طريقة النوم... تنشط  الجسد او تعطبه

 

شبكة النبأ: يعتبر النوم من أهم الأنشطة الطبيعية التي يحتاجها الإنسان لتعويض الطاقة التي يبذلها وليوفر لجسمه الفرصة للنمو و المعافاة و الراحة كما تشير بعض المصادر، ويقضي الإنسان يقضي حوالي ثلث حياته نائماً، إلا أن الكثير منا لا يعرفون شيء عن النوم، فهناك اعتقاد سائد بأن النوم عبارة عن خمول في وظائف الجسم الجسدية والعقلية يحتاجه الإنسان لتجديد نشاطه. فقد وجد العلماء ان المخ او الدماغ يكون في حالة من العمل الشديد عند النوم.. حيث يقوم بتوجيه سائر الأعضاء لمختلف الوظائف من تنظيف الكبد و تجديد عافية الكلية و البنكرياس إلى إراحة قرنية العين و إرخاء العضلات... إلخ.

وتختلف حاجة الإنسان للنوم مع اختلاف العمر كما أن البالغين يختلفون في مقدار النوم الذي يحتاجونه، ويعاني ملايين الأشخاص حول العالم مشاكل النوم المختلفة تؤثر على الراحة والاسترخاء وقد تسهم بحدوث بعض الأمراض الخطيرة، وهو ما تبينة العديد من الدراسات والبحوث العلمية، وفي هذا الشأن قال باحثون بريطانيون إن تتابع حدوث قلة النوم يحدث تأثيرات خطيرة على الوظائف الداخلية لجسم الإنسان. فقد توصلت دراسة إلى أن نشاط المئات من الجينات يتوقف مع انخفاض معدلات النوم إلى أقل من ست ساعات في اليوم. وذكر الباحثون في المجلة الرسمية التي تصدر عن الأكاديمية الوطنية للعلوم أن نتائج ذلك البحث قد تساعد على إدراك الضرر الذي تلحقه قلة النوم بصحة الإنسان. فأمراض القلب، والسكري، والسمنة، والضعف في وظائف الدماغ، كلها أمراض ترتبط باضطرابات النوم.

إلا أنه لم يعرف بعد عدد ساعات النوم القليل الذي قد يسبب حدوث مثل ذلك الخلل الصحي. لذا فقد عمل باحثون من جامعة ساري على تحليل الدم لستة وعشرين شخصا بعد أن نالوا قسطا كافيا من النوم يصل إلى 10 ساعات كل ليلة على مدار أسبوع. ثم قارنوا نتائج تلك التحليلات بنتائج أخرى توصلوا إليها بعد نوم أولئك الأشخاص لفترات تقل عن ست ساعات في الليلة على مدار أسبوع آخر.

ووجد الباحثون أن ما يزيد على 700 من الجينات قد تعرضت للعطب من جراء ذلك التغيير في عدد ساعات النوم التي تعد كلها سببا في بناء البروتين، لذا فإن الجينات التي أصبحت أكثر نشاطا كانت أقدر على إنتاج البروتين، مما ساعد على تغيير العملية الكيميائية في الجسم. وفي الوقت نفسه، يلحق الخلل بساعة الجسم البيولوجية، وذلك لأن بعض الجينات يمكن أن يطرأ عليها -خلال اليوم- نمو وقوة تارة، وضعف تارة أخرى. إلا أن تلك الخاصية تتأثر بالانخفاض في معدلات النوم.

وقال كولين سميث، الأستاذ بجامعة ساري "لقد طرأت تغييرات خطيرة على نشاط عدد كبير من الجينات المختلفة".

كما رصدت أيضا تأثيرات على الجهاز المناعي وقدرة الجسم على مواجهة الأضرار والضغط العصبي. وأضاف سميث "من الواضح أن النوم مهم جدا لعملية إعادة بناء الجسم، والحفاظ على حالته الوظيفية. وإذا لم يكن في استطاعتنا أن نعيد إحياء الخلايا أو استبدال خلايا جديدة بها، فإن ذلك سيؤدي في النهاية إلى الإصابة بالأمراض". وأشار إلى أنه قد يكون هناك أناس يأخذون قسطا يوميا من النوم أقل ممن أجريت هذه الدراسة عليهم. بحسب بي بي سي.

أما أكيليش ريدي، وهو أستاذ متخصص في الساعة البيولوجية بجامعة كيمبريدج، فقال إن هذه الدراسة تعد دراسة "مهمة". وقال إن النتائج الرئيسية تتمثل في التأثيرات التي تلحق بالجهاز المناعي، حيث إن الرابط بين تلك التأثيرات والمشاكل الصحية، كمرض السكري، كان واضحا. ويعكف المشاركون في الدراسة على بحث الطرق التي من شأنها أن تصل إلى نتيجة للتغلب على تلك التأثيرات دون الحاجة إلى النوم، كأن يكون هناك عقار طبي يمكنه القيام بذلك.

