أمراض القلب... كيف ولماذا؟

 

شبكة النبأ: تعتبر أمراض القلب إحدى أهم واخطر الأمراض التي تودي بحياة الكثير من البشر في العديد من دول العالم، فهي على الرغم من التطور الهائل في مجالات الطب والجراحة لاتزال القاتل الأول في أمريكا وأوروبا حيث تصل نسب الوفيات فيها الى ما يقارب الـ70% بحسب بعض التقارير الخاصة، والقلب وهو المضخة الرئيسة المسؤولة عن دفع الدم في الأوعية الدموية وإيصاله الى جميع أجزاء الجسم، وبحسب بعض المتخصصين فهنالك الكثير من العوامل والمسببات التي قد تؤثر على عمل القلب منها التدخين، والوزن الزائد وارتفاع ضغط الدم وزيادة نسبة الكوليسترول والشحوم الثلاثية في الدم إضافةً إلى الإصابة بداء السكري ووجود عامل وراثي للإصابة بأمراض القلب وغيرها من المسببات الأخرى.

وبحسب بعض الدراسات والبحوث فأن أمراض القلب يمكن ان تصيب جميع البشر دون استثناء، قد يتبادر إلى الذهن لدى التفكير بأمراض القلب، أنه مرض يصيب كبار السن، وهذا ما كان محور بحث علمي حديث كشف بأن الشباب والأطباء معاً قد يغفلون عن الانتباه لأعراض المرض بين فئة الشباب، ويفوتون بالتالي فرص العلاج في الوقت المناسب. ووجدت الدراسة، التي أجرتها كلية الطب والصحة العامة التابعة لجامعة ويسكونسن، إنه غالباً ما يتم إغفال تشخيص إصابة المرضى الشباب بارتفاع ضغط الدم، أو ما يعرف بـ"الضغط" وهو أحد عوامل المخاطر المسببة لأمراض القلب.

وقالت د. هيذر جونسون، التي قادت الدراسة: "هذا البحث يتناول مباشرة عبئ الصحة العامة في الولايات المتحدة فيما يخص ارتفاع معدلات ارتفاع ضغط الدم بين البالغين الشبان، وخاصة مع ارتفاع نسبة السمنة." ويزيد ضغط الدم من مخاطر إصابة الشخص بعدد من الأمراض على رأسها أمراض القلب، والسكتات الدماغية، والفشل الكلوي، كما قد يتسبب في الإضرار بالأوعية الدموية وبعض أعضاء الجسم الأخرى. وأضاف جونسون: "التشخيص في الوقت المناسب والسيطرة على ارتفاع ضغط الدم أمر مهم، حتى لو كان المريض من الشباب."

وجدت دراسة أخرى، أن الشباب، ولاسيما الفتيات، غالبا ما يفشلون في ملاحظة أن الآلام الصدر المتصلة بالقلب ربما أحد أعراض مرض القلب. وقام الباحثون بمقابلة نحو 3 آلاف مريض قلب تراوحت أعمارهم بين سن 18 حتى 55 عاماً، للتعرف على كيفية استجابتهم لأعراض المرض وتفاعل الأطباء في هذا الشأن. ووجدوا بأن امرأة واحدة بين كل ثلاثة، ورجل واحد من خمسة، قاموا باستشارة طبيب عقب شكواهم من ألم أو ضيق بالصدر قبل إصابتهم بنوبة قلبية، وأن أقل من نصف النساء قد أخبرن بأن الأعراض التي يعانينها ربما مرتبطة بالقلب مقارنة بنحو ثلثي الرجال. بحسب CNN.

وعقبت القائمة على هذا البحث، وهي د. جوديث ليتشمان، من كلية الصحة العام بجامعة ييل: "جميعنا يدرك بأن العديد من عوامل الخطر آخذة بالتزايد بين السكان بمعنى زيادة نسب البدانة، والإصابة ضغط لدم وارتفاع الكولسترول.. فمخاطر الإصابة بأمراض القلب لا تنحصر في السن." واستبعد حوالي 60 في المائة، من الرجال والنساء على حد سواء، ارتباط تلك الأعراض بالقلب، ولكن اختلفت التفسيرات، فقد عزاها الرجال لسوء الهضم أو شد بالعضلات، وبررتها النساء بالإجهاد أو القلق أو عسر الهضم. وقالت النساء إنهن انتظرن لأكثر من يوم قبل استشارة طبيب، وذلك لاستبعادهن تماماً أن تكون الأعراض مرتبطة بأمراض القلب.

