شيعة باكستان... حلقة ضعيفة في الصراع المذهبي

مئات القتلى والجرحى مع تصاعد التفجيرات الارهابية

متابعة: محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ: عكست الهجمات الدموية التي تعرض لها المسلمين الشيعة في باكستان خلال الاسابيع القليلة الماضية اصرار التيارات السلفية والوهابية التكفيرية على شن حملة ابادة جماعية ضد الشيعة، وبكافة الوسائل والمبررات المتاحة، خصوصا بعد ان باتت تمتع تلك الجماعات الارهابية بدعم مادي كبير من قبل بعض الانظمة واللوبيات المنتشرة في دول الخليج الفارسي.

حيث تشير التسريبات الى قيام بعض الاطراف الخليجية ذات النهج التكفيري بزيادة معدلات التمويل والتجهيز لتنظيمات القاعدة في الشرق الاوسط، فيما كثفت الوسائل الاعلامية المحرضة على العنف من رسائلها الهادفة الى قتل الشيعة والتنكيل بيهم.

وغالبا ما تقوم جماعات العنف باستهداف المدنيين العزل بشكل مباشر، واستهدافها باستمرار اماكن العبادة والاسواق المكتظة بالابرياء، كما جرى الحال في مدينة كويتا الباكستانية، والتي نكبت اكثر من مرة مؤخرا.

وذكرت منظمة شيعة رايتس ووتش في بيان لها مؤخرا ان الايام القليلة الماضية شهدت سقوط عشرات القتلى والجرحى ومن ضمنهم نساء واطفال في عمليات ارهابية وقعت في باكستان والعراق وسوريا، تقف وراءها جماعات العنف والتطرف المدعومة من قبل بعض الانظمة السياسية المشبوهة في المنطقة.

وأشارت المنظمة التي تتخذ من واشنطن مقرا لها في البيان الى ان ما جرى، يستدعي التحرك الدولي الجاد لتجريم وادانة تلك الجرائم، خصوصا انها تدرج ضمن تصنيف جرائم الابادة الجماعية، حسب القانون الدولي.

وطالب المنظمة ايضا مجلس الامن الدولي بالتحرك السريع للوقوف ضد عمليات الابادة الجماعية التي يتعرض لها المسلمين الشيعة في العديد من بلدان الشرق الاوسط، سيما الاسلامية منها التي شهدت تصعيدا غير مسبوق في الهجمات الارهابية المسلحة، سقط خلالها المئات من القتلى والجرحى المدنيين، دون ذنب او جريرة سوى تمسكهم بحرية المعتقد الديني الذي يتبعوه.

وشددت المنظمة في بيانها على ضرورة تحرك المجتمع الدولي حيال ما يجري ضد المسلمين، حيث قالت، ان بقاء المجتمع الدولي مكتوف الايدي امام تلك المجازر لا يخلي مسؤوليته القانونية اواء تلك الاعمال الهمجية، فضلا عن تداعياتها مأساوية في حال استمرار تلك الهجمات على كافة الصعد الانسانية.

من جهتهم نظم شيعة باكستانيون غاضبون من تفجير أسفر عن مقتل 85 شخصا من طائفتهم احتجاجا يوم الإثنين الماضي للمطالبة بأن توفر لهم قوات الأمن الحماية من الجماعات السنية المتشددة.

وألقى الهجوم الذي وقع قرب سوق مفتوحة في مدينة كويتا بجنوب غرب البلاد يوم السبت الماضي الضوء على العنف الذي تشهده باكستان قبل بضعة أشهر من إجراء انتخابات عامة.

ورغم أن حركة طالبان وتنظيم القاعدة مازالا مصدرا رئيسيا للاضطرابات في البلاد ظهر المتشددون السنة كتهديد أمني آخر. وبلغ غضب الشيعة أوجه مع تكرار الهجمات التي تستهدفهم.

وفي كويتا يرفض بعض الهزارة الشيعة دفن قتلاهم إلى أن تلاحق قوات الأمن جماعة عسكر جنجوي التي أعلنت مسؤوليتها عن التفجير الأخير. وتجمع نحو أربعة آلاف شخص بينهم نساء وأطفال لدى وضع 71 جثة بجوار موقع شيعي. وردد المحتشدون هتافات تطالب بالكف عن قتل الشيعة.

وقال سيد محمد هادي المتحدث باسم تحالف يضم جماعات شيعية "نحن نتمسك بمطالبنا المتمثلة في تسليم المدينة للجيش وشن عملية ضد الإرهابيين وأنصارهم." واضاف "لن ندفن الجثث ما لم يتم تنفيذ مطالبنا."

