عصا العقوبات هل تقود ايران الى الحوار؟

 

شبكة النبأ: لقد كثفت الولايات المتحدة ضغوطها الاقتصادية على إيران خلال الاونة الأخيرة بسلسة من العقوبات الجديدة، ألحقت أضرارا كبيرة باقتصاد الإيراني وخصوصا عندما تم إيقاف الصادرات والإنتاج النفطي الذي يعتبر اكبر ثروة في البلاد، مما أدى الى هبوط العملة الإيرانية إلى أدنى مستوياتها التاريخية. كون العقوبات الجديدة تعد من بين أشد الإجراءات التي اتخذها الغرب ضد إيران حتى الآن، وتمثل تغييرا كبيرا في سياسته التي ظلت طويلا تركز على فرض قيود اقتصادية على أفراد وشركات إيرانية محددة،

حيث تتبنى الولايات المتحدة منذ اشهر استراتيجية ما يسمى ب"الطريق المزدوج" تقوم على فرض عقوبات اقتصادية اكثر تشددا ضد طهران مع محاولة حملها الى طاولة المفاوضات، التي تضع الأزمة الإيرانية داخل  دوامة المساومات الخفية.

ولعل من ابرز الإجراءات العقابية الجديدة التي تشكل تشديدا كبيرا للخناق الاقتصاد، هو قطع الشريان الاقتصادي بين تركيا وإيران بوقف صادرات الذهب التركية - التي تستخدم كمدفوعات غير مباشرة لإيران مقابل واردات الغاز الطبيعي – حتى لا تكون شريانا ماليا لطهران التي حجبتها العقوبات الغربية عن النظام المصرفي العالمي بسبب برنامجها النووي.

وعلى الرغم من ذلك يقول خبراء كثيرون إن العقوبات وحدها من غير المرجح أن توقف برنامج إيران النووي حيث تمكنت طهران من بناء احتياطيات كبيرة من النقد الأجنبي في الأعوام التي شهدت ارتفاع أسعار النفط، مما ساعد إيران في مراوغة العقوبات.

ومما لا شك فيه أن العقوبات الاقتصادية لها آثار كثيرة، لكن بعض الخبراء الاقتصاديين يرون إن بعض تلك الآثار قد لا يكون مقصودا عندما يأتي بنتائج عكسية، حيث أن العقوبات تاريخيا تأتي بنتائج عكسية تماما، بمعنى أنه إذا فرضت عقوبات على عدوك، فإنها تميل إلى تعزيز قدراته.

فيما يرى محللون آخرون إن القيود الاقتصادية على إيران يمكن أن تكون خطيرة لتجارة النفط العالمية، وتهدد ممرا آمنا عبر مضيق هرمز، وهو ممر ملاحي ضيق في الخليج، فإذا تم إيقاف مضيق هرمز لمدة أسبوع، فإن الأثر الاقتصادي سيكون أكبر من أي قنبلة يمكننا أن نتصورها،

وعليه تضفي المعطيات آنفة الذكر بعد تطبيق اشد عقوبات شهدها التاريخ الدولي مساعي العقوبات الجديدة على ايران من لدن الغرب وأمريكا خاصةً، في ظل سياسة الكر والفر الدولية المتسمة بالجدلية والازدواجية بين أجندة دول المتخاصمة، فعلى ما يبدو لا يخفى على أحد هو أن هذه العقوبات هي سلاح غربي للحرب ناعمة طويلة الامد مع ايران.

في سياق متصل قال مصرفيون إن عقوبات أمريكية مشددة تخنق تجارة الذهب مقابل الغاز بين تركيا وإيران وتمنع أيضا بنك خلق التركي المملوك للدولة من تسوية مدفوعات الدول الأخرى لطهران عن مشتريات النفط، وقد لمح وزير الاقتصاد التركي ظفر جاغليان إلى تراجع هذه التجارة حين قال إنه بالرغم من أن تركيا لن ترضخ للضغوط الأمريكية لوقف صادرات الذهب إلى إيران إلا أنه من المتوقع تراجع الطلب الإيراني على المعدن النفيس.

