كوريا الشمالية... طبول حرب تقرع

 

شبكة النبأ: يخشى الكثير من المراقبين والمتخصصين في العديد من دول العالم من اتساع رقعة الخلاف في شبه الجزيرة الكورية، خصوصا بعد الخطوات الجديدة التي اتخذتها كوريا الشمالية كرد رسمي على قرارات الجديدة التي فرضها مجلس الأمن الدولي في سبيل إنهاء برنامجها النووي، تلك الخطوات والتهديدات المعلنة من قبل كوريا الشمالية ربما ستسهم باندلاع حرب كارثية في المنطقة اذا ما عمدت هذه الدولة الى استخدام أسلحتها غير التقليدية في ضرب دول أخرى، لكن وعلى الرغم مما تقدم فأن بعض المراقبين يرون ان التصعيد الكوري الأخير هو ردة فعل طبيعية لمثل هكذا قرار وهو تصعيد إعلامي قد يستخدم كورقة ضغط ضد دول الجوار، مستبعدين في الوقت ذاته اندلاع حرب في مثل هكذا وقت  خصوصا وان كوريا الشمالية لديها ما يكفيها من المشاكل الداخلية سواء كانت على الصعيد السياسي او الاقتصادي ، وفيما يخص أخر التطورات فقد رفضت كوريا الشمالية رسميا قرارا لمجلس الأمن الدولي يطالب بإنهاء برنامجها للأسلحة النووية وقالت بيونجيانج انها ستواصل هدفها لان تصبح دولة تملك أسلحة نووية بشكل كامل على الرغم من العقوبات التي فرضها عليها مجلس الأمن الدولي بإجماع الآراء.

وتهدف هذه العقوبات تشديد القيود المالية وشن حملة على محاولات كوريا الشمالية شحن مواد محظورة. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الكورية الشمالية في بيان ان كوريا الشمالية "تندد بشدة وترفض بشكل كامل مثلما فعلت في الماضي قرار العقوبات ضد جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية وهو نتاج السياسة الامريكية العدائية تجاهها. "العالم سيرى بوضوح ماهو الموقف الدائم الذي ستعززه جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية كدولة أسلحة نووية ودولة تطلق أقمارا صناعية كإحدى نتائج الموقف الامريكي لحث مجلس الامن الدولي على طبخ القرار."

وقال وزير الخارجية الصيني يانغ جيه تشي ان العقوبات ليست اسلوبا "اساسيا " لحل القضايا المتصلة بكوريا الشمالية وانه يجب على كل الاطراف التحلي بالهدوء وضبط النفس. وقال يانغ في مؤتمر صحفي "نعتقد دائما ان العقوبات ليست غاية اعمال مجلس الامن الدولي وليست العقوبات الاسلوب الاساسي لحل القضايا المتصلة. "الاسلوب السليم الوحيد لحل هذه المسألة هو انتهاج موقف كلي وحل مخاوف كل الاطراف المعنية باسلوب شامل ومتوازن من خلال الحوار والمشاورات."

وينص القرار 2094 الذي اعتمده اعضاء المجلس ال15 بالاجماع على وقف مصادر التمويل لبرامج بيونغ يانغ العسكرية والبالستية، كما يفرض رقابة على الدبلوماسيين الكوريين الشماليين ويوسع اللائحة السوداء للاشخاص والشركات المجمدة حساباتهم او الممنوعين من السفر. وقالت المندوبة الاميركية لدى الامم المتحدة سوزان رايس ان هذه العقوبات الجديدة "ستضرب بقوة" نظام بيونغ يانغ الشيوعي "وتعزز عزلته"، مضيفة ان "القادة الكوريين الشماليين سيدفعون غاليا ثمن تحدي المجتمع الدولي". وطالب الامين العام للامم المتحدة بان كي مون كوريا الشمالية "بالامتناع عن اي عمل جديد من شانه زعزعة الاستقرار وتجنب الخطاب العدائي".

