البحرين... اعمال قمع تحجب بصيص امل

متابعة: محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ: يبدو ان النظام البحريني بات منقسما على محورين، احدهما يتصف بالتطرف والعنجهية في التعامل مع مطالب الثوار، ومحور يسعى الى التهدئة ولملة شتات النزاع القائم عبر جملة من التفاهمات الوسطية.

اذ تزامن التحضير لجلسات الحوار المفترضة هجمات مسلحة ضد المحتجين في ذكرى اندلاع الانتفاضة البحرينية التي تصادف النصف من شباط، مما تسبب بسقوط عدد من الشهداء والجرحى بدون اي مبرر او مسوغ قانوني.

حيث اكدت الانباء الواردة من داخل البحرين على قيام قوات الأمن بقتل فتى يوم الخميس أثناء تظاهر بعض النشطاء بمناسبة الذكرى الثانية للانتفاضة المطالبة بالإصلاح الديمقراطي في البلاد.

وربما تعكر الاحتجاجات صفو حوار التوافق الوطني الذي بدأ يوم الأحد بين جماعات المعارضة ومعظمها من الشيعة والحكومة التي يهمين عليها السنة في مسعى لإنهاء الأزمة السياسية المستمرة منذ عامين في المملكة التي تستضيف مقر الأسطول الخامس الأمريكي.

وأخمدت الاحتجاجات الحاشدة التي بدأت في المملكة في فبراير شباط عام 2011 في ذروة الربيع العربي لكن المتظاهرين استمروا في تنظيم احتجاجات محدودة بصورة شبه يومية للمطالبة بحقوق أكبر للأغلبية الشيعية ووضع نهاية للسلطة المطلقة التي تتمتع بها الأسرة الحاكمة السنية.

وقال الموقع الإلكتروني لجمعية الوفاق الوطني الإسلامية كبرى جماعات المعارضة في البحرين إن فتى يدعى حسين علي أحمد إبراهيم الجزيري توفي في قرية الديه قرب العاصمة المنامة في منطقة تقطنها أغلبية شيعية.

وذكر الموقع أن الجزيري -وهو من مواليد عام 1996- قتل "بالرصاص الانشطاري المحرم دوليا" الذي أطلقته قوات الأمن. وأضاف أن عشرات أصيبوا أيضا في أعمال العنف بعضهم بسبب الغاز المسيل للدموع فيما أصيب آخرون بجروح أكثر خطورة.

وقالت هيئة شؤون الإعلام البحرينية إن فتى عمره 16 عاما نقل إلى مجمع السلمانية الطبي بالعاصمة المنامة في الساعة السابعة صباحا بالتوقيت المحلي (0400 بتوقيت جرينتش) وتوفي فور وصوله.

وذكرت الهيئة في بيان أن سبب الوفاة لم يحدد بعد وأن القضية أحيلت إلى النيابة العامة بينما يجرى تحقيق شامل في الحادث داعية المواطنين إلى التزام الهدوء وعدم ترويج شائعات لا أساس لها من الصحة.

وأفاد شهود عيان بأن ثلاثة رجال شرطة أصيبوا في الاشتباكات، وأضافوا أنه تم إغلاق الكثير من الطرق التي تربط بين القرى المحيطة بالمنامة بينما ظلت المدارس الأجنبية مغلقة خشية حدوث أعمال عنف.

وياتي ذلك بعد ان دعا "ائتلاف شباب ثورة 14 فبراير" الذي يقوده مجهولون الى اضراب عام وعصيان مدني والى التظاهر والتوجه الى دوار اللؤلؤة الذي شكل معقل الاحتجاجات التي قادتها الغالبية الشيعية في 2011.

وقالت وزارة الداخلية أن محتجين أغلقوا عدة طرق بالبحرين وإن قوات الأمن تسعى لإعادة النظام. وكانت لجنة تحقيق دولية قالت في تقرير صدر في نوفمبر تشرين الثاني عام 2011 إن 35 شخصا لقوا حتفهم خلال انتفاضة البحرين. ومعظم القتلى من المحتجين إلا أنه سقط خمسة قتلى من أفراد الأمن وسبعة أجانب. وأشار التقرير إلى أن هناك خمسة أشخاص توفوا بسبب التعذيب. وتقول المعارضة إن حصيلة القتلى تتجاوز 80 قتيلا.

وتريد المعارضة التي يغلب عليها الشيعة قيام نظام ملكي دستوري ودورا أكبر في إدارة البلاد ووضع نهاية لما تصفه بعقود التمييز ضد الشيعة خاصة من جانب قوات الأمن. وتنفي الحكومة ممارسة أي تمييز.

وتظاهر الالاف رافعين اعلام البحرين وشعارات مناهضة للسلطة في 12 بلدة وضاحية ذات غالبية شيعية في محيط مدينة المنامة وفي جزيرة سترة القريبة.

وردد المتظاهرون "ليسقط حمد" في اشارة الى الملك حمد بن عيسى ال خليفة، و"هيهات منا الذلة".

ودعا "ائتلاف شباب ثورة 14 فبراير" الى اضراب عام وعصيان مدني ومحاولة العودة الى دوار اللؤلؤة الذي شكل معقل الاحتجاجات التي استمرت شهرا في 2011 وقمعتها السلطة بالقوة، فيما دعت المعارضة السياسية التي تعلق المعاملات الاقتصادية ومع الحكومة الخميس.