الكحول واضطراب النوم

في السياق ذاته قال باحثون أنهم وجدوا أدلة على أن تناول كأس من مشروب كحولي قبل النوم يمكن أن يساعد على النوم بسرعة ولكنه يجعله مضطربا. وأكد فريق مركز أبحاث النوم في لندن أن الكحول يسبب حالة من الاضطراب في دورة النوم الطبيعية، ففي الوقت الذي يساعد فيه الكحول على الإخلاد لنوم عميق، فإنه يسلبنا أفضل وضعية للنوم وهي التي تحدث فيها الأحلام، والاعتياد على تناوله يمكن أن يؤدي إلى الأرق.

ورغم أن كثيرين يدافعون عن تناول الكحول، إلا أن الدكتور إرشاد إبراهيم وفريقه ينصحون بمقاومتها والامتناع عنها. وقال الدكتور إبراهيم المدير الطبي لمركز أبحاث النوم في لندن، والذي ترأس المجموعة البحثية التي أعدت الدراسة التي نشرتها دورية "الكحوليزم" أو "إدمان الكحول" :"يجب أن نكون شديدي الحذر من التناول المنتظم للكحول." ويضيف :"كأس أو اثنان، ربما يعطيان تأثيرا لطيفا على المدى القصير، ولكن إلحاقهما بثالثة قبل وقت النوم قد يؤدي لمشكلات خطيرة، فإذا كنت قد تناولت شرابا فإنه من الأفضل ألا تخلد للنوم قبل مرور ما بين ساعة ونصف إلى ساعتين، بعد أن يهدأ تأثير الكحول."

ويؤكد أن الناس يمكن أن تصبح أكثر اعتمادا على الكحول من أجل النوم، وربما يجعل هذا النوم أقل راحة، ويسبب الشخير أيضا، ويقول :"مع الجرعات المرتفعة، فإن الكحول يسبب ضيق التنفس، وبالتالي فهو يجعل من لا يعاني من الشخير أن يصاب به، بل ويمكن أن يؤدي إلى توقف التنفس أثناء النوم."

ومن خلال مئة دراسة أو أكثر بحثها الدكتور إبراهيم وفريقه، استطاعوا تحديد ثلاث مراحل يغير من خلالها الكحول حالة طبيعة النوم، الأولى هي التسريع في النوم، والثانية هي أن يجعل النوم شديد العمق، والثالثة هي تقطيع فترات النوم خلال النصف الثاني من الليل وهي مسألة غير جيدة، ونتيجة لهذه الأسباب يؤكد الدكتور إبراهيم أن عملية النوم ستكون أقل راحة.

وقال كريس أيدزيكويسكي مدير مركز أبحاث النوم في أدنبرة :"إن الكحول بشكل عام ليس مناسبا لتحسين مستوى النوم، فالنوم بسببه ربما يكون شديد العمق في بدايته، ولكنه بعد ذلك يتحول إلى حالة اضطراب، والخلاصة أن النوم العميق سيتضمن شخيرا وضيقا في التنفس، وبالتالي فلا يتوقع الشخص نوما جيدا مع الكحول." بحسب بي بي سي.

وقال مجلس أبحاث النوم :"لا تفرط في التناول، فتناول الكثير من الطعام أو الكحول خاصة في وقت متأخر أو قبل النوم مباشرة، يمكن أن يحدث أضرارا بالغة بفترات النوم، فالكحول ربما يساعدك على النوم سريعا، ولكنه سيربك نومك خلال الليل، إضافة إلى أنه يمكن أن يجعلك تستيقظ عطشا بشدة، وبحاجة الى استخدام المرحاض."

مرض الزهايمر

الى جانب ذلك قال باحثون في دراسة جديدة إن مشكلات النوم قد تكون إشارة مبكرة لمرض الزهايمر، وذلك إذا انطبقت الدراسة التي أجريت على الفئران على البشر. ويُعتقد أن هناك كتل بروتينية تسمى اللويحات (plaques) تظهر في الدماغ وهي مكون أساسي لهذا المرض. وأظهرت الدراسة التي نشرت في إحدى الدوريات الطبية أنه بمجرد ظهور هذه اللويحات عند الفئران، بدأت هذه الفئران تعاني من اضطرابات النوم.

