المخطط الجائز لعقد صفقة مع إيران

لبنـى نبيــه

كتب د. أفرايم أسكولاي (الباحث والخبير بمعهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي) مقالاً نشر على الموقع الإلكتروني للمركز تطرق فيه للإتفاق المحتمل التوصل إليه سواءً بين إيران والولايات المتحدة أو بين إيران ودول الأعضاء بمجلس الأمن الخمسة + واحد بخصوص الملف النووي، ووفقاً لرأي الباحث، فإن هناك مخططاً جائزاً يمكن في إطاره إنجاز هذا الإتفاق المؤسس على بنود يجدر بالطرفين قبولها والموافقة عليها.

ونظراً لوجود رغبة لدى كلا الطرفين للتوصل لهذا الإتفاق - مما يستوجب تحييد الأزمة التي على ما يبدو يصعب تجنبها، تلك الأزمة التي قد تؤدي إلى احتمال قيام الولايات المتحدة أو إسرائيل بمهاجمة منشآت إيران النووية - فيجب أن يتضمن هذا الإتفاق بنوداً غير متعارضة جوهرياً، وأن يقبلها الطرفان دون تنازل عن أي منها، وأن تشمل ضمانات هامة لطرفي الإتفاق.

ويرى الباحث أن ثمة بنود تخص الولايات المتحدة يجب مراعاتها في الإتفاق وهي:

* شرط أساسي: ويتمثل في عدم السماح بخلق موقف يمكِن إيران من المضي قدماً نحو تخصيب اليورانيوم لاستخدامه عسكرياً خلال فترة زمنية تقل عن عام.

* عدم تمكين إيران من فصل الوقود المشع من أي مصدر أياً كان واستخراج البلوتنيوم منه بكميات تشكِل خطراً.

* عدم السماح بإجراء أبحاث وتطوير على أجهزة المتفجرات النووية.

* إنشاء نظام مراقبة خاص يتم الإتفاق عليه للتحقق بصورة مستمرة من الإلتزام بالإتفاقيات، مع عدم السماح بإلغاء نظام المراقبة هذا أو تغييره بشكل أحادي الجانب.

أما فيما يتعلق بالجانب الإيراني، فثمة شروط يجب توافرها في الإتفاق وهي:

* بند رئيسي (مخفي): إن إيران ملتزمة بالحفاظ على ما لديها من تكنولوجيا وامتلاك خيار إنتاج سلاح نووي في حال ما قررت ذلك.

* لدى إيران الحق كاملاً في إقامة مشروع نووي مدني لأهداف سلمية.

* من حق إيران تخصيب اليورانيوم بهدف إنتاج وقود نووي لاستخدامه في مفاعلاتها المخصصة لأغراض سلمية.

* يتحتم على مجلس الأمن والدول الأخرى (من غير أعضائه) رفع العقوبات المفروضة على إيران بشكل نهائي.

* الرقابة على المشروع النووي الإيراني يجب أن تتم من خلال الوكالة الدولية للطاقة الذرية وليس بواسطة أي دولة أو مجموعة دول معينة.

* على الولايات المتحدة ألاَ تعمل على إسقاط النظام الحاكم في إيران.

وينتقل الباحث في مقاله إلى سلسلة قضايا استراتيجية تشكِل نقاط خلاف بين الولايات المتحدة وإيران، وتسببت في نشوب مواجهات عديدة استمرت سنوات، فيذكر منها على الصعيد الأمريكي: مساندة دولة إيران للإرهاب واستخدامها له ؛ التعدي على حقوق الإنسان في إيران ؛ تطلع إيران إلى الإستحواذ على منطقة الخليج والسيطرة عليها كلها ومناصبتها العداء لإسرائيل ومطالبتها بتدمير إسرائيل.

أما على الصعيد الإيراني فإن أي اتفاق مع الولايات المتحدة يعني خضوعاً "للشيطان الأكبر"، ومع هذا، فإنه لا شك في قدرة إيران على التوصل لاتفاق يتضمن بنوداً تحقق لها انتصاراً كبيراً، الأمر الذي يجعلها تتقبل أي اتفاق مع الإدارة الأمريكية.