علامات الشيخوخة

الى جانب ذلك ربما يرى البعض في العلامات الواضحة على التقدم في السن مدعاة للزهو أو عقبة في سبيل الحصول على وظيفة. إلا أن دراسة موسعة كشفت عن أن هذه العلامات قد تكون انذارا مبكرا من أمراض القلب. فقد توصل باحثون دنمركيون في دراسة مطولة إلى أن الناس الذين تظهر عليهم ثلاث أو أربع علامات من علامات الشيخوخة مثل انحسار شعر جانبي الرأس أو الصلع خلف الأذن أو ظهور تجاعيد على شحمة الأذن أو تجمعات دهنية صفراء حول الجفون تزيد فرص إصابتهم بأزمة قلبية بنسبة 57 في المئة عن غيرهم وتزيد احتمالات اصابتهم بأمراض القلب 39 في المئة عن غيرهم.

وأظهرت بيانات طرحت في اجتماع جمعية القلب الأمريكية في لوس أنجليس أن تجمعات الكوليسترول الدهنية حول العيون هو أهم مؤشر منفرد على امكانية حدوث أزمة قلبية أو الإصابة بأمراض القلب. ووجد الباحثون أن المصابين بهذه التجمعات ممن شاركوا في الدراسة زادت فرص إصابتهم بأزمات قلبية بنسبة 35 في المئة. وقالت آن تيبيارج هانسن رئيسة فريق الباحثين والاستاذ بجامعة كوبنهاجن "العلامات الواضحة للشيخوخة تعكس السن النفسي والبيولوجي وهي منفصلة عن السن الزمني." واستطاع الباحثون استبعاد الشعر الرمادي والتجاعيد من سبل التنبؤ بأمراض القلب. وقالت تيبيارج هانسن إن هذه العوامل تعكس فيما يبدو السن الزمني لا المشاكل الصحية. بحسب رويترز.

وبدءا من عام 1976 عمل الباحثون على تحليل علامات الشيخوخة المعتادة بين ما يقرب من 11 ألف شخص فوق سن الاربعين. وعلى مدى سنوات المتابعة التي استمرت 35 عاما حتى مايو ايار 2011 أصيب 3401 شخص من هؤلاء بأمراض القلب وأصيب 1708 بأزمة قلبية.

الطفولة غير السعيدة

في الساق ذاته قال باحثون امريكيون إن السلوك العاطفي في مرحلة الطفولة له علاقة بالإصابة بأمراض القلب في منتصف عمر الانسان لا سيما عند المرأة. واشارت الدراسة الى ان "تعرض الطفل الى ضغوط نفسية في سن السابعة من عمره من شأنه ان يجعله أكثر عرضه للاصابة بأمراض قلبية في مرحلة أخرى من عمره، فيما الاطفال الذين ينعمون بطفولة خالية من هذه الضغوط تكون نسبة اصابتهم بهذه الامراض قليلة". وأضاف الباحثون انه "يجب إجراء المزيد من الابحاث لفهم العلاقة بين الضغوط النفسية في الطفولة والاصابة بأمراض القلب.

وشارك في هذه الدراسة نحو 377 شخصاً راشداً، كانوا قد خضعوا في سن السابعة من عمرهم الى اختبارات حول سلوكهم العاطفي. ووجدت الدراسة ان ارتفاع مستوى الضغط النفسي عند الاطفال في سن السابعة من عمرهم مرتبط بالإصابة بأمراض القلب عند النساء في الاربعينات بنسبة 33 في المئة و 17 في المئة عند الرجال. وأوضح الباحثون ان تعرض الطفل لعوامل نفسية ايجابية ينعكس على صحة قلبه في المستقبل.

وأظهرت دراسات طبية أخرى العلاقة بين التعرض لمحن نفسية في الطفولة وبين الاصابة بأمراض القلب عند بلوغهم سن الراشد. وربط العلماء بين الطفولة غير السعيدة وبين ارتفاع معدلات الاصابة بأمراض القلب عند الراشدين ونشروا نتائج هذه الدراسة في "دورية علم الاوبئة وصحة المجتمع". بحسب رويترز.

وقال الدكتور اليسون ابيلتون والذي ترأس هذه الدراسة "نحن بحاجة الى إجراء المزيد من الأبحاث لمعرفة العلاقة البيولوجية التي يمكن ان تدعم نتيجة بحثنا". من جهتها، قالت مورين تالبوت وهي ممرضة تعمل في "جمعية القلب البريطانية" انه "من المعروف ان صحة الطفل غالباً ما تؤثر على صحته في المستقبل"، مضيفة "يجب إجراء المزيد من الابحاث حول هذا الموضوع". واشارت تالبوت الى ان "بإمكان الأهل اتخاذ خطوات ايجابية لحماية صحة ابنائهم في المستقبل".

