قطر... هل تتحول الى دويلة مارقة؟

اجندات مشبوهة يدفعها فساد المال والسلطة

محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ: ان تتحول الى عميل، هذا شأن وارد في كل وقت ومكان، ولكن ان تحول دولة بأموالها وشعبها وسياستها الخارجية الى عميلة!؟ هذا مثار للاشمئزاز.

ساهمت المداخيل النقدية الكبيرة التي تتحصل عليها قطر من موارد الغاز التي رزقت بها في انتفاخ طموحاتها السياسية بشكل خطير قد ينعكس عليها عاجلا ام آجلا بتداعيات كارثية.

فحجم الفقاعة القطرية بدت تزعج العديد من البلدان الاقليمية الكبرى والصغرى على حد سواء، فضلا عن التذمر الملحوظ لدى بعض اقطاب المجتمع الدولي، سيما انها باتت تزج بأنفها في تفاصيل وأجندات كانت قطر ولا تزال ابعد ما يكون عن فلك التأثير به.

صحيح ان الكثير من المحللين للشؤون الاستراتيجية يرون ان الدور القطري لا يتعدى حدود تنفيذ رغبات بريطانية صرفة، سيما ان الاخيرة تسعى الى مزاحمة الدول الكبرى المهيمنة على مفاصل السياسة في الشرق الاوسط، بعد ان ازيحت عاصمة الضباب عن لعب دور مؤثر في العالم اثر جملة المتغيرات الجيوسياسية التي شهدها العالم بعد حقبة الحرب الباردة.

حيث وجدت بريطانيا في قطر التي كانت حتى وقت قريب لا تلحظ جغرافيا فضلا عن ذلك سياسيا على خارطة العالم، الشريك المطيع لتمرير ما تشتهيه بشكل شبه مجاني، خصوصا انها مشيخة وجلة ومهددة داخليا وخارجيا، وبحاجه الى الحماية الدولية باي ثمن.

الا ان ما يغفله حكام قطر ان التجارب السابقة مع انكلترا تثبت ان علاقاتها مع الشركاء لا تقل جمودا وبرودة عن مناخها المتقلب، وقد تجد قطر نفسها في وجه المدفع في اي وقت، ويعود عليها سلبية الدور الذي تلعبه بالنيابة بصورة مباشرة.

فقد ازيح الستار بشكل متسلسل ودرامي عن الادوار الخبيثة التي لعبتها قطر في دعم الاضطرابات في العديد من مناطق العالم، بعد ان وظفت مواردها المالية للتدخل في الشؤون الداخلية والسيادية لبعض البلدان، مما اثار حفيظتها بشكل متزايد.

فيما كانت تداعيات تلك التدخلات القطرية فاعلة ومؤثرة ودموية احيانا، بعد ان نجحت الى جانب الدعم المالي تطويع الاعلام للتأثير في الرأي العالمي، على الرغم من انحسار دور مؤسساتها الاعلامية بشكل ملحوظ مؤخرا، بعد ان تكشفت سياسة التضليل والتدليس التي مارستها قناة الجزيرة تحديدا.

ففي فرنسا ندد زعيم الحزب الاشتراكي هارلم ديزير بوجود "نوع من التساهل" لدى قطر "ازاء مجموعات ارهابية كانت تحتل شمال مالي"، وطالب المسؤولين القطريين بتقديم "ايضاح سياسي" ازاء هذه المسألة.

واشار ديزير الى "تصريحات سياسية ادلى بها عدد من المسؤولين القطريين تنتقد التدخل الفرنسي" في مالي. واضاف ديزير في برنامج اسبوعي على اذاعة "راديو جي" التابعة للطائفة اليهودية في فرنسا "انه تصرف غير متعاون، ونوع من التساهل ازاء مجموعات ارهابية كانت تحتل شمال مالي، وهو امر غير طبيعي من قبل قطر".