وهذه العقوبات معدة لجعل الإجراءات العقابية تشبه بشكل اكبر العقوبات المفروضة على ايران التي يقول المسؤولون الغربيون انها نجحت بشكل مفاجيء. وحذرت الولايات المتحدة كوريا الشمالية من انها لن تحقق شيئا بتكرار التهديدات بالقيام بتصرفات مستفزة ولن يؤدي بها ذلك الا الى زيادة عزلتها الدولية. وقال وزير الدفاع الامريكي تشاك هاجل ان "الولايات المتحدة الامريكية وحلفاءنا مستعدون للتعامل مع اي تهديد وأي امر واقع يحدث في العالم .

وأدان مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة التجربة النووية الثالثة التي أجرتها كوريا الشمالية في 12 من فبراير شباط وتعهد باتخاذ إجراء ضدها بسبب هذه الخطوة التي أدانتها كل القوى العالمية بما في ذلك الصين. وقالت بيونجيانج في ذلك الوقت إن هذه التجربة دفاع عن النفس في مواجهة "العداء الامريكي" وهددت باتخاذ إجراءات أقوى إذا لزم الأمر. وفي يناير كانون الثاني أصدر مجلس الأمن قرارا يوسع فيه العقوبات المفروضة على كوريا الشمالية بسبب إطلاقها صاروخا في ديسمبر كانون الأول وحذرها من إطلاق المزيد من الصواريخ أو إجراء تجارب نووية. وردت كوريا الشمالية بالتهديد بتفجير نووي جديد.

ودفعت التجارب النووية السابقة لكوريا الشمالية مجلس الأمن إلى فرض عقوبات شملت حظرا على استيراد التكنولوجيا النووية والصاروخية وفرض حظر للأسلحة وحظر على واردات السلع الكمالية. ويوجد في كوريا الشمالية 17 كيانا منها بنوك وشركات تداول على القائمة السوداء للأمم المتحدة إضافة إلى تسعة أفراد كلهم مرتبطون بالبرنامجين النووي والصاروخي في البلاد. ويقول دبلوماسيون بالأمم المتحدة إنه يمكن فرض عقوبات على مزيد من الكيانات والأفراد مثل تجميد الأموال وفرض حظر على السفر.

الى جانب ذلك اكدت كوريا الشمالية ان العقوبات الجديدة لن تؤدي سوى الى تعزيز برنامجها النووي وبرنامجها للصواريخ، ملمحة الى تجارب نووية جديدة مقبلة. وقالت وزارة الخارجية الكورية الشمالية في بيان ان الشمال "سيظهر للعالم قريبا كيف ادى "التلاعب" الاميركي في مجلس الامن الدولي الى "تعزيز" الوضع الدائم لكوريا الشمالية كقوة نووية. واضافت ان العقوبات الاخيرة "وبدلا من اضعاف وسائل الردع النووي لكوريا الشمالية، ستعزز هذه القدرات الف مرة". ورأت الخارجية ان العقوبات التي "تم تدبيرها" في الامم المتحدة في السنوات الثماني الاخيرة لم تؤد في كوريا الشمالية "سوى الى تعزيز وسائلها للردع في النوعية والكمية".

في السياق ذاته أعلنت بيونغ يانغ إلغاء اتفاقات عدم الاعتداء مع الجنوب الذي هدد بمحو الشمال من على وجه الأرض، بالتزامن مع مناورات عسكرية بين كوريا الجنوبية والولايات المتحدة، وتحركات وحشود عسكرية شمالية على الحدود بين شطري شبه الجزيرة . وقال الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ اون أن “الجيش مستعد لحرب شاملة”، وقالت “لجنة اعادة التوحيد السلمي لكوريا” في بيان بعد بضع ساعات من تصويت مجلس الأمن على فرض عقوبات جديدة قاسية على النظام الشيوعي الستاليني أن كوريا الشمالية “تلغي كل اتفاقات عدم الاعتداء بين الشمال والجنوب” التي انهت الحرب الكورية العام ،1953 وأضاف البيان أن كوريا الشمالية “تبلغ الجنوب أيضاً أنها ستقطع فوراً الهاتف الأحمر بين الشمال والجنوب” الذي أقيم العام 1971 .