فقدان العمل

من جانب اخر قالت نتائج دراسة أمريكية ان من يفقدون أعمالهم أكثر عرضة للاصابة بالأزمات القلبية مقارنة بزملائهم الذين احتفظوا بوظائفهم وان نسبة الخطر ترتفع في بعض الأحيان الى 35 في المئة. وقال باحثون في الدراسة التي نشرت في دورية اركايفز انترنال مديسين ان كل حالة فقد وظيفة ارتبطت بزيادة مخاطر التعرض لمشاكل في القلب بين أكثر من 13 الف شخص بالغ تزيد أعمارهم على 50 عاما وان كان لم يتضح كيف يمكن للبطالة نفسها ان تكون السبب في أزمات قلبية اضافية.

وقال ماثيو ديوبر الذي قاد الدراسة وهو من معهد أبحاث ديوك الاكلينيكي في دورهام بنورث كارولاينا ان الضغوط وتدني مستوى الحياة والحرمان من التأمين الصحي الذي يؤدي بدوره الى سوء التعامل مع حالات مزمنة قد تكون السبب في ذلك. وقال ديوبر "من هم بلا عمل قد لا يستطيعون السيطرة على ضغط الدم او التعامل مع اصابتهم بمرض السكري (من خلال علاجهم المعتاد) كما ان معدل التدخين قد يرتفع."

واستندت الدراسة على دراسة أمريكية أوسع نطاقا شملت 13451 شخصا بالغا كانت تجرى معهم لقاءات كل ثاني عام على مدى نحو 12 عاما في المتوسط بشأن حالاتهم الصحية وأسلوب الحياة والاحداث التي صادفوها في حياتهم ومنها البطالة او فقد العمل. وكان المشاركون في بداية الدراسة في الخامسة والخمسين في المتوسط كما كان الثلثان يعاني من زيادة في الوزن. وكان واحد من كل سبعة لا يعمل في البداية. وخلال فترة البحث أصيب 1061 شخصا بأزمة قلبية اي نحو ثمانية في المئة. بحسب رويترز.

وخلص فريق ديوبر الى انه كلما زاد عدد المرات التي يفقد فيها الشخص وظيفته كلما زادت احتمالات الاصابة بأزمة قلبية. ومازالت البطالة مرتبطة بزيادة مخاطر الاصابة بأزمة قلبية بنسبة 35 في المئة بعد ان وضع الباحثون في الحسبان عوامل الفقر والتعليم والعرق والسن والعوامل الاخرى التي تزيد من مخاطر الاصابة بامراض القلب. وقال ديوبر "لم نندهش لوجود هذه الصلة لكن ما أدهشنا هو ان نكتشف ان التأثير كان كبيرا بهذا الشكل مقارنة بعوامل الخطر التقليدية مثل ضغط الدم والسكري. الصلة قوية وظلت قائمة في كل التفسيرات المحتملة."

الإصابة بين النباتيين

على صعيد متصل وفي دليل جديد على ان تجنب اللحوم مفيد للصحة قالت دراسة بريطانية إن مخاطر الإصابة أو الوفاة بأمراض القلب تقل بنسبة الثلث بين النباتيين مقارنة بمن ياكلون اللحوم والاسماك. وقال باحثون في الدورية الامريكية للتغذية السريرية إن الابحاث السابقة اشارت ايضا إلى ان أمراض القلب تقل عند النباتيين لكن لم يكن واضحا ما اذا كانت الاختلافات الاخرى في انماط الحياة مثل ممارسة التمارين الرياضية وعادات التدخين تلعب دورا ايضا.

وقالت فرنسيسكا كرو التي قادت الدراسة الجديدة بجامعة اكسفورد "بمقدورنا ان نكون متأكدين أكثر بأن ثمة شيئا ما في النظام الغذائي النباتي يقلل خطر الاصابة بأمراض القلب لدى النباتيين." وتتبعت كرو وزملاؤها السجل الصحي لحوالي 45 ألف شخص يعيشون في انجلترا واسكتلندا وكانوا قدموا بيانات عن نظامهم الغذائي وانماط حياتهم وصحتهم العامة في التسعينيات من القرن الماضي. وفي بداية الدراسة قال ثلث المشاركين تقريبا إنهم يتبعون نظاما نباتيا ولا يأكلون اللحوم أو الأسماك. بحسب رويترز.

وعلى مدى الاعوام الاحد عشر الى الاثنى عشر التالية تعرض 1086 من المشاركين في الدراسة لامراض في القلب منها نوبات قلبية استدعت علاجهم بالمستشفى وتوفي منهم 169 شخصا. وبعد أخذ عوامل منها اعمار المشاركين وممارسة التمارين الرياضية وقياسات صحية اخرى وجد الباحثون إن النباتيين يقل لديهم خطر الاصابة بأمراض القلب بنسبة 32 بالمئة مقارنة بأكلة اللحوم. وقال الباحثون إن تراجع خطر الاصابة بهذه الامراض يرجع على الارجح إلى انخفاض معدل الكولسترول وضغط الدم بين النباتيين في الدراسة.