وسجلت مواجهات خصوصا في بلدة السنابس القريبة من دوار اللؤلؤة، وفي جزيرة سترة جنوب شرق العاصمة. وفي سترة، تظاهر الالاف في شوارع المدينة، وفي نهاية التظاهرة حصلت اشتباكات مع الشرطة بعد ان اقدم شبان على قطع الطرقات بالحاويات والحجارة.

واطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية، فيما رشق المحتجون الشباب الشرطة بالحجارة. واقدم ملثمون على رمي زجاجة مولوتوف بالقرب من الشرطة عند مدخل بلدة سترة.

واصدرت الجمعيات السياسية البحرينية المعارضة بيانا في نهاية المظاهرات اكدت فيه ان "ما تحتاجه البحرين هو حل سياسي شامل يفضي الى تسليم السلطة إلى يد الشعب، وانهاء حالة الدكتاتورية والتسلط والاستبداد والاستفراد، والبدء بمرحلة جديدة تكون فيها السيادة للشعب ويكون قراره هو الحسم في جميع الأمور".

واكدت المعارضة على ان "اي حل سياسي يجب أن يحتكم فيه للشعب عبر الاستفتاء أو المجلس التأسيسي لاخذ رأي الغالبية فيه، فلا شرعية لاي حل الا من خلال رأي الشعب، ودون ذلك يعتبر حل قاصر ولا يمكن أن يحقق الإستقرار بعيد المدى المنشود للبحرين".

اقليميا، وفي أعقاب الجدل الذي أثارته زيارة الرئيس الإيراني، محمود أحمدي نجاد، للأزهر مؤخرا، أثناء زيارته الأولى للقاهرة، شن نائب بحريني هجوماً على كبرى المؤسسات الدينية في مصر، رداً على اتهامها للمعارضة في المملكة الخليجية، والتي تقودها جماعات شيعية، بالارتباط بإيران.

وأعرب النائب أسامة مهنا التميمي، نائب رئيس لجنة الخارجية والدفاع والأمن الوطني في مجلس النواب، عن استغرابه من تصريح شيخ الأزهر، الدكتور أحمد الطيب، الذي اتهم فيه المعارضة البحرينية بالارتباط بإيران، معتبراً أن ذلك الاتهام "من قبيل الكلام المرسل، غير المسنود بدليل أو حجة."

ويرى الكثير من المحللين ان انتفاضة البحرين تعرضت الى قمع غير مسبوق في العالم، بعد ان انحازت الانظمة الخليجية والعربية بشكل مخزي الى جانب النظام الديكتاتوري في تلك الدولة، مما حدا البعض بوصف ذلك وصمة عار في جبين العرب، ودليل واضح على العنصرية الطائفية التي تهيمن على العقلية العربية.

فقد زجت الدول الخليجية بقطعات عسكرية مدججة بالسلاح بقمع المتظاهرين سلميا، فيما عكفت نظيراتها من الدول العربية على تبرير عمليات القمع الحكومي، فضلا عن الاندفاع الطائفي لعلماء الازهر ومشايخ الوهابية الذين غالبا ما اتهموا المحتجين بولائهم لايران لكونهم شيعة!

وقال النائب "المستقل"، في تصريحات لـCNN بالعربية، إن البحرين تجاوزت هذه التهمة، عبر تشكيل لجنة تحقيق مستقلة، شارك في عضويتها خبراء دوليين مشهود لهم بالخبرة والمصداقية، أثبتوا أن "كل الاتهامات الموجهة للمعارضة البحرينية، المتعلقة بالاستقواء بالخارج، أو العمالة لأي دولة، إنما هي محض ظلم، وكلام مرسل، ليس له أساس بالواقع."

وأضاف التميمي أنه "من الواجب على فضيلة شيخ الأزهر الاطلاع على تقرير (محمود) بسيوني (رئيس لجنة التحقيق بأحداث البحرين)، الذي أشاد به العالم، وحظي بقبول وموافقة من قبل جلالة ملك البحرين، أمام مرأى الجميع"، على حد قوله.

كما أكد أن "تدخل شيخ الأزهر الصريح في الشأن الداخلي البحريني، دون التبصر، يضع فضيلته في كفة المساهمين في استمرار الأزمة البحرينية، وطرفا أصيلاً في استشرائها، وليس طرفاً في حلها، كما كنا نتمنى من شخصية في حجمه إسلامياً وعربياً."

ودعا التميمي، في تصريحاته للموقع، شيخ الأزهر إلى إبعاد البحرين عن "الحروب الإعلامية"، التي بدأت تندلع بين بعض مراكز القوى في المنطقة، مع ضرورة إعمال الفكر في ابتكار الحلول، التي ترسخ الدور الإيجابي للأزهر الشريف، باعتباره أحد صروح السلام والتحفيز على الألفة بين مكونات الشعوب في مختلف دول العالم الإسلامي.

وشدد النائب البحريني على "ضرورة النأي بالأزهر الشريف عن التدخلات في الشؤون السياسية هنا وهناك، ما قد يعتبر تصريح لبعض المؤسسات الدينية الأخرى للتدخل في شؤون الدول، من بوابة الدين والمذهب، فتشتعل الفرقة في العالم الإسلامي"، بحسب تعبيره.

يُذكر أن النائب التميمي كان قد أثار جدلاً عدة مرات في المملكة الخليجية، عندما قام بإحراق العلم الإسرائيلي أثناء اجتماع لمجلس النواب، مما أدى إلى إطلاق صافرات الإنذار، بعد امتلاء القاعة بالدخان كما اتهم الأسرة الحاكمة بـ"سرقة 50 في المائة من أراضي البحرين."

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 17/شباط/2013 - 7/ربيع الثاني/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م