سوريا الابن والأب من بقي من ذهب

هادي جلو مرعي

ليس الأسد هو المستهدف من كل هذه الجهود التي تبذل حول العالم، والدعم الذي تتلقاه المجموعات القتالية التي تزحف نحو دمشق رويدا، بل هي سوريا، ولا أحد يغفل عن ذلك، ولكل أهدافه وغاياته من وراء تدخله في شأن هذا البلد الذي تحول الى ساحة حرب مدمرة جعلت من سوريا التي كانت قبلة للأدباء والسياح والسياسيين مكانا للموت المجاني والخطط الجهنمية التي تبيد في الناس بلا هوادة، وتجعل منهم وقودا لآلة الحرب التي لاترحم أبدا.

سوريا هي المطلب، ولابد أن تخرج من دائرة الصراع الغربي الإيراني، والعربي الإسرائيلي، فقد جعل منها الراحل حافظ الأسد دولة مؤثرة في محيطها العربي والإقليمي، ولايمكن تجاوزها في رسم معالم أية خارطة سياسية توضع للمنطقة العربية خاصة وللشرق الأوسط المتفجر، وقد لعب الأسد الأب دورا مثيرا للإهتمام إستمر حتى وفاته، وتولي إبنه ( بشار) الذي لم يكن مرشحا للخلافة لولا وفاة بطل رياضة الفروسية (باسل الأسد) في حادث سير وفر الأجواء المناسبة لبشار ليكون (قائدا للأمة العربية ) بحسب الإعلام الرسمي السوري، وبالتالي مسؤولا عن الجبهة المتقدمة لقوى الممانعة التي تتعرض لمزيد من الضربات الآن من الغرب، والولايات المتحدة، ودول عربية حليفة، وقوى داخلية متحفزة للتغيير.

دخلت سوريا في دائرة صراع شديد التعقيد، فقد أصبحت بسبب العلاقة الوطيدة بإيران وحزب الله ومجموعات سياسية لبنانية، وبسبب وقوفها في وجه المشروع الأمريكي، وبعض الدول العربية التي تمتلك رؤية تتقاطع مع الرؤية الإيرانية للنفوذ والسيطرة في منطقة الشرق الأوسط والخليج، أصبحت ندا لابد أن يزاح عن المواجهة، ولأن القرار السوري، والطبيعة التي عليها الدولة الحالية مرتبطان بعائلة الأسد فلابد أن يتم التخلص من الرئيس الحالي وفريقه السياسي والعسكري لصالح قوى داخلية حليفة للمشروع المضاد للمحور الإيراني وحلفائه في المنطقة، ولايكون ذلك ممكنا مالم تتوفر جملة من العوامل المساعدة التي منها، توفير أقصى درجات الدعم للمجموعات المسلحة، وتوريد الأموال اللازمة والأسلحة التي تواجه بها قوى المعارضة الجيش النظامي، ومحاولة عزل النظام إعلاميا وحصاره سياسيا وإقتصاديا بجملة من العقوبات والقرارات التي صدرت وتصدر عن الجامعة العربية ومجلس الامن والإتحاد الأوربي، ودفعه للقتال بشراسة ليصل الى مرحلة المساءلة الدولية كمرتكب لجرائم حرب، ومحاولا تخفيف الضغط، وبالتالي الحصول منه على تنازلات منها، الإستسلام، وتسليم السلطة وبأي ثمن للقوى المعارضة له، وبناء سوريا جديدة لاتعادي إسرائيل، ولاتكون ندا لدول عربية بعينها، وتكون حليفة لقوى 14 آذار بعد أن كانت حليفة لحزب الله.

فإذا لم تنجح تلك المحاولات، فبالتأكيد سيكون رد الجيش السوري النظامي عنيفا، وبمرور الوقت لن يجد أمامه سوى إستخدام كافة أنواع الأسلحة والخطط الحربية ليدخل في مواجهة شاملة في كل سوريا بما فيها العاصمة دمشق، وهو مايجري الآن، وسيدمر كل سوريا دون إستثناء بعد أن تحول الصراع ومطالبات الإصلاح الى حرب حقيقية معقدة للغاية ستمضي بسوريا الى الخروج من دائرة التأثير حتى لو بقي الأسد ممسكا بشيء من السلطة سواء في دمشق أو في مناطق العلويين، وهي الغاية التي من أجلها يتسابق الغرب والشرق لتحقيقها والوقوف عندها، حيث تكون هذه الدولة، منفكة عن إيران وحزب الله، وبدلا من أن تكون حليفة للمشروع الإيراني المضاد للمشروع الغربي، فإنها ستمارس نوعا من الحصار عليه، وعلى الحلفاء فيه، ومنهم حزب الله اللبناني، وعندما تخرج سوريا من دائرة الصراع فليس مهما بعد ذلك أن يتقاتل السوريون فيما بينهم، أو أن يبقى بشار في بعض سوريا، ويسلم بقية البلاد لمعارضيه تحت الضغط الشديد. فقد تحقق الأهم وهو خروج دمشق عن المحور الذي يهدد المصالح الغربية.

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 17/شباط/2013 - 7/ربيع الثاني/1434

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2013م