ويحاول الباحث تصوُر مسودة الإتفاق الذي يمكن إحرازه بين الولايات المتحدة وإيران على النحو التالي:

على الطرفان إقرار حق إيران في إقامة وتطوير برنامجها النووي لأغراض سلمية، وأن هذا الإتفاق هو تجسيد لهذا الحق.

محور الإتفاق – الملف السياسي:

1. هذا الإتفاق قائم بين الولايات المتحدة وإيران، وتؤيده مجموعة الدول خمسة + واحد في حال ما أصبحت الوكالة الدولية للطاقة الذرية شريكاً فعالاً به.

2. على الطرفين إعلان إنتهاء حالة العداء والخصومة بينهما.

3. إقامة علاقات طبيعية ومنتظمة بين البلدين.

4. على الولايات المتحدة إزالة العقوبات المفروضة على إيران من قِبلها، والعمل على رفع العقوبات المفروضة من قِبل مجلس الأمن ومجموعة الدول الأخرى، على أن يتم رفع تلك العقوبات بصورة تدريجية بالتوازي مع التقدم في إنجاز الإتفاق، وبخاصة فيما يتعلق باستيراد السلع من إيران وغلق منشأة التخصيب الموجودة في "بوردو".

تفصيل تقني يتعلق بإنتاج المواد النووية:

1. تقييد قدرة إيران على تخصيب اليوارنيوم – باستخدام وسائلها التكنولوجية - بما لا يتجاوز 5000 كجم SWU/ السنة.

2. عدم تخصيب يورانيوم -235 بأكثر من 5%، نظراً لاقتصار استخدامه على مفاعل القوى في "بوشهر"، مع قصر نشاط تخصيب اليوارنيوم على المفاعل الموجود في "نتانز" فقط.

3. توقف منشأة التخصيب الموجودة في "بوردو" عن القيام بأي نشاط نووي، وتفكيك ونقل أجهزة التخصيب الموجودة بها.

4. بمجرد بلوغ مخزون اليورانيوم المخصب في إيران كمية 500 كجم (يحتوي على المركب UF6)، يتم على الفور نقل هذه الكمية إلى روسيا لإنتاج وقود يحتوي على المركب UO2 يتم استخدامه في مفاعل "بوشهر".

5. نقل كل الوقود النووي المشع من مفاعل "بوشهر" إلى روسيا، على أن يتم شراء الوقود النووي اللازم للمفاعلات الأخرى من خارج إيران، وبحيث يتضمن عقد الشراء الإلتزام بإعادة الوقود بعد تنقيته من المواد المشعة إلى بلد المنشأ.

6. على إيران عدم تشغيل مفاعل IR-40 الموجود في أراك، وألا تقوم بإقامة أو تشغيل أي مفاعلات أخرى تتغذى بوقود تقل نسبة تخصيبه عن 3.5%.

7. يحق لإيران عدم الكشف عن الأغراض التي يستخدم فيها اليورانيوم بقدراته الطبيعية واستخدامه في إنتاج البلوتنيوم، كما يحق لها عدم الكشف عن الأغراض التي يمكن أن يستخدم فيها التريتيوم (نظير الهيدروجين).

8. عدم السماح بالقيام بأي نشاط يتعلق بفصل البلوتنيوم عن الوقود النووي المشع، فيما يتجاوز أنشطة المختبر، وألاَ تزيد كمية الوقود المشع عن كيلوجرام واحد في السنة.

تفاصيل موضوع: تعميق الرقابة الدولية:

1. إن الهدف من الرقابة، هو التأكد من تنفيذ إيران لكل بنود الإتفاق لفظاً ومعنى، وألاَ تمارس أنشطة غير مرخصة وغير معلنة وفقاً لهذه الإتفاق.

2. يستند جهاز الرقابة على المعلومات التي يستقيها من مصادره، وعلى معلومات أخرى، تعينه في رسم خطة عمله.

3. على إيران العودة للتصديق نهائياً على "البروتوكول الإضافي" المتعلق بتوسيع نطاق الرقابة، بشكل يتناسب مع الإتفاق الحالي.

4. يجب أن تتضمن بنود توسيع نطاق الرقابة:

أ - حرية الوصول لكل موقع ومنشأة في إيران.

ب – السماح بجمع العينة والقياس في كل مكان في إيران أو في المناطق التي تخضع للسيادة الإيرانية.

