مصر ومتاهات ما بعد الثورة

مخاض الديمقراطية وتجاذبات الاحزاب

 

شبكة النبأ: ازمة جديدة ومنعطف خطير تشهده مصر التي تعتبر اهم بلدان الربيع العربي، فمصر التي تخلصت من نظامها السابق بثورة شعبية كبيرة تقف اليوم اما تحدي كبير سواء من الناحية السياسية او الاقتصادية، وهو ما اثار المخاوف لدى الكثير من أبناء مصر الذين يخشون من تحول بلادهم الى إمارة إسلامية متشددة تقودها بعض الأطراف والمجموعات المتعصبة التي تسعى الى فرض آرائها وأفكارها ومعتقداتها على جميع فئات الشعب، فتحركات الرئيس محمد مرسي المنتمي الى جماعة الإخوان المسلمين والساعي الى تثبيت مركز الجماعة من خلال بعض القرارات والاوامر تؤكد تلك النوايا، وبحسب بعض المراقبين فان مصر اليوم تشهد بوادر ثورة جديدة ثورة ضد شرعية رئيسها المنتخب وحزبه الساعي الى الاستفادة الشخصية من خلال مصادرة منجزات الثورة المصرية وتحويلها الى ثورة اخوانية .

وتلك التحركات والمساعي ادخلت مصر بأزمات ومشاكل كبيرة أثرت سلبا على الواقع الأمني والاقتصادي للبلاد التي تعاني من انتكاسه اقتصادية خطيرة هي اليوم خارج حسابات الرئيس مرسي وحكومته الحالية التي يصفها البعض بانها حكومة متحزبة بعيدة عن مصالح وتطلعات الشعب.

وبعد مرور عامين من انتفاضة حلم المصريون أنها ستنقلهم إلى عالم الديمقراطية أصبحت مصر أشبه بحافلة متداعية تنطلق صوب هاوية بينما انشغل ركابها بالتشاجر وتبادل الاتهامات فيمن تسبب في المشكلة ومحاولة انتزاع المقود لتوجيه الحافلة إلى طريق السلامة. فاحتياطيات البلاد من النقد الأجنبي تتناقص والسياحة في حالة احتضار وتوقف الاستثمار وقل المتاح من وقود الديزل (السولار) والأسمدة الزراعية المدعومة.

وفي الوقت نفسه ارتفعت كلفة دعم السلع الاساسية لترفع عجز الموازنة العامة إلى مستويات يتعذر أن تستمر على هذا المنوال. أما الجنيه المصري فقد خسر 14 في المئة من قيمته منذ انتفاضة عام 2011 وأصبح الدولار عملة نادرة وتعثرت خطوات الحصول على قرض من صندوق النقد الدولي من شأنه أن يفتح الباب أمام مزيد من المساعدات الخارجية. وفي ذات الوقت اشتدت حدة مشكلة البطالة وتدهور الأمن العام وتفشى تهريب السلاح.

ودون أي اعتبار يذكر للهاوية الاقتصادية التي تلوح في الأفق يتبادل الساسة في مصر الاتهامات فيما آل إليه الحال من دستور تميل به الكفة نحو الاسلاميين ومن عنف سياسي وما تردده المعارضة من استحواذ جماعة الاخوان المسلمين على السلطة. وبالنسبة للرئيس محمد مرسي وأنصاره في حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الاخوان المسلمين فإن ما يجري من أحداث ليس إلا متاعب المرحلة الأخيرة في الانتقال إلى الديمقراطية.

فالجماعة بما لها من جهاز تنظيمي يعد الأقوى على مستوى البلاد تتوقع بكل ثقة أن تفوز بالانتخابات التشريعية في ابريل نيسان أو مايو ايار لتستكمل بذلك وضع يدها على المؤسسات الديمقراطية الوليدة قبل أن تشرع في اصلاح حال البلاد على أسس اسلامية محافظة. ويقول عصام الحداد مستشار الرئيس للأمن القومي "نحن نمر بعنق زجاجة. ونود أن نخرج من عنق الزجاجة بأسرع ما يمكن ودون أن نعرضها للشرخ." وقد تمكنت مصر من مواصلة المسيرة بفضل مساعدات نقدية من قطر الداعم الرئيسي في الخارج للإخوان المسلمين.