وتابع ديزير "لا بد من ايضاح سياسي من قبل قطر التي نفت على الدوام مشاركتها في اي تمويل لاي مجموعة ارهابية، ويجب ان تتصرف على المستوى الدبلوماسي بشكل اكثر حزما ازاء هذه المجموعات التي تهدد الامن في منطقة الساحل" الافريقي.

وكانت قطر ابدت شكوكا في الخامس عشر من كانون الثاني/يناير الماضي ازاء جدوى التدخل العسكري الفرنسي ضد المجموعات الاسلامية في مالي.

وقال رئيس الحكومة القطرية الشيخ حمد بن جاسم بن جبر ال ثاني "بالطبع كنا نتمنى ان يتم حل المشكلة (في شمال مالي) عن طريق الحوار السياسي واعتقد ان ذلك مهم وضروري ولا اظن ان القوة ستحل المشكل".

وهي المرة الاولى في فرنسا التي يوجه فيها مسؤول على هذا المستوى انتقادات الى قطر بهذا الحجم. وكان وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس اعتبر في السادس عشر من كانون الثاني/يناير الماضي انه ليس هناك "اي تأكيد" للاتهامات الموجهة لقطر حول تمويلها للمجموعات الاسلامية التي خاضت فرنسا حربا معها في مالي.

من جانبه نفى رئيس الوزراء القطري حمد بن جاسم بن جبر ال ثاني بشكل قاطع ان تكون بلاده قد قدمت اسلحة لانصار تنظيم القاعدة في شمالي مالي، ووصف هذه الاتهامات ب"الباطلة".

وقال الشيخ حمد بن جاسم بن جبر ال ثاني خلال مؤتمر صحافي عقده مع نظيره اليوناني في الدوحة مساء الثلاثاء ان "الازمة في مالي بدات انسانية (...) وقطر تساهم انسانيا في اي مصاب وفي اي دولة، وسبق ان قمنا السنة الماضية مع الصليب الاحمر الدولي ببعض المساعدات الانسانية فتم اتهامنا باننا نوزع اسلحة، وهو طبعا اتهام باطل". واضاف في معرض رده على بعض الاتهامات الفرنسية بان قطر تمول الارهابيين في مالي "نحن متعودون على هذه الاتهامات ومع الاسف فان جزءا منها ياتي من دول شقيقة، لكنني اؤكد ان قطر ليس لها اي تدخل من هذا النوع".

ثم استطرد قائلا "في موضوع الاتهامات يجب ان يكون لديه اثبات وحجة واضحة والا ستصبح مثل اتهامات اخرى (وجهت لقطر) في قضايا اخرى".

واشارت تقارير صحافية فرنسية وشخصيات سياسية فرنسية ايضا في الاونة الاخيرة الى احتمال ان تكون قطر تقدم مساعدات للعناصر المرتبطة بتنظيم القاعدة في شمال مالي.

واعاد المسؤول القطري التاكيد بشأن حل الازمة في مالي، على ان "هذه القضايا يجب ان تكون بالحوار بقيادة الحكومة المالية وهي التي تضبط الامن (...) وراينا ان الحل الامني وحده لا يحل المشكلة" بحسب تعبيره.

واعتبرت كل من قطر وليبيا ان القوة العسكرية لن تحل المشكلة في مالي حيث تنفذ فرنسا عملية عسكرية ضد مجموعات اسلامية متطرفة متمردة تسيطر على مناطق شاسعة من البلاد.

وكان رئيس وزراء قطر قال في منتصف كانون الثاني/يناير الجاري "اذا طلب منا احد من كل الاطراف، اكرر من كل الاطراف، المساعدة في هذا الامر فاننا سنكون جزءا من الحل وليس الوسيط الوحيد فيه"، مستطردا "سنحاول المساعدة لكننا لن نتدخل (..) في قطر نحن نؤمن ان هذا المشكل يمكن ان يجد حله في الحوار السياسي".

وشنت فرنسا في 11 كانون الثاني/يناير حملة عسكرية في مالي لوقف تقدم المقاتلين الاسلاميين الذين سيطروا على شمال مالي قبل اكثر من تسعة اشهر، الى العاصمة باماكو.

