نووي إيران... مفاوضات الدائرة المفرغة

 

شبكة النبأ: على الرغم من تكثيف الجهود الدولية لتسوية الخلاف بشأن الملف النووي الإيراني بين إيران وإسرائيل وحلفاؤها، الا انها تعطي حلولا خاوية او شبه مسكنات لا تقدم حلولا جذرية واكثر فعالية.

وذلك بسبب ديمومة الجدلية والمراوغات السياسية وصراع الأجندة بين الدول المتخاصمة، ليشكل هذا الملف النووي محركا رئيسا لتصاعد التوترات والاتهامات بين إيران وإسرائيل وحلفاؤها، فلا يزال هذا الملف مصدر أساسي لهواجس القلق في نفوس الدولة الغربية من جهة، واسرائيل من جهة اخرى.

حيث تسعى إسرائيل وحلفاؤها إلى وقف البرنامج الإيراني لتخصيب اليورانيوم ووضع خط احمر لمنع ايران من الحصول على قدرات نووية عسكرية باي ثمن ولا تستبعد الخيار العسكري لتحقيق ذلك، في المقابل تقول ايران ان برنامجها النووي مخصص للإغراض المدنية فقط، وهذا ما لا يصدقه خصومها.

في حين يرى بعض المسئولين الإسرائيليين ان ايران تقترب من تجاوز الخط الاحمر في برنامجها النووي والذي ستتمكن بعده من بناء سلاح نووي، الا انها لم تصل بعد الى هذه المرحلة.

بينما تسعى ايران لتحويل بعض اليورانيوم المخصب الى وقود يقلل مخزونها من المادة التي يمكن ان تستخدم في تصنيع أسلحة نووية، وهي واحدة من الطرق لتفادي وصول الخلاف بين ايران والغرب الى ذروة الازمة بحلول الصيف القادم، وتعد هذه الطريقة قفزة تكنولوجية تسمح لها بالاسراع بشكل كبير بأنشطتها التي يخشى الغرب أن تؤدي إلى اكتساب قدرة لتصنيع سلاح نووي.

فيما يتوقع دبلوماسيون وخبراء غربيون عدم إحراز تقدم يذكر في أي وقت قريب لتسوية الأزمة النووية الإيرانية، بسبب العداوات المترسخة بشأن البرنامج النووي الإيراني، فعلى الرغم من أن الطاقة النووية مصدر مثالي في الموارد الطبيعية، لكنها في نفسه الوقت تشكل مصدر توتر رئيسي للصراعات العالمية وخطر كبير يهــــدّد العالم في المستقبل.

في حين يرى بعض المحللين ان استمرار غياب أي حوار أو حلول وسط أو تراجع اي طرف عن قراراته يمكن للأزمة أن تطول مع ما يبدو من تداعياتها الخطيرة، التي  تشي بحدوث حرب عسكرية وشيكة بين الإطراف المتخاصمة والتي تعتزم إسرائيل بإيقادها، وعليه فأن ملف النووية الإيراني بات متأرجحا بين صراع الأجندات المفتوحة والمناورات السياسية بسبب معضلة فقدان الثقة بين أمريكا وإسرائيل وإيران، وعدم نجاح المفاوضات العالمية سواء التي كانت بالترهيب ام الترغيب، وبالتالي قد لا يمكن تفادي الحرب المزعومة في المستقبل القريب.

في سياق متصل قال نتانياهو امام مسؤولين يهود اميركيين يزورون اسرائيل وفق بيان لمكتبه ان "الايرانيين باتوا اكثر قربا من الخط الاحمر"، مضيفا انهم "لم يتجاوزوا (هذا الخط) لكنهم يقلصون الوقت الذي يحتاجونه لتحقيق ذلك، "واضاف "يجب وقف ذلك .. علينا ان نمارس ضغطا اقوى، ونفرض عقوبات اقسى". بحسب فرانس برس.

من جهتهم يقول دبلوماسيون إن إيران استأنفت فيما يبدو تحويل كميات صغيرة من اليورانيوم عالي التخصيب إلى وقود للمفاعلات النووية وهي عملية يمكن إذا تم توسيعها أن تكسبها مزيدا من الوقت في المفاوضات مع الولايات المتحدة حول البرنامج النووي الإيراني المثير للجدل.