المناخ الدفئ

في السياق ذاته أظهرت دراسة أمريكية أن الانتقال للعيش في مناخ دافيء لا يغير الحقيقة القائلة إن احتمال الوفاة نتيجة امراض القلب أكبر على الارجح في فصل الشتاء منه في فصل الصيف. وقام باحثون في مستشفى جود ساماريتان في لوس انجليس بدراسة بيانات الوفيات خلال الفترة بين عامي 2005 و 2008 في سبع مناطق أمريكية ذات مناخ متباين وهي مقاطعة لوس انجليس وولايات تكساس واريزونا وجورجيا وماساتشوستس وبنسلفانيا وولاية واشنطن الغربية. بحسب رويترز.

وفي كل المناطق زادت الوفيات اجمالا والوفيات الناتجة عن النوبات القلبية وغيرها من امراض القلب بمتوسط 26 إلى 36 حيث انخفضت في الصيف وبلغت ذروتها في الشتاء. وقاد الدراسة الدكتور برايان شوارتز وقدمها في الاجتماع العلمي السنوي لجمعية القلب الأمريكية. ولم يكن هدف الدراسة اظهار سبب زيادة معدلات الوفاة نتيجة امراض القلب بشكل عام في فصل الشتاء. لكن شوارتز لاحظ أن انماط الحياة تميل لان تكون اقل فائدة للصحة في الشتاء. وقال شوارتز "الحميات الغذائية لا تكون جيدة. ويمارس الناس تمارين اقل وتزيد أوزانهم." وقال أيضا إن الدراسة اظهرت ان ارتفاع معدلات امراض الجهاز التنفسي تزيد من خطر الوفاة المرتبطة بامراض القلب.

اليوجا قد تفيد

من جهة أخرى يقال ان الفوائد الصحية لليوجا لا تحصى ولا تعد من علاج التوتر إلى خفض الدهون إلى شحذ النظام المناعي والآن جاءت دراسة أمريكية جديدة لتقول انها قد تفيد من يعانون من عدم انتظام ضربات القلب. وتقول الرابطة الأمريكية للقلب إن نحو 2.7 مليون شخص في الولايات المتحدة يعانون من حالة (ارتجاف اذيني) التي يرتعش فيها الجزء العلوي من القلب بشكل فوضوي بدلا من حدوث انقباضات طبيعية. وهذا يزيد من خطر التعرض إلى أزمات قلبية.

وقال باحثون نشرت دراستهم في دورية الكلية الامريكية لطب القلب انه على الرغم من ان مرضى هذه الحالة يعالجون بأدوية للسيطرة على نبضات القلب الا انها لا تفلح مع الجميع. وقال الباحثون بقيادة دهانونجايا لاكيردي من المركز الطبي لجامعة كنساس في كنساس سيتي ان دور اليوجا يمكن ان يأتي في هذه المرحلة. وكتب يقول "اليوجا تحسن.. في حالة مرضى الارتجاف الاذيني الاعراض ومشاكل عدم الانتظام (الضربات) ومعدل ضربات القلب وضغط الدم والقلق والاكتئاب ومجالات عدة في جودة الحياة."

وشملت الدراسة 49 شخصا عانوا من الارتجاف الاذيني لخمس سنوات في المتوسط. وتابعت الدراسة حالتهم المرضية طوال ثلاثة اشهر. وفي المرحلة الثانية من الدراسة شاركت نفس المجموعة في دروس لليوجا مرتين اسبوعيا على الاقل لمدة ثلاثة اشهر اخرى مع نفس المتابعة لحالتهم الصحية. وكانوا جميعا طوال فترة الدراسة يعالجون بأدوية مرض الارتجاف الاذيني. بحسب رويترز.

وانخفضت عدد المرات التي شكوا فيها من الارتجاف الاذيني والتي أكدتها أجهزة مراقبة القلب من نحو أربع مرات خلال الثلاثة اشهر الاولى الى مرتين فقط بعد فترة ممارستهم لليوجا. كما انخفض معدل ضربات القلب من 67 في الدقيقة في بداية الدراسة الى ما بين 61 و62 ضربة في الدقيقة في فترة ما بعد ممارسة اليوجا. وانخفضت قياسات القلق من 34 في المتوسط في مقياس من 20 الى 80 الى 25 بعد ممارسة اليوجا لمدة ثلاثة اشهر. كما تحسن الاكتئاب والحالة الذهنية العامة أيضا.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 2/آذار/2013 - 20/ربيع الثاني/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م