اما في تونس فقد اتهم تلفزيون "نسمة" التونسي الخاص قناة الجزيرة القطرية باستعمال صور من تغطيته الخاصة لجنازة المعارض العلماني البارز شكري بلعيد الذي اغتيل الاربعاء ودفن الجمعة في مقبرة الجلاز بالعاصمة تونس، دون ترخيص من التلفزيون "وباسلوب يعتمد التحريف والمغالطة".

وقال التلفزيون في بيان "قناة نسمة تستنكر بقوة ما أقدمت عليه قناة الجزيرة القطرية من استعمال لصور مراسم الجنازة المأخوذة عن قناتنا بدون سابق ترخيص وبأسلوب يعتمد التحريف والمغالطة".

واوضح "تم في هذا الصدد اللجوء (من قبل الجزيرة) إلى صور قديمة ومجزئة وخلطها وتركيبها مع صور موكب الجنازة واستغلال كل ذلك في غير محله قصد تضليل الرأي العام". واضاف "إذ تعرب قناة نسمة عن تنديدها الشديد لقيام قناة الجزيرة التي ما فتئت تدعي امتلاك قدر عال من المهنية بمثل هذه الاخلالات لأخلاقيات المهنة والسقوط في هذه المتاهات، فإنها وتبعا لذلك تؤكد عزمها على اتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية حقوقها".

وذكرت بان "قناة نسمة وفرت يوم (جنازة شكري بلعيد) الجمعة إمكانيات تقنية وبشرية هائلة لنقل مراسم دفن فقيد تونس الشهيد شكري بلعيد، ولتأمين تغطية إعلامية تليق بهذا الحدث، وقد تم استغلال ونقل صور هذا الحدث من قبل عديد القنوات الأجنبية في كافة أنحاء العالم بعد موافقة مسبقة لقناة نسمة". بحسب فرانس برس.

كما اتهمت جريدة الشروق التونسية قناة "الجزيرة مباشر" ب"المغالطة والتضليل في تغطية جنازة بلعيد". وقالت "عمدت قناة الجزيرة القطرية (..) الى تضليل الرأي العام العربي والعالمي خلال تغطيتها لجنازة (..) شكري بلعيد حيث قامت بتركيب أصوات بعض المجتمعين أمام (مقر) المجلس التأسيسي (في مدينة باردو) وأمام مقر حركة النهضة في (مدينة) المروج، على صور من جنازة الشهيد".

وتابعت "في الوقت الذي كان فيه المشاركون في جنازة بلعيد ينادون برحيل الحكومة وبشعارات معادية لرئيس حركة النهضة راشد الغنوشي (من قبيل "يا غنوشي يا سفاح.. يا قتال الارواح)، كانت الجزيرة بصدد تمرير صور الجنازة وأصوات مركبة تنادي بشرعية النهضة"، التي اتهمتها عائلة بلعيد باغتياله، وهو امر نفته الحركة بشدة.

واضافت الصحيفة "هذا العمل الذي يتنافى وأخلاقيات المهنة ويدخل في إطار التضليل والتأثير على الرأي العام، استنكره كل من شاهد هذه القناة". وذكرت بان قناة الجزيرة "لعبت دورا إعلاميا هاما في صعود حركة النهضة الاسلامية الى الحكم في تونس بعد سقوط نظام (الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي) وهي الداعم (الاعلامي) الأول لهذه السلطة القائمة حاليا في البلاد".

وتابعت ان نسب مشاهدة الجزيرة في تونس "تراجعت الى أدنى المستويات حتى أنها باتت مرفوضة ومكروهة من عديد التونسيين، كما لم يسلم مراسلوها في تونس من التحرش والاعتداء عليهم بالعنف في كل اماكن الحدث التي يتواجدون فيها".

الى ذلك وفي خطوة تعد خارج آداب اللياقة والاعراف الدبلوماسية قامت قطر بتسليم سفير ما يسمى الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية مبنى السفارة السورية.