ويمثل احتمال تحويل إيران لليورانيوم المخصب إلى وقود -مما يبطيء النمو في مخزونات المواد التي يمكن أن تستخدم في صنع أسلحة- أحد الوسائل المحدودة التي يمكن بها تجنب وصول النزاع النووي إلى مرحلة التأزم بحلول الصيف.

وبدون ذلك من الممكن أن تكدس طهران ما يكفي من المخزون بحلول يونيو حزيران مما يعني الوصول إلى "الخط الأحمر" الذي أشارت اسرائيل إلى احتمال مهاجمتها إيران إن هي وصلت إليه لمنعها من الحصول على ما يكفي من المواد الانشطارية لصنع سلاح نووي.

لكن لا يتوقع كثيرون تقدما في المحادثات إلى أن تمر الانتخابات الرئاسية الإيرانية في يونيو مما يعني احتمال حدوث تضارب في جدول الأعمال بشكل ينذر بتفجر مشكلات.

ومن غير المرجح الحصول على صورة أشمل قبل صدور تقرير من وكالة الطاقة الذرية عن الأنشطة النووية الإيرانية بحلول أواخر فبراير شباط. لكن هذه المسألة حيوية في تحديد حجم مخزون اليورانيوم عالي التخصيب ومدى اقترابه من الخط الأحمر الذي تحدثت عنه اسرائيل.

وفي حين أن العلماء يختلفون حول كمية اليورانيوم اللازمة لاكتساب القدرة على صنع قنبلة سريعا يقول محللون إن اسرائيل تعتقد أنها 240 كيلوجراما من اليورانيوم المخصب لدرجة 20 في المئة. وتقطع هذه الدرجة تسعة أعشار الطريق المؤدي إلى تخصيب اليورانيوم لدرجة 90 في المئة اللازمة لصنع قنبلة نووية إذ يكون قد تم التخلص عندها من أغلب النظائر غير الضرورية.

وترتفع مخزونات إيران سريعا مع استمرارها في إنتاج كميات جديدة يعتقد دبلوماسيون أنها بين 14 و15 كيلوجراما في الشهر. وهم يرون أن إيران ستصل إلى الخط الأحمر بحلول مايو ايار أو يونيو حزيران ما لم تسرع من وتيرة عمليات تحويل الوقود أو تبطيء من معدل التخصيب. 

والبرنامج النووي الإيراني يخضع لقرارات الزعيم الإيراني الأعلى آية الله علي خامنئي الذي رفض علانية اقتراحا أمريكيا بإجراء محادثات مباشرة. ورغم أن خامنئي لا يخوض الانتخابات بنفسه يرى البعض أنه لن يرغب في تقديم أي تنازلات إلى أن يحكم قبضته على الفصائل المتنافسة على السلطة بعد انتخابات الرئاسة في يونيو.

ومن ناحية أخرى هناك ادراك متزايد بين القوى العالمية فيما يبدو بأن استخدام العقوبات الاقتصادية لإجبار طهران على كبح جماح برنامجها النووي لن ينجح على الأرجح بدون حوار سياسي أوسع بينها وبين واشنطن لتخفيف عداء يعود إلى أيام الثورة الإسلامية الإيرانية عام 1979. بحسب رويترز.

وقال جوشي من المعهد الملكي لدراسات الدفاع والأمن "من الملاحظ عدم وجود اغتيالات للعلماء الإيرانيين مؤخرا وليس هناك عمليات سرية بارزة أو تفجيرات وهناك تحجيم في اسرائيل للتصريحات المتعلقة بالنوايا العسكرية" في إشارة إلى حملة سرية محتملة تستهدف البرنامج النووي الإيراني، وأضاف "إنهم يسلمون القيادة في هذه المسألة للولايات المتحدة سواء باختيارهم أو بقرار أمريكي."

وقال عاموس يالدين رئيس المخابرات العسكرية الاسرائيلية السابق إن من مصلحة اسرائيل أن تتوصل واشنطن أو مجموعة الخمس زائد واحد إلى اتفاق مع إيران. وقال في تقرير لمعهد دراسات الامن القومي في تل أبيب "هناك تفضيل لمثل هذا الحل عن اتباع استراتيجية تقوم على وجود خيارين لا ثالث لهما: إما وجود قنبلة إيرانية وإما قصف إيران."