ونبهت اللجنة إلى أن العلاقات بين الشمال والجنوب “لم تعد قابلة للإصلاح”، مؤكدة أن “وضعاً بالغ الخطورة يسود شبه الجزيرة الكورية حيث يمكن أن تندلع حرب نووية في أية لحظة” . من جهتها، تعهدت رئيسة كوريا الجنوبية، بارك كون هيه، برد صارم على أي استفزازات تقوم بها بيونغ يانغ، ووعت ببذل “الجهود كافة لجعل كوريا الجنوبية دولة مزدهرة وقوية ذات أمن لا يقهر” .

وقالت بارك إن أي بلد سيلاقي “دماراً ذاتياً” محتوماً، في حال تركيزه على قوته العسكرية وحدها، مثل الأسلحة النووية، فيما يكون شعبه يموت جوعاً، في إشارة واضحة إلى كوريا الشمالية . وهددت وزارة الدفاع الكورية الجنوبية ب”محو” جارتها الشمالية من على وجه الأرض حال شن هجوم نووي، كما نددت واشنطن بتهديدات الدولة الشيوعية بتوجيه ضربة نووية استباقية إلى الولايات المتحدة، وأكدت قدرتها على صد أي هجوم من هذا النوع . وأكد بايك هاك سون الباحث في معهد سيجونغ في سيؤول “نشهد على الأرجح الوضع الأكثر خطورة منذ الحرب الكورية” .

من جهة اخرى قالت وزارة الدفاع في كوريا الجنوبية إن كوريا الشمالية تجري سلسلة من التدريبات العسكرية وتتأهب لمناورات في أنحاء البلاد على نطاق غير معتاد. وقال مسؤول في كوريا الجنوبية إن بلاده والولايات المتحدة اللتين تجريان تدريبات مشتركة تراقبان عن كثب انشطة كوريا الشمالية تحسبا لأي مؤشرات على أنها ستتجاوز التدريبات لتشن هجوما فعليا.

وقال كيم مين سيوك المتحدث باسم وزارة الدفاع الكورية الجنوبية "ليس من المعتاد أن تجري كوريا الشمالية تدريبات عسكرية على مستوى البلاد. يجري الشمال حاليا تدريبات متنوعة في البر والبحر والجو." وتابع "نحن نراقب أنشطة الشمال ونزيد من الاستعدادات على افتراض أن تلك التدريبات يمكن ان تؤدي إلى استفزاز في أي وقت." ورفض كيم أن يؤكد تقارير إخبارية بأن بيونجيانج فرضت منطقة حظر طيران قبالة سواحلها في خطوة محتملة لإطلاق صواريخ. لكنه قال إن أي حظر للطيران قاصر على المنطقة الواقعة قرب

ولا تزال الكوريتان في حالة حرب من الناحية الفنية بعد انتهاء حرب دامت بينهما من عام 1950 إلى عام 1953 باتفاق هدنة وليس بمعاهدة سلام. ومن المتوقع تجميع نحو 200 ألف جندي كوري جنوبي وعشرة الاف جندي أمريكي تحت القيادة الموحدة للقوات لمواصلة التدريبات العسكرية التي تحمل اسم "فرخ النسر" والتي بدأت في الاول من مارس اذار وتستمر حتى نهاية ابريل نيسان. وتبدأ تدريبات منفصلة باستخدام نظام المحاكاة بأجهزة الكمبيوتر.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 14/آذار/2013 - 2/جمادى الأول/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م