ويقول الحداد إن الاقتصاد غير الرسمي الضخم سيمكن مصر من الاستمرار. لكن هذه الثقة ليست لدى الجميع. فقد حذرت السفيرة الامريكية آن باترسون من خطورة أن يؤدي نقص النقد الأجنبي إلى أزمات في الغذاء والوقود ويعرض الاستقرار الاجتماعي للخطر في بلد يعيش فيه نحو 40 في المئة من السكان على أقل من دولارين في اليوم.

وتتواصل الاتصالات مع صندوق النقد الدولي عبر الهاتف والبريد الالكتروني لكن ما من بادرة على أن بعثة الصندوق ستعود قريبا إلى مصر لاستكمال اتفاق القرض البالغ 4.8 مليار دولار اللازم لتحقيق استقرار الاقتصاد. وكان الصندوق طالب مصر في ديسمبر كانون الاول الماضي بتعديل برنامجها الاقتصادي حتى تتأهل للحصول على القرض. ويقول دبلوماسيون إن اتفاق الصندوق قد يفتح الباب أمام تمويلات تصل الى 12 مليار دولار من مصادر مختلفة من بينها البنك الدولي والاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة ودول الخليج.

وأوضح الحداد أن الحكومة لن تخاطر قبل الانتخابات المقبلة بتطبيق تخفيضات الدعم وغيرها من الاجراءات التقشفية التي يشترطها الصندوق. وقال "من المعروف تماما لصندوق النقد أنه لا أحد يستطيع أن يفعل ذلك قبل الانتخابات مباشرة. ومع ذلك فرسالتنا واضحة جدا. هذه الاصلاحات أساسية للانتعاش الاقتصادي. ولا يوجد خيار آخر."

سياسيا فشلت المعارضة الليبرالية في دفع مرسي إلى تعديل المواد المختلف عليها في الدستور وتشكيل حكومة وحدة وطنية بدلا من حكومة رئيس الوزراء هشام قنديل الذي لا يحظى بشعبية تذكر. إلا أن المعارض الليبرالي البارز عمرو موسى الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية دعا الحكومة والمعارضة إلى الاتفاق على تأجيل الانتخابات البرلمانية والعمل على ترتيب الاولويات لإنقاذ الاقتصاد.

وتشعر النخبة المعارضة والناشطون من الشباب الذين قادوا الانتفاضة على حكم مبارك أن ثورتهم قد اختطفت وينددون بما يرون أنه اتجاه متزايد "لأخونة" مؤسسات الدولة. وفي هذا السياق قال هاني شكر الله الصحفي المخضرم بمؤسسة الاهرام وهو من المعلقين المرموقين إنه أرغم على التقاعد بسبب ضغوط الإخوان على المؤسسة المملوكة للدولة. ونفت الإدارة الجديدة لمؤسسة الأهرام وجود دوافع سياسية وراء هذه المسألة. ومع ذلك لا توجد مؤشرات تذكر على أي احتكار لسلطة الدولة أو المجتمع المدني حتى الان. ويبدو الأمر أقرب إلى ما حدث من تداول بين النخبة في تركيا عندما فاز حزب العدالة والتنمية ذو التوجهات الاسلامية في الانتخابات قبل نحو عشر سنوات.

أما الشارع حيث يحتج الناشطون والشباب فلا سيطرة للحكومة أو للمعارضة عليه. وفشلت محاولة للتغلغل في السلطات الدينية عندما اختار كبار علماء الأزهر أحد أساتذة الشريعة الاسلامية غير المسيسين لمنصب مفتي الدار المصرية وفضلوه بذلك على مرشح من بين صفوف الإخوان. وقال عصام الحداد إن أي حديث عن "الأخونة" دعاية سوداء تسعى لاستبعاد قطاع كامل من المجتمع. وأشار إلى أن أعضاء من أعضاء جماعة الاخوان استبعدوا من كثير من مؤسسات الدولة والقوات المسلحة في عهد مبارك.