وانشىء الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية في 11 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي في الدوحة واختار احمد معاذ الخطيب رئيسا له، وضم غالبية المجموعات السورية المعارضة لنظام الرئيس بشار الاسد.

وجاء في البيان "قررت قطر تسليم مبنى السفارة السورية في الدوحة إلى السيد نزار الحراكي بعد تعيينه كسفير للائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية في الدوحة". واشار البيان الى ان الحراكي واثنين من كوادر السفارة سيعتبرون "شخصيات دبلوماسية رسمية"، وان المقر "سيرفع فوقه علم الثورة السورية".

بعيدا عن هذا الجانب وعلى صعيد الصفقات المالية المشبوهة التي تبرمها المشيخة القطرية في سبيل تعزيز نفوذها داخل اوروبا، قرر أنتوني جنكنز الرئيس التنفيذي لبنك باركليز ألا يقبل مكافأة عن عام 2012 قائلا إنه يجب أن "يتحمل درجة مناسبة من المسؤولية" عن العام الصعب الذي شهده البنك البريطاني.

ويحاول جنكنز تحسين سمعة باركليز منذ الكشف عن دور البنك في فضيحة عالمية للتلاعب في أسعار الفائدة أدت إلى غرامة قدرها 450 مليون دولار ورحيل سلفه بوب دياموند.

وقالت صحيفة فايننشال تايمز إن السلطات البريطانية تحقق في مزاعم بأن بنك باركليز أقرض قطر أموالا للاستثمار في البنك في إطار حملته لجمع أموال بهدف إنقاذه في ذروة الأزمة المالية عام 2008.

وتحقق هيئة الخدمات المالية ومكتب مكافحة الاحتيالات الخطيرة في بريطانيا منذ يوليو تموز الماضي في عملية جمع الأموال التي قام بها باركليز.

واستثمرت قطر القابضة 5.3 مليار جنيه استرليني (8.4 مليار دولار) في باركليز في يونيو حزيران وأكتوبر تشرين الأول من عام 2008 لمساعدته على تجنب اللجوء إلى حزمة إنقاذ من الحكومة على عكس منافسيه مجموعة لويدز ورويال بنك أوف سكوتلند.

وقالت متحدثة باسم باركليز "التحقيقات التي تجريها هيئة الخدمات المالية ومكتب مكافحة الاحتيالات الخطيرة مستمرة وعليه لا يمكننا الادلاء باي تعقيب آخر."

ورفضت هيئة الخدمات المالية ومكتب مكافحة الاحتيالات الخطيرة وقطر القاضة التعقيب. وقال جنكنز الذي اصبح مديرا تنفيذيا للشركة في أغسطس آب انه لا يريد ترشيحه للحصول على مكافأة بعد العام الصعب الذي شهده البنك وحملة أسهمه.

وقال انه يعلم أنه يتردد الكثير من التكهنات عن مكافأته وانه يريد تفادي "المزيد من الجدل العام الذي لا داعي له". ويبلغ راتبه السنوي كرئيس تنفيذي 1.1 مليون استرليني وكان يمكن ان يحصل على مكافأة سنوية قدرها 2.75 مليون.

وكانت الصفقة المبرمة مع قطر قد أثارت جدلا منذ البداية. وشعر المساهمون بالغضب لعرض البنك على قطر شروطا للاستثمار أكثر جاذبية من تلك المعروضة على المستثمرين القائمين وحققت قطر أرباحا قدرها 1.7 مليار جنيه استرليني من تسييل ضمانات في البنك في نوفمبر تشرين الثاني وفقا لتقديرات رويترز.

وقطر القابضة هي أكبر مساهم في البنك بحصة نسبتها 6.7 بالمئة وهي شركة تابعة لجهاز قطر للاستثمار الذي أسسته الدولة عام 2005 لتنويع الاستثمارات بعيدا عن قطاع النفط والغاز وضخها في أصول جديدة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 20/شباط/2013 - 10/ربيع الثاني/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م