وتتولى قوات حرس الحدود بدرجة كبيرة مسؤولية الأمن في اقليم بلوخستان وعاصمته كويتا لكن الشيعة يقولون إنها غير قادرة أو غير راغبة في حمايتهم. وصعدت جماعة عسكر جنجوي عمليات التفجير وإطلاق النار في محاولة لزعزعة الاستقرار وإقامة دولة دينية سنية. وكانت الجماعة وراء تفجير في كويتا الشهر الماضي قرب الحدود مع أفغانستان سقط فيه نحو مئة قتيل.

وفي كراتشي المركز التجاري لباكستان شل إضراب الحركة في المدينة احتجاجا على إراقة الدماء في كويتا. وعززت السلطات إجراءات الأمن في حين أغلق المتظاهرون طرقا منها طرق مؤدية إلى المطار وعطلوا حركة القطارات المتجهة إلى أجزاء أخرى من البلاد وأحرقوا مركبات. ويحمل الهزارة البالغ عددهم نحو 500 ألف في كويتا ملامح متميزة مما يسهل استهدافهم.

وترتبط جماعة عسكر جنجوي بعلاقات قديمة بعناصر في قوات الأمن ترى الجماعة حليفا في أي حرب محتملة مع الهند المجاورة. وتنفي قوات الأمن مثل هذه الصلات.

وقد اعلنت السلطات المحلية ان قنبلة تحوي حوالى طن من المتفجرات موضوعة في شاحنة صهريج فجرت عن بعد في سوق محلية في مدينة هزارة تاون الشيعية الواقعة في ضواحي كويتا عاصمة ولاية بلوشستان. وهو ثاني تفجير في المدينة في خلال شهر تقريبا.

فيما قال قائد شرطة كويتا وزير هان ناصر "سنستأنف مفاوضات مع قادة الطائفة الشيعية هذا الصباح لاقناعهم بدفن الضحايا". بحسب فرانس برس.

لكن قيوم شانغيزي المسؤول في حزب شيعي محلي قال ان المتظاهرين "لن يدفنوا القتلى الى ان يتم اطلاق عملية مطاردة".

ودان الامين العام للامم المتحدة بان كي مون بشدة التفجير ودعا السلطات الى التحرك سريعا ضد المسؤولين عنه. ونظمت تظاهرات ايضا في مدن مختلفة في البلاد للمطالبة بوقف استهداف الشيعة.

وبحسب منظمة هيومن رايتس ووتش فان اكثر من 400 شيعي قتلوا في باكستان في 2012 "السنة الاكثر دموية" لهذه الطائفة في تاريخ هذا البلد. لكن تصاعد موجة العنف ضد الشيعة والتي اوقعت اكثر من 200 قتيل منذ مطلع كانون الثاني/يناير، يثير مخاوف من ان تكون سنة 2013 اكثر دموية.

واتهمت عدة صحف باكستانية الاثنين الحكومة لكن ايضا اجهزة الاستخبارات القوية وقوات الامن، التي تتهم في كثير من الاحيان بانها مقربة من حركات متطرفة، بعدم القيام بشيء لحماية الاقلية او مطاردة منفذي الاعتداءات.

ووجه عزيز الله هزارة رئيس الحزب الديمقراطي الهزارة وهو تشكيل صغير يمثل الشيعة من اثنية الهزارة المتواجدة ايضا في ايران وافغانستان، انذارا يمهل السلطات ثماني واربعين ساعة لشن عملية تستهدف المهاجمين والا سيدعو الى تعبئة كبيرة في الشارع.

وقال داود اغا رئيس المؤتمر الشيعي "كنا قد خططنا لحفل الاحد تكريما لشهداء اعتداء الشهر الماضي. وبعد هذا الحفل سنعلن خطتنا للتحرك".

وكان رئيس الوزراء الباكستاني رضا برويز اشرف دعا قوات الامن الى توقيف منفذي هذه الهجمات واحالتهم الى القضاء. لكن هذا الطلب استقبل بالتشكيك من قبل الشيعة الذين يأخذون على الحكومة عجزها وحتى افتقارها الى الارادة للتصدي الى عسكر جنقوي. وكان قد اطلق سراح قائد العمليات في هذه الحركة السنية مالك اسحق في تموز/يوليو 2011 بعد ان امضى 14 عاما في السجن.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 21/شباط/2013 - 11/ربيع الثاني/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م