ويقول زياد بهاء الدين رئيس هيئة الاستثمار السابق الذي يتولى الآن منصب نائب رئيس الحزب الديمقراطي الاشتراكي المعارض إن الاخوان يحاولون ضمان بسط سيطرتهم قبل أن يعالجوا مشاكل البلاد شأنهم في ذلك شأن حكام مصر السابقين. وقال إن هذا يحدث منذ المذبحة التي ارتكبها الوالي العثماني محمد علي بحق المماليك في أوائل القرن التاسع عشر وأشار إلى قيام الرئيس جمال عبد الناصر بالزج بالإخوان والشيوعيين في السجون عام 1954 والرئيس أنور السادات الذي زج بخصومه أيضا في السجون عام 1971. وأضاف "الفرق الان هو أن قبول الناس لذلك لم يعد له وجود. فلا يمكنك أن تتحكم في الرأي العام كما أن المشاكل الاقتصادية التي نواجهها لا يمكن تأجيلها عامين."

ويقول دان كيرتزر الذي كان سفيرا للولايات المتحدة في القاهرة ويقوم الان بالتدريس في جامعة برينستون إن مصر لا تزال "في الجولة الثالثة من مباراة من مباريات الوزن الثقيل تتكون من 15 جولة." ويرى أن من بين اللاعبين في الحلبة الاخوان والجيش وقوى الأمن الداخلي وشباب الثورة بالإضافة إلى "الموالين للنظام القديم الذين ربما اختل توازنهم أو جرى الزج بهم في السجون أو هربوا خارج البلاد لكنهم سينشطون إذا انهار الاقتصاد."

في السياق ذاته وضعت جبهة الإنقاذ الوطني التي تقود المعارضة بمصر شروطا للحوار مع الرئيس الإسلامي محمد مرسي وقالت إنها لن تخوض الانتخابات البرلمانية التي من المقرر ان تجرى خلال شهور دون ضمانات لنزاهة الاقتراع. وقالت في بيان تلاه في مؤتمر صحفي العضو القيادي في الجبهة سامح عاشور وهو نقيب المحامين في مصر إن من شروطها لتلبية دعوة الحوار التي وجهها الرئيس المصري "اتخاذ إجراءات جادة للقصاص من قتلة الشهداء في جميع أنحاء الجمهورية وندب قضاة تحقيق محايدين لجميع الجرائم. "تشكيل حكومة محايدة تحمل شروط الثقة من جميع الأطراف في كفاءتها وحيادها وفي تحمل مسؤوليتها لتحقيق مطالب الجماهير."

وقتل نحو 850 متظاهرا خلال الانتفاضة التي أسقطت الرئيس السابق حسني مبارك عام 2011 كما قتل نحو 150 متظاهرا في احتجاجات تلت إسقاطه. واستاء مصريون كثيرون إزاء أحكام صدرت تباعا من محاكم الجنايات في القاهرة ومحافظات أخرى ببراءة رجال شرطة اتهموا بقتل المتظاهرين خلال الانتفاضة التي استمرت 18 يوما.

ويقول مصريون كثيرون إن مرسي وحكومته التي يرأسها هشام قنديل أخفقوا في تحقيق أهداف الانتفاضة التي جسدها شعار "عيش (خبز).. حرية.. عدالة اجتماعية.. كرامة إنسانية". ويقول منتقدون إن المصريين يعيشون أوضاعا سياسية أسوأ من الأوضاع التي وقفت وراء اندلاع الانتفاضة. واشترطت جبهة الإنقاذ التي ينسق أعمالها المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي تشكيل "لجنة قانونية محايدة لمراجعة الدستور وطرح التعديلات على الاستفتاء الشعبي." واشترطت "اختيار نائب عام جديد يتفق مع قواعد استقلال القضاء ونصوص الدستور."

وصاغت الدستور جمعية تأسيسية غلب عليها الإسلاميون وانسحب منها ليبراليون ويساريون ومسيحيون. وانتقدت المعارضة مسارعة مرسي بإجراء الاستفتاء عليه في ديسمبر كانون الأول قبل مناقشة عامة واسعة لمواده. وتقول الحكومة وجماعة الإخوان المسلمين التي تقودها إن صياغة الدستور والاستفتاء عليه بسرعة كانا ضرورة لتحقيق الاستقرار والانطلاق نحو تحقيق أهداف الانتفاضة.

