المعارضة المصرية وقرار وقف الانتخابات... فرصة للتسوية

 

شبكة النبأ: بالنسبة للمعارضة المصرية جاء حكم قضائي بوقف العملية الانتخابية ليقدم فرصة لاجبار الرئيس المصري محمد مرسي الذي ينتمي إلى جماعة الاخوان المسلمين على ايجاد تسوية بينما تندفع البلاد نحو الفوضى.

ويعتقد زعماء احزاب ليبرالية ويسارية ان تأجيل الانتخابات البرلمانية فرصة سانحة لانتزاع تنازلات بشأن موضوعات دستورية كبرى من مرسي وربما للتراجع عن مقاطعة المعارضة للانتخابات التي كان من الممكن ان تعود عليها بنتائج سلبية.

وقال عمرو موسى رئيس حزب المؤتمر والامين العام الاسبق للجامعة العربية "فلنتدبر الأمر دون عناد. إن وقف الإنتخابات فى مصلحة الجميع."

وقال موسى لوكالة انباء الشرق الاوسط الحكومية المصرية "الفترة التى يمنحها قرار الوقف تفتح الباب لإحتمالات عديدة كثير منها إيجابي ويعطى أملاً."

وقال موسى ان حكم المحكمة بوقف الانتخابات "ليس مجرد حكم للقضاء وإنما هدية من السماء."

والغى حكم للقضاء الاداري صدر يوم الاربعاء قرارا اصدره مرسي الشهر الماضي بالدعوة لانتخابات مجلس النواب واعاد قانون الانتخابات الذي كان من المفترض ان تجرى وفقه الانتخابات إلى المحكمة الدستورية العليا أعلى سلطة قضائية في البلاد.

واوقفت اللجنة العليا للانتخابات يوم الخميس الجدول الزمني الذي كان من المفترض ان يدلي عبره المصريون بأصواتهم على اربع جولات تبدأ من 22 ابريل نيسان وحتى اواخر يونيو حزيران. ولا يعرف احد متى تجرى الانتخابات حيث لا يزال الامر وقفا على قرار المحكمة الدستورية كما لا يعرف احد كم سيستغرق اتخاذها لقرارها.

وفي مقابل ذلك لم تكن هذه الصعوبات لتأتي في وقت اسوأ من هذا الوقت حيث تبددت النشوة التي تلت سقوط حسني مبارك قبل عامين.

وقال حسن نافعة استاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة والناشط السياسي "لدينا موقف اقتصادي شديد الخطورة والموقف الامني كان شديد السوء حتى قبل حكم المحكمة الادارية." لكنه اضاف "اذا استغل الامر كفرصة كي يؤجل الرئيس الانتخابات ويدعو للمصالحة فستكون هذه منحة للبلاد كي تخرج من ازمتها العميقة جدا."

وأهدرت جماعة الاخوان المسلمين كثيرا من شعبيتها بسبب حالة البلاد لكنها ما زالت تملك عملية حشد فعالة فازت بها في كل انتخابات منذ انتفاضة 2011.

وقال مصطفى السيد استاذ العلوم السياسية ان قرار المحكمة قد يكون الطريق الوحيد للخروج من الازمة السياسية الحالية لكن الامر يعتمد على رغبة الحكومة في اشراك المعارضة في حوار جاد.

وقال انه يشك ان ذلك سيحدث مع الوضع في الاعتبار ان المعارضة استبعدت تماما حتى الان من كل القرارات المهمة التي اتخذتها الحكومة.

لكن مرسي يقع تحت ضغوط للتسوية سواء داخليا او من جانب الولايات المتحدة الحليفة. واوضح وزير الخارجية الامريكي جون كيري في القاهرة في وقت سابق هذا الشهر ان التوافق الداخلي مهم لتأمين حصول مصر على قرض بمبلغ 4.8 مليار دولار من صندوق النقد الدولي لينهض الاقتصاد المصري على قدميه.

وهذا التوافق غير موجود في الوقت الحالي وهو ما يحيط بالشكوك اتفاقا لصندوق النقد الدولي تم التوصل اليه من حيث المبدأ في نوفمبر تشرين الثاني لكنه توقف بناء على طلب القاهرة بسبب اعمال عنف شهدها الشارع. بحسب رويترز.

ولا يمكن لمصر ان تتماسك اقتصاديا لوقت طويل دول مساعدة. فقد تراجع احتياطيها من النقد الاجنبي إلى مستوى حرج حيث بلغ 13.5 مليار دولار أي أكثر قليلا من ثلث ما كان عليه في أواخر حكم مبارك بينما هبط سعر صرف الجنيه المصري واتسع العجز في الميزانية إلى مستويات غير محتملة.

وقال جيسون تيرفي في مؤسسة كابيتال ايكونوميكس الاقتصادية في لندن "من غير المرجح ان يرغب صندوق النقد الدولي في منح قرض بينما لا يزال هناك هذا القدر المؤثر من الاحتقان والافتقار لأي شكل من اشكال التوافق السياسي." واضاف "حالة الضبابية هذه ستضع المزيد من الاعباء على كاهل الاقتصاد المصري المتهالك بالفعل وربما يؤدي إلى فرار مزيد من رؤوس الاموال والمزيد من الضغط على الجنيه المصري."

ومع الوضع في الاعتبار غياب الشفافية فربما يحجم صندوق النقد الدولي حتى عن تقديم تمويل مؤقت لسد العجز لكن الولايات المتحدة صاحبة اكبر حصة من الاسهم في الصندوق ربما تعتبر مصر اكبر كثيرا من ان تسقط فهي حليف في منطقة مضطربة واكبر دول العالم العربي سكانا.

