الطائرات بدون طيار... انتقادات لاذعة ودفاع مستميت

 

شبكة النبأ: على الرغم من الانتقادات الكثيرة التي تعرضت لها إدارة الرئيس الأمريكي بارك اوباما بخصوص استخدامها المكثف والمستمر للعمليات السرية التي تقوم بها الطائرات المسيرة، التي تستخدم بضرب ومعالجة بعض الأهداف الإرهابية المهمة خارج الحدود، لاتزال هذه الإدارة تواصل دفاعها المستميت عن هذا المشروع وتؤكد ان هذه العمليات قد حققت نسب نجاح عالية وتمكنت من معالجة أهدافها بدقة عالية، ومن دون الإشارة الى اي تفاصيل او معلومات او أرقام عن تلك الأهداف المنفذة او عن عدد القتلى الذين سقطوا من جراء تلك الهجمات التي تعتبر أحدى أهم أسرار الحكومة الأمريكية.

التي تتعرض اليوم الى انتقادات داخلية متزايدة خصوصا بعد تسريب بعض المعلومات التي تفيد بمقتل عشرات المدنيين الأبرياء جراء تلك العمليات، وهو ما أسهم بإحراج الحكومة الأمريكية التي سعت الى تبرير مواقفها حيث قرر الرئيس الأميركي باراك اوباما إطلاع المشرعين في بلاده على وثائق سرية تحدد التبرير القانوني لغارات الطائرات من دون طيار التي أدت الى مقتل أميركيين في الخارج يتعاملون مع القاعدة.

وكشف مسؤول في الإدارة عن هذه الخطوة عشية جلسة استماع في مجلس الشيوخ لتثبيت تعيين اوباما كبير مستشاري البيت الابيض جون برينان في منصب مدير وكالة الاستخبارات المركزية (سي اي ايه) في ولايته الثانية. وانذر عدد من الشيوخ بانهم سيستخدمون تثبيت تعيين برينان ورقة ضغط لاجبار الادارة على مشاطرة المزيد من المعلومات حول التبريرات القانونية والدستورية لقتل الحكومة الاميركية مواطنيها. كما يأتي هذا الخبر بعد نشر قناة ان بي سي الاخبارية وثيقة سرية لوزارة العدل تتناول التبريرات نفسها ما انعش الجدال حول اغتيال اميركيين قرروا دعم الطرف الآخر في "الحرب على الارهاب".

وقال المسؤول " في اطار التزام الرئيس المستمر استشارة الكونغرس في شؤون الامن القومي امر الرئيس وزارة العدل تزويد لجان الاستخبارات في الكونغرس بوثائق سرية تعود لمكتب الاستشارات القانونية على صلة بموضوع وثيقة وزارة العدل". ويصر مساعدو اوباما على ان قتل مشتبه بهم من القاعدة وبينهم مواطنون اميركيون احيانا في نقاط نزاع على غرار اليمن لا ينتهك قوانين ودستور الولايات المتحدة حتى عند غياب معلومات استخباراتية تربط المستهدفين بمخططات هجوم محددة.

وقال المتحدث باسم البيت الابيض جاي كارني "اننا ننفذ تلك الغارات لانها ضرورية للحد من تهديدات قائمة ومستمرة ولوقف المخططات وللحؤول دون هجمات في المستقبل ومجددا، لانقاذ حياة اميركيين". واضاف ان "هذه الضربات قانونية واخلاقية وحكيمة". ومن الهجمات المماثلة الاكثر اثارة للجدل الغارة التي جرت في ايلول/سبتمبر 2011 في اليمن وقتل فيها الامام انور العولقي وسمير خان. وقد اثارت قلقا لانهما مواطنان اميركيان لم يدانا باي جريمة.

وكان السيناتور الديموقراطي رون وايدن من اكثر المشرعين مطالبة بمعرفة تفاصيل تبرير الادارة لصلاحياتها في قتل مواطنين اميركيين يخوضون حربا ضد بلدهم. واكد انه من الضروري اطلاع المشرعين على هذه المعلومات لضمان اخضاع هذه السلطة للضوابط والقيود المناسبة. وقال وايدن "لكل اميركي الحق في معرفة متى تعتقد حكومته انه يجوز لها قتله". وتابع "ساواصل الضغط على الادارة كي تزود الكونغرس بأي وبجميع الاراء القانونية التي تحدد اطر صلاحيات الرئيس في استخدام القوة القاتلة ضد اميركيين". واكد "لن ارتاح حتى احصل على" تلك المعلومات.

وتقدم الوثيقة تعريفا لمفاهيم الدفاع عن النفس والهجوم الوشيك اكثر اتساعا من التعريف الذي قدمه مسؤولون اميركيون علنا في السابق، تحدثوا عن "الحق الضمني في الدفاع عن النفس" في اطار دفاعهم عن الهجمات. واكدت المذكرة التي ستطلع عليها لجان الكونغرس المعنية بالحرب على الارهاب انه ليس من الضروري ان يكون اي هجوم ضد الولايات المتحدة ومصالحها يخطط له الشخص المستهدف "وشيكا" من اجل تنفيذ غارة.

وقالت ان "شرط تشكيل قيادي ناشط خطرا وشيكا بشن هجمات عنيفة على الولايات المتحدة، لا يتطلب الحصول على اثبات واضح على حدوث هجوم على مواطنين ومصالح اميركية في المستقبل القريب". عوضا عن ذلك يمكن لمسؤول "رفيع المستوى ومطلع" ان يتخذ قرارا بان الشخص المستهدف يشكل "تهديدا وشيكا بشن هجوم عنيف على الولايات المتحدة" في حال مشاركته "منذ فترة قريبة" في نشاطات مماثلة فيما ليس من اثبات على عودته او تخليه عنها.