لكن المعارضة تقول إن الجماعة تسعى للاستئثار بالسلطة وإنها تحاول من خلال الدستور الذي جعل لرجال الدين دورا في التشريع ان ترسي نظاما سياسيا لا يضمن تداول السلطة. وكان مرسي أصدر إعلانا دستوريا في نوفمبر تشرين الثاني منحه سلطة إقالة النائب العام المعين في عهد مبارك المستشار عبد المجيد محمود وتعيين النائب العام الحالي المستشار طلعت عبد الله.

وانتقدت المعارضة الإعلان الدستوري قائلة إنه يصنع من مرسي فرعونا جديدا.

وقالت المعارضة وعشرات المنظمات التي تراقب حقوق الإنسان إن مخالفات واسعة شابت الاستفتاء الدستوري تطلبت إبطال نتائجه لكن الحكومة قالت إن المخالفات لا تؤثر على النتيجة.

وقال بيان جبهة الإنقاذ "لا انتخابات قبل تحقيق مطالب الأمة وترسيخ ضمانات انتخابات نزيهة ومراقبة دولية وشعبية لها." وأضاف أن الجبهة تحمل مرسي وجماعة الإخوان "مسؤولية التدهور الذي يلحق بالبلاد اقتصاديا واجتماعيا في ظل تدخل غير مسؤول للجماعة في كافة مفاصل الدولة."

واجتمع البرادعي مع محمد سعد الكتاتني رئيس حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين للاتفاق على بدء الحوار الوطني لكن بيان الجبهة يشير فيما يبدو إلى فشل المناقشات بينهما. وتطالب جماعة الإخوان جبهة الإنقاذ بالتوقف عن الدعوة للمظاهرات التي تحول بعضها للعنف في الأسابيع الماضية لكن الجبهة تقول إنها تدعو لسلمية الاحتجاجات.

وتكونت جبهة الإنقاذ في نوفمبر تشرين الثاني بعد يومين من الإعلان الدستوري الذي أصدره مرسي. وقال قادة في الجبهة اجتمعوا مع مرسي في السابق إن المناقشة معه لا تفضي إلى قرارات تنفيذية. ومنذ سقوط مبارك تشهد مصر اضطرابا سياسيا وتراجعا اقتصاديا وانفلاتا أمنيا يشكو منه مصريون كثيرون.

الى جانب ذلك قضت المحكمة الدستورية العليا بمصر بعدم دستورية نصوص في تعديلات أدخلها مجلس الشورى على قانوني انتخاب البرلمان ومباشرة الحقوق السياسية وأعادت المشروع إلى المجلس لإعادة صياغته بما يتفق مع الدستور. وأبدت المحكمة ملاحظات بشأن عدم انطباق خمس مواد في المشروع على مواد الدستور الذي شارك أعضاء في مجلس الشورى نفسه في صياغته. وقالت إنه يخرج عن نطاق مهمتها "النظر في أي تناقض بين نصوص مشروع القانون بعضها البعض أو تعارضها مع أية نصوص قانونية أخرى."

وربما تعطل تلك الخطوة إجراء انتخابات مجلس النواب التي كان متوقعا أن تجرى في إبريل نيسان لكن مصدرا في مكتب الرئيس محمد مرسي قال إن مدة التأخير يمكن أن تكون بضعة أسابيع وليس شهورا. وتحدث المصدر الرئاسي قبل أن تصدر المحكمة تقريرها متحسبا لأن ترد به ملاحظات بعدم الدستورية. وبحسب الدستور الجديد يجب أن تبدأ إجراءت انتخابات مجلس النواب خلال 60 يوما من إقراره. وأقر الناخبون في استفتاء الدستور أواخر ديسمبر كانون الأول الماضي.