ويقول كثير من المصريين ان الصراعات بين الاسلاميين والمعارضة - التي تتحول كثيرا إلى اعمال عنف في الشوارع - هي التي تؤدي إلى غياب الثقة. وقال عزت سعد محافظ الاقصر وهي مدينة سياحية تاريخية ان هذه الصراعات تخيف السائحين الذي يمثلون مصدرا رئيسيا من مصادر العملة الصعبة وايجاد فرص العمل للمصريين. وقال ان الاقصر سيئة الحظ لأنها تدفع ثمن ما يفعله "اخوتنا في القاهرة".

ووفقا للجدول الزمني الملغى الذي اعلنه مرسي لم يكن البرلمان لينعقد حتى اوائل يوليو تموز. ومع اصابة السياسة الداخلية بالشلل فهذا يعني انه ليس هناك مجال لعمل شيء من شأنه ان يتصدى لحالة التدهور الاقتصادي والحصول على قرض صندوق النقد الدولي لأربعة اشهر.

ولم يكن اغلب المعارضة ينوي المشاركة في الانتخابات على اي حال. واعلنت جبهة الانقاذ الوطني - التي تضم احزابا يجمعها رفض جماعة الاخوان المسلمين - الشهر الماضي عن مقاطعتها للانتخابات.

وقال محمد البرادعي المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية واحد ابرز زعماء الجبهة على الساحة العالمية انه لن يشارك في انتخابات يعتبرها عملا من اعمال الخداع.

وربما لم يكن امام المعارضة من خيار اخر. فمرسي لم يستمع لمطالبهم بما في ذلك تشكيل حكومة متعددة الانتماءات وتغيير قانون الانتخابات ومراجعة الدستور الجديد الذي وضعته جمعية تأسيسية يهيمن عليها اسلاميون.

ومع اندلاع الاحتجاجات العنيفة بشكل مستمر تقول المعارضة ان الوقت ليس مناسبا لاجراء انتخابات. ودعا خالد داود عضو حزب الدستور والمتحدث باسم جبهة الانقاذ إلى التسوية لتفادي المزيد من اراقة الدماء.

وقال ان المعارضة ستكون مستعدة في مراجعة قرارها اذا قبل مرسي الحل الوسط. وقال داود "لم نختر تلك المقاطعة أصلا وبالطبع نحن مستعدون للمشاركة في الانتخابات اذا كان لدينا قانون انتخابات معقول تم التوافق عليه من جانب كل الاحزاب السياسية واذا كانت لدينا ظروف امنية ملائمة تتيح اجراء الانتخابات."

لكن قرار مقاطعة الانتخابات لا يلقى اجماعا حتى داخل صفوف المعارضة حيث يقول البعض انه لن يترك للمصريين من خيار سوى انتخاب الاسلاميين. وقال مصطفى النجار احد مؤسسي حزب العدل الذي رفض الانضمام إلى المقاطعة ان قرار الجبهة بمقاطعة الانتخابات يعني ان المعارضة قررت تسليم البلاد إلى الاخوان المسلمين على طبق من فضة.

واثارت تكتيكات المعارضة الدهشة في الخارج حيث قال مسؤول امريكي رافق كيري في زيارته للقاهرة "اذا ارادوا المشاركة واذا ارادوا ان تؤخذ اراؤهم في الاعتبار فالطريقة الوحيدة لتحقيق ذلك هي المشاركة."

لكن رغبة مرسي في التسوية محدودة وقال السيد مدرس العلوم السياسية في جامعة القاهرة انه لا يعتقد ان تترك جماعة الاخوان المسلمين اي مناصب وزارية او حكومية للمعارضة.

وربما يقبل مرسي على الاكثر تمثيلا متواضعا للمعارضة من حزب كالوفد - الذي كان له وجود في البرلمان خلال عهد مبارك لكنه لم يظهر معارضة تذكر امام الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم حينها. ويقول حزب الوفد الذي انشئ عام 1919 انه سيقف مع جبهة الانقاذ التي تمثل الاحزاب غير الاسلامية والاقلية المسيحية والمسلمين الذين يخشون الحكم الاسلامي.

وهناك خلافات فلسفية عميقة بين الاعضاء الليبراليين والاعضاء الاشتراكيين في الجبهة لكنها تقول انها تنوي الاستمرار في تماسكها بعد الانتخابات الرئاسية التي جرت العام الماضي والتي خاضها مرشحون معارضون.

وقال احد اعضاء جبهة الانقاذ "لو كنا موحدين حينها وخضنا الانتخابات بمرشح واحد بدلا من عدة مرشحين لكنا فزنا بالرئاسة."

وعلى اية حال فاذا قررت المعارضة المشاركة في الانتخابات فسوف يكون عليها مواجهة عملية حشد اسلامية كبيرة تدعمها شبكة اجتماعية تقدم السلع والخدمات للفقراء.

ولا يتمتع سوى قلة من زعماء المعارضة - باستثناء حمدين صباحي الذي حل ثالثا في الانتخابات الرئاسية العام الماضي - بالشعبية. ويحظى البرادعي باحترام عالمي كدبلوماسي بارز حصل على جائزة نوبل للسلام لكنه لم يشارك في الانتخابات الرئاسية.

وقال الكاتب والمفكر المصري البارز يوسف القعيد ان المعارضة تحتاج إلى زعيم واحد تتوحد خلفه. وقال ان على المعارضة ان تتواصل مع الشعب بطرق بسيطة ولغة يفهمها الفقراء والبسطاء من غير المتعلمين بسهولة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 13/آذار/2013 - 1/جمادى الأول/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م