جـ- إمكانية الوصول من دون قيود للوثائق والمستندات، بما فيها أجهزة الحاسب الآلي ووسائل التوثيق العلمي والتقني.

د – التواصل بدون قيود مع شخصيات في إيران.

هـ- التصوير المستمر للنقاط الحساسة التي يحددها جهاز الرقابة، وتسليم تلك الصور على الفور لمركز مراقبة خارج إيران، والتحقق على الفور من أي تشويش يظهر في التصوير.

5. تأسيس لجنة مستقلة من الخبراء الدوليين للإشراف على نتائج عمل جهاز الرقابة وحل نقاط الخلاف المتعلقة بأهمية أعمال الرقابة.

تنفيذ الإتفاق:

1. يتم البدء في تنفيذ بنود الإتفاق في غضون ثلاثين يوماً من توقيعه، ويلغى تلقائياً في حال عدم إقراره بشكل نهائي من الطرفين خلال ستين يوماً من التوقيع.

2. الإتفاق غير مقيد بوقت محدد، وأي تغيير يطرأ عليه مرهون بموافقة الطرفين.

3. يتم خرق الإتفاق، في حال ما قررت ذلك لجنة الخبراء، مما يعني استئنافاً تلقائياً للعقوبات بالكامل، ودون حاجة لمزيد من التصديقات.

4. الخرق الإداري للإتفاق يتمثل في تقييد أعمال المراقبين، وينسحب عليه استعادة العقوبات دون حاجة لمزيد من التصديقات.

مناقشة لبنود الإتفاق:

هل يمكن إحراز هذا الإتفاق بشكل عام ؟ إن إيران مهتمة بكسب المزيد من الوقت، والإستمرار في توسيع وترسيخ بنيتها النووية ؛ والحوار ومواصلته أمر مهم بالنسبة للولايات المتحدة، باعتباره استراتيجية يمكن من خلالها وقف التهديد النووي الإيراني، ومن خلال تحليل لبنود الإتفاق يظهر أن نقطة الإلتقاء بين الطرفين يمكن أن تكون في منح الولايات المتحدة الإنتصار الرئيسي لإيران والمتمثل في – منحها حق التخصيب – على أن توافق إيران في المقابل على تقليص نطاق ناتج التخصيب، وتشديد الرقابة وسحب النصيب الأكبر من ناتج إيران – وهذا الإتفاق لا يعتبر مستحيلاً، ووفقاً للمفاوضات فإنه يجب الإنتهاء منه في خلال ستين يوماً من بدئه، فإن لم يتم إنجازه خلال تلك الفترة، يتم الإعلان عن فشله.

إن هذا الإتفاق لا يعيق – بشكل مطلق – إمكانية استمرار إيران في نشاطها النووي بعيداً عن الأنظار. ولا مجال للشك، أن إيران تحاول شد الحبل بقدر المستطاع، للوصول إلى وضع متأزم يمكِنها من تمييز ردة فعل الجانب الثاني، ومن ناحية أخرى، فإنه لن يكون سهلاً الوصول إلى قرار، إذا حدث خرق شديد، بل والأكثر من هذا العمل على إعادة العقوبات.

بالنسبة لإسرائيل، لا يُعد هذا بالإتفاق الجيد، لأنه لا يسدل الستار على البرنامج النووي العسكري الإيراني وإنما يعرقله فقط، لفترة غير معروفة. وعلى ما يبدو، لن يكون لدى إسرائيل خيار، سوى القول بأن هذا رغماً عنها. إن انعدام الثقة المتأصل لدى إسرائيل إزاء النظام الحاكم الحالي في إيران، بالإستناد إلى أحداث الماضي، لن يسمح بمباركة ما سيتم إنجازه في هذه الحالة. حدثت وستحدث المعجزة، وإيران ستحفظ الإتفاق وتتقيد به، دون إحساس بالقهر، وسيكون هذا موقفاً جديداً، الذي ربما سيتيح علاقات جديدة مع الجمهورية الإسلامية، واحتمال حدوث هذا، ضعيف لشدة الأسف.

* باحثة في الشأن الإسرائيلي

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 26/شباط/2013 - 16/ربيع الثاني/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م