بينما قال دبلوماسي غربي "تستطيع القول إن الولايات المتحدة حققت مرادها ... إذا أرادت تركيا أن تواصل استيراد الطاقة من إيران فلا سبيل لها سوي مقايضة السلع التي لا تشملها العقوبات."

من جهتها قالت وزارة الخزانة الأمريكية في تقرير الي الكونجرس إن العقوبات الغربية على إيران التي تستهدف برنامجها النووي ساهمت في الحد من استفادة طهران من مصادر رأس المال العالمية العام الماضي، وقال التقرير إنى حرمان إيران من الإقراض الأجنبي "يعني أن الاستثمارات التي تحتاجها بشدة لدعم استمرار التنمية الاقتصادية أصبحت نادرة"، وقال التقرير ان الناتج المحلي الإجمالي في إيران يتراجع "ربما بأكبر هامش في 25 عاما."

في حين شددت الولايات المتحدة عقوباتها على ايران بهدف فرض قيود اضافية على امكانية حصولها على عائداتها النفطية، مؤكدة على ضرورة زيادة الضغط على طهران بشأن برنامجها النووي المثير للجدل.

كما فرضت واشنطن قيودا على هيئات اعلامية ايرانية وعلى الشرطة الالكترونية الايرانية لاتهامها بارتكاب انتهاكات لحقوق الانسان في قضايا تتعلق بالرقابة.

كذلك فرضت الولايات المتحدة عقوبات على الهيئة العامة الايرانية للاذاعة والتلفزيون وهيئة تنظيم الاتصالات وشرطة الانترنت الايرانية، منددة بالجهود المكثفة التي تبذلها هذه الهيئات لفرض الرقابة على الاخبار والمعلومات اضافة الى بث اعترافات انتزعت بالقوة من معتقلين سياسيين.

الى ذلك حثت وزارة الخزانة الأمريكية المؤسسات المالية في الولايات المتحدة على بذل المزيد من الجهد وتوخي الحذر في التعامل مع دور الصرافة والشركات التجارية الأجنبية التي قد تحاول التهرب من العقوبات المالية المفروضة على إيران.

من جانب آخر نشر الاتحاد الاوروبي في جريدته الرسمية لائحة ب18 هيئة وشخص واحد تستهدفهم عقوباته الجديدة على ايران، كما تشمل اللائحة هيئات متهمة بتقديم دعم مالي للحكومة الايرانية مثل فروع بنك الاستثمار الاسلامي الاول في ماليزيا واندونيسيا، واعلن مجلس اوروبا في بيان ان 105 اشخاص و490 شركة في ايران خاضعون للعقوبات، وبات اي تعامل بين المصارف الاوروبية والايرانية ممنوعا مع استثناءات لحالات محددة لاتاحة استمرار التجارة المشروعة. بحسب فرانس برس.

وضمن اطار الموضوع قال الرئيس الايراني احمدي نجاد "نخوض حربا اقتصادية محددة الهدف مع العدو"، واضاف ان "العقوبات المحددة الهدف التي قال اعداؤنا انها ستتسبب بشلنا ادت الى تراجع مبيعاتنا النفطية. انها تمنعنا ايضا من نقل عائداتنا النفطية. هذا الامر يطاول تجارتنا التي ترتبط بالنفط"، لكنه تدارك "تمكنا حتى الان من السيطرة على هذا الامر الذي لم يتخذ المنحى الذي كانوا يتوقعونه. كانوا يعتقدون ان البلد سينهار لكن هذا لم يحصل".

في الوقت ذاته قال مسؤول إيراني رفيع إن عقوبات غربية فرضت خلال الأشهر القليلة الماضية على قطاع الشحن في إيران ستضر بشدة بالسلامة الدولية للملاحة والبيئة، واضطرت شركات لقطع العلاقات مع قطاع الشحن الحيوي في إيران الذي ينقل أغلب النفط الخام خشية خسارة تعاملات أمريكية مربحة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 21/شباط/2013 - 11/ربيع الثاني/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م