كما تشترط الوثيقة تعذر القبض على الشخص المستهدف وهذه الحالة قائمة ان شكل القبض عليه "خطرا كبيرا" على اميركيين. وتحمل الوثيقة التي تالفت من 16 صفحة عنوان "قانونية عملية قاتلة ضد مواطن اميركي يتولى منصبا قياديا رفيعا في القاعدة او قوة متعاونة معها". لكن مجموعات للدفاع عن الحريات المدنية اعربت عن الصدمة من الوثيقة حيث اكد مسؤولوها ان الرئيس يتولى صلاحيات قتل مواطنين اميركيين من دون تقديم اي اثبات الى قاض او حتى اطلاع المحاكم على هجوم بعد حدوث الوقائع.

في السياق ذاته وعد الرئيس باراك أوباما بأن يكون اكثر صراحة مع الجماهير الأمريكية بشأن حملة الغارات بطائرات بلا طيار التي تشنها إدارته وتعهد أوباما بالتعاون مع الكونجرس لوضع "آلية" من اجل إتاحة مزيد من الشفافية بشأن كيفية إدارة حرب الطائرات بلا طيار. ويقع الرئيس الأمريكي تحت ضغط من اليسار واليمين للسماح بمزيد من المراقبة لعملية اتخاذ القرار لقتل أمريكيين في الخارج.

وأضاف أوباما في جلسة بالفيديو عبر الانترنت لتلقي الأسئلة والإجابة عنها برعاية جوجل "أعتقد أنه صحيح تماما أنه لا يكفي أن يثق المواطنون في كلمتي حين أقول إننا نفعل الصواب." ولدى سؤاله عما اذا كانت الحكومة الأمريكية يمكن أن تستهدف مواطنا على الاراضي الامريكية استبعد أوباما هذا فيما يبدو. وقال "لم تستخدم طائرة بلا طيار قط ضد مواطن أمريكي على أراض أمريكية. نحن نحترم ولدينا مجموعة كاملة من الضمانات فيما يتعلق بكيفية قيامنا بعمليات لمكافحة الإرهاب خارج الولايات المتحدة. القواعد خارج الولايات المتحدة ستختلف عن القواعد داخل الولايات المتحدة."

من جانب أخر دافع جون برينان عن الغارات بطائرات من دون طيار على انها "الملاذ الاخير" ضد عناصر القاعدة بالرغم من انتقادات اعضاء مجلس الشيوخ في الكونغرس للسرية المحيطة بالغارات. وواجه جون برينان مهندس الحرب بواسطة الطائرات بدون طيار اسئلة متكررة في جلسة تثبيت تعيينه بخصوص "عمليات القتل المحددة الأهداف" التي طال بعضها اميركيين لم توجه اليهم اي تهمة بارتكاب جريمة. وطالب اعضاء مجلس الشيوخ الديموقراطيون الادارة بمشاطرة المزيد من المعلومات حول الضربات مع الكونغرس والجمهور.

وتحدث برينان عن "جدل واسع النطاق" حول سياسات مكافحة الارهاب لافتا الى ان "الاختلاف في الرأي لن يمنعنا من تنفيذ مسؤولياتنا على مستوى الامن القومي والاستخبارات". وردا على اسئلة ضاغطة حول السرية المحيطة بغارات الطائرات من دون طيار قال برينان ان الحكومة تحتاج الى التحدث علنا عن العمليات لتبديد الافكار الخاطئة. وقال الموظف المخضرم الذي عمل 25 عاما في السي اي ايه وتولى منصب مستشار اوباما "نحن نتخذ اجراءات مماثلة كملاذ اخير فحسب لانقاذ ارواح".

واضاف "اعتقد ان هناك سوء فهم حقيقي لما نفعله كحكومة وللاهتمام الذي نوليه والمعاناة التي نعيشها لضمان عدم وقوع اصابات او قتلى جانبيين". وتابع "ينبغي ان نكون قادرين على الخروج لاعلان ذلك بشكل صريح ومباشر. اعتقد ان ذلك فائق الاهمية لان الناس يتفاعلون مع الكثير من الاكاذيب السارية". لكنه اكد على ضرورة الابقاء على السرية.

الى جانب ذلك قتل تسعة متمردين على الاقل واصيب خمسة بجروح بصواريخ اطلقتها طائرة اميركية من دون طيار في المنطقة القبلية شمال غرب باكستان، وقد تم اطلاق صاروخين على مبنى في قرية تقع على الحدود بين منطقتي وزيرستان الشمالية ووزيرستان الجنوبية القبليتين اللتين تبعدان حوالى 50 كلم عن مدينة ميرانشاه. وتعد المنطقة معقلا لطالبان ومتمردين اسلاميين آخرين مرتبطين بتنظيم القاعدة.

وقال مسؤول امني في ميرانشاه "كانت ست طائرات من دون طيار تحلق فوق المنطقة لحظة الهجوم. واطلقت احدى هذه الطائرات صاروخين على منزل". واضاف هذا المسؤول ان "تسعة متمردين على الاقل قتلوا وان اكثر من خمسة اصيبوا في هذا الهجوم. ولم تعرف هوياتهم بعد، لكن يمكن ان يكون بينهم اجانب". واوضح هذا المسؤول ان "المبنى قد دمر بالكامل. وبعد الهجوم، طوق المتمردون المنطقة".

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 26/شباط/2013 - 16/ربيع الثاني/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م