ونص الدستور على مراقبة سابقة للمحكمة الدستورية العليا على النصوص القانونية المنظمة للانتخابات التشريعية والرئاسية لمنع الطعن عليها أمام القضاء بعدم الدستورية وهو ما كان ممكنا أن يعرض البرلمان للحل. لكن المحامي البارز شوقي السيد توقع أزمات بسبب الرقابة السابقة للمحكمة الدستورية العليا التي قال إن مجلس الشورى يمكن ألا ينفذ ملاحظاتها أو ينفذ جانبا منها أو ينفذها شكليا.

وقال عضو مجلس الشعب المحلول مصطفى النجار الذي يعارض جماعة الإخوان المسلمين المهيمنة على مجلس الشورى "تقرير المحكمة الدستورية حول قانون الانتخابات يكشف مستوى الضعف المهني لمجلس الشورى والعجلة التي تمت بها صياغة الدستور." وقال حزب الوفد الليبرالي إن جماعة الإخوان المسلمين انتهكت الدستور الذي صاغته. وأشاد الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي بتقرير المحكمة.

وتضم المحكمة قضاة من عهد الرئيس السابق حسني مبارك وتغير تشكيلها من 19 قاضيا إلى 11 بموجب الدستور الجديد. وقالت المحكمة التي انعقدت برئاسة رئيسها المستشار ماهر البحيري في تقريرها إن التعديلات تضمنت أن "تسقط العضوية إذا غير عضو مجلس النواب الصفة التى ترشح بها. "(لكن) لكى يتفق هذا النص مع أحكام الدستور فإنه يتعين أن يمتد بحيث يسرى حكمه وهو إسقاط العضوية إلى جميع الحالات التى يغير فيها عضو مجلس النواب الصفة التى ترشح بها سواء كانت صفة العامل أو الفلاح أو إذا غير انتماءه الحزبي أو تخلى عنه وأصبح مستقلا أو صار المستقل حزبيا."

وتابعت "يجب إعادة تقسيم الدوائر على نحو منضبط بحيث يراعى التمثيل العادل للسكان والمحافظات... كما يجب ألا ترسم الدوائر بطريقة تعسفية دون مراعاة للصالح العام." وأعاد المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي أدار شؤون البلاد لمدة 17 شهرا تلت سقوط مبارك رسم الدوائر الانتخابية وقال منتقدون إن ذلك كان في مصلحة الإسلاميين على حساب المتمتعين بتأييد قبائل أو أسر كبيرة.

وقال العريان "وبالنسبة للتقسيم العادل للدوائر الانتخابية فان هناك مشروعا تم اعداده... يراعي كل الملاحظات التي ابداها النواب والاحزاب السياسية." وطالبت المحكمة بتمييز المرشحين الحزبيين عن المرشحين المستقلين إذا ضمتهم قائمة انتخابية واحدة "لتعلق ذلك بحق الناخب في الوقوف على حقيقة المرشح عند الإدلاء بصوته لاختيار من هو أحق به والذي كفلته المادة 55 من الدستور."

وقالت "(من) ضمن الشروط الواجب توافرها فى المرشح لعضوية مجلس النواب (في مشروع التعديلات) أن يكون مصريا فى حين أن نص المادة 113 من الدستور لم يكتف بكون المرشح مصريا فقط وإنما ألزم بأن يكون مصريا متمتعاً بحقوقه المدنية والسياسية بما يجدر معه... إضافة عبارة (متمتعاً بحقوقه المدنية والسياسية) إلى نص القانون المعدل."

وتضمنت ملاحظات المحكمة الدستورية العليا أيضا نصوصا تتعلق بإجراءات إعلان نتائج الانتخابات ومراقبة منظمات المجتمع المدني للاقتراع وشروط من يجب أن يرشح نفسه كعامل.

ويقضي الدستور بأن يكون نصف عدد أعضاء مجلس النواب على الأقل من العمال والفلاحين.

