا عارضت هذه الخطوة خشية أن تؤجج العنف في المنطقة خصوصا اذا سقطت الاسلحة في ايدي إسلاميين متشددين.

في حين رأى أغلب المحللين أن خطوة التسليح قد تأزم الأوضاع وتفاقم من حدة الازمة وتقلل من فرص التوصل إلى تسوية عبر التفاوض للنزاع المستمر منذ عاميين تقريبا، الذي اثار مخاوف من احتمال اندلاع حرب جديدة في الشرق الاوسط.

كما يخشى الكثير من الدبلوماسيين والمحللين من أنه كلما طال أمد حرب سوريا زاد خطر تشرذم الدولة الإقليمية في قلب صراعات الشرق الأوسط وسقوطها في فوضى مسلحة مما يعرض جيرانها للخطر.

في حين يقول بعض المراقبين إن هذه الخطوة يمكن أن تشجع روسيا وإيران حليفتا الأسد على زيادة إمداداتهما من الأسلحة لحكومته مما يشعل سباق تسلح.

سيما وأن الحسابات الإقليمية والدولية التي لا تزال تتحرك بصورة واضحة في الساحة السياسية وتترك تأثيراتها عليها بوضوح كبير، تدفع الأزمة خطوات باتجاه التدويل وذلك من خلال مواصلة الدعم اللوجستي والعسكري للجماعات المسلحة في سوريا من معظم الدول الإقليمية، فضلا عن استخدام سلوك الاستثناء الذي يقود إلى الاستثناء بشأن التسليح والاحتلال والانتهاكات الحقوقية.

لذا يرى الكثير من المحللين إن هذا الدعم المتواصل يساعد على تهيئة الظروف الملائمة لتتصاعد الاضطرابات وديمومة الصراع، ولكن كما يبدو ان الحرب القائمة لن تكون كما تتمنها الإطراف المتنازعة.

إذ تسعى كل من الإدارة الأمريكية وحلفاءها الى إيجاد أساليب واستراتيجيات جديدة لتمرير أجنداتها من خلال الأزمة السورية الحالية، خصوصا وان سوريا باتت مكانا مستهدفا قد يشكل محور الصراع بين القوى العالمية الكبرى، وعليه ففي ظل التداعيات الخطيرة على الصعيد الأمني والسياسي، يبقى مشهد الأزمة السورية غير محسوم لحد الآن.

في سياق متصل تتجه فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة لإمداد مقاتلي المعارضة السورية بالاسلحة، لكن في ظل تسليح السعودية وقطر لمقاتلي المعارضة السورية علنا فإن بريطانيا وفرنسا - الملتزمتين مع واشنطن بتحقيق هدف رحيل الرئيس بشار الأسد - تريدان على الأقل ضمان وصول الأسلحة للجماعات المعنية والا تكون شديدة التقدم حتى لا تمثل تهديدا للغرب.

وقال دبلوماسي غربي كبير "الحجج المعروفة الرافضة لتسليح مقاتلي المعارضة مثل البحث عن حل سياسي اولا وعدم اللجوء لعسكرة الموقف او سقوط الاسلحة في اياد غير ملائمة بدأت تفقد تأثيرها."

فيما يقول مسؤولون بريطانيون إن بريطانيا وبالتالي فرنسا لن تتحركا دون دعم الولايات المتحدة على الأرجح والتي تتبنى موقفا اكثر حذرا حتى الآن.

لكن مصادر مطلعة في واشنطن تقول إن مجيء وزير الخارجية جون كيري غير هذه الديناميكية قليلا. كان كيري قد قال العام الماضي إن على واشنطن أن تسلح قوات المعارضة حين كان رئيسا للجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ.

ولاتزال المانيا القوة الاوروبية الرئيسية الاخرى المعارضة لتسليح مقاتلي المعارضة مباشرة. لكن وزير خارجيتها جيدو فسترفيله قال إن "من الضروري إظهار المزيد من المرونة وفهم أن علينا بالطبع أن ندعم المعارضة بطريقة مسؤولة."

وقال العديد من الساسة الامريكيين الكبار للكونجرس إن أوباما رفض العام الماضي مقترحات بتسليح مقاتلي المعارضة كان يؤيدها مسؤولون كبار آنذاك مثل وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون ووزير الدفاع ليون بانيتا ورئيس وكالة المخابرات المركزية الامريكية (سي.آي.ايه) ديفيد بتريوس.

وقال كيري للإذاعة القومية العامة الامريكية إن أوباما "يشعر بقوة أن الحل الفوري ليس التمكين من مزيد من القتل."

على الصعيد نفسه رفضت حكومات دول الاتحاد الأوروبي مساعي فرنسا وبريطانيا لرفع الحظر الذي يفرضه الاتحاد على إمداد المعارضة السورية بالسلاح وعبرت عن الخوف من أن يؤدي ذلك إلى إشعال سباق تسلح وتقويض الاستقرار في المنطقة.

وقالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل وهي من أشد المعارضين لرفع حظر السلاح إن هناك احتمال بأن تزيد روسيا وإيران حليفتا الأسد من إمدادات الأسلحة لحكومته إذا رفع الاتحاد الأوروبي قيوده.

من جهته قال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف إن تزويد المعارضة السورية بالسلاح هو أمر غير مشروع بموجب القانون الدولي، وقال لافروف عبر مترجم في مؤتمر صحفي في لندن "القانون الدولي لا يسمح بامداد الاطراف غير الحكومية بالسلاح ووجهة نظرنا هي انه انتهاك للقانون الدولي."

واكد لافروف ووزير الخارجية البريطاني وليام هيج على انهما يؤمنان بالحوار السياسي لكن اختلاف الرأي بشأن تسليح المعارضة وبشأن اتخاذ خطوات اشد صرامة ضد سوريا في مجلس الامن الدولي زادا من خلافاتهما، وقال لافروف انه قلق بشأن وجود اسلاميين متشددين في صفوف المعارضة.

على صعيد ذو صلة قال قيادي بالمعارضة السورية ان معظم الدفعة الاولى من المعارضين السوريين الذين دربهم ضباط أمريكيون من الجيش والمخابرات في الاردن على استخدام اسلحة مضادة للدبابات واسلحة مضادة للطائرات أنهوا تدريبهم ويعودون الآن إلى سوريا للقتال.

لكن احد قادة المعارضة على صلة وثيقة بالعملية قال إن ضباطا بالجيش الأمريكي والمخابرات يدربون معارضين سوريين وان معظم افراد المجموعة الاولى التي تضم 300 مقاتل أنهوا تدريباتهم، واضاف قائلا في تصريحات شريطة عدم الكشف عن هويته "هذا امر حساس كما تعرفون.. لكن نعم الجيش الأمريكي والمخابرات يدربون بعض المعارضين."

وقال القيادي المعارض إن واشنطن اتخذت قرار تدريب المعارضين "تحت الطاولة"، واضاف أن مسؤولين أمريكيين اتصلوا بالقيادة العامة للمعارضة وعرضوا تقديم المساعدة قبل بضعة اشهر. وبعد ذلك طلبت القيادة العامة من الالوية العاملة تحت قيادتها اختيار "مقاتلين على مستوى جيد" ليتدربوا على استخدام اسلحة متقدمة مثل صواريخ مضادة للدبابات وصواريخ مضادة للطائرات بالاضافة الى تعلم تقنيات جمع المعلومات المخابراتية.

الى ذلك قال مدير المخابرات القومية الأمريكية جيمس في جلسة للجنة المخابرات بمجلس الشيوخ الأمريكي عن المخاطر الامنية العالمية ان أجهزة المخابرات الأمريكية لا تعرف إلى متى سيستطيع الرئيس السوري بشار الاسد الاحتفاظ بسيطرته على الحكم في البلاد.

وتابع كلابر أن "المئات حرفيا" من خلايا مقاتلي المعارضة التي يجد القادة صعوبة بالغة في بسط مزيد من القيادة والسيطرة المركزيتين عليها، واشار كلابر الى تزايد المقاتلين الأجانب بين معارضي الاسد وكثيرون منهم مرتبطون بجبهة النصرة المنبثقة عن القاعدة في العراق التي اكتسبت قوة في سوريا لاسباب من بينها تقديم خدمات للسكان الذين يعانون من ويلات الحرب منذ عامين.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 19/آذار/2013 - 7/جمادى الأول/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م