على الصعيد نفسه نقلت وكالة الطلبة الإيرانية للأنباء عن عباسي دواني قوله "اعتبارا من الشهر الماضي بدأ تركيب جيل جديد من هذه الأجهزة في مجمع الشهيد أحمدي روشن" في اشارة الى نطنز، وأضاف "أنتجنا الاجهزة وفقا للخطة ونقوم الان بتركيبها بشكل تدريجي...لاستكمال الاختبارات الخاصة بالجيل الجديد"، وجاء في بيان بعثت به الوكالة للدول الاعضاء واطلعت عليه رويترز ان طهران قالت في رسالة للوكالة الدولية انها ستنقل الجيل الجديد من أجهزة الطرد المركزي آي.آر2-إم الى محطة التخصيب الرئيسية قرب بلدة نطنز في وسط ايران.

الى ذلك أقرت إيران بأنها تحول بعض مخزونها من اليورانيوم عالي التخصيب إلى وقود لمفاعل نووي وهي خطوة يمكن أن تساعد في منع تحول نزاعها مع الغرب بشأن برنامجها النووي إلى أزمة في منتصف 2013.

ومن المتوقع حاليا وصول هذا المخزون إلى مستوى غير مقبول بالنسبة لإسرائيل في منتصف العام في الوقت الذي تحد فيه انتخابات رئاسية تُجرى في ايران في يونيو حزيران من هامش التفاوض أمام طهران.

وبشكل منفصل من المقرر أن يجري مسؤولون من الوكالة الدولية محادثات في طهران على أمل استئناف تحقيقهم المتوقف منذ فترة طويلة في برنامج إيران النووي، وتحاول الوكالة منذ نحو عام التفاوض على ما يسمى باتفاق النهج المنظم مع إيران للسماح لمفتشيها بالوصول إلى مواقع ومقابلة مسؤولين والاطلاع على وثائق.

وتريد الوكالة بشكل خاص الوصول إلى مجمع بارشين العسكري جنوب شرقي طهران حيث تعتقد أن تجارب أُجريت على متفجرات لها صلة بتطوير أسلحة نووية ربما جرت هناك وتم إخفاء أثرها بعد ذلك وهي مزاعم تنفيها طهران، ومن المقرر عقد جولة جديدة من المحادثات النووية بين إيران والقوى العالمية الست في قازاخستان في 26 فبراير شباط. بحسب رويترز.

ويقول دبلوماسيون ومحللون إن إيران تستغل المحادثات مع الوكالة الدولية لتعزيز موقفها في المفاوضات مع القوى العالمية التي تملك القدرة على فرض عقوبات بخلاف الوكالة لطاقة الذرية، وقالت الوكالة في مذكرة لأعضائها إنها "ستواصل العمل على حل الخلافات المتبقية" وإن "توقيت الاجتماع القادم سيحدد في وقت مناسب"، وقال مارك هيبس خبير شؤون منع الانتشار النووي في معهد كارنيجي البحثي "هذه المحادثات معلقة والوكالة الدولية لن تقدم تنازلات حمقاء لايران."

على صعيد ذو صلة قال وزير الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل ان بلاده ترفض تقديم تنازلات لايران في الشان النووي مشيرا الى ان امتلاك طهران للسلاح النووي "يعني انتشاره في دول اخرى" في المنطقة، وتابع ان "المسالة لا تتعلق بالخيارات (...) لسنا نبحث عن حل وسط انما عن حل يمنع زيادة انتشار الاسلحة النووية في الشرق الاوسط وهذه هي سياستنا"، وحذر الفيصل من انه "اذا استمر انتشار الاسلحة النووية في ايران فان ذلك يعني انتشارها في دول اخرى وهذا حقيقة (...) الحل يكمن في تدمير الاسلحة النووية في ايران وغيرها". بحسب فرانس برس.

من جهة أخرى قالت إيران إنه يجب تدمير كل الأسلحة النووية وذلك عقب إعلان كوريا الشمالية إجراء ثالث تجربة نووية ناجحة في تحد لقرارات قائمة أصدرتها الأمم المتحدة، وقال رامين مهمان باراست المتحدث باسم الخارجية الإيرانية في مؤتمره الصحفي الاسبوعي ردا على سؤال عن التجربة "نعتقد أن علينا أن نصل لمرحلة لا يملك فيها أي بلد أي أسلحة نووية... لابد من تدمير كل أسلحة الدمار الشامل والأسلحة النووية"، وأضاف مهمان باراست انه يجب ان تكون كل الدول قادرة على استخدام التكنولوجيا النووية للاغراض السلمية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 18/شباط/2013 - 8/ربيع الثاني/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م