وقالت مجلة بحوث الزهايمر البريطانية إنه إذا ثبتت هذه العلاقة، فستكون هناك أداة فعالة لدى الأطباء لاكتشاف المرض في وقت مبكر. ويعتقد أيضا أن عمليات البحث عن إشارات مبكرة حول إصابة الأشخاص بالزهايمر هي أمر ضروري لعلاج هذا المرض.

وفي الغالب لا تظهر على المصابين بمرض الزهايمر مشكلات تتعلق بالذاكرة أو وضوح الأفكار إلا في مرحلة متأخرة جدا من المرض، وفي هذه المرحلة، تكون أجزاء من المخ قد تلفت بالفعل، مما يعني أن العلاج سيكون صعبا جدا أو قد يصبح مستحيلا. وهذا ما يدفع الباحثين للبدء مبكرا قبل سنوات من ظهور الأعراض الأولى للمرض.

وهناك مساحة واسعة للبحث في لويحات بروتين بيتا أميلويد التي تتكون في الدماغ. وترتفع وتنخفض مستويات بروتين بيتا أميلويد بشكل طبيعي خلال 24 ساعة في كل من البشر والفئران، إلا أنه في حالة الاصابة بالزهايمر تشكل البروتينات لويحات ثابتة. وأظهرت الأبحاث في جامعة واشنطن أن الفئران الليلية تنام لمدة 40 دقيقة خلال كل ساعة أثناء النهار، وأنه بمجرد بداية تكون لويحات البروتين في الدماغ بدأت الفئران في النوم لمدة 30 دقيقة فقط.

وقال ديفيد هولتزمان الأستاذ بالجامعة وأحد الباحثين بالدراسة "إذا بدأت اضطرابات النوم بشكل مبكر خلال الإصابة بمرض الزهايمر، فقد توفر لنا هذه التغيرات وجود إشارة للمرض يسهل اكتشافها." وأضاف "وإذا كانت هناك اضطرابات في النوم، فنحن لا نعرف بالضبط ما الشكل الذي تتخذه، فهل هي مجرد انخفاض في وقت النوم عموما، أم أنها مشكلات تتعلق بالاستمرار في النوم، أم أنها شيء أخر مختلف تماما." بحسب بي بي سي.

إلا أن النتائج في الفئران لا تنطبق دائما على البشر، حيث توجد أسباب عديدة لاضطرابات النوم. وطالبت ماري جونسون من مؤسسة بحوث الزهايمر الخيرية ببريطانيا بإجراء مزيد من الدراسات على البشر لمعرفة ما إذا كانت هناك علاقة بين أنماط النوم ومرض الزهايمر. وقالت جونسون "لقد كانت هناك أبحاث بالفعل تربط بين التغيرات في أنماط النوم وبين انخفاض مهارات التفكير، ولكن هذه النتائج تشير إلى أن اضطرابات النمو قد تكون إشارة تحذيرية لمرض الزهايمر." وأضافت "إذا أكدت الأبحاث وجود تغيرات محددة في أنماط النوم كعلامة مبكرة محتملة لمرض الزهايمر، فإنها من الممكن أن تكون استراتيجية مفيدة للأطباء للتعرف على الأشخاص الذين يتعرضون لمخاطر هذا المرض."

النوم الجيد

من جهة أخرى أظهرت دراسة ألمانية جديدة أن النوم الجيد للأطفال خلال الليل يقوي ذاكرتهم ويحسن أداءهم المدرسي. وقالت صحيفة "الديلي ميل" البريطانية إن باحثين من جامعة توبنغن في ألمانيا قاموا بتدريب 8 أطفال وراشدين على ضغط زر تكون له نتيجة معينة، وبعد النوم ليلاً طلب منهم تذكر ما تعلموه فكان أداء الأطفال أفضل من الراشدين.

ووجد الباحثون أن الأطفال الذين ينامون بشكل جيد وكاف في الليل يحصلون على ذاكرة قوية ما قد يساعد في تفسير سبب الأداء المدرسي السيئ عند الأطفال الذين لا ينامون جيداً، وأظهرت النتائج أن الأطفال قادرون أكثر من البالغين على تحويل المعرفة الضمنية إلى معرفة جلية وهو أمر يحصل غالباً في عملية التعلم.

وأوضح الباحثون أن المعرفة الجلية هي معلومات مخزنة في الذهن، في حين أن المعرفة الضمنية هي التمكن من القيام بأي شيء من دون أن نعرف كيف نقوم بذلك. وكشفت الدراسة أن بطئ نشاط موجات الدماغ عند الأطفال خلال نومهم مرتبط بأداء الذاكرة الجلية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 3/آذار/2013 - 21/ربيع الثاني/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م