من جهة اخرى وفي خطوه جديدة لامتصاص غضب الشارع المصري قرر الرئيس المصري محمد مرسي تقديم مشروع قانون لإعادة تشغيل المنطقة الحرة في مدينة بورسعيد وتخصيص جزء من عائدات قناة السويس لتنمية مدن القناة الثلاث، في محاولة لاحتواء غضب بورسعيد التي تشهد عصيان مدني. وقال بيان لرئاسة الجمهورية ان مرسي، قرر "تقديم مشروع قانون لمجلس الشورى بإعادة تشغيل المنطقة الحرة ببورسعيد"، واضاف البيان ان مرسي قرر "تخصيص أربعمائة مليون جنيه سنويا من عوائد قناة السويس لتنمية محافظات القناة الثلاث وخلق فرص عمل جديدة للشباب". واعتبر البيان أن "تلك الحزمة من الإجراءات والقرارات لمدن القناة تشكل مقدمة لتطوير قطاعات جغرافية أخرى لا تقل أهمية مثل سيناء والصعيد ومطروح والنوبة".

وكانت مدن القناة الثلاث بورسعيد والسويس والاسماعيلية شهدت اعمال احتجاج واسعة تخللتها احداث عنف سقط خلالها اكثر من 50 قتيلا. ودعت تلك الاحداث الرئيس المصري لفرض حالة الطوارئ وحظر التجول في المدن الثلاث وتكليف الجيش بالحفاظ على الامن. الا ان هذه الاجراءات اججت غضب اهالي بورسعيد ومدن القناة على الرئيس المصري وجماعة الاخوان مع تنظيم مسيرات وتظاهرات ردد المشاركون فيها هتافات تندد بالنظام وتطالب بإسقاطه.

واعلن اهالي بورسعيد العصيان المدني واوقفوا عمل المصالح الحكومية ومئات المصانع ومدارس المدينة احتجاجا على تجاهل السلطات لهم والمطالبة بالقصاص لشهداء المدينة داعين الى "معاملة شهداء بورسعيد كشهداء الثورة ماديا ومعنويا". وسقط نحو 40 قتيلا في نهاية كانون الثاني/يناير الماضي في اشتباكات عنيفة بين الشرطة واهالي بورسعيد بعد صدور احكام بالإعدام على 21 متهما اغلبهم من ابناء المدينة بتهمة قتل 72 من التراس النادي الاهلي في "مذبحة استاد بورسعيد" التي جرت اثر مباراة بين الفريق القاهري وفريق المصري البورسعيدي في شباط/فبراير 2012.

الا ان اهالي بورسعيد يعتقدون ان وزارة الداخلية هي المسؤولة عن هذه المجزرة الدامية ويؤكدون انهم ابرياء من دماء مشجعي الاهلي. ويطالب اهالي بورسعيد بإعادة تشغيل المنطقة الحرة بالمدينة والتي كانت تأمن لأبناء المدينة فرص عمل ودخل جيد والتي الغيت في العام 2002 كعقاب من الحكومة على خلفية اعتداء شاب مجهول على الرئيس المصري السابق حسني مبارك في عام 1999، بحسب روايات الاهالي. وادى الغاء المنطقة الحرة الى نضوب فرص العمل بالمدينة وانتشار البطالة بين ابنائها.

وتلبي القرارات التي اتخذها الرئيس المصري بعضا من مطالب بورسعيد التي يسعى بذلك الى امتصاص غضبها وغضب وجارتيها الاسماعيلية والسويس. الا ان النائب البرلماني السابق عن المدينة البدري فرغلي قال ان "قرارات مرسي لا معنى ولا قيمة لها"، وتابع "الغضب هنا لا يمكن احتواءه عبر قرارات لا تحقق القصاص والعدالة لأهالي بورسعيد".

كما اكد المرشح الرئاسي السابق ابو العز الحريري ان "القرار ليس في محله وليس صائبا لان بورسعيد غاضبة من اجل دماء ابنائها"، وتابع "لن نقبل بمقايضة حقوق ودماء ابناء بورسعيد بحقوقهم الاقتصادية". واعتبر الحريري ان "الغضب في بورسعيد سياسي يتعلق بأخطاء السلطة وليس لأسباب لاقتصادية". وقال التاجر عبد الخالق فوزي (31 عاما) ان "تلك القرارات لا تحقق مطالبنا الحقيقية في القصاص.. وماهي الا محاولة لتهدئتنا".

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 24/شباط/2013 - 14/ربيع الثاني/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م