حكومة إسرائيل الجديدة... تحالفات هشة ونزاعات شرسة

 

شبكة النبأ: بعد مفاوضات شاقة مع الأحزاب الفائزة بالانتخابات الإسرائيلية مؤخرا، استطاع الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو في اللحظة الاخيرة قبل ايام من زيارة اوباما من تشكيل حكومة جديدة يبدو أنها مزيج تحالفات هشة نتيجة المساومات والتنازلات غير المعهودة من لدن رئيس الحكومة في ولايته الثالثة.

حيث يظهر المشهد السياسي في إسرائيل مائعا نوعا ما على مدى الفترة الأخيرة كما يراه أغلب المراقبين، الذين يرون انه من المرجح أن يولد انقساما واضحا بين الأحزاب المختلفة، وان هذه الحكومة الجديد لن تعمر طويلا بسبب النزاعات الشرسة حول توزيع الحقائب الوزارية، فإذا كان بالإمكان تأجيل المعركة على السلطة فان التوتر الذي برز في الأيام الأخيرة بين شركاء الائتلاف الجديد لا يخفى على أحد إن الحكومة القادمة هشة سياسيا.

فعلى عكس بعض التوقعات السابقة للمحللين فان المؤشرات الحالية تظهر أزمة حادة في الوسط السياسي بين الائتلاف الجديد في الحكومة، ففي ظل استمرار التوترات والخلافات بين مختلف القوى السياسية في اسرائيل، وهذا ينطوي على قدر كبير من الحذر والحساسية لمستقبل الأوضاع السياسية هناك، خصوصا وان إسرائيل خلال الأشهر الأخيرة، أي منذ الربيع العربي وصعود الإسلاميين الى الحكم في أغلب البلدان العربية، دفع إسرائيل للشعور بالخطر والخوف من ضربة عسكرية عليها، كما اعربت الدولة نفسها عن مخاوفها من أن إيران تحاول فرض ميزان قوة إقليمية جديدة باعتبارها واجهة أمامية للصراع المتصاعد يوماً بعد آخر في المنطقة، واستغلال حالة السلم العسكري بين الجانبين الإيراني والإسرائيلي لحد الان، لتعزيز برنامجها النووي وصناعة قنبلة نووية تحت غطاء البرنامج المدني، حيث ازدادت المخاوف الإسرائيلية بشأن نشوب الحرب في المنطقة.

 في حين يرى بعض المحللين المختصين بأن هذه التعثرات المستمرة في تشكيل الحكومة، قد اسقطت الطابع الرسمي المتزن للحكومة ورئيسها من مختلف القضايا الملحة التي تواجه المجتمع الإسرائيلي، وعليه فإن المستقبل القريب في الحياة السياسية الإسرائيلية، قد تكون مفعمة بتقلبات وتغيرات للوضع السياسي مستقبلا.

في سياق متصل ابلغ رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو رسميا الرئيس شيمون بيريز انه تمكن من تشكيل حكومة جديدة في اليوم الاخير من المهلة التي اعطاها له الاخير وذلك قبل ايام من الزيارة التاريخية للرئيس الاميركي باراك اوباما، وقالت الرئاسة الاسرائيلية في بيان ان "رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو التقى الرئيس شيمون بيريز في مقره بالقدس لابلاغه انه تمكن من تشكيل حكومة".

ووقع نتانياهو اتفاقات تحالف مع حزب يش عتيد (يمين الوسط) برئاسة يائير لابيد ومع حزب البيت اليهودي القومي الديني القريب جدا من المستوطنين برئاسة نفتالي بينيت، ما اتاح له تشكيل حكومة قبيل زيارة الرئيس الاميركي باراك اوباما لاسرائيل.

ويتوقع المحللون ولاية ثالثة صعبة لنتانياهو الذي اضطر الى التخلي عن ائتلافه مع "حلفائه الطبيعيين" حزبي شاس ويهودية التوراة الموحدة المتشددين.

ويتوقع المحللون ولاية ثالثة شاقة لنتانياهو الذي يفترض ان يتعامل مع "تحالف يشكل كابوسا له"، بحسب العنوان الرئيسي لصحيفة هآرتس، بعدما اضطر للتخلي عن تحالفه مع الحزبين الدينيين المتشددين شاس (11 نائبا) واليهودية الموحدة للتوراة (سبعة نواب)، من اجل شركاء اكثر شغبا.

وكتب المحلل السياسي للصحيفة اليسارية انه بالنسبة الى نتانياهو "يمثل يائير لابيد ونفتالي بينيت كل المخاطر: فهما شابان وعصريان ويتمتعان بالشعبية. هو يمثل الحرس القديم وهما يمثلان الشباب"، واضاف انه "لا يستطيع شراءهما كما في التحالفات السابقة، بالتقديمات العائلية والهبات للمدارس الدينية".

وبموجب الاتفاق، سيتولى الليكود حقيبتي الدفاع والداخلية على أن يتولى نتنياهو إدارة وزارة الخارجية في انتظار انتهاء محاكمة وزير الخارجية السابق افيغدور ليبرمان حليفه الانتخابي وزعيم حزب اسرائيل بيتنا القومي، وحصل حزب يش عتيد على وزارتي المالية والتربية فيما حصل البيت اليهودي على وزارتي التجارة والصناعة والاسكان التي تشرف خصوصا على بناء المستوطنات، اما وزيرة الخارجية السابقة تسيبي ليفني التي كان حزبها الوسطي الجديد "الحركة" أول من وقع اتفاقا مع نتنياهو الشهر الماضي فستتولى وزارة العدل وستكلف ايضا بملف مفاوضات السلام مع الفلسطينيين.

من جهته قال متحدث باسم يئير لابيد المذيع التلفزيوني الإسرائيلي السابق إن لابيد عين وزيرا للمالية في إسرائيل بعد توقيع اتفاق للانضمام إلى الحكومة الائتلافية الجديدة، وكان حزب يش عتيد الذي يتزعمه لابيد أكبر مفاجاة في الانتخابات الإسرائيلية التي جرت يوم 22 يناير كانون الثاني.

وخاض لابيد الانتخابات مستندا إلى برنامج يدعو لتخفيف الضغوط المالية عن الطبقة المتوسطة من خلال المشاركة في العبء الاسرائيلي عبر إلغاء الامتيازات التي يتمتع بها اليهود المتدينون، وقال زاك هيرتزوج رئيس المبيعات الدولية في شركة بساجوت سيكيوريتيز للسمسرة إنه سيتعين على لابيد أن يثبت للأسواق قدرته على إدارة السياسات المالية، وأضاف "يبدو من المعلومات القليلة التي تسنى معرفتها عن رؤاه الاقتصادية أنه سيتبع السياسة الاقتصادية لتيار يمين الوسط."

وقال إيال كلاين كبير الخبراء الاستراتيجيين في شركة آي.بي.آي انفستمنت هاوس والمدير السابق لإدارة الديون الخارجية في وزارة المالية "وفقا لسياسته فإنه يمضي قدما باتجاه إرضاء الأسواق"، وقالت شتراوس "لا شك أن من سيتولى هذا المنصب في السنوات الأربع المقبلة أيا كان سيواجه الكثير من الاضطرابات"، وأضافت قائلة "سمعنا في السنوات القليلة الماضية ما يريد الجميع حدوثه في هذا البلد... صوتنا جميعا لصالح التغيير والأشياء الجديدة والتوجه الجديد لذا أنا على يقين بأن قطاع الأعمال سيسانده."

ومن شأن التوصل إلى اتفاق سريع بشأن تشكيلة الحكومة ان يمكن نتنياهو الذي سيبدأ فترة ثالثة في منصب رئيس الوزراء من التركيز على زيارة الرئيس الأمريكي باراك اوباما المقررة لإسرائيل اواخر هذا الشهر.

ويقول نتنياهو إن محادثاته مع أوباما ستركز على البرنامج النووي الإيراني الذي تخشى إسرائيل والولايات المتحدة من انه يهدف إلى اكتساب القدرة على صنع أسلحة نووية وعلى استئناف محادثات السلام مع الفلسطينيين والحرب الاهلية في سوريا، وقال نتنياهو لمجلس الوزراء "ما زال امامنا تحديات جسيمة" مشيرا إلى ارتفاع تكاليف المعيشة والقضايا الامنية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 18/آذار/2013 - 